سورة العنكبوت / الآية رقم 29 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ المُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى القَوْمِ المُفْسِدِينَ

العنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوت




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (27) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (28) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ (30) وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ (31) قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (32) وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِي ءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ (33) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (34) وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (35)}.
التفسير:
قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
تتصل قصة لوط، بقصة إبراهيم- عليهما السلام- لأن لوطا كان من قوم إبراهيم، وقد اختلف في قرابته لإبراهيم، ودرجة هذه القرابة، وليس لهذه القرابة كبير وزن هنا، إذ كانت بين لوط وإبراهيم تلك القرابة الموثقة التي لا تنقصم أبدا، وهي النسب الذي جمعهما على الإيمان باللّه، فكان لوط من الذين استجابوا لإبراهيم وآمنوا باللّه.. فهذا الإيمان هو جامعة النسب بينهما.
وقوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} أي استجاب له، ولهذا عدى الفعل بحرف الجر اللام.. فإن الإيمان بكذا، غير الإيمان لكذا. إذ أن الإيمان بالشيء، هو اعتقاده، وتيقنه كالإيمان باللّه، والإيمان بالبعث، والجزاء، والجنة والنار.
أما الإيمان للشىء، فهو الإقبال عليه، والاستجابة له.. قال تعالى: {وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [186: البقرة] فالاستجابة إقبال على اللّه، والإيمان ثقة باللّه، واستيقان من صفات الكمال المتصف بها سبحانه.
وفي قول لوط: {إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي} إشارة إلى ما يقتضيه الإيمان باللّه من ابتلاء بضروب من الشدائد والمحن.
والهجرة إلى اللّه، هى الاتجاه إليه سبحانه، والانخلاع عن كل ما يعوّق مسيرة المؤمن على طريق الإيمان، حيث يتخطى المؤمن المهاجر إلى اللّه كلّ ما يعترض طريقه، من أهل، ومال، ووطن، وحيث لا يلتفت إلى ما يصيبه في نفسه من ضر وأذى، ولو كان الموت راصدا له.
وفي هذا إشارة للمؤمنين، الذين كانوا تحت يد قريش، يسامون الخسف، ويتجرعون كئوس البلاء مترسة.. إنهم في هجرة إلى اللّه، وإن لم يهاجروا من بلدهم، ولم يخرجوا من ديارهم.. وإنهم لفى هجرة إلى اللّه، إن هم خرجوا من ديارهم، وهاجروا من بلدهم.
فالمؤمن باللّه إيمانا حقّا، في هجرة إلى اللّه دائما، ما دام قائما على طريق الحق، والخير.. يهجر كل منكر، ويجتنب كل فاحشة، وفي الحديث: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى اللّه عنه..».
وقد كانت هجرة لوط إلى ربه هجرة مباركة، إذ التقى على طريقه إلى اللّه، بالنبوّة، فكان من المصطفين الأخيار من عباد اللّه المكرمين.
قوله تعالى: {وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}.
هو معطوف على قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}.
وهو تتمة لقصة إبراهيم، وفي عطف هبة اللّه سبحانه تعالى لإبراهيم إسحق ويعقوب- على إيمان لوط له- إشارة إلى أن إيمان لوط لإبراهيم واستجابته له، هو من كسب إبراهيم، ومن النعم الجليلة التي أنعم اللّه بها عليه. كما أنعم عليه بالولد بعد الكبر.
وفي تأخير الإنعام بالولد، على إيمان لوط مراعاة للترتيب الزمنى من جهة، إذ كان إيمان لوط واستجابته لإبراهيم أسبق زمنا من البشرى بإسحاق.
ثم هو من جهة أخرى جزاء حسن، على هذا الفعل الحسن الذي كان من نتاجه ميلاد لوط في الإسلام، بدعوة إبراهيم.. فقد ولد إبراهيم للّه ولدا، هو لوط.
فأخرج اللّه من صلب إبراهيم ولدا في الإسلام! وهذا ما يشير إليه- قوله تعالى: {وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا}.
فهذا الولد هو بعض أجره في الدنيا.
وفي قوله تعالى: {وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ} إشارة إلى حصر النبوّة في ذرّية إبراهيم، من بعده، بمعنى أن الأنبياء الذي استقبلتهم الحياة من بعد إبراهيم كانوا جميعا من ذريته.. أما الأنبياء الذين سبقوه فكانوا من ذرية نوح، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ} [26: الحديد].. فمن ذرية هذين النبيين الكريمين كان أنبياء اللّه جميعا.
وأما {الكتاب} فهو الرسالة السماوية التي يتلقّاها النبيّ من ربّه، وبهذا يكون نبيّا ورسولا.
وهذا يعنى أن الأنبياء والرسل من بعد إبراهيم كانوا من ذرّية هذا النبيّ الكريم.
قوله تعالى: {وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
الفهم الذي أستريح إليه في قوله تعالى: {وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ}.
أنه معطوف على قوله تعالى: {وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ}.
وفي هذا ما يشير إلى أن لوطا هو من بعض الهبات الجليلة التي وهبها اللّه إبراهيم عليه السلام، على ما أشرنا إليه من قبل.
وعلى هذا، يكون الظرف في قوله تعالى: {إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ} متعلّقا بالفعل {ووهبنا} وهذا يعنى أن هذه الهبة لم تظهر على وجهها الصحيح إلا بعد أن تلقّى لوط النبوّة من ربّه، وحمل الرسالة إلى قومه..! ولعل في هذا ما يكشف عن السرّ في عروج الملائكة المرسلين من عند اللّه إلى لوط- على إبراهيم، وإخبارهم إياه بما أرسلوا به إلى قوم لوط من مهلكات، وما كان من تلهف إبراهيم على لوط، وخوفه أن يناله من سوء إذا دمّرت القرية التي هو فيها، فيقول إبراهيم في لهفة: {إِنَّ فِيها لُوطاً!!}.
فكان جواب الملائكة: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها.. لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ}.
وقوله تعالى: {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} هو من قبيل قوله تعالى: {وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [27: البقرة].
وقد قلنا في تفسير قوله تعالى: {وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}.
إن الذي أمر اللّه به أن يوصل، هو إيمان الفطرة، مع إيمان الدعوة، وأن الكافرين بكفرهم وتأبّيهم على الاستجابة لدعوة الرسول، قطعوا ما أمر اللّه به أن يوصل، وهو الإيمان المركوز في الفطرة، بالإيمان الذي يدعو إليه الرسول.
وهنا في قوله تعالى: {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ}.
إشارة إلى ما يرتكبه قوم لوط من قطع سبيل الفطرة السليمة، التي تدعو إلى اتصال الذكر بالأنثى، والرجل بالمرأة، وذلك باعتزالهم النساء، وإتيانهم الذكران.. وذلك قطع منهم للسبيل المستقيم، الذي تسير عليه الكائنات جميعا، حيث يأخذون هم سبيلا غير هذه السبيل!- وقوله تعالى: {وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ}.
إشارة إلى أن القوم كانوا من الفجور وجفاف ماء الحياء من وجوههم، بحيث لا يجدون حرجا في أن يأتوا هذا المنكر علانية، وهم في مجتمعهم الذي يجتمعون فيه.. وهذا غاية ما يتردّى فيه الإنسان، في طريق الانحدار إلى عالم الحيوان.
هذا وقد عرضنا من قبل لتفسير قصة لوط مع قومه في أكثر من موضع، فلا داعى لإعادة ذلك هنا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال