سورة الروم / الآية رقم 42 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ القَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ

الرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالرومالروم




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (43) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (45)}

التفسير:
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ.. سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
عادت الآيات، تتحدث عن المشركين، وتضعهم موضع المساءلة مرة أخرى، لتكشف لهم عما هم فيه من سفه وضلال.. وأنهم وقد طولبوا من قبل أن يأتوا بحجة وبرهان على ما يعبدون من دون اللّه.. إذ يقول سبحانه.
{أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ}؟.
وأما وقد خلت أيديهم من هذا السلطان المطالبين به، من كتاب سماوى أو رسول إلهى- فقد جاءتهم آيات اللّه تدعوهم إلى أن يبحثوا عن هذا السلطان في داخل أنفسهم، وأن يدبروا عقولهم- إن كانت لهم عقول- إلى مظاهر الوجود وحقائقه.. فإن في كل مظهر من مظاهره، وفي كل حقيقة من حقائقه، سلطانا، وبرهانا على المعبود الحق الذي يجب أن يعبد.
إنه اللّه، الذي خلق الخلق ورزقهم، وإنه اللّه، الذي يميتهم ثم يحييهم.. فهل من معبودات المشركين من يفعل شيئا من ذلك؟ هل من آلهتهم تلك، من له مشاركة في خلقهم؟ وهل من آلهتهم تلك، من له مشاركة في رزقهم؟ وهل تملك آلهتهم تلك، إماتتهم أو بعثهم بعد موتهم؟.
هذه أسئلة ينبغى أن يجيبوا عليها.. فإن كان جوابها إيجابا- وهيهات- كان ذلك حجة لهم، وبرهانا مبينا، يعبدون به تلك الآلهة عليه، ويعطون ولاءهم خالصا لها.. وإن كان الجواب سلبا، وهو- الواقع- فقد سقطت الحجة، وضل البرهان، وكان عليهم أن ينفضوا أيديهم من تلك الآلهة، وأن يجلوها عن عقولهم، وأن يلفظوها من مشاعرهم.. وإلا فهو الضلال والعمى، وهو الضياع، والهلاك.
إنها قضية منطقية.. قامت مقدمتها على فرض، هو: هو أن الألوهية لمن يخلق ويرزق، ويميت ويحيى.. واللّه هو الذي يخلق ويرزق، ويميت ويحيى.. فهل من معبوداتكم من يفعل شيئا من هذا؟ إنها لا تفعل شيئا.
قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
هذا الفساد الذي ظهر على هذه الأرض، وشمل برّها وبحرها، هو من صنع الناس، لأنهم هم الخلفاء عليها، وهم أصحاب الإرادات العاملة، فيها.. إن كل ما على هذه الأرض من كائنات، إنما تتحرك حركة منبعثة من طبيعتها التي أودعها اللّه سبحانه وتعالى فيها، دون أن تخرج عليها..
ولهذا كان كل نوع من الكائنات على طريق واحد، لا اختلاف فيه بين فرد وفرد.. والإنسان وحده، هو الذي يعيش في الجماعة الإنسانية ذاتا مستقلة، لها تفكيرها، ولها أسلوبها في الحياة.
ومن هنا كان التغيير والتبديل في المجتمعات الإنسانية، وكانت الحروب الدائرة بينها، وكانت هذه الانحرافات والضلالات في العقائد والمعاملات، من كفر باللّه، وكذب، وغش، وخداع، ونفاق.. إلى غير ذلك مما تمتلىء به دنيا الناس من مساوئ ومقابح.
وفي قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} إشارة إلى أن هذا الفساد طارئ على هذه الأرض، لم تكن تعرفه قبل ظهور الإنسان فيها.
فلما ظهر الإنسان، ظهر الفساد.
وليس معنى هذا أن الإنسان هو عنصر الفساد في هذه الأرض، إذ لو كان ذلك كذلك، لما استحق أن يكون خليفة اللّه فيها.. ولكن هذا يشير إلى أن أصل الخلقة الموجودات كلها، ومنها الأرض، قائم على الصحة والسلامة، شأنها في هذا شأن الإنسان في أصل خلقه، وما أودع فيه الخالق- جل وعلا- من فطرة سليمة.. وكما أفسد كثير من الناس فطرتهم، أفسد الناس كذلك فطرة الطبيعة، واتخذوا كثيرا من أدواتها الصالحة النافعة أدوات للإفساد، والتدمير.. وإلى هذا المعنى يشير المتنبي بقوله:
كلّما أنبت الزمان قناة *** ركّب المرء في القناة سنانا
ومع هذا، فإنه لا ينكر فضل الإنسان وآثاره العظيمة في هذه الدنيا، وما أقام على وجه الأرض، من عمران، وما أحدث، من حضارات.
وقوله تعالى: {بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} إشارة إلى أن هذا الفساد والاعوجاج الذي ظهر على هذه الأرض، هو مما كسبته أيدى الناس، فهو من صنعهم، ومن فعل إرادتهم الحرة.. ولهذا، فهم محاسبون عليه، مؤاخذون به.. فالباء هنا للسببية، أي بسبب ما كسبت أيديهم.
وفي قوله تعالى: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} تقرير لتلك الحقيقة، وهى أن ما يعمله الناس، هو محسوب عليهم، مجزبّون به، من خير أو شر.
وليس كذلك ما تعمله الكائنات الأخرى التي تعيش مع الناس على هذه الأرض.. إن ما تعمله لا إرادة لها فيه، شأنها في هذا شأن البذرة تدفن في الثرى، فيخرج منها ما في طبيعتها من زهر وثمر.
ومن هنا كانت مسئولية الإنسان عن كل عمل يعمله، ليذوق ثمر ما يعمل، حلوا كان أو مرا.. {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى} [39: النجم].
والآية هنا، إنما تنبه إلى الأعمال السيئة، التي من شأنها، الإفساد في الأرض، والتي كان من شأن الإنسان العاقل أن يتجنبها، ويعمل ما هو خير، وما هو حسن.
وفي قوله {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} إشارة إلى أن اللّه سبحانه وتعالى- فضلا منه وكرما وإحسانا- لم يجز الناس بكل ما عملوا من شر، بل ببعض ما كسبوا منه، حتى يكون، لهم من ذلك زاجر يزجرهم، وأدب سماوى يأخذون منه العبرة والعظة، وليرجعوا إلى اللّه من قريب، ويستقيموا على طريق الخير والإحسان.
ولو آخذ اللّه الناس بما كسبوا، لأهلكهم جميعا، بل وأهلك معهم كل دابة تدب على ظهر الأرض، وفي هذا يقول سبحانه: {وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} [45: فاطر] وإنه ليكفى أن يدين بعض الناس بغير دين اللّه، وأن يتخذوا من دونه أولياء، وأن يدعوا له ولدا، أو شريكا.. فذلك ذنب عظيم: {تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا} [90: مريم].
قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ}.
هو تهديد للمشركين من قريش، وأن مصيرهم، هو مصير المشركين من قبلهم، وما أخذهم اللّه به من عذاب، وما أرسل عليهم من مهلكات.
وفي قوله تعالى: {كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} إشارة إلى أن الذين ورد عليهم الهلاك في الأمم السابقة كان يغلب عليهم الشرك والضلال، وقليل منهم من آمنوا باللّه، واستجابوا لرسل اللّه، كقوم نوح، الذين يقول اللّه فيهم: {وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [40: هود] وكقوم إبراهيم، الذي لم يؤمن من قومه إلا نفر قليل، منهم لوط.. وهكذا كان شأن قوم عاد، وصالح، وشعيب، ولوط.. وفي كل مرة، يهلك اللّه الضالين المكذبين، وينجّى النفر القليل من المؤمنين.
قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ}.
هو التفات إلى النبي الكريم، وإلى أن يلتفت إلى نفسه، وإلى المؤمنين معه، وألا يشغله أمر هؤلاء المشركين عن طلب النجاة لنفسه، ولمن معه، بالإقبال على اللّه، وإخلاص العمل له، وذلك ليكون مستعدا للقاء ربه على ما يرضى ربه، من قبل أن يجىء يوم الجزاء والحساب، وهو يوم لا مردّ له من اللّه، أي لا يملك أحد ردّ هذا اليوم، أو تأخيره عن وقته الموقوت له.
والدين القيم، هو الإسلام، الذي هو أصل كل دين سماوى، ومنبع كل شريعة إلهية، وبهذا كانت له القوامة على كل دين، والهيمنة على كل شريعة، وعلى كل كتاب.
وقوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} أي في هذا اليوم، وهو يوم الجزاء والحساب، يتصدع الناس، وتتفرق جماعاتهم، فلا يلتفت أحد منهم إلى أحد.
قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ}.
هو تعقيب على قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ}.
فمن أقام وجهه للدين القيم، فقد مهد لنفسه مهادا طيبا، وأعد الدار التي ينزلها في الآخرة.
أما من أعرض وكفر؟ فعليه وزر إعراضه وكفره.
قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ.. إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ}.
التعليل هنا، هو لقوله تعالى: {وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ}.
أي أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، قد توسّلوا بهذه الوسيلة إلى مرضاة اللّه، ليجزيهم الجزاء الحسن، من فضله وإحسانه.
وجاء التعبير بالظاهر {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} بدلا من المضمر {ليجزيهم} للتنويه بهم، بذكر الصفات الطيبة التي اتصفوا بها، والتي كانت سببا في رضا اللّه عنهم، وإسباغ فضله وإحسانه عليهم.
وفي قوله تعالى: {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ} إبعاد للكافرين من مواقع إحسان اللّه وفضله، لأنه لا يحبّهم، ولا يقرّبهم منه، على حين أحبّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأنزلهم منازل القرب والرضوان.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال