سورة القصص / الآية رقم 34 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بَأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّـكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الوَادِ الأَيْمَنِ فِي البُقْعَةِ المُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يَعْقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمِنِينَ اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُونَ

القصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (30) وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ (31) اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (32) قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (35)}.
التفسير:
قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}.
فى هذه الآية والآيات التي بعدها، تبدأ مرحلة جديدة من مراحل المسيرة التي تتحرك فيها الأحداث إلى غايتها.. فها هو ذا موسى، قد وفى بالعهد الذي بينه وبين شعيب، وقضى الأجل.. ثم تحركت أشواقه إلى أهله، وقومه بمصر، فأخذ زوجه، وسار عائدا على الطريق الذي جاء منه.
وفي الطريق، آنس من جانب الطور، (و هو طور سيناء) نارا، في ظلمة الليل، ووحشة الصحراء، فأحسّ في هذه النّار ريح الأنس، فانطلق إليها، تاركا أهله في مكانهم، قائلا لهم: {امْكُثُوا.. إِنِّي آنَسْتُ ناراً.. لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}.
وقد جاءت هذه الآية في غير موضع على نظم يختلف مع هذا النظم، وقد عرضنا لذلك في دراسة خاصة، تحت عنوان: التكرار.. في القصص القرآنى وكشفنا عن بعض الأسرار الكامنة وراء هذا الاختلاف.
قوله تعالى: {فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ}.
هنا في هذه الآية يتحدّد المكان الذي نودى منه موسى، وإنه الشاطئ الأيمن من الوادي.. وأن ذلك النداء كان عند البقعة المباركة من الشجرة القائمة على هذا الشاطئ الأيمن ومن هذا يعرف أن وجهة موسى كانت مصر، وأنه في الطريق إليها من مدين، حيث كان الشاطئ الغربيّ من طور سيناء واقعا على يمينه.
وقد تحدّد هذا المكان تحديدا تاما بقوله تعالى في آية أخرى: {وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [44: القصص].
قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ}.
وقد وصفت الحيّة هنا بأنها {جانّ} كما وصفت في آيات أخر بأنها {حَيَّةٌ تَسْعى}.
(20: طه).. وبأنها {ثُعْبانٌ مُبِينٌ} [32: الشعراء].
ومن هذه الأوصاف جميعها، تلبس الحيّة صورة كاملة للحية، في ضخامتها وحيويتها، وخفّة حركتها.. فهى حيّة في ضخامة جسمها، وهي ثعبان عظيم، في الحياة التي تلبس هذا الكيان الضخم، وهى {جان} في سبحها على الأرض في خفة كأنها سهم منطلق! قوله تعالى: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ}.
الرّهب: الخوف.. والجناح: اليد، كلها، بالكفّ والساعد، والعضد.
والمراد بضم الجناح، إلصاقه بالجنب.. كما يفعل الخائف فيشد من عزمه، ويمسك نفسه.. والمراد بهذا أن يأخذ موسى هذا الوضع حين يخرج يده من جيبه في موقفه مع فرعون.. وفي هذا ما يدفع الخوف عن موسى، وهو يواجه فرعون في هذا الموقف الرهيب! قوله تعالى: {فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ.. إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ}.
ذان: مثنى ذا، أي هذان برهانان من ربك إلى فرعون وملائه، وهذا البرهانان هما: العصا، واليد.
وقد كان مع موسى غير هذين البرهانين، سبع آيات أخرى، هى الجراد والقمّل، والضفادع، والدم، والجدب، والطوفان، ونقص الأموال والأنفس والثمرات.
وخصّ البرهانان هنا- وهما العصا واليد- خصا بالذكر، لأنهما الآيتان اللتان يلقى بهما موسى فرعون وحاشيته أول الأمر، ويتحدّى بهما تكذيب فرعون له.. ولهذا كانت المعركة المتحدية بين موسى وفرعون في لقاء العصا بالسحرة الذين جمعهم فرعون لموسى.. أما الآيات الأخرى فقد كانت بلاء متحدّيا لفرعون وقومه جميعا.. ولعلّ هذا- واللّه أعلم- هو السرّ في اختلاف النظم هنا في قوله تعالى: {فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ} وما جاء في سورة النمل في قوله تعالى: {فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} [12] فالملأ هم الحاشية، والقوم هم المجتمع كله.
قوله تعالى: {قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ، وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} إن شبح القتيل ما زال يطارد موسى، بعد هذا الزمن الطويل، وإن لقاءه فرعون سيحرك هذا الحدث الذي كاد ينسى.. ولهذا أظهر موسى ما بنفسه من خوف، وأن لقاءه فرعون، وعرض ما يعرض عليه من آيات- قد يقع عند فرعون أنه حيلة يريد أن يشغله بها عن فعلته التي فعلها، ولهذا طلب أن يكون معه أخوه هرون، الذي لا تهمة له عند فرعون، ليكون قوله بعيدا عن هذا الظن الذي يظنه فرعون في موسى.
وهنا سؤال:
هل كان موسى ألكن أو عييّا، على لسانه حبسة، حتى يطلب إلى اللّه أن يرسل معه هرون الذي هو أفصح منه لسانا؟
هذا ما يقول به المفسّرون، ويأتون على ذلك بأخبار تحدث بأن موسى قد أخذ بيده جمرة، وهو طفل في بيت فرعون.. ورفعها إلى فمه فمسّت لسانه، وتركت عليه هذه الحبسة! وهذا خبر لا يصدق.. إذ كيف يستطيع الطفل أن يمسك الجمرة بيده، ثم يصبر عليها حتى يحملها إلى فمه، ثم يلقى بها في فيه؟
ومن جهة أخرى، فإن اللسان، هو الأداة العاملة في رسالة الرسول.
فكيف تعطل هذه الأداة، أو تصاب بعطب؟ ذلك بعيد.. وماذا يبقى من الرسول بعد أن يؤخذ لسانه؟
والذي نراه، هو أن الخوف الذي كان يملأ كيان موسى من فرعون، هو الذي كان يمسك لسانه عن الانطلاق، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي} [13: الشعراء] فضيق الصدر من الخوف والرهبة، هو الذي يحبس اللسان عن الانطلاق في الحديث- ولهذا جاء قوله تعالى إلى موسى: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} أي اضمم إليك جناحك، تسكينا لك من الرهب، أي الخوف، الذي يجئ من الرهبة.
وقد يردّ على هذا، بما جاء في قوله تعالى على لسان فرعون في موسى:
{أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ} [52: الزخرف] فهذا الذي نطق به فرعون، يكشف عن عجز موسى عن البيان في منطقه.
وردّنا على هذا، هو ما أشرنا إليه، من أن الخوف الذي كان يعترى موسى في أول لقاء أنه مع هذا الجبار العنيد، الذي يسلط عليه سيف التهديد بالقتل، قصاصا للقتيل الذي قتله موسى- هذا الخوف، هو الذي كان يجعل موسى غير قادر على الانطلاق في الكلام.. أما ما قاله موسى: {وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً} فهو لما لم يكن لهرون ذنب يطالبه به فرعون، فهرون في هذا الموقف أقدر على الكلام من موسى، ولهذا قدم قوله: {قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} على قوله: {وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً}.
قوله تعالى: {قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ}.
{بِآياتِنا} متعلق بقوله تعالى: {الْغالِبُونَ}.
والمعنى: أنكما أنتما، ومن اتبعكما، الغالبون بآياتنا التي في أيديكما. وشد العضد، تقويته بضمّ قوة أخرى إليه، والعضد، أعلى الذراع من المرفق إلى الكتف، وهو مركز القوة في اليد، واليد هي مظهر القوة في الإنسان.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال