سورة البقرة / الآية رقم 286 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)}.
التفسير:
التكاليف التي حملها رسل اللّه إلى الناس، إنما هى لإصلاح معاشهم ومعادهم، وإقامتهم على طريق مستقيم، تطيب لهم فيه الحياة، حيث تجمعهم الأخوة والمودة، ويؤلف بينهم العدل والإحسان.
وهذه التكاليف ليس فيها إعنات ولا تحدّ لقدرة الإنسان وقوة احتماله، وإلا كانت ضربا من النكال، ولونا من العقاب، الأمر الذي جاءت رسالات السماء على خلافه.. فما هى إلا رحمة من رحمات اللّه، وفضل من أفضاله على عباده، تفتح لهم مغالق الخير، والحق، والهدى.
وقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} هو البيان المبين لحقيقة الشرائع السماوية، وأنها المنهج التربوى السليم، لإصلاح أمر الفرد والمجتمع، وهى الغذاء الروحي والنفسي والعقلي للإنسان.. وإذ كان هذا شأنها فإنها لم تجىء إلا بما تتقبله النفوس السليمة، وتستجيب له، وتتفاعل معه، وتسعد به.
وإذ كانت أحكام الشريعة عامة للناس كلهم، عامتهم وخاصتهم على السواء، وإذ كان الناس على درجات متفاوتة، في القوة والضعف، وفى الصحة والمرض- فإن مما قضت به الحكمة في ذلك أن جاءت الشرائع السماوية- وخاصة شريعة الإسلام- على مستوى الوسط للقدرة الإنسانية، بمعنى أن من فوق هذا المستوي تتسع قدراتهم لأكثر من تكاليف الشريعة، على حين أن من دون هذا المستوي لا تضيق نفوسهم به، وإن وجدوا فيه شيئا من العناء والجهد.
هذا في مجال الإنسانية كلها.. أما في خاصة حياة الفرد من الناس، فإن الشريعة قد راعت الظروف الخاصة التي تعرض للإنسان، والضرورات التي تتحدّى قدرته، فوضعت لتلك الظروف وهذه الضرورات أحكاما خاصة، موقوتة بوقتها، ومقدورة بقدرها، فأباحت المحظورات عند الضرورات، ودفعت الحرج عن الضعفاء، والمرضى، والمسافرين، فرفعت عنهم بعض الأحكام، رفعا جزئيا أو كليا، بصفة مؤقته أو دائمة، وبهذه الأحكام الاستثنائية الواردة على الأحكام العامة، يرفع الحرج عن المؤمنين باللّه، الحريصين على الوفاء بأحكام شريعته.. وهذا من رحمة اللّه بالناس، ولطفه بعباده: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [220: البقرة].
ثم إن في قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}.
ما يجعل إلى الإنسان نفسه عند التطبيق العملىّ لأحكام الشريعة، أن يردّها إلى قدرته واحتماله، فما خرج منها عن قدرته، وجاوز احتماله، فقد تجاوز اللّه عنه، ورفع عنه الحرج فيه، شريطة أن يكون ذلك عن نية صادقة في الامتثال لأمر اللّه، ورغبة خالصة في مرضاته، بمعنى أن يحاول الإنسان أداء المطلوب صادقا مخلصا، فإن عجز أو قصّر فرحمة اللّه لن تضيق به، ولن تقيمه على الضر والأذى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} وقوله تعالى: {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ} الكسب هنا غير الاكتساب.. فالكسب للحسنات والأعمال الصّالحة، والاكتساب للسيئات والأعمال السيئة.. وفى لفظ الكسب خفة، ولطف، واستقامة على اللسان، على خلاف لفظ الاكتساب وما فيه من ثقل، وقلق واضطراب.
{كسبت} و{اكتسبت}:
ولفظ {لها ما كسبت} يفيد الملكية، التي تقضى للمالك بالانتفاع بما ملك، والتصرف فيه بما ينفعه، وذلك واقع فيما يكسبه الإنسان من حسنات، وما يعمله من صالحات.. إنها له، وملك يمينه، أما لفظ {عليها ما اكتسبت} فهو يدل على إلقاء أعمال وأعباء على كاهل المكتسب، تنقض ظهره، وتقيد خطوه، فلا يبلغ غاية، ولا يحقق أملا.
قوله تعالى: {رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ}.
من رحمة اللّه بنا وألطافه علينا- أتباع هذه الملة السمحاء- أن دعانا إلى أن ندعوه بهذا الدعاء، الذي صاغه سبحانه من كلماته، وجعله سبحا لملائكته ولعباده الصالحين، يسبّحون له، ويدعون لنا به.. بل إنه سبحانه وتعالى يأتمّنا بهذا الدّعاء، ويصلى علينا به، ونحن نقول بما يقول، ونصلّى بما يصلّى.. فما أكثر رحمة اللّه بنا، وما أوسع فضله علينا.. إذ تقبّل دعاءنا قبل أن ندعو، واستجاب لنا قبل أن نكون! فقد رفع اللّه عنا الخطأ والنسيان، كما أخبر الرسول الكريم في قوله: «رفع عن أمّتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» كذلك عافانا مما ابتلى به أمما قبلنا.. كأمة اليهود، الذين ابتلاهم اللّه بضروب شتى من البلوى، وحمّلهم من التكاليف ما أعنتهم وأرهقهم، عقابا لهم، ونكالا، جزاء كفرهم بآيات اللّه، ومكرهم بنعمه، وفى هذا يقول سبحانه: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [160: النساء] ويقول سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ} [146: الأنعام].. لقد عافانا اللّه من هذا الامتحان القاسي، فلم يأخذنا بذنوبنا، ولم يحملنا من التكاليف ما لا نطيق، وجعل لنا باب التوبة مدخلا نثوب به إليه، ونقترب منه، بعد أن بعدنا بذنوبنا عنه، إذ نضرع إليه قائلين: {رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ}.
وإنى لأحبّ أن أفهم قوله تعالى: {رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ}.
على أنه- مع كونه دعاء مطلقا يدعو به المسلم في كل وقت- هو تعويذة يلوذ بها المذنبون الذي تغلبهم أنفسهم، وتقهرهم أهواؤهم فيقترفون ما اقترفوا وهم في هذا الضعف النفسي المستولى عليهم، فهم- والحال كذلك- قد وجدوا أمام أمر لا طاقة لهم به، وهم لذلك في استخزاء، وفى حسرة وندم، لا يجدون إلا وجه اللّه يبسطون أيديهم إليه أن يعينهم على أنفسهم، فيقوّى من إيمانهم، ويشد من عزائمهم، في هذا الصراع الدائر في كيانهم، بين الإقدام على المعصية والإحجام عن مواقعتها، حتى ينتصروا على أنفسهم وينتهوا عمّا نهوا عنه.
وفى ختم هذا الدعاء العظيم الشامل بقوله تعالى: {أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ} إلفات للمسلمين بأن غايتهم من هذا التضرع إلى اللّه، بإصلاح أمرهم واستقامة طريقهم- هو أن يكونوا آخر الأمر أهلا لهداية الناس إلى اللّه، وأن يصبحوا جبهة عاملة لنصرة الحق، وجندا مقاتلا في سبيل اللّه، وبهذا تقوى جبهة الإيمان، وتضمر أو تزول دولة الكفر.. وإذ كان المؤمنون أولياء اللّه، ونصراء كلمته، فإن اللّه وليهم وناصرهم على عدوهم.
{أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال