سورة النمل / الآية رقم 19 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُواًّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الفَضْلُ المُبِينُ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لاَ أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ

النملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنمل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ(19)}
تبسَّم سليمان عليه السلام بالبسمة التي تتصل بالضحك لماذا؟ لأنه سمعها قبل أنْ يصل إليها، ولأنها رأتْ قبل أن يأتي المرئي، وقد تكلم البعض في هذه المسألة فقالوا: إن الريح نقلتْ إليه مقالة النملة، وهو ما يزال بعيداً عنها، وهذا الكلام يُقبل لو أن المسألة(ميكانيكا) إنما هي عمل رب وقدرة خالق مُنعِم ينعم بما يشاء.
ونطق قائلاً {رَبِّ أوزعني} [النمل: 19] أي: امنعني أنْ أغفل، أو أنْ أنسى هذه النِّعم، فأظل شاكراً حامداً لك على الدوام؛ لأن هذه النعَم فاقتْ ما أنعمت به على عامة الخَلْق، وفوق ما أنعمتُ به على إخواني من الأنبياء السابقين، وعلى كل ملوك الدنيا؛ لأنه عليه السلام جمع بين الملْك والنُّبوة، وإنْ كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليه الملْك فرفضه، وآثر أن يكون عبداً رسولاً.
لذلك وجب على كل صاحب نعمة أنْ يستقبلها بحمد الله وشكْره، وسبق أنْ قُلْنا في قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم} [التكاثر: 8] أن حق النعمة أن تحمد المنعم عليها، فلا تُسأل عنها يوم القيامة.
وما أشبه الحمد على النعمة بما يُسمُّونه عندنا في الريف(الرقوبة)، وهي بيضة تضعها ربَّة المنزل في مكان أمين يصلح عُشَّا يبيض فيه الدجاج، فإذا رأتْ الدجاجة هذه البيضة جاءتْ فباضتْ عليها، وهكذا شكر الله وحمده على النعم هو النواة التي يتجمع عليها المزيد من نِعَم الله.
وقد شُرح هذا المعنى في قوله سبحانه: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] ألاَ ترى أن مَنْ علم علماً فعلم به أورثه الله علم ما لم يعلم؟ لماذا؟ لأنه ما دام عمل بعلمه، فهو مُؤْتمن على العلم؛ لذلك يزيده الله منه ويفتح له مغاليقه، على خلاف مَنْ عَلِم علماً ولم يعمل به، فإنَّ الله يسلبه نور العلم، فيغلق عليه، وتصدأ ذاكرته، وينسى ما تعلَّمه.
والحق تبارك وتعالى يقول: {وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} [لقمان: 12] أي: تعود عليه ثمرة شُكْره؛ لأنه إنْ شكر الله بالحمد شكره الله بالزيادة؛ لذلك من أسمائه تعالى(الشكور).
وقوله: {عَلَيَّ} [النمل: 19] هذه خصوصية {وعلى وَالِدَيَّ} [النمل: 19] لأنه ورث عنهما الملْك والنبوة {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ} [النمل: 19] وهذا ثمن النعمة أن أؤدي خدمات الصلاح في المجتمع لأكون مُؤْتمناً على النعمة أهْلاً للمزيد منها.
والحق تبارك وتعالى يريد منَّا أنْ نُوسِّع دائرة الصلاح ودائرة المعروف في المجتمع، أَلاَ ترى إلى قوله سبحانه: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة: 245].
فسمَّى الخير الذي تقدمه قَرْضاً، مع أنه سبحانه واهب كل النِّعم، وذلك لِيُحنِّن قلوب العباد بعضهم على بعض؛ لأنه تعالى خالقهم، وهو سبحانه المتكفِّل برزقهم.
ثم يقول: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين} [النمل: 19] وذكر الرحمة والفضل؛ لأنهما وسيلة النجاة، وبهما ندخل الجنة، وبدونهما لن ينجو أحد، واقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله. قالوا: ولا أنت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ولا أنا إلا أنْ يتغمّدني الله برحمته».
ويقول سبحانه في هذا المعنى: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ} [يونس: 58] فالمؤمن الحق لا يفرح بعمله، إنما يفرح: إنْ نال فَضْلَ الله ورحمته، كأنه يقول لربه: لن أتكل يا رب على عملي، بل فضلك ورحمتك هما المتكل، لأنني لو قارنتُ العبادة التي كلفتني بها بما أسدْيتَ إليَّ من نِعَم وآلاء لَقصُرَتْ عبادتي عن أداء حقِّك عليَّ، فإنْ أكرمتني بالجنة فبفضلك.
والبعض يقولون: كيف يعاملنا ربنا بالفضل والزيادة، ويُحرِّم علينا التعامل بالربا؟ أليست الحسنة عنده بعشرة أمثالها أو يزيد؟ نقول: نعم، لكن الزيادة هنا منه سبحانه وتعالى وليستْ من مُسَاو، إنها زيادة ربٍّ لعبيد.
وقوله {فِي عِبَادِكَ الصالحين} [النمل: 19] دليل على تواضع سيدنا سليمان عليه السلام فمع مكانته ومنزلته يطلب أنْ يُدخِله الله في الصالحين، وأن يجعله في زمرتهم، فلم يجعل لنفسه مَيْزةً ولا صدارة ولا أدَّعى خيرية على غيره من عباد الله، مع ما أعطاه الله من الملْك الذي لا ينبغي لأحد من بعده.
وأعطاه النبوة وحمَّله المنهج، فلم يُورثه شيء من هذا غروراً ولا تعالياً، وها هو يطلب من ربه أن يكون ضمن عباده الصالحين، كما نقول(زقني مع الجماعة دول)، حين تكون السيارة مثلاً كاملة العدد، وليس لي مقعد أجلس عليه.
مَنْ يقول هذا الكلام؟ إنه سليمان بن داود عليهما السلام الذي آتاه الله مُلْكاً، لا ينبغي لأحد من بعده، ومن ذلك كان يُؤثِر عبيده وجنوده على نفسه، وكان يأكل(الردة) من الدقيق، ويترك النقي منه لرعيته.
إذن: لم ينتفع من هذا الملْك بشيء، ولم يصنع لنفسه شيئاً من مظاهر هذا الملك، إنما صنعه له ربه لأنه كان في عَوْن عباد الله، فكان الله في عَوْنه، وأنت حين تُعين أخاك تُعينه بقدرتك وإمكاناتك المحدودة، أما معونة الله تعالى فتأتي على قَدْر قوته تعالى، وقدرته وإمكاناته التي لا حدودَ لها، إذن: فأنت الرابح في هذه الصفقة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال