سورة آل عمران / الآية رقم 40 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِياًّ مِّنَ الصَّالِحِينَ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ وَإِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ العَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ إِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِينَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ (41)}
لما رأى زكريا، عليه السلام، أن الله تعالى يرزق مريم، عليها السلام، فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، طمع حينئذ في الولد، وإن كان شيخا كبيرا قد ضعف ووَهَن منه العظم، واشتعل رأسه شيبا، وإن كانت امرأته مع ذلك كبيرة وعاقرًا، لكنه مع هذا كله سأل ربه وناداه نداء خَفيا، وقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ} أي: من عندك {ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} أي: ولدا صالحا {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}.
قال الله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} أي: خاطبته الملائكة شفاها خطابًا أسمعته، وهو قائم يصلي في محراب عبادته، ومحل خَلْوَته، ومجلس مناجاته، وصلاته. ثم أخبر عما بشّرته به الملائكة: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} أي: بولد يوجد لك من صلبك اسمه يحيى. قال قتادة وغيره: إنما سُمِّي يحيى لأن الله تعالى أحياه بالإيمان.
وقوله: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} روى العَوْفيّ وغيره عن ابن عباس.
وقال الحسن وقتادة وعكرمة ومجاهد وأبو الشعثاء والسُّدي والربيع بن أنس، والضحاك، وغيرهم في هذه الآية: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} أي: بعيسى ابن مريم؛ قال الربيع بن أنس: هو أول من صدق بعيسى ابن مريم، وقال قتادة: وعلى سننه ومنهاجه.
وقال ابن جُرَيْج: قال ابن عباس في قوله: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} قال: كان يحيى وعيسى ابني خالة، وكانت أم يحيى تقول لمريم: إني أجد الذي في بطني يَسْجُد للذي في بطنك فذلك تصديقه بعيسى: تصديقه له في بطن أمه، وهو أول من صدق عيسى، وكلمة الله عيسى، وهو أكبر من عيسى عليه السلام، وهكذا قال السدي أيضا.
وقوله: {وَسَيِّدًا} قال أبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، وسعيد بن جبير، وغيرهم: الحكيم وقال قتادة: سيدًا في العلم والعبادة.
وقال ابن عباس، والثوري، والضحاك: السيد الحكيم المتقي وقال سعيد بن المسيب: هو الفقيه العالم.
وقال عطية: السيد في خلقه ودينه.
وقال عكرمة: هو الذي لا يغلبه الغضب.
وقال ابن زيد: هو الشريف.
وقال مجاهد وغيره هو الكريم على الله، عز وجل.
وقوله: {وَحَصُورًا} رُوي عن ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء، وعطية العَوْفي أنهم قالوا: هو الذي لا يأتي النساء.
وعن أبي العالية والربيع بن أنس: هو الذي لا يولد له.
وقال الضحاك: هو الذي لا ولد له ولا ماء له.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة، أنبأنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس في الحَصُور: الذي لا ينزل الماء، وقد روى ابن أبي حاتم في هذا حديثا غريبًا جدا فقال: حدثنا أبو جعفر محمد بن غالب البغدادي، حدثني سعيد بن سليمان، حدثنا عبادة- يعني ابن العوام- عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المُسَيَّب، عن ابن العاص- لا يدري عبد الله أو عمرو- عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} قال: ثم تناول شيئا من الأرض فقال: «كان ذكره مثل هذا».
ثم قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سِنان، حدثنا يحيى بن سعيد القَطَّان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري؛ أنه سمع سعيد بن المُسَيَّب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: ليس أحد من خلق الله لا يلقاه بذنب غير يحيى بن زكريا، ثم قرأ سعيد: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} ثم أخذ شيئا من الأرض فقال الحصور ما كان ذكره مثل ذي وأشار يحيى بن سعيد القطان بطرف إصبعه السبابة. فهذا موقوف وهو أقوى إسنادًا من المرفوع، بل وفي صحة المرفوع نظر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقد قال القاضي عياض في كتابه الشفاء: اعلم أن ثناء الله تعالى على يحيى أنه كان {حَصُورًا} ليس كما قاله بعضهم: إنه كان هيوبا، أو لا ذكر له، بل قد أنكر هذا حُذَّاقُ المفسرين ونقاد العلماء، وقالوا: هذه نقيصة وعيب ولا تليق بالأنبياء، عليهم السلام، وإنما معناه: أنه معصوم من الذنوب، أي لا يأتيها كأنه حصر عنها، وقيل: مانعا نفسه من الشهوات. وقيل: ليست له شهوة في النساء.
وقد بان لك من هذا أن عدم القدرة على النكاح نقص، وإنما الفضل في كونها موجودة ثم قمعها: إما بمجاهدة كعيسى أو بكفاية من الله عز وجل، كيحيى، عليه السلام. ثم هي حق من أقدر عليها وقام بالواجب فيها ولم تشغله عن ربه درجة علياء، وهي درجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يشغله كثرتهن عن عبادة ربه، بل زاده ذلك عبادة، بتحصينهن وقيامه عليهن، واكتسابه لهن، وهدايته إياهن. بل قد صرّح أنها ليست من حظوظ دنياه هو، وإن كانت من حظوظ دنيا غيره، فقال: «حُبِّبَ إليَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ».
هذا لفظه. والمقصود أنه مدح يحيى بأنه حصور ليس أنه لا يأتي النساء، بل معناه كما قاله هو وغيره: أنه معصوم عن الفواحش والقاذورات، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال وغشيانهن وإيلادهن، بل قد يفهم وجود النسل له من دعاء زكريا المتقدم حيث قال: {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} كأنه قال: ولدًا له ذرية ونسل وعَقِب، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا عيسى بن حماد زُغْبَة ومحمد بن سلمة المرادي قالا حدثنا حجاج، عن سلمان بن القمري، عن الليث بن سعد، عن محمد بن عَجْلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه، إن شاء أو يرحمه، إلا يحيى بن زكريا، فإنه كان سيدًا وحصورًا ونبيا من الصالحين»، ثم أهوى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قذاة من الأرض فأخذها وقال: «كان ذكره مثل هذه القذاة».
قوله: {وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} هذه بشارة ثانية بنبوة يحيى بعد البشارة بولادته، وهي أعلى من الأولى كقوله تعالى لأم موسى: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]فلما تحقق زكريا، عليه السلام، هذه البشارة أخذ يتعجب من وجود الولد منه بعد الكبر {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ} أي الملك: {كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} أي: هكذا أمْرُ الله عظيم، لا يعجزه شيء ولا يتعاظمه أمر.
{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} أي: علامة أستدل بها على وجود الولد مني {قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} أي: إشارة لا تستطيع النطق، مع أنك سوي صحيح، كما في قوله: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: 10] ثم أمر بكثرة الذكر والشكر والتسبيح في هذه الحال، فقال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ} وسيأتي طرف آخر في بسط هذا المقام في أول سورة مريم، إن شاء الله تعالى.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال