سورة العنكبوت / الآية رقم 45 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ العَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ العَالِمُونَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

العنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوتالعنكبوت




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جل جلاله: {اتْلُ ما أُوحي إليك من الكتابِ}؛ تَنَعُّماً بشهود أسرار معانيه، وبشهود المتكلم به، فتغيب عن كل ما سواه، واستكشافاً لحقائقه، فإن القارئ المتأمل قد ينكشف له بالتكرار ما لم ينكشف له أول ما قرع سمعه. وقد كان من السلف من يبقى في السورة يكررها أياماً، وفي الآية يرددها ليلة وأكثر، كلما رددها ظهر له معان أُخر.
{وأَقِم الصلاةَ} أي: دم على إقامتها، بإتقانها؛ فعلاً وحضوراً وخشوعاً، {إن الصلاةَ تنهى عن الفحشاء}؛ الفعلة القبيحة؛ كالزنى، والشرب، ونحوهما، {والمنكرِ}، وهو ما يُنكره الشرع والعقل. ولا شك أن الصلاة، إذا صحبها الخشوع والهيبة في الباطن، والإتقان في الظاهر، نهت صاحبها عن المنكر، لا محالة، وإلا فلا.
رُوي أن فتًى من الأنصار كان يصلي مع رسول الله الصلوات، ولا يدع شيئاً من الفواحش إلا ركبه، فَوُصِفَ حَالُهُ له صلى الله عليه وسلم فقال: «إن صلاته تنهاه»، فلم يلبث أن تاب. اهـ.
وأما من كان يصليها فلم تنهه؛ فهو دليل عدم قبولها، ففي الحديث: «من لمْ تَنْهَهُ صَلاتُهُ عن الفحشاء والمنكر لم يَزْدَدْ من الله إلا بُعْداً» رواه الطبراني. وقال الحسن: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فليست بصلاة، وهي بال عليه. وقال ابن عوف: إن الصلاة تنهى؛ إذا كنت فيها فأنت في معروف وطاعة، وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر. اهـ. فخص النهي بكونه ما دام فيها، وعليه حَمَلَهُ المَحلِّي.
قال المحشي: يعني: أن مِنْ شأنها ذلك، وإن لم يحصل ذلك فلا تخرج عن كونها صلاة، كما أن من شأن الإيمان التوكل، وإن قدر أن أحداً من المؤمنين لا يتوكل؛ فلا يخرج ذلك عن الإيمان. وقيل: الصلاة الحقيقية: ما تكون لصاحبها ناهيةً عن ذلك، وإن لم ينته فالصلاةُ ناهيةٌ على معنى: ورود الزواجر على قلبه، ولكنه أصر ولم يطع. ويقال: بل الصلاة الحقيقية ما تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، فإن كان، وإلا فصورة الصلاة لا حقيقتها. انظر القيشيري.
وقال ابن عطية: إذا وقعت على ما ينبغي؛ من الخشوع، والإخبات لذكر عظمة الله، والوقوف بين يديه، انتهى عن الفحشاء والمنكر، وأما مَنْ كانت صلاته لا ذكر فيها ولا خشوع، فتلك تترك صاحبها بمنزلته حيث كان. اهـ.
فائدة: ذكر في اللباب أن أول من صلى الصبح آدم عليه السلام، لأنه لم يكن رأى ظلمة قط، فلما نزل، وجنَّه الليل خرّ مغشياً، فلما أصبح ورأى النور صلى ركعتين، شكراً. وأول من صلى الظهر إبراهيم، فلما فدى ولده، وقد كان نزل به أربعة أهوال، هم الذبح وهم الولد، وهم والدته، وهم مرضاة الرب، فصلى أربع ركعات، شكراً لله تعالى.
وأول من صلى العصر سليمان عليه السلام، لمَّا رد الله عليه ملكه. وأول من صلى المغرب عيسى عليه السلام، كفارة عما اعتقد فيه من أنه ثالث ثلاثة. وأول من صلى العشاء يونس عليه السلام، ولعله هذا الوقت الذي نُبذ فيه بالعراء. وأول من توضأ آدم؛ كفارة لأكله. اهـ. مختصراً بزيادة بيان. وجمعها الحق تعالى لهذه الأمة المحمدية؛ لتحوز فصائل تلك الشرائع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جَامِعٌ لِمَا افْتَرَقَ في غيره.
ثم قال تعالى {ولذكرُ الله أكبرُ}، أي: ولذكر الله، على الدوام، أكبر، في النهي من الفحشاء والمنكر، من الصلاة؛ لأنها في بعض الأوقات. فالجزء الذي في الصلاة ينهى عن الفحشاء الظاهرة، والباقي ينهى عن الفحشاء الباطنة، وهو أعظم، ولأن الانتهاء لا يكون إلا من ذاكرٍ لله، مراقبٍ له، وثواب ذلك الذكر أن يذكر الله تعالى؛ لقوله: {فاذكرونيا أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]. ومن ذَكَرَه حَفِظَهُ ورعاه. أو: لذكر الله أكبر؛ أجراً، من الصلاة، ومن سائر الطاعات، كما في الحديث: «ألا أنبئكم بخيرِ أعمالكمْ، وأزكْاهَا عند مليككم، وأرفَعِهَا في درجاتكم، وخيرٍ لكم من إنفاق الذهب والوَرِق، وخيرٍ لكم من أن تَلْقَوْا عدوكم فتضربُوا أعناقهم ويضربوا اعناقكمْ؟ قالوا: وما ذلك يا رسول الله؟ قال ذِكْرُ الله» وسئل أي الأعمال أفضل؟ قال: «أن تموتَ ولسانُكَ رَطْبٌ من ذكر الله»
قيل: المراد بذكر الله هو الصلاة نفسها، أي: وَللصلواتُ أكبر من سائر الطاعات، وإنما عبّر عنها بذكر الله؛ ليشعر بالتعليل، كأنه قال: والصلاة أكبر؛ لأنها ذكر الله. وعن ابن عباس: ولذكر الله لكم إياكم، برحمته، أكبر من ذكركم إياه بطاعته. وقال ابن عطاء ذكر الله لكم أكبر من ذكركم له؛ لأن ذكره بلا علة، وذكركم مشوب بالعلل والأماني، ولأن ذكره لا يفنى، وذكركم يفنى. أو: لذكر الله أكبر من أن تفهمه أفهامكم وعقولكم. أو: ذكر الله أكبر من أن تبقى معه معصية. {والله يعلم ما تصنعون} من الخير والطاعة، فيثيبكم أحسن الثواب. والله تعالى أعلم.
الإشارة: الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر المتعلِّقَيْنِ بالجوارح الظاهرة، والذكر ينهى عن الفحشاء والمنكر والمتعلقين بالعوالم الباطنة، وهي المساوئ التي تحجب العبد عن حضرة الغيوب فإذا أكثر العبد من ذكر الله، على نعت الحضور والتفرغ من الشواغل، تنور قلبه، وتطهر سره ولُبه، فاتصف بأوصاف الكمال، وزالت عن جميع العلل، ولذلك جعلته الصوفية مُعْتَمَدَ أعمالِهِمْ، والتزموه مع مرور أوقاتهم وأنفاسهم، ولم يقتنعوا منه بقليل ولا كثير، بل قاموا بالجد والتشمير، فيذكرون أولاً بلسانهم وقلوبهم، ثم بقلوبهم فقط، ثم بأرواحهم وأسرارهم فيغيبون حينئذٍ في شهود المذكور عن وجودهم وعن ذكرهم، وفي هذا المقام ينقطع ذكر اللسان، ويصير العبد محواً في وجود العيان، فتكون عبادتهم كلها فكرة وعبرة، وشهوداً ونظرة، وهو مقام العيان في منزل الإحسان، فيكون ذكر اللسان عندهم بطالة، وفي ذلك يقول الشاعر:
مَا إِنْ ذَكَرْتُكِ إلاّ همَّ يَلْعَنُني *** سِرِّي وَقَلْبِي وروحي عند ذِكْرَاكَ
حَتَّى كَأَنَّ رَقيباً مِنْكَ يَهْتِفُ بِي *** إِيَّاكَ وَيْحَك والتَّذْكَارَ إِيَّاكَ
أَمَا تَرَى الْحقَّ قَدْ لاَحَتْ شَوَاهِدُهُ *** وَوَاصَلَ الْكُلَّ مِنْ مَعْنَاهُ مَعْنَاكَ
قال القشيري: ويقال: ذكر الله أكبر من أن يبقى معه ذكر مخلوق أو معلوم للعبد، فضلاً أن يبقى معه للفحشاء والمنكر سلطان. اهـ. وقال في القوت على هذه الآية: الذكر عند الذاكرين: المشاهدة، فمشاهدة المذكور في الصلاة أكبر من الصلاة. هذا أحد الوجهين في الآية: ثم قال: ورُوي في معنى الآية؛ عن رسول لله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما فرضت الصلاة، وأمر بالحج والطواف، وأشعرت المناسك، لإقامة ذكر الله- عز وجل-» قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري} [طه: 14]، أي: لتذكرني فيها. ثم قال: فإذا لم يكن في قلبك للمذكور، الذي هو المقصود والمُبْتغى، عظمة ولا هيبة، ولا إجلالُ مقامٍ، ولا حلاوة فهْم، فما قيمة ذكرك فإنما صلاتك كعمل من أعمال دنياك. وقد جعل الرسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قسماً من اقسام الدنيا، إذ كان المصلي على مقام من الهوى، فقال: «حُبب إليَّ من دنياكم..» ذكر منها الصلاة، فهي دنيا لمن كان همه الدنيا، وهي آخرة لأبناء الآخرة، وهي صلة ومواصلة لأهل الله- عز وجل-، وإنما سميت الصلاة؛ لأنها صلة بين الله وعبده، ولا تكون المواصلة إلا لتقي، ولا يكون التقي إلا خاشعاً، فعند هذا لا يعظم عليه طول القيام، ولا يكبر عليه الانتهاء عن المنكر كما قال الله: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال