سورة الفرقان / الآية رقم 34 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وَجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى القَرْيَةِ الَتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ العَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً

الفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقانالفرقان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا(34)}
{الذين} [الفرقان: 34] إجمال الأشخاص معروفين بذواتهم، وقفوا من الرسول موقف العداء، ومنهم مَنْ سبق أن قال: {ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً ياويلتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً} [الفرقان: 27- 28].
والحشر: الجمع للحساب، لكن سيُحشَرون على وجوههم؛ لذلك لما نزلت هذه الآية سألوا رسول الله: كيف يمشُون على وجوههم قال صلى الله عليه وسلم: «الذي أمشاهم على أرجلهم، قادر أن يُمشيهم على وجوههم».
فالذي يمشي على وجهه كالذي يمشي على بطنه، ولعله يُجَر جراً، سواء أكان على وجهه أو على شيء آخر، ثم إن الإنسان لا ينبغي له أن يسأل عن أمور هي مناط القدرة المطلقة.
والحق تبارك وتعالى يُوضِّح هذه المسألة في قوله تعالى: {والله خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ فَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على بَطْنِهِ وَمِنهُمْ مَّن يَمْشِي على رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَّن يَمْشِي على أَرْبَعٍ يَخْلُقُ الله مَا يَشَآءُ إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النور: 45].
إذن: المشْي لا ينحصر في الحالات التي نعرفها فقط، إنما هي طلاقة القدرة التي تفعل ما تشاء.
لكن، لماذا لم يذكر القرآن أسماء هؤلاء الأشخاص الظالمين المعاندين للإسلام؟ قالوا: هذا من باب إرخاء العِنَان للخَصْم، وكلمة(العنان) تأتي بكسر العين وفتحها، واللغويون يقولون: هي على وزن ما هي بمعناه، فإنت قصدتَ بها عَنان السماء فهي على وزن سَحَاب، وإن أردتَ بها عِنان الفرس، فهي على وزن لِجَام.
وراكب الدابة إنْ أرخى لها العِنان تركها تسير كما تشاء، كذلك الحق تبارك وتعالى يُرخِي للخصم العِنان ليقول كل ما عنده، وليأخذه إلى جانبه، لا بما يكره، بل بما يحب. وقد علَّم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم كيف يردُّ عليهم ويجادلهم الجدل الهادىء بالتي هي أحسن. فحين قالوا عنه مفتر، وعن القرآن مُفترىً ومكذوب ردّ عليهم: {أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ} [يونس: 38].
ثم يترقَّى في جدالهم: {أَمْ يَقُولُونَ افتراه قُلْ إِنِ افتريته فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تُجْرِمُونَ} [هود: 35] وفي آية أخرى يرد عليهم: {وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} [سبأ: 24].
وهل النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف مَنْ على الهدى ومَنْ على الضلال؟ لا شكَّ أنه إرخاء العِنان للخصم، يقول لهم: أنا وأنتم على طَرَفي نقيض: أنا أقول بإله واحد وأنتم تُكِّذبون قولي، فأنا متناقض معكم في هذه القضية، والقضية لابد أن تأتي على شكل واحد، فإمَّا أنا على الهدى، وإمّا أنتم، وأنا لا أدّعي الحق لنفسي.
إذن: المطلوب أنْ تُعمِلوا عقولكم لِتُميِّزوا مَنْ مِنّا على الهدى ومَنْ منّا على الضلال، وكأن رسول الله يرتضي حكومتهم في هذه المسألة، وما ترك لهم رسول الله الحكمَ إلا وهو واثق أنهم لو تجردوا من الهوى لعرفوا أن الحق معه، وأنه على الهدى، وأنهم على الضلال.
إذن: عندما تكلم القرآن عن كفار قريش الذين تعنتوا في اقتراحاتهم، وعاندوا وآذوا رسول الله بكل أنواع الإيذاء، ومع ذلك حينما تكلم عنهم جاء بأسلوب عام فقال:(الذين) ولم يقل هؤلاء، بل جاء بالقضية العامة ولم يُواجههم بالجزاء مما يدلّ على التلطف في أمر الدعوة، وهذا نوع من استمالة الخَصْم لنقطع منه شراسة العداء والعناد.
لذلك يخاطب الحق تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159] كأنك لم تَلِنْ لهم بطبْعك؛ لأن عنادهم وأذاهم كان سيُرغم طبْعك على أن تكون قاسياً معهم ولكن رحمة الله شملتْك فَلِنْتَ لهم {وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القلب لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].
هذا يعني أن الداعية لابد أن يكون رَحْب الصدر، رَحْب الساحة، ذلك لأنه يُخرِج أهل الضلال عما أَلِفوه إلى شيء يكرهونه، فلا تُخرجهم من ذلك بأسلوب يكرهونه، فتجمع عليهم شدتين، إنما تلطَّفْ معهم، كما قال عز وجل لموسى وهارون عندما أمرهما بدعوة فرعون: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى} [طه: 44].
لأن الذي بلغ من عناده أنْ يتكبّر لا على المخلوقين أمثاله، إنما يتكبّر على الخالق فيدّعي الألوهية لابد أنْ تأتيه بأسلوب ليِّن لطيف.
وفي آية أخرى يُعلِّم الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم كيف يجادل المشركين، فيقول سبحانه: {قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا} [سبأ: 25] وهل يُتصوَّر الإجرام من رسول الله؟! وفي المقابل: {وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [سبأ: 25] مع أن منطق الجدل هنا أن يقول: ولا نُسأل عما تُجرِمون، لكنه نسب الإجرام لنفسه، ولم يذكره في حَقِّ الآخرين، فهل هناك تلطُّفٌ وترقيق للقلوب فوق هذا؟
الحق تبارك وتعالى يعرض لكل هذه المسائل ليثبت أن رسوله صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على إيمان قومه، وأنه لم يدّخِرْ وُسْعاً في سبيل هدايتهم وجَذْبهم إليه؛ لدرجة أنه حمّل نفسه فوق ما يطلبه الله منه، حتى قال له ربه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ على آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفاً} [الكهف: 6].
وقال: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 3].
يعني: مُهلكٌ نفسك من أجل هدايتهم، وما عليك إلا البلاغ، ولا يقول له ربه هذا الكلام إلا إذا كان قد عَلِم منه حِرْصاً ورغبة أكيدة في هداية قومه.
ومعنى: {أولئك شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان: 34] قوله تعالى: {شَرٌّ} [الفرقان: 34] ولم يقُلْ أشر؛ لأن معناها: أن الجهة الثانية فيها شر، وهذا أيضاً من إرخاء العِنان للخصم.
ثم يحدثنا الحق سبحانه عن أقوام الرسل السابقين: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الكتاب}




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال