سورة البقرة / الآية رقم 282 / تفسير تفسير البغوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلاَ تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ألاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} قال ابن عباس رضي الله عنهما لما حرم الله الربا أباح السلم وقال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله تعالى في كتابه وأذن فيه ثم قال: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}.
قوله: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ} أي تعاملتم بالدين، يقال: داينته إذا عاملته بالدين وإنما قال: {بِدَيْن} بعد قوله تداينتم لأن المداينة قد تكون مجازاة وقد تكون معاطاة فقيده بالدين ليعرف المراد من اللفظ، وقيل: ذكره تأكيدا كقوله تعالى: {ولا طائر يطير بجناحيه} [38- الأنعام] {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} الأجل مدة معلومة الأول والآخر، والأجل يلزم في الثمن في البيع وفي السلم حتى لا يكون لصاحب الحق الطلب قبل محله، وفي القرض لا يلزم الأجل عن أكثر أهل العلم {فَاكْتُبُوه} أي اكتبوا الذي تداينتم به، بيعا كان أو سلما أو قرضا.
واختلفوا في هذه الكتابة: فقال بعضهم: هي واجبة، والأكثرون على أنه أمر استحباب فإن ترك فلا بأس كقوله تعالى: {فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض} [10- الجمعة] وقال بعضهم كانت كتابة الدين والإشهاد والرهن فرضا ثم نسخ الكل بقوله: {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي ائتمن أمانته} وهو قول الشعبي ثم بين كيفية الكتابة فقال جل ذكره {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ} أي ليكتب كتاب الدين بين الطالب والمطلوب {كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} أي بالحق من غير زيادة ولا نقصان ولا تقديم أجل ولا تأخير {وَلا يَأْبَ} أي لا يمتنع {كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ} واختلفوا في وجوب الكتابة على الكاتب وتحمل الشهادة على الشاهد، فذهب قوم إلى وجوبها إذا طولب وهو قول مجاهد، وقال الحسن تجب إذا لم يكن كاتب غيره، وقال قوم هو على الندب والاستحباب، وقال الضحاك كانت عزيمة واجبة على الكاتب والشاهد فنسخها قوله تعالى: {ولا يضار كاتب ولا شهيد} {كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} أي كما شرعه الله وأمره {فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} يعني: المطلوب يقر على نفسه بلسانه ليعلم ما عليه، والإملال والإملاء لغتان فصيحتان معناهما واحد، جاء بهما القرآن، فالإملال هاهنا، والإملاء قوله تعالى: {فهي تملى عليه بكرة وأصيلا} [5- الفرقان] {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} يعني الممل {وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا} أي ولا ينقص منه، أي من الحق الذي عليه شيئا.
{فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا} أي جاهلا بالإملاء، قاله مجاهد، وقال الضحاك والسدي: طفلا صغيرا، وقال الشافعي رحمه الله، السفيه: المبذر المفسد لماله أو في دينه.
قوله: {أَوْ ضَعِيفًا} أي شيخا كبيرا وقيل هو ضعيف العقل لعته أو جنون {أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ} لخرس أو عي أو عجمة أو حبس أو غيبة لا يمكنه حضور الكاتب أو جهل بما له وعليه {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ} أي قيمه {بِالْعَدْل} أي بالصدق والحق، وقال ابن عباس رضي الله عنه ومقاتل: أراد بالولي صاحب الحق، يعني إن عجز من عليه الحق من الإملال فليملل ولي الحق وصاحب الدين بالعدل لأنه أعلم بحقه، {وَاسْتَشْهِدُوا} أي وأشهدوا {شَهِيدَيْن} أي شاهدين {مِنْ رِجَالِكُمْ} يعني الأحرار المسلمين، دون العبيد والصبيان والكفار، وهو قول أكثر أهل العلم، وأجاز شريح وابن سيرين شهادة العبيد {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} أي لم يكن الشاهدان رجلين {فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} أي فليشهد رجل وامرأتان.
وأجمع الفقهاء على أن شهادة النساء جائزة مع الرجال في الأموال حتى تثبت برجل وامرأتين واختلفوا في غير الأموال فذهب جماعة إلى أنه تجوز شهادتهن مع الرجال في غير العقوبات، وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي، وذهب جماعة إلى أن غير المال لا يثبت إلا برجلين عدلين وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن ما يطلع عليه النساء غالبا كالولادة والرضاع والثيوبة والبكارة ونحوها يثبت بشهادة رجل وامرأتين، وبشهادة أربع نسوة، واتفقوا على أن شهادة النساء غير جائزة في العقوبات.
قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} يعني من كان مرضيا في ديانته وأمانته، وشرائط قبول الشهادة سبعة: الإسلام والحرية والعقل والبلوغ والعدالة والمروءة وانتفاء التهمة، فشهادة الكافر مردودة لأن المعروفين بالكذب عند الناس لا تجوز شهادتهم، فالذي يكذب على الله تعالى أولى أن يكون مردود الشهادة، وجوز أصحاب الرأي شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض، ولا تقبل شهادة العبيد، وأجازها شريح وابن سيرين وهو قول أنس بن مالك رضي الله عنه، ولا قول للمجنون حتى يكون له شهادة، ولا تجوز شهادة الصبيان سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن ذلك؟ فقال: لا تجوز، لأن الله تعالى يقول: {ممن ترضون من الشهداء} والعدالة شرط، وهي أن يكون الشاهد مجتنبا للكبائر غير مصر على الصغائر، والمروءة شرط، وهي ما يتصل بآداب النفس مما يعلم أن تاركه قليل الحياء، وهي حسن الهيئة والسيرة والعشرة والصناعة، فإن كان الرجل يظهر من نفسه شيء منها ما يستحي أمثاله من إظهاره في الأغلب يعلم به قلة مروءته وترد شهادته، وانتفاء التهمة شرط حتى لا تقبل شهادة العدو على العدو وإن كان مقبول الشهادة على غيره، لأنه متهم في حق عدوه، ولا تقبل شهادة الرجل لولده ووالده وإن كان مقبول الشهادة عليهما، ولا تقبل شهادة من يجر بشهادته إلى نفسه نفعا، كالوارث يشهد على رجل يقتل مورثه، أو يدفع عن نفسه بشهادته ضررا كالمشهود عليه يشهد بجرح من يشهد عليه لتمكن التهمة في شهادته.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن المروزي، أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سراج الطحان أخبرنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان، أخبرنا علي بن عبد العزيز المكي، أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام أخبرنا مروان الفزاري عن شيخ من أهل الحيرة يقال له يزيد بن زياد عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها ترفعه: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه ولا ظنين في ولاء ولا قرابة ولا القانع مع أهل البيت».
قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} قرأ حمزة إن تضل بكسر الألف {فَتُذَكِّرَ} برفع الراء، ومعناه الجزاء والابتداء، وموضع تضل جزم بالجزاء إلا أنه لا يتبين في التضعيف {فتذكر} رفع لأن ما بعد فاء الجزاء مبتدأ، وقراءة العامة بفتح الألف ونصب الراء على الاتصال بالكلام الأول، وتضل محله نصب بأن فتذكر منسوق عليه، ومعنى الآية: فرجل وامرأتان كي تذكر {إِحْدَاهُمَا الأخْرَى} ومعنى تضل أي تنسى، يريد إذا نسيت إحداهما شهادتها، تذكرها الأخرى فتقول ألسنا حضرنا مجلس كذا وسمعنا كذا؟ قرأ ابن كثير وأهل البصرة: فتذكر مخففا، وقرأ الباقون مشددا، وذكر واذكر بمعنى واحد، وهما متعديان من الذكر الذي هو ضد النسيان، وحكي عن سفيان بن عيينة أنه قال: هو من الذكر أي تجعل إحداهما الأخرى ذكرا أي تصير شهادتهما كشهادة ذكر، والأول أصح لأنه معطوف على النسيان.
قوله تعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} قيل أراد به إذا ما دعوا لتحمل الشهادة، سماهم شهداء على معنى أنهم يكونون شهداء وهو أمر إيجاب عند بعضهم، وقال قوم: تجب الإجابة إذا لم يكن غيره فإن وجد غيره فهو مخير وهو قول الحسن، وقال قوم: هو أمر ندب وهو مخير في جميع الأحوال، وقال بعضهم، هذا في إقامة الشهادة وأدائها فمعنى الآية {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا} لأداء الشهادة التي تحملوها، وهو قول مجاهد وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير، وقال الشعبي: الشاهد بالخيار ما لم يشهد، وقال الحسن: الآية في الأمرين جميعا في التحمل والإقامة إذا كان فارغا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال