سورة البقرة / الآية رقم 28 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهَُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله} معنى الهمزة التي في {كيف} مثله في قولك: أتكفرون بالله ومعكم وما يصرف عن الكفر ويدعو إلى الإيمان وهو الإنكار والتعجب، ونظيره قولك: أتطير بغير جناح وكيف تطير بغير جناح؟ والواو في {وَكُنتُمْ أمواتا} نطفاً في أصلاب آبائكم للحال و(قد) مضمرة. والأموات جمع ميت كالأقوال جمع قيل، ويقال لعادم الحياة أصلاً ميت أيضاً كقوله تعالى: {بلدة مَّيْتاً} [الفرقان: 49] {فأحياكم} في الأرحام {ثُمَّ يُمِيتُكُمْ} عند انقضاء آجالكم {ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} للبعث {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} تصيرون إلى الجزاء، أو ثم يحييكم في قبوركم ثم إليه ترجعون للنشور. وإنما كان العطف الأول بالفاء والبواقي بثم لأن الإحياء الأول قد تعقب الموت بلا تراخٍ، وأما الموت فقد تراخى عن الحياة والحياة الثانية كذلك تتراخى عن الموت إن أريد النشور، وإن أريد إحياء القبر فمنه يكتسب العلم بتراخيه، والرجوع إلى الجزاء أيضاً متراخٍ عن النشور. وإنما أنكر اجتماع الكفر مع القصة التي ذكرها لأنها مشتملة على آيات بينات تصرفهم على الكفر، ولأنها تشتمل على نعمٍ جسام حقها أن تشكر ولا تكفر.
{هُوَ الذي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأرض} أي لأجلكم ولانتفاعكم به في دنياكم ودينكم. أما الأول فظاهر، وأما الثاني فالنظر فيه وما فيه من العجائب الدالة على صانع قادر حكيم عليم، وما فيه من التذكير بالآخرة لأن ملاذها تذكر ثوابها ومكارهها تذكر عقابها. وقد استدل الكرخي وأبو بكر الرازي والمعتزلة بقوله {خلق لكم} على أن الأشياء التي يصح أن ينتفع بها خلقت مباحة في الأصل. {جَمِيعاً} نصب على الحال من {ما} {ثُمَّ استوى إِلَى السماء} الاستواء: الاعتدال والاستقامة. يقال: استوى العود أي قام واعتدل، ثم قيل: استوى إليه كالسهم المرسل أي قصده قصداً مستوياً من غير أن يلوي على شيء ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ استوى إِلَى السماء} [فصلت: 11]، أي أقبل وعمد إلى خلق السموات بعد ما خلق ما في الأرض من غير أن يريد فيما بين ذلك خلق شيء آخر. والمراد بالسماء جهات العلو كأنه قيل: ثم استوى إلى فوق. والضمير في {فسوّاهنّ} مبهم يفسره {سَبْعَ سماوات} كقولهم (ربه رجلاً). وقيل: الضمير راجع إلى السماء ولفظها واحد ومعناها الجمع لأنها في معنى الجنس. ومعنى تسويتهن تعديل خلقهن وتقويمه وإخلاؤه من العوج والفطور، أو إتمام خلقهن. و{ثم} هنا لبيان فضل خلق السموات على خلق الأرض، ولا يناقض هذا قوله {والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها} [النازعات: 30] لأن جرم الأرض تقدم خلقه خلق السماء وأما دحوها فمتأخر. وعن الحسن: خلق الله الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر عليها دخان ملتزق بها، ثم أصعد الدخان وخلق منها السموات وأمسك الفهر في موضعها وبسط منها الأرض فذلك قوله تعالى:
{كَانَتَا رَتْقاً} [الأنبياء: 30]، وهو الالتزاق {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فمن ثم خلقهن خلقاً مستوياً محكماً من غير تفاوت من خلق ما في الأرض على حسب حاجات أهلها ومنافعهم. وهو وأخواته مدني غير ورش، {وَهُوَ} هو وأبو عمرو وعلي، جعلوا الواو كأنها في نفس الكلمة فصار بمنزلة عضد وهم يقولون في عضد عضد بالسكون.
ولما خلق الله تعالى الأرض أسكن فيها الجن وأسكن في السماء الملائكة فأفسدت الجن في الأرض فبعث إليهم طائفة من الملائكة فطردتهم إلى جزائر البحار ورؤوس الجبال وأقاموا مكانهم فأمر نبيه عليه السلام أن يذكر قصتهم فقال:
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة} (إذ) نصب بإضمار (اذكر). والملائكة جمع ملأك كالشمائل جمع شمأل وإلحاق التاء لتأنيث الجمع. {إِنّي جَاعِلٌ} أي مصير من جعل الذي له مفعولان وهما {فِي الأرض خَلِيفَةً} وهو من يخلف غيره (فعيلة) بمعنى (فاعلة) وزيدت الهاء للمبالغة والمعنى: خليفة منكم لأنهم كانوا سكان الأرض فخلفهم فيها آدم وذريته. ولم يقل خلائف أو خلفاء لأنه أريد بالخليفة آدم. واستغنى بذكره عن ذكر بنيه كما تستغني بذكر أبي القبيلة في قولك (مضر وهاشم)، أو أريد من يخلفكم أوخلقاً يخلفكم فوحد لذلك، أو خليفة مني لأن آدم كان خليفة الله في أرضه وكذلك كل نبي، قال الله تعالى: {يا دَاوُودُ إِنَّا جعلناك خَلِيفَةً فِي الأرض} [ص: 26]، وإنما أخبرهم بذلك ليسألوا ذلك السؤال ويجابوا بما أجيبوا به فيعرفوا حكمته في استخلافهم قبل كونهم، أو ليعلِّم عباده المشاورة في أمورهم قبل أن يقدموا عليها وإن كان هو بعلمه وحكمته البالغة غنياً عن المشاورة. {قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} تعجب من أن يستخلف مكان أهل الطاعة أهل المعصية وهو الحكيم الذي لا يجهل، وإنما عرفوا ذلك بإخبار من الله تعالى، أو من جهة اللوح أو قاسوا أحد الثقلين على الآخر. {وَيَسْفِكُ الدماء} أي يصب. والواو في {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ} للحال كما تقول: أتحسن إلى فلان وأنا أحق منه بالإحسان؟ {بِحَمْدِكَ} في موضع الحال أي نسبح حامدين لك ومتلبسين بحمدك كقوله تعالى: {وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر} [المائدة: 61]، أي دخلوا كافرين. {وَنُقَدِّسُ لَكَ} ونطهر أنفسنا لك. وقيل: التسبيح والتقديس تبعيد الله من السوء من سبح في الأرض وقدس فيها إذا ذهب فيها وأبعد. {قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} أي أعلم من الحكم في ذلك ما هو خفي عليكم يعني يكون فيهم الأنبياء والأولياء والعلماء. و{ما} بمعنى (الذي) وهو مفعول أعلم والعائد محذوف أي ما لا تعلمونه. {إنى} حجازي وأبو عمرو.
{وَعَلَّمَ ءَادَمَ} هو اسم أعجمي وأقرب أمره أن يكون على فاعل كآزو واشتقاقهم آدم من أديم الأرض أو من الأدمة كاشتقاقهم يعقوب من العقب وإدريس من الدرس وإبليس من الإبلاس.
{الأسماء كُلَّهَا} أي أسماء المسميات فحذف المضاف إليه لكونه معلوماً مدلولاً عليه بذكر الأسماء إذ الإسم يدل على المسمى وعوض منه اللام كقوله تعالى: {واشتعل الرأس شَيْباً} [مريم: 4]، ولا يصح أن يقدر وعلم آدم مسميات الأسماء على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، لأن التعليم تعلق بالأسماء لا بالمسميات لقوله تعالى: {أنبئوني بأسماء هؤلاء}- و- {أنبئهم بأسمائهم}، ولم يقل (أنبئوني بهؤلاء وأنبئهم بهم). ومعنى تعليمه أسماء المسميات أنه تعالى أراه الأجناس التي خلقها وعلمه أن هذا اسمه فرس وهذا اسمه بعير وهذا اسمه كذا وهذا اسمه كذا. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: علمه اسم كل شيء حتى القصعة والمغرفة. {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الملائكة} أي عرض المسميات، وإنما ذكر لأن في المسميات العقلاء فغلبهم. وإنما استنبأهم وقد علم عجزهم عن الإنباء على سبيل التبكيت {فَقَالَ أَنبِئُونِي} أخبروني {بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صادقين} في زعمكم أني أستخلف في الأرض مفسدين سفاكين للدماء، وفيه رد عليهم وبيان أن فيمن يستخلفه من الفوائد العلمية التي هي أصول الفوائد كلها ما يستأهلون لأجله أن يستخلفوا. {قَالُواْ سبحانك} تنزيهاً لك أن يخفى عليك شيء أو عن الاعتراض عليك في تدبيرك. وأفادتنا الآية أن علم الأسماء فوق التخلي للعبادة فكيف بعلم الشريعة؟! وانتصابه على المصدر تقديره سبحت الله تسبيحاً {لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} وليس فيه علم الأسماء، و{ما} بمعنى (الذي)، والعلم بمعنى المعلوم أي لا معلوم لنا، إلا الذي علمتنا. {إِنَّكَ أَنتَ العليم} غير المعلم {الحكيم} فيما قضيت وقدرت. والكاف اسم (إن) و{أنت} مبتدأ وما بعده خبره والجملة خبر (إن)، أو {أنت} فصل والخبر {العليم}. و{الحكيم} خبر ثانٍ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال