سورة آل عمران / الآية رقم 7 / تفسير تفسير الثعالبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الــم اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ المِيعَادَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله عز وجل: {هو الذي أنزل عليك الكتاب} يعني القرآن {منه آيات محكمات} يعني مبينات مفصلات أحكمت عبارتها من احتمال التأويل والاشتباه سميت محكمة من الإحكام كأنه تعالى أحكمها فمنع الخلق من التصرف فيها لظهورها ووضوح معناها {هن أم الكتاب} يعني هن أصل الكتاب الذي يعول عليه من الأحكام، ويعمل به في الحلال والحرام فإن قلت: كيف قال هن أم الكتاب ولم يقل أمهات الكتاب؟ قلت: لأن الآيات في اجتماعها وتكاملها كالآية الواحدة وكلام الله كله شيء واحد. وقيل: إن كل آية منهن أم الكتاب كما قال وجعلنا ابن مريم وأمة آية يعني أن كل واحد منهما آية: {وأخر} جمع أخرى {متشابهات} يعني أن لفظه يشبه لفظ غيره ومعناه يخالف معناه. فإن قلت: قد جعله هنا محكماً ومتشابهاً وجعله في موضع آخر كله محكماً فقال في أول هود {الر كتاب أحكمت آياته} وجعله في موضع آخر كله متشابهاً. فقال تعالى في الزمر: {الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً} فكيف الجمع بين هذه الآيات. قلت: حيث جعله كله محكماً أراد أنه كله حق وصدق ليس فيه عبث ولا هزل وحيث جعله كله متشابهاً أراد أن بعضه يشبه بعضاً في الحسن والحق والصدق، وحيث جعله هنا بعضه محكماً وبعضه متشابهاً فقد اختلف عبارات العلماء فيه فقال ابن عباس: المحكمات الثلاث آيات التي في آخر سورة الأنعام وهي قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} ونظيرها في بني إسرائيل {وقضى ربك أن لا تعبد وا إلاّ إياه الآيات}. وعنه أن الآيات المحكمة هي الناسخ والمتشابهات هي الآيات المنسوخة وبه قال ابن مسعود وقتادة والسدي وقيل إن المحكمات ما فيه أحكام الحلال والحرام والمتشابهات ما سوى ذلك يشبه بعضه بعضاً ويصدق بعضه بعضاً وقيل: إن المحكمات ما طلع الله عباده على معناه والمتشابه ما استاثر الله بعلمه فلا سبيل لأحد إلى معرفته نحو الخبر عن أشراط الساعة مثل الدجال ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى عليه السلام وطلوع الشمس من مغربها وفناء الدنيا وقيام الساعة فجميع هذا مما استأثر الله بعلمه وقيل: إن المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلاّ وجهاً واحداً والمتشابه ما يحتمل أوجهاً وروي ذلك عن الشافعي وقيل إن المحكم سائر القرآن والمتشابه هي الحروف المقطعة في أوائل السور. قال ابن عباس إن رهطاً من اليهود منهم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف ونظراؤهما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له حيي بلغنا: أنك أنزل عليك الم فأنشدك الله أأنزل عليك قال نعم. قال: إن كان ذلك حقاً فإني أعلم مدة ملك أمتك هي إحدى وسبعون سنة فهل أنزل عليك غيرها؟ قال: نعم آلمص قال: فهذه أكثر هي إحدى وستون ومائة فهل أنزل عليك غيرها؟ قال نعم آلر قال: هذه أكثر هي مائتان وإحدى وثلاثون سنة فهل من غيرها؟ قال: نعم آلمر قال هذه أكثر هي مائتان وإحدى وسبعون سنة.
وقد اختلط علينا فلا ندري أبكثيره نأخذ أم بقليله ونحن ممن لا يؤمن بهذا. فأنزل الله هذه الآية قوله تعالى. {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه} وقيل: إن المحكم ما لم تتكرر ألفاظه والمتشابه ما تكررت ألفاظه وقيل: إن المحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان. والمتشابه ما احتاج إلى بيان وقيل: إن المحكم هو الأمر والنهي والوعد والوعيد والمتشابه هو القصص والأمثال. فإن قلت: إنما نزل القرآن لبيانه الدين وإرشاد العباد وهدايتهم فما فائدة المتشابه وهلا كان كله محكماً؟ قلت: ذكر العلماء عن هذا السؤال أجوبة أحدها. أن القرآن أنزل بألفاظ العرب ولغاتهم وكلام العرب على ضربين أحدهما: الإيجاز للاختصار والموجز الذي لا يخفى على سامعه لا يحتمل غير ظاهره، والإطالة لبيان المراد والتوكيد. الضرب الثاني: المجاز والكنايات والإشارات والتلويحات وإغماض بعض المعاني، وهذا الضرب هو المستحسن عند العرب والبديع في كلامهم فأنزل الله تعالى على هذين الضربين ليتحقق عجزهم عن الإتيان بمثله فكأنه قال: عارضوه بأي الضربين شئتم، ولو نزل كله محكماً واضحاً لقالوا: هلا أنزل بالضرب المستحسن عند الجواب الثاني أن الله تعالى أنزل المتشابه لفائدة عظيمة، وهي أن يشتغل أهل العلم والنظر بردهم المتشابه إلى المحكم فيطول بذلك فكرهم ويتصل بالبحث عن معانيه اهتمامهم فيثابون على تعبهم كما أثبتوا على عباداتهم. ولو أنزل القرآن كله محكماً لاستوى في معرفته العالم والجاهل ولم يفضل العالم على غيره ولماتت الخواطر وخمدت الفكرة، ومع الغموض تقع الحاجة إلى الفكرة والحيلة إلى استخراج المعاني. وقد قيل في عيب الغنى إنه يورث البلادة وفي فضيلة الفقر إنه يورث الفطنة. وقيل: إنه يبعث على الحيلة لأنه إذا احتاج احتال. الجواب الثالث: أن أهل كل علم يجعلون في علومهم معاني غامضة ومسائل دقيقة ليختبروا بذلك أذهان المتعلمين منهم على انتزاع الجواب لأنهم إذ قدروا على انتزاع المعاني الغامضة كانوا على الواضح أقدر، فلما كان ذلك حسناً عند العلماء جاز أن يكون ما أنزل الله تعالى من المتشابه على هذا النحو. الجواب الرابع: ان الله تعالى أنزل المتشابه في كتابه مختبراً به عباده ليقف المؤمن عنده ويرد علمه إلى عالمه فيعظم بذلك ثوابه، ويرتاب به المنافق فيداخله الزيغ فيستحق بذلك العقوبة كما ابتلى بنو إسرائيل بالنهر والله أعلم بمراده. وقوله تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ} أي ميل عن الحق وقيل: الزيغ الشك واختلفوا في المعنى بهم والمشار إليهم فقيل هم وفد نجران الذين خاصموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عيسى عليه السلام وقالوا: ألست تزعم أن عيسى روح الله وكلمته؟ قال: بلى قالوا: حسبنا فأنزل الله هذه الاية.
وقيل: هم اليهود لأنهم طلبوا معرفة مدة بقاء هذه الأمة واستخراجه بحساب الجميل من الحروف المقطعة في أوائل السور. وقيل: هم المنافقون وقيل: هم الخوارج وكان قتادة يقول: إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري من هم. وقيل هم جميع المبتدعة {فيتبعون ما تشابه منه} يعني يحيلون المحكم على المتشابه والمتشابه على المحكم، ويقولون: ما بال هذه الاية عمل بها كذا وكذا ثم نسخت. وقيل كل من احتج لباطله بالمتشابه فهو المعنى بهذه الاية.
(ق) عن عائشة رضي الله عنها قالت: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات إلى وما يذكر إلاّ أولو الألباب} فقال: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم» وقوله تعالى: {ابتغاء الفتنة} أي طلب الشرك والكفر. وقيل: طلب الشبهات واللبس ليضلوا بها جهالهم وقيل: طلب إفساد ذات البين {وابتغاء تأويله} أي تفسيره. وأصل التأويل في اللغة: المرجع والمصير تقول: آل الأمر إلى كذا إذا رجع إليه وتسمى العاقبة تأويلاً لأن الأمر يصير إليه. قال ابن عباس في قوله: {وابتغاء تأويله} أي طلب بقاء ملك محمد صلى الله عليه وسلم وقيل: المراد بهم الكفار طلبوا متى يبعثون وكيف أحياهم بعد الموت وقيل هو طلب تفسير المتشابه وعلمه {وما يعلم تأويله إلاّ الله} يعني تأويل المتشابه وقيل: لا يعلم انقضاء ملك هذه الأمة إلاّ الله تعالى لأن انقضاء ملكها مع قيام الساعة. ولا يعلم ذلك إلاّ الله وقيل: يجوز أن يكون للقرآن تأويل استأثر الله بعلمه ولم يطلع عليه أحداً من خلقه كعلم قيام الساعة ووقت طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وعلم الحروف المقطعة، وأشباه ذلك مما استأثر الله بعلمه فالإيمان به واجب وحقائق علومه مفوضة إلى الله تعالى، وهذا قول أكثر المفسرين وهو مذهب ابن مسعود وابن عباس في رواية عنه، وأبي كعب وعائشة وأكثر التابعين فعلى هذا القول تم الكلام عند قوله: {إلاّ الله} فيوقف عليه ثم ابتدأ فقال عز من قائل {والراسخون في العلم} أي الثابتون في العلم وهم الذين أتقنوا علمهم بحيث لا يدخل في علمهم شك {يقولون آمنا به} قال ابن عباس: سماهم راسخين في العلم بقولهم آمنا به فرسوخهم في العلم هو الإيمان به. وقال عمر بن عبد العزيز في هذه الآية انتهى علم الراسخين في العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا آمنا به {كل من عند ربنا} يعني المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ وما علمنا منه وما لم نعلم ونحن معتبدون في المتشابه بالإيمان به، ونكل معرفته إلى الله تعالى.
وفي المحكم يجب علينا الإيمان به والعمل بمقتضاه. وروي عن ابن عباس أنه قال تفسير القرآن على أربعة أوجه فمنه تفسير لا يسع أحداً جهله، وتفسير تعرفه العرب بألسنتها، وتفسير تعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلاّ الله. وقيل: إن الواو في قوله والراسخون في العلم واو عطف يعني أن تأويل المتشابه يعلمه الله ويعلمه الراسخون في العلم وهم مع علمهم يقولون آمنا به. وري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول: أنا من الراسخين في العلم وعن مجاهد عنه أنا ممن يعلم تأويله. ووجه هذا القول أن الله تعالى أنزل كتابه لينتفع به عباده ولا يجوز أن يكون في القرآن شيء لا يعرفه أحد من الأمة وفي المراد بالراسخين في العلم هنا قولان أحدهما: أنهم مؤمنوا أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام وأصحابه دليله قوله تعالى: {لكن الراسخون في العلم منهم} والقول الثاني: أن الراسخين هم العلماء العاملون بعلمهم. سئل انس بن مالك عن الراسخين في العلم فقال: العالم العامل بما علم المتبع له وقيل، الراسخ في العلم من وجد في علمه أربعة أشياء التقوى فيما بينه وبين الله تعالى، والتواضع فيما بينه وبين الناس، والزهد فيما بينه وبين الدنيا، والمجاهد فيما بينه وبين النفس {وما يذكر إلاّ أولو الألباب} أي وما يتعظ بما في القرآن إلاّ ذوو العقول وهذا ثناء من الله عز وجل على الذين قالوا آمنا به كل من عند ربنا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال