سورة الأحزاب / الآية رقم 24 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِياً عَزِيزاً وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (24)}
{لّيَجْزِىَ الله الصادقين} أي الذين صدقوا ما عدوا الله تعالى عليه {بِصِدْقِهِمْ} أي بسبب صدقهم، وصرح بذلك مع أنه يقتضيه تعليقه الحكم بالمشتق اعتناء بأمر الصدق، ويكتفى بما يقتضيه التعليق في قوله تعالى: {وَيُعَذّبَ المنافقين} لأنه الأصل ولا داعي إلى خلافه، والمراد ويعذب المنافقين بنفاقهم {إِن شَاء} أي تعذيبهم {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي فلا يعذبهم بل يرحمهم سبحانه إن شاء عز وجل كذا قيل، وظاهره أن كلا من التعذيب والرحمة للمنافقين يوم القيامة ولو ماتوا على النفاق معلق شيئته تعالى. واستشكل بأن النفاق أقبح الكفر كما يؤذن به قوله تعالى: {إِنَّ المنافقين فِى الدرك الاسفل مِنَ النار} [النساء: 145] وقد أخبر عز وجل أنه سبحانه يعذب الكفرة مطلقًا حتمًا لا محالة فكيف هذا التعلق. وأجيب أنه لا إشكال فإن الله جل جلاله لا يجب عليه شيء والتعليق لذلك فهو جل شأنه إن شاء عذب المنافق وإن شاء رحمه لكن المتحقق أنه تبارك وتعالى شاء تعذيبه ولم يشأ رحمته فكأنه قيل: إن شاء يعذب المنافقين في الآخرة لكنه سبحانه شاء تعذيبهم فيما أو يتوب عليهم إن شاء لكنه جل وعلا لم يشاء، ورفع مقدم الشرطية الثانية في مثل هذه القضية ينتج رفع التالي، وإنما لم تقيد مجازاة الصادقين بالمشيئة كما قيد تعذيب المنافقين والتوبة عليهم بها مع أنه تعالى إن شاء يجزي الصادقين وإن شاء لم يجزهم لمكان نفي وجوب شيء عليه تعالى لمجموع أمرين هما تحقق مشيئة المجازاة وكون الرحمة مقصودة بالذات بخلاف العذاب، وكأنه سبحانه لهذا الأخير لم يقل ليثيب أو لينعم وقال سبحانه في المقابل: «ويعذب» وقال بعض الأجلة: إن التوبة عليهم مشروطة بتوبتهم ومعنى توبته تعالى على العباد قبول توبتهم فكأنه قيل: أو يقبل توبتهم إن تابوا، وحذف الشرط لظهور استلزام المذكور له، ويجوز أن تفسر توبته تعالى عليهم بتوفيقه تعالى إياهم للتوبة إليه سبحانه، وكلا هذين المعنيين لتوبته تعالى وارد كما في القاموس، وأيًا ما كان فالأمر معلق بالمشيئة ضرورة أنه لا يجب عليه سبحانه قبول التوبة ولا التوفيق لها، والمراد من تعليق تعذيب المنافقين بالمشيئة أنه تعالى إن شاء عذبهم بإبقائهم منافقين وإن شاء سبحانه لم يعذبهم بأن يسلب عنهم وصف النفاق بالتوفيق إلى الإخلاص في الإيمان.
وقال ابن عطية: تعذيب المنافقين ثمرة إقامتهم على النفاق وموتهم عليه والتوبة موازنة لتلك الإقامة وثمرتها تركهم بلا عذاب فهناك أمران: إقامة على النفاق. وتوبة منه وعنها ثمرتان تعذيب ورحمة فذكر تعالى على جهة الإيجاز واحدة من هاتين وواحدة من هاتين ودل ما ذكر على ما ترك ذكره، ويدلك على أن معنى قوله تعالى: {لّيُعَذّبَ} ليديم على النفاق قوله سبحانه: {إِن شَاء} ومعادلته بالتوبة وحرف {أَوْ} انتهى، وأراد بذلك حل الإشكال، وكأن ما ذكره يؤل إلى أن التقدير ليقيموا على النفاق فيموتوا عليه إن شاء فيعذبهم أو يتوب عليهم فيرحمهم فحذف سبب التعذيب وأثبت المسبب وهو التعذيب وأثبت سبب الرحمة والغفران وحذف المسبب وهو الرحمة والغفران وذلك من قبيل الاحتياك، قال في البحر: وهذا من الإيجاز الحسن، وقال السدى: المعنى ويعذب المنافقين إن شاء أن يميتهم على نفاقهم أو يتوب عليهم بنقلهم من النفاق إلى الإيمان، وكأنه جعل مفعول المشيئة الإماتة على النفاق دون التعذيب كما هو الظاهر لما سمعت من استشكال تعليق تعذيبهم بالمشيئة مع أنه متحتم، وقيل لذلك أيضًا: إن المراد يعذبهم في الدنيا إن شاء أو يتوب عليهم فلا يعذبهم فيها، وحكى هذا عن الجبائي والكلام عليه في غاية الظهور، وقد يقال: المراد بالمنافقين الجماعة المخصوصون القائلون: {مَّا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا} [الأحزاب: 12] على أن ذلك كالاسم لهم فلا يلاحظ فيه مبدأ الاشتقاق ولا يجعل علة للحكم بل العلة له ما يفهم من سياق الكلام فيكون المعلق بالمشيئة تعذيب أناس مخصوصين ويكون المعنى يعذب فلانًا وفلانًا مثلًا إن شاء بأن يميتهم سبحانه مصرين على ما هم عليه مما يقتضي التعذيب أو يتوب عليهم بأن يوفقهم للتوبة فيرحمهم، ويجوز أن يراد بالصادقين نحو هذا وحينئذ يكون قوله سبحانه: {يصدقهم} تصريحًا بما يفهم من السياق، ويفهم من كلام شيخ الإسلام أن ذكر الصدق وحده من باب الاكتفاء حيث قال في معنى الآية: ليجزي الله الصادقين بما صدر عنهم من الأقوال والوفاء قولًا وفعلًا ويعذب المنافقين بما صدر عنهم من الأعمال والأقوال المحكية، قيل: ولم يقل في جانب المنافقين بنفاقهم لقوله سبحانه: {شَاء أَوْ يَتُوبَ} إلخ فإنه يستدعي فعلًا خاصًا بهم فتأمل، والظاهر أن اللام في {لِيَجْزِىَ} للتعليل، والكلام عند كثير تعليل للمنطوق من نفى التبديل عن الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه والمعرض به من إثبات التعريض لمن سواهم من المنافقين فإن الكلام على ما سمعت في قوة وما بدلوا تبديلًا كما بدل المنافقون فقوله: {لِيَجْزِىَ وَيُعَذّبَ} متعلق بالمنفى والمثبت على اللف والنشر التقديري، وجعل تبديل المنافقين علة للتعذيب مبني على تشبيه المنافقين بالقاصدين عاقبة السوء على نهج الاستعارة المكنية والقرينة إثبات معنى التعليل، وقيل: إن اللام للعلة حقيقة بالنظر إلى المنطوق ومجازًا بالنظر إلى المعرض به ويكون من باب الجمع بين الحقيقة والمجاز وقد جوزه من جوزه.
وقيل: لا يبعد جعل {لِيَجْزِىَ} إلخ تعليلًا للمنطوق المقيد بالعرض به فكأنه قيل: ما بدلوا كغيرهم ليجزيهم بصدقهم ويعذب غيرهم إن لم يتب، وأنه يظهر بحسن صنيعهم قبح غيره، وبضدها تتبين الأشياء، وقيل: تعليل لصدقوا وحكى ذلك عن الزجاج، وقيل: لما يفهم من قوله تعالى:

{وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22] وقيل: لما يستفاد من قوله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى المؤمنون الاحزاب} [الأحزاب: 22] كأنه قيل: ابتلاهم الله تعالى برؤية ذلك الخطب ليجزي الآية، واختاره الطيبي قائلًا: إنه طريق أسهل مأخذًا وأبعد عن التعسف وأقرب إلى المقصود من جعله تعليلًا للمنطوق والمعرض به. واختار شيخ الإسلام كونه متعلقًا حذوف والكلام مستأنف مسوق بطريق الفذلكة لبيان ما هو داع إلى وقوع ما حكى من الأقوال والأفعال على التفصيل وغاية كما في قوله تعالى: {لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 8] كأنه قيل: وقع جميع ما وقع ليجزي الله الخ، وهو عندي حسن وإن كان فيه حذف فتأمل ذاك والله تعالى يتولى هداك {إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} أي لمن تاب، وهذا اعتراض فيه بعث إلى التوبة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال