سورة القصص / الآية رقم 32 / تفسير تفسير ابن عطية / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بَأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّـكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الوَادِ الأَيْمَنِ فِي البُقْعَةِ المُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يَعْقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُونَ

القصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


لما فرغ كلام شعيب قرره موسى عليه السلام وكرر معناه على جهة التوثق في أن الشرط إنما وقع في ثمان حجج، و{أيما} استفهام نصبه ب {قضيت} وما صلة للتأكيد، وقرأ الحسن {أيْما} بسكون الياء، وقرأ ابن مسعود {أي الأجلين ما قضيت}، وقرأ الجمهور {فلا عُدوان} بضم العين وقرأ أبو حيوة {فلا عِدوان} بكسر العين، والمعنى لا تبعة علي من قول ولا فعل، والوكيل الشاهد القائم بالأمر، قال ابن زيد: ولما كمل هذا النكاح بينهما أمر شعيب موسى أن يسير إلى بيت له فيه عصيّ وفيه هذا العصا، فروي أن العصا وثبت إلى موسى فأخذها وكانت عصا آدم وكانت من عير ورقة الريحان، فروي أن شعيباً أمره بردها ففعل وذهب يأخذ غيرها، فوثبت إليه، وفعل ذلك ثالثة، فلما رأى شعيب ذلك علم أنه يرشح للنبوءة فتركها له، وقيل إنما تركها له لأنه أمر موسى بتركها، فأبى موسى ذلك فقال له شعيب: نمد إليها جميعاً فمن طاوعته فهي له، فمد إليها شعيب يده فثقلت، ومد إليها موسى فخفت ووثبت إليه، فعلما أن هذا من الترشيح، وقال عكرمة: إن عصا موسى إنما دفعها إليه جبريل ليلاً عند توجهه إلى مدين، وقوله تعالى {فلما قضى موسى الأجل}، قال سعيد بن جبير سألني رجل من النصارى أي الأجلين قضى موسى، فقلت لا أدري حتى أقدم على حبر العرب أعني ابن عباس، فقدمت عليه فسألته، فقال قضى أكملهما وأوفاهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال وفى فعدت فأعلمت النصراني، فقال صدق هذا والله العالم، وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل في ذلك جبريل فأخبره أنه قضى عشر سنين، وحكى الطبري عن مجاهد أنه قضى عشراً وعشراً بعدها.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف وفي قصص هذه الآية أن موسى عليه السلام لما قضى الأجل أراد أن يسير بأهله إلى مصر بلده وقومه وقد كان لا محالة أحس بالترشيح للنبوءة فسار وكان رجلاً غيوراً لا يصحب الرفاق، فلما جاء في بعض طريقه في ليلة مظلمة مردة حرة قال النقاش كانت ليلة جمعة فقدوا النار وأصلد الزند وضلوا الطريق واشتد عليهم الخصر، فبينا هو كذلك إذ رأى ناراً وكان ذلك نوراً من الله تعالى قد التبس بشجرة قال وهب كانت عليقاً وقال قتادة عوسجاً.
وقيل زعروراً، وقيل سمرة، قاله ابن مسعود و{آنس} معناه أحسن والإحساس هنا بالبصر ومن هذه اللفظة قوله تعالى: {فإن آنستم منهم رشداً} [النساء: 6] ومنها قول حسان: [المنسرح]
انظر خليلي بباب جلق هل ت *** ونس دون البلقاء من أحد
وكان هذا الأمر كله في {جانب الطور} وهو جبل معروف بالشام، و{الطور} كل جبل، وخصصه قوم بأنه الذي لا ينبت فلما رأى موسى النار سر فقال لأهله أقيموا فقد رأيت ناراً {لعلي آتيكم منها بخير} عن الطريق أين هو {أو جذوة} وهي القطعة من النار في قطعة عود كبيرة لا لهب لها إنما هي جمرة ومن ذلك قول الشاعر: [ابن مقبل]: [البسيط]
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها *** جزل الجذا غير خوار ولا دعر
قال القاضي أبو محمد: وأحسب أن أصل الجذوة أصول الشجر وأهل البوادي أبداً يوقدونها، فتلك هي الجذوة حقيقة، ومنه قول السلمي يصف الصلى: [الطويل]
حمى حب هذا النار حب خليلتي *** وحب الغواني فهي دون الحبائب
وبدلت بعد البان والمسك شقوة *** دخان الجذا في رأس أشحط شاحب
وقرأ الجمهور {جِذوة} بكسر الجيم، وقرأ حمزة والأعمش {جُذوة} بضمها، وقرأ عاصم {جَذوة} بفتحها، وهي لغات والصلى حر النار، و{تصطلون} تفتعلون منه أبدلت التاء طاء، فلما أتى موسى عليه السلام ذلك الضوء الذي رآه وهو في تلك الليلة ابن أربعين سنة نبئ عليه السلام، فروي أنه كان يمشي إلى ذلك النور فكان يبعد منه تمشي به الشجرة وهي خضراء غضة حتى {نودي}، والشاطئ والشط ضفة الوادي، وقوله {الأيمن} يحتمل أن يكون من اليمن صفة للوادي أو للشاطئ، ويحتمل أن يكون المعادل لليسار فذلك لا يوصف به الشاطئ إلا بالإضافة إلى موسى في استقباله مهبط الوادي أو يعكس ذلك وكل هذا وقد قيل، وبركة البقعة هي ما خصت به من آيات الله تعالى وأنواره وتكليمه لموسى عليه السلام، والناس على ضم الباء من بُقعة، وقرأ بفتحها أبو الأشهب، قال أبو زيد: سمعت من العرب: هذه بَقعة طيبة بفتح الباء، وقوله تعالى {من الشجرة} يقتضي أن موسى عليه السلام سمع ما سمع من جهة الشجرة، وسمع وأدرك غير مكيف ولا محدد، وقوله تعالى {أن يا موسى} يحتمل أن تكون {أن} مفسرة ويحتمل أن تكون في موضع نصب بإسقاط حرف الجر، وقرأت فرقة {أني أنا الله} بفتح {أني}، ثم أمره الله تعالى، بإلقاء العصا، فألقاها فانقلبت حية عظيمة ولها اضطراب الجانّ وهو صغير الحيات فجمعت هول الثعبان ونشاط الجانّ، هذا قول بعضهم، وقالت فرقة: بل الجانّ يعم الكبير والصغير وإنما شبه ب الجان جملة العصا لاضطرابها فقط، وولى موسى عليه السلام فزعاً منها، {ولم يعقب}، معناه لم يرجع على عقبه، من توليه فقال الله تعالى {يا موسى أقبل} فأقبل وقد آمن بتأمين الله إياه، ثم أمره أن يدخل يده في جيبه وهو فتح الجبة من حيث يخرج رأس الإنسان، وروي أن كم الجبة كان في غاية الضيق فلم يكن له جيب تدخل يده إلا في جيبه، وسلك معناه أدخل ومنه قول الشاعر: [البسيط]
حتى سلكن الشوا منهن في مسك *** من نسل جوابة الآفاق مهداج
وقوله تعالى: {من غير سوء} أي من غير برص ولا مثلة.
وروي أن يده كانت تضيء كأنها قطعة شمس، وقوله تعالى: {واضمم إليك جناحك من الرهب} ذهب مجاهد وابن زيد إلى أن ذلك حقيقة، أمره بضم عضده وذراعه وهو الجناح إلى جنبه ليخف بذلك فزعه، ومن شأن الإنسان إذا فعل ذلك في أوقات فزعه أن يقوى قلبه، وذهبت فرقة إلى أن ذلك على المجاز والاستعارة وأنه أمره بالعزم على ما أمر به وأنه كما تقول العرب اشدد حيازيمك واربط جأشك، أي شمر في أمرك ودع الرهب، وذلك لما كثر تخوفه في غير ما موطن قاله أبو علي، وقوله تعالى {فذانك برهانان} قال مجاهد والسدي: هي إشارة إلى العصا واليد، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والناس {الرَّهَب} بفتح الراء والهاء، وقرأ عاصم وقتادة {الرهْب} بسكون الهاء، وقرأ حمزة والكسائي وابن عامر وعاصم أيضاً {الرُّهْب} بضم الراء وسكون الهاء، وقرأ الجحدري {الرُّهُب} بضم الراء والهاء، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {فذانّك} بشد النون، وقرأ الباقون {فذانك} بتخفيف النون، وقرأ شبل عن ابن كثير {فذانيك} بياء بعد النون المخففة، أبدل إحدى النونين ياء كراهة التضعيف، وقرأ ابن مسعود {فذانيك} بالياء أيضاً مع شد النون وهي لغة هذيل، وحكى المهدوي أن لغتهم تخفيف النون، و{برهانان}، حجتان ومعجزتان، وباقي الآية بين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال