سورة النمل / الآية رقم 37 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهَُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ قَالَ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِراًّ عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا العِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ

النملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنمل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ (37) قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)}
قوله تعالى: {فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ} أي جاء الرسول سليمان بالهدية قال: {أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ}. قرأ حمزة ويعقوب والأعمش بنون واحدة مشددة وياء ثابتة بعدها.
الباقون بنونين وهو اختيار أبى عبيد، لأنها في كل المصاحف بنونين. وقد روى إسحاق عن نافع أنه كان يقرأ: {أتمدون} بنون واحدة مخففة بعدها ياء في اللفظ. قال ابن الأنباري: فهذه القراءة يجب فيها إثبات الياء عند الوقف، ليصح لها موافقة هجاء المصحف. والأصل في النون التشديد، فخفف التشديد من ذا الموضع كما خفف من: أشهد أنك عالم، وأصله: أنك عالم. وعلى هذا المعنى بنى الذي قرأ: {يشاقُّونِ فيهم}، {أتحاجُّونِ في الله}. وقد قالت العرب: الرجال يضربون ويقصدون، وأصله يضربوني ويقصدوني، لأنه إدغام يضربونني ويقصدونني قال الشاعر:
ترهبين والجيد منك لليلى *** والحشا والبغام والعينان
والأصل ترهبيني فخفف. ومعنى {أَتُمِدُّونَنِ} أتزيدونني ما لا إلى ما تشاهدونه من أموالي. قوله تعالى: {فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ} أي فما أعطاني من الإسلام والملك والنبوة خير مما أعطاكم، فلا أفرح بالمال. و{آتان} وقعت في كل المصاحف بغير ياء. وقرأ أبو عمرو ونافع وحفص: {آتاني الله} بياء مفتوحة، فإذا وقفوا حذفوا. وأما يعقوب فإنه يثبتها في الوقف ويحذف في الوصل لالتقاء الساكنين. الباقون بغير ياء في الحالين. {بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} لأنكم أهل مفاخرة ومكاثرة في الدنيا. قوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} أي قال سليمان للمنذر بن عمرو أمير الوفد، ارجع إليهم بهديتهم. {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها} لام قسم والنون لها لازمة. قال النحاس: وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول: هي لام توكيد وكذا كان عنده أن اللامات كلها ثلاث لا غير، لام توكيد، ولام أمر، ولام خفض، وهذا قول الحذاق من النحويين، لأنهم يردون الشيء إلى أصله: وهذا لا يتهيأ إلا لمن درب في العربية. ومعنى {لا قِبَلَ لَهُمْ بِها} أي لا طاقة لهم عليها. {وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها} أي من أرضهم {أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ}.
وقيل: {مِنْها} أي من قرية سبأ. وقد سبق ذكر القرية في قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها}.
{أَذِلَّةً} قد سلبوا ملكهم وعزهم. {وَهُمْ صاغِرُونَ} أي مهانون أذلاء من الصغر وهو الذل إن لم يسلموا، فرجع إليها رسولها فأخبرها، فقالت: قد عرفت أنه ليس بملك ولا طاقة لنا بقتال نبى من أنبياء الله. ثم أمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات بعضها في جوف بعض، في آخر قصر من سبعة قصور، وغلقت الأبواب، وجعلت الحرس عليه، وتوجهت إليه في اثنى عشر ألف قيل من ملوك اليمن، تحت كل قيل مائة ألف. قال ابن عباس: وكان سليمان مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه، فنظر ذات يوم رهجا قريبا منه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: بلقيس يا نبى الله. فقال سليمان لجنوده- وقال وهب وغيره للجن- {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} وقال عبد الله بن شداد. كانت بلقيس على فرسخ من سليمان لما قال: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها} وكانت خلفت عرشها بسبإ، ووكلت به حفظة.
وقيل: إنها لما بعثت بالهدية بعثت رسلها في جندها لتغافص سليمان عليه السلام بالقتل قبل أن يتأهب سليمان لها إن كان طالب ملك، فلما علم ذلك قال: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها}. قال ابن عباس: كان أمره بالإتيان بالعرش قبل أن يكتب الكتاب إليها، ولم يكتب إليها حتى جاءه العرش.
وقال ابن عطية: وظاهر الآيات أن هذه المقالة من سليمان عليه السلام بعد مجيء هديتها ورده إياها، وبعثه الهدهد بالكتاب، وعلى هذا جمهور المتأولين. واختلفوا في فائدة استدعاء عرشها، فقال قتادة: ذكر له بعظم وجودة، فأراد أخذه قبل أن يعصمها وقومها الإسلام ويحمى أموالهم، والإسلام على هذا الدين، وهو قول ابن جريج.
وقال ابن زيد: استدعاه ليريها القدرة التي هي من عند الله، ويجعله دليلا على نبوته، لأخذه من بيوتها دون جيش ولا حرب، و{مُسْلِمِينَ} على هذا التأويل بمعنى مستسلمين، وهو قول ابن عباس.
وقال ابن زيد أيضا: أراد أن يختبر عقلها ولهذا قال: {نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي}.
وقيل: خافت الجن أن يتزوج بها سليمان عليه السلام فيولد له منها ولد، فلا يزالون في السخرة والخدمة لنسل سليمان فقالت لسليمان: في عقلها خلل، فأراد أن يمتحنها بعرشها.
وقيل: أراد أن يختبر صدق الهدهد في قوله: {وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ} قاله الطبري. وعن قتادة: أحب أن يراه لما وصفه الهدهد. والقول الأول عليه أكثر العلماء، لقوله تعالى: {قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}. ولأنها لو أسلمت لحظر عليه مالها فلا يؤتى به إلا بإذنها. روى أنه كان من فضة وذهب مرصعا بالياقوت الأحمر والجوهر، وأنه كان في جوف سبعة أبيات عليه سبعة أغلاق. قوله تعالى: {قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ} كذا قرأ الجمهور وقرأ أبو رجاء وعيسى الثقفي {عفرية} ورويت عن أبى بكر الصديق رضي الله عنه.
وفي الحديث: «إن الله يبغض العفرية النفرية». إتباع لعفرية. قال قتادة: هي الداهية قال النحاس: يقال للشديد إذا كان معه خبث ودهاء عفر وعفرية وعفريت وعفارية.
وقيل: {عِفْرِيتٌ} أي رئيس. وقرأت فرقة: {قال عفر} بكسر العين، حكاه ابن عطية، قال النحاس: من قال عفرية جمعه على عفار، ومن قال: عفريت كان له في الجمع ثلاثة أوجه، إن شاء قال عفاريت، وإن شاء قال عفار، لان التاء زائدة، كما يقال: طواغ في جمع طاغوت، وإن شاء عوض من التاء ياء فقال عفارى. والعفريت من الشياطين القوى المارد. والتاء زائدة. وقد قالوا: تعفرت الرجل إذا تخلق بخلق الاذاية.
وقال وهب بن منبه: اسم هذا العفريت كودن، ذكره النحاس.
وقيل: ذكوان، ذكره السهيلي.
وقال شعيب الجبائي: اسمه دعوان.
وروى عن ابن عباس أنه صخر الجنى. ومن هذا الاسم قول ذى الرمة:
كأنه كوكب في إثر عفرية مصوب *** في سواد الليل منقضب
وأنشد الكسائي:
إذ قال شيطانهم العفريت *** ليس لكم ملك ولا تثبيت
وفى الصحيح عن أبى هريرة قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «إن عفريتا من الجن جعل يفتك على البارحة ليقطع على الصلاة وإن الله أمكنني منه فدعته» وذكر الحديث.
وفي البخاري: «تفلت على البارحة» مكان: «جعل يفتك».
وفي الموطأ عن يحيى ابن سعيد أنه قال: أسرى برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة من نار، كلما التفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رآه، فقال جبريل: أفلا أعلمك كلمات تقولهن إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «بلى فقال: أعوذ بالله الكريم وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وشر ما يعرج فيها وشر ما ذرأ في الأرض، وشر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمان». قوله تعالى: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ} يعني في مجلسه الذي يحكم فيه. {وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} أي قوى على حمله. {أَمِينٌ} على ما فيه. ابن عباس: أمين على فرج المرأة، ذكره المهدوي. فقال سليمان أريد أسرع من ذلك، ف {قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} أكثر المفسرين على أن الذي عنده علم من الكتاب آصف بن برخيا وهو من بنى إسرائيل، وكان صديقا يحفظ اسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعى به أجاب. وقالت عائشة رضي الله عنها قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن اسم الله الأعظم الذي دعا به آصف بن برخيا يا حي يا قيوم» قيل: وهو بلسانهم، أهيا شراهيا، وقال الزهري: دعاء الذي عنده اسم الله الأعظم، يا إلهنا واله كل شيء إلها واحدا لا إله إلا أنت ايتني بعرشها، فمثل بين يديه.
وقال مجاهد: دعا فقال: يا إلهنا وإله كل شيء يا ذا الجلال والإكرام. قال السهيلي: الذي عنده علم من الكتاب هو آصف ابن برخيا ابن خالة سليمان، وكان عنده اسم الله الأعظم من أسماء الله تعالى.
وقيل: هو سليمان نفسه، ولا يصح في سياق الكلام مثل هذا التأويل. قال ابن عطية: وقالت فرقة هو سليمان عليه السلام، والمخاطبة في هذا التأويل للعفريت لما قال: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ} كأن سليمان استبطأ ذلك فقال له على جهة تحقيره: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} واستدل قائلو هذه المقالة بقول سليمان: {هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي}. قلت: ما ذكره ابن عطية قاله النحاس في معاني القرآن له، وهو قول حسن إن شاء الله تعالى. قال بحر: هو ملك بيده كتاب المقادير، أرسله الله عند قول العفريت. قال السهيلي: وذكر محمد بن الحسن المقرئ أنه ضبة بن أد، وهذا لا يصح البتة لأن ضبة هو ابن أد بن طابخة، واسمه عمرو بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد، ومعد كان في مدة بخت نصر، وذلك بعد عهد سليمان بدهر طويل، فإذا لم يكن معد في عهد سليمان، فكيف ضبة بن أد وهو بعده بخمسة آباء؟! وهذا بين لمن تأمله. ابن لهيعة: هو الخضر عليه السلام.
وقال ابن زيد: الذي عنده علم من الكتاب رجل صالح كان في جزيرة من جزائر البحر، خرج ذلك اليوم ينظر من ساكن الأرض؟ وهل يعبد الله أم لا؟ فوجد سليمان، فدعا باسم من أسماء الله تعالى فجئ بالعرش. وقول سابع: إنه رجل من بنى إسرائيل اسمه يمليخا كان يعلم اسم الله الأعظم، ذكره القشيري.
وقال ابن أبى بزة: الرجل الذي كان عنده علم من الكتاب اسمه اسطوم وكان عابدا في بنى إسرائيل، ذكره الغزنوي.
وقال محمد بن المنكدر: إنما هو سليمان عليه السلام، أما إن الناس يرون أنه كان معه اسم وليس ذلك كذلك، إنما كان رجل من بنى إسرائيل عالم آتاه الله علما وفقها قال: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} قال: هات. قال: أنت نبى الله بننبى الله فإن دعوت الله جاءك به، فدعا الله سليمان فجاءه الله بالعرش. وقول ثامن: إنه جبريل عليه السلام، قاله النخعي، وروى عن ابن عباس. وعلم الكتاب على هذا علمه بكتب الله المنزلة، أو بما في اللوح المحفوظ.
وقيل: علم كتاب سليمان إلى بلقيس. قال ابن عطية: والذي عليه الجمهور من الناس أنه رجل صالح من بنى إسرائيل اسمه آصف بن برخيا، روى أنه صلى ركعتين، ثم قال لسليمان: يا نبى الله امدد بصرك فمد بصره نحو اليمن فإذا بالعرش، فما رد سليمان بصره إلا وهو عنده. قال مجاهد: هو إدامة النظر حتى يرتد طرفه خاسئا حسيرا.
وقيل: أراد مقدار ما يفتح عينه ثم يطرف، وهو كما تقول: افعل كذا في لحظة عين، وهذا أشبه، لأنه إن كان الفعل من سليمان فهو معجزة، وإن كان من آصف أو من غيره من أولياء الله فهي كرامة، وكرامة الولي معجزة النبي. قال القشيري: وقد أنكر كرامات الأولياء من قال إن الذي عنده علم من الكتاب هو سليمان، قال للعفريت: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}. وعند هؤلاء ما فعل العفريت فليس من المعجزات ولا من الكرامات، فإن الجن يقدرون على مثل هذا. ولا يقطع جوهر في حال واحدة مكانين، بل يتصور ذلك بأن يعدم الله الجوهر في أقصى الشرق ثم يعيده في الحالة الثانية، وهى الحالة التي بعد العدم في أقصى الغرب أو يعدم الأماكن المتوسطة ثم يعيدها. قال القشيري: ورواه وهب عن مالك. وقد قيل: بل جئ به في الهواء، قاله مجاهد. وكان بين سليمان والعرش كما بين الكوفة والحيرة.
وقال مالك: كانت باليمن وسليمان عليه السلام بالشام.
وفي التفاسير انخرق بعرش بلقيس مكانه الذي هو فيه ثم نبع بين يدي سليمان، قال عبد الله بن شداد: وظهر العرش من نفق تحت الأرض، فالله أعلم أي ذلك كان. قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} أي ثابتا عنده. {قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} أي هذا النصر والتمكين من فضل ربى. {لِيَبْلُوَنِي} قال الأخفش: المعنى لينظر {أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ}.
وقال غيره: معنى {لِيَبْلُوَنِي} ليتعبدنى، وهو مجاز. والأصل في الابتلاء الاختبار أي ليختبرني أأشكر نعمته أم أكفرها {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} أي لا يرجع نفع ذلك إلا إلى نفسه، حيث استوجب بشكره تمام النعمة ودوامها والمزيد منها. والشكر قيد النعمة الموجودة، وبه تنال النعمة المفقودة. {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ} أي عن الشكر {كَرِيمٌ} في التفضل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال