سورة النمل / الآية رقم 50 / تفسير في ظلال القرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الحَسَنَةِ لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ

النملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنملالنمل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


في معظم المواضع في القرآن ترد قصة صالح وثمود في سياق قصص عام من نوح وهود، ولوط وشعيب. وأحياناً تجيء قصة إبراهيم في هذا السياق أو لا تجيء. أما في هذه السورة والتركيز فيها على قصص بني إسرائيل، فقد جاءت قصة موسى وقصة داود وسليمان. واختصرت قصة هود وقصة شعيب من السلسلة ولم تجيء قصة إبراهيم.
وفي هذه السورة لا تذكر حلقة الناقة في قصة صالح عليه السلام إنما يذكر تبييت الرهط التسعة المفسدين لصالح وأهله، ومكرهم به وهو لا يشعر، فمكر الله بالمفسدين وهم لا يشعرون، ودمرهم وقومهم أجمعين. وأنجى الذين آمنوا وكانوا يتقون، وترك بيوت المفسدين خاوية وجعلها لمن بعدهم آية. والمشركون في مكة يمرون بهذه البيوت المدمرة الخاوية ولكنهم لا يعتبرون..
{ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله، فإذا هم فريقان يختصمون}..
يلخص رسالة صالح عليه السلام في حقيقة واحدة: {أن اعبدوا الله} فهذه هي القاعدة التي ترتكز عليها رسالة السماء إلى الأرض في كل جيل، ومع كل رسول. ومع أن كل ما حول البشر في هذا الكون، وكل ما يكمن فيهم أنفسهم، يهتف بهم إلى الإيمان بهذه الحقيقة الواحدة، فقد أمضت البشرية أجيالاً وأزماناً لا يعلمها إلا الله، وهي تقف أمام هذه الحقيقة البسيطة وقفة الإنكار والجحود، أو وقفة الهزء والتكذيب. وما تزال إلى اليوم تروغ عن هذه الحقيقة الخالدة، وتجنح إلى شتى السبل، التي تتفرق بها عن سبيل الله الواحد المستقيم.
فأما قوم صالح ثمود فيحكي القرآن خلاصة موقفهم بعد دعوته إياهم، وجهده معهم بأنهم أصبحوا فريقين يختصمون. فريقاً يستجيب له، وفريقاً يخالف عنه. وكان الفريق المعارض هو الكثرة، كما نعرف من المواضع الأخرى في القرآن عن هذه القصة.
وهنا فجوة في السورة على طريقة القصص القرآني ندرك منها أن المكذبين المعرضين استعجلوا عذاب الله الذي أنذرهم به صالح، بدلاً من أن يطلبوا هدى الله ورحمته شأنهم في هذا شأن مشركي قريش مع الرسول الكريم فأنكر عليهم صالح أن يستعجلوا بالعذاب ولا يطلبوا الهداية، وحاول أن يوجههم إلى الاستغفار لعل الله يدركهم برحمته:
{قال: يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة؟ لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون}!
ولقد كان يبلغ من فساد القلوب أن يقول المكذبون: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذابٍ أليم}.. بدلاً من أن يقولوا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فاهدنا إلى الإيمان به والتصديق!
وكذلك كان قوم صالح يقولون. ولا يستجيبون لتوجيه رسولهم إلى طريق الرحمة والتوبة والاستغفار.
ويعتذرون عن ضيقهم به وبالذين آمنوا معه بأنهم يرونهم شؤماً عليهم، ويتوقعون الشر من ورائهم: {قالوا: اطيرنا بك وبمن معك}.
والتطير. التشاؤم. مأخوذ من عادة الأقوام الجاهلة التي تجري وراء الخرافات والأوهام، لأنها لا تخرج منها إلى نصاعة الإيمان. فقد كان الواحد منهم إذا همّ بأمر لجأ إلى طائر فزجره أي أشار إليه مطارداً. فإن مر سانحاً عن يمينه إلى يساره استبشر ومضى في الأمر. وإن مر بارحاً عن يساره إلى يمينه تشاءم وتوقع الضر! وما تدري الطير الغيب، وما تنبئ حركاتها التلقائية عن شيء من المجهول. ولكن النفس البشرية لا تستطيع أن تعيش بلا مجهول مغيب تكل إليه ما لا تعرفه وما لا تقدر عليه. فإذا لم تكل المجهول المغيب إلى الإيمان بعلام الغيوب وكلته إلى مثل هذه الأوهام والخرافات التي لا تقف عند حد، ولا تخضع لعقل، ولا تنتهي إلى اطمئنان ويقين.
وحتى هذه اللحظة ترى اللذين يهربون من الإيمان بالله، ويستنكفون أن يكلوا الغيب إليه، لأنهم بزعمهم قد انتهوا إلى حد من العلم لا يليق معه أن يركنوا إلى خرافة الدين! هؤلاء الذين لا يؤمنون بالله ولا بدينه ولا بغيبه.. نراهم يعلقون أهمية ضخمة على رقم 13، وعلى مرور قط أسود يقطع الطريق أمامهم، وعلى إشعال أكثر من لفافتين بعود ثقاب واحد.. إلى آخر هذه الخرافات الساذجة. ذلك أنهم يعاندون حقيقة الفطرة، وهي جوعتها إلى الإيمان، وعدم استغنائها عنه، وركونها إليه في تفسير كثير من حقائق هذا الكون التي لم يصل إليها علم الإنسان؛ وبعضها لن يصل إليه في يوم من الأيام، لأنه أكبر من الطاقة البشرية، ولأنه خارج عن اختصاص الإنسان، زائد على مطالب خلافته في هذه الأرض، التي زود على قدرها بالمواهب والطاقات!
فلما قال قوم صالح قولتهم الجاهلة الساذجة، الضالة في تيه الوهم والخرافة، ردهم صالح إلى نور اليقين، وإلى حقيقته الواضحة، البعيدة عن الضباب والظلام:
{قال: طائركم عند الله}.
حظكم ومستقبلكم ومصيركم عند الله. والله قد سن سنناً وأمر الناس بأمور، وبين لهم الطريق المستنير. فمن اتبع سنة الله، وسار على هداه، فهناك الخير، بدون حاجة إلى زجر الطير. ومن انحرف عن السنة، وحاد عن السواء، فهناك الشر، بدون حاجة إلى التشاؤم والتطير.
{بل أنتم قوم تفتنون}..
تفتنون بنعمة الله، وتختبرون بما يقع لكم من خير ومن شر. فاليقظة وتدبر السنن، وتتبع الحوادث والشعور بما رواءها من فتنة وابتلاء هو الكفيل بتحقيق الخير في النهاية. لا التشاؤم والتطير ببعض خلق الله من الطير ومن الناس سواء.
وهكذا ترد العقيدة الصحيحة الناس إلى الوضوح والاستقامة في تقدير الأمور. وترد قلوبهم إلى اليقظة والتدبر فيما يقع لهم أو حولهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال