سورة القصص / الآية رقم 78 / تفسير تفسير البيضاوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكَافِرُونَ تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُواًّ فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ

القصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصصالقصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَهُوَ الله} المستحق للعبادة. {لاَ إله إِلاَّ هُوَ} لا أحد يستحقها إلا هو. {لَهُ الحمد فِى الأولى والآخرة} لأنه المولى للنعم كلها عاجلها وآجلها يحمده المؤمنون في الآخرة كما حمدوه في الدنيا بقولهم {الحمد للَّهِ الذى أَذْهَبَ عَنَّا الحزن} {الحمد للَّهِ الذى صَدَقَنَا وَعْدَهُ} ابتهاجاً بفضله والتذاذاً بحمده. {وَلَهُ الحكم} القضاء النافذ في كل شيء. {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} بالنشور.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اليل سَرْمَداً} دائماً من السرد وهو المتابعة والميم مزيدة كميم دلامص. {إلى يَوْمِ القيامة} بإِسكان الشمس تحت الأرض أو تحريكها حول الأفق الغائر. {مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ} كان حقه هل إله فذكر ب {مِنْ} على زعمهم أن غيره آلهة. وعن ابن كثير {بضئاء} بهمزتين. {أَفَلاَ تَسْمَعُونَ} سماع تدبر واستبصار.
{قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة} باسكانها في وسط السماء أو تحريكها على مدار فوق الأفق. {مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ} استراحة عن متاعب الأشغال، ولعله لم يصف الضياء بما يقابله لأن الضوء نعمة في ذاته مقصود بنفسه ولا كذلك الليل، ولأن منافع الضوء أكثر مما يقابله ولذلك قرن {أَفَلاَ تَسْمَعُونَ} و{باليل}. {أَفلاَ تُبْصِرُونَ} لأن استفادة العقل من السمع اكثر من استفادته من البصر.
{وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} في الليل {وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} في النهار بأنواع المكاسب. {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ولكي تعرفوا نعمة الله في ذلك فتشكروه عليها.
{وَيَوْمَ يناديهم فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِىَ الذين كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} تقريع بعد تقريع للإشعار بأنه لا شيء أجلب لغضب الله من الإِشراك به، أو الأول لتقرير فساد رأيهم والثاني لبيان أنه لم يكن عن سند وإنما كان محض تشه وهوى.
{وَنَزَعْنَا} وأخرجنا. {مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا} وهو نبيهم يشهد عليهم بما كانوا عليه. {فَقُلْنَا} للأمم. {هَاتُواْ برهانكم} على صحة ما كنتم تدينون به. {فَعَلِمُواْ} حينئذ. {أَنَّ الحق لِلَّهِ} في الألوهية لا يشاركه فيها أحد. {وَضَلَّ عَنْهُم} وغاب عنهم غيبة الضائع. {مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} من الباطل.
{إِنَّ قارون كَانَ مِن قَوْمِ موسى} كان ابن عمه يصهر بن قاهث بن لاوي وكان ممن آمن به. {فبغى عَلَيْهِمْ} فطلب الفضل عليهم وأن يكونوا تحت أمره، أو تكبر عليهم أو ظلمهم. قيل وذلك حين ملكه فرعون على بني إسرائيل، أو حسدهم لما روي أنه قال لموسى عليه السلام: لك الرسالة ولهارون الحبورة وأنا في غير شيء إلى متى أصبر قال موسى هذا صنع الله. {وَءَاتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ} من الأموال المدخرة.
{مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ} مفاتيح صناديقه جمع مفتح بالكسر وهو ما يفتح به، وقيل خزائنه وقياس واحدها المفتح. {لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي الْقُوَّةِ} خبر إن والجملة صلة وهو ثاني مفعولي آتى، ونائبه الحمل إذا أثقله حتى أماله، والعصبة والعصابة الجماعة الكثيرة واعصوصبوا اجتمعوا. وقرئ: {لينوء} بالياء على إعطاء المضاف حكم المضاف إليه. {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ} منصوب ب {تنوء}. {لاَ تَفْرَحْ} لا تبطر والفرح بالدنيا مذموم مطلقاً لأنه نتيجة حبها والرضا بها والذهول عن ذهابها، فإن العلم بأن ما فيها من اللذة مفارقة لا محالة يوجب الترح كما قيل:
أَشد الغَمَّ عِنْدِي فِي سُرُور *** تَيَقّن عَنْهُ صَاحِبهُ انتِقَالاَ
ولذلك قال تعالى: {وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَا ءاتاكم}، وعلل النهي هاهنا بكونه مانعاً من محبة الله تعالى فقال: {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين} أي بزخارف الدنيا.
{وابتغ فِيمَا ءاتَاكَ الله} من الغنى. {الدار الاخرة} بصرفه فيما يوجبها لك فإن المقصود منه أن يكون وصلة إليها. {وَلاَ تَنسَ} ولا تترك ترك المنسي. {نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا} وهو أن تحصل بها آخرتك وتأخذ منها ما يكفيك. {وَأَحْسِنْ} إلى عباد الله. {كَمَا أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ} فيما أنعم الله عليك. وقيل: {أَحْسَنُ} بالشكر والطاعة {كَمَا أَحْسَنَ} إليك بالإِنعام. {وَلاَ تَبْغِ الفساد فِى الأرض} بأمر يكون علة للظلم والبغي، نهي له عما كان عليه من الظلم والبغي. {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المفسدين} لسوء أفعالهم.
{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ عِندِى} فضلت به على الناس واستوجبت به التفوق عليهم بالجاه والمال، و{على عِلْمٍ} في موضع الحال وهو علم التوراة وكان أعلمهم بها، وقيل هو الكيمياء وقيل علم التجارة والدهقنة وسائر المكاسب، وقيل العلم بكنوز يوسف، و{عِندِى} صفة له أو متعلق ب {أُوتِيتُهُ} كقولك: جاز هذا عندي أي في ظني واعتقادي. {أَوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الله قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القرون مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً} تعجب وتوبيخ على اغتراره بقوته وكثرة ماله مع علمه بذلك لأنه قرأه في التوراة وسمعه من حفاظ التواريخ، أو رد لادعائه للعلم وتعظمه به بنفي هذا العلم عنه أي أعنده مثل ذلك العلم الذي ادعى. ولم يعلم هذا حتى يقي به نفسه مصارع الهالكين. {وَلاَ يُسْئَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون} سؤال استعلام فإنه تعالى مطلع عليها أو معاتبة فإنهم يعذبون بها بغتة، كأنه لما هدد قارون بذكر إهلاك من قبله ممن كانوا أقوى منه واغنى أكد ذلك بأن بين أنه لم يكن مطلعاً على ما يخصهم بل الله مطلع على ذنوب المجرمين كلهم معاقبهم عليها لا محالة.
{فَخَرَجَ على قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ} كما قيل إنه خرج على بغلة شهباء عليه الأرجوان وعليها سرج من ذهب ومعه أربعة آلاف على زيه.
{قَالَ الذين يُرِيدُونَ الحياة الدنيا} على ما هو عادة الناس من الرغبة. {ياليت لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قارون} تمنوا مثله لا عينه حذراً عن الحسد. {إِنَّهُ لَذُو حَظّ عَظِيمٍ} من الدنيا.
{وَقَالَ الذين أُوتُواْ العلم} بأحوال الآخرة للمتمنين. {وَيْلَكُمْ} دعاء بالهلاك استعمل للزجر عما لا يرتضى. {ثَوَابُ الله} في الآخرة. {خَيْرٌ لّمَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صالحا} مما أوتي قارون بل من الدنيا وما فيها. {وَلاَ يُلَقَّاهَا} الضمير فيه للكلمة التي تكلم بها العلماء أو لل {ثَوَابَ}، فإنه بمعنى المثوبة أو الجنة أو للإيمان والعمل الصالح فإنهما في معنى السيرة والطريقة. {إِلاَّ الصابرون} على الطاعات وعن المعاصي.
{فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرض} روي أنه كان يؤذي موسى عليه السلام كل وقت وهو يداريه لقرابته حتى نزلت الزكاة، فصالحه عن كل ألف على واحد فحسبه فاستكثره، فعمد إلى أن يفضح موسى بين بني إسرائيل ليرفضوه، فبرطل بغية لترميه بنفسها فلما كان يوم العيد قام موسى خطيباً فقال: من سرق قطعناه، ومن زنى غير محصن جلدناه ومن زنى محصناً رجمناه، فقال قارون ولو كنت قال: ولو كنت، قال إن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة فأحضرت، فناشدها موسى عليه السلام بالله أن تصدق فقالت: جعل لي قارون جعلاً على أن أرميك بنفسي، فخر موسى شاكياً منه إلى ربه فأوحى إليه أن مر الأرض بما شئت فقال: يا أرض خذيه فأخذته إلى ركبتيه، ثم قال خذيه إلى وسطه، ثم قال خذيه فأخذته إلى عنقه، ثم قال خذيه فخسفت به وكان قارون يتضرع إليه في هذه الأحوال فلم يرحمه، فأوحى الله إليه ما أفظك استرحمك مراراً فلم ترحمه، وعزتي وجلالي لو دعاني مرة لأجبته، ثم قال بنو إسرائيل: إنما فعله ليرثه، فدعا الله تعالى حتى خسف بداره وأمواله. {فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ} أعوان مشتقة من فأوت رأسه إذا ميلته. {يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ الله} فيدفعون عنه عذابه. {وَمَا كَانَ مِنَ المنتصرين} الممتنعين منه من قولهم نصره من عدوه فانتصر إذا منعه منه فامتنع.
{وَأَصْبَحَ الذين تَمَنَّوْاْ مَكَانَهُ} منزلته. {بالأمس} منذ زمان قريب. {يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ} {يَبْسُطُ} {وَيَقْدِرُ} بمقتضى مشيئته لا لكرامة تقتضي البسط ولا لهوان يوجب القبض، وويكأن عند البصريين مركب من (وي) للتعجب (وكأن) للتشبه والمعنى: ما أشبه الأمر أن يبسط الرزق. وقيل من (ويك) بمعنى ويلك (وأن) تقديره ويك اعلم أن الله. {لَوْلا أَن مَّنَّ الله عَلَيْنَا} فلم يعطنا ما تمنينا. {لَخَسَفَ بِنَا} لتوليده فينا ما ولده فيه فخسف بنا لأجله. وقرأ حفص بفتح الخاء والسين. {وَيْكَأَنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الكافرون} لنعمة الله أو المكذبون برسله وبما وعدوا لهم ثواب الآخرة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال