سورة الأحزاب / الآية رقم 27 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ المُؤْمِنِينَ القِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِياً عَزِيزاً وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَحْسَبُونَ الأحزاب لَمْ يَذْهَبُواْ} أي لجبنهم يظنون أن الأحزاب لم ينهزموا ولم ينصرفوا مع أنهم قد انصرفوا {وَإِن يَأْتِ الأحزاب} كرة ثانية {يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِى الأعراب} البادون جمع البادي أي يتمنى المنافقون لجبنهم أنهم خارجون من المدينة إلى البادية حاصلون بين الأعراب ليأمنوا على أنفسهم ويعتزلوا مما فيه الخوف من القتال {يُسْئَلُونَ} كل قادم منهم من جانب المدينة {عَنْ أَنبَائِكُمْ} عن أخباركم وعما جرى عليكم {وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ} ولم يرجعوا إلى المدينة وكان قتال {مَّا قَاتَلُواْ إِلاَّ قَلِيلاً} رياء وسمعة.
{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} بالضم حيث كان: عاصم أي قدوة وهو المؤتسى به أي المقتدى به كما تقول (في البيضة عشرون مناً حديداً) أي هي في نفسها هذا المبلغ من الحديد. أو فيه خصلة من حقها أن يؤتسى بها حيث قاتل بنفسه {لّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر} أي يخاف الله ويخاف اليوم الآخر أو يأمل ثواب الله ونعيم اليوم الآخر. قالوا {لِمَنْ} بدل من {لَكُمْ} وفيه ضعف لأنه لا يجوز البدل من ضمير المخاطب. وقيل: {لِمَنْ} يتعلق ب {حَسَنَةٌ} أي أسوة حسنة كائنة لمن كان {وَذَكَرَ الله كَثِيراً} أي في الخوف والرجاء والشدة والرخاء {وَلَمَّا رَأَى المؤمنون الأحزاب} وعدهم الله أن يزلزلوا حتى يستغيثوه ويستنصروه بقوله {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم} إلى قوله {قَرِيبٌ} [البقرة: 214] فلما جاء الأحزاب واضطربوا ورعبوا الرعب الشديد {قَالُواْ هذا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ} وعلموا أن الغلبة والنصرة قد وجبت لهم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: إن الأحزاب سائرون إليكم في آخر تسع ليال أو عشر. فلما رأوهم قد أقبلوا للميعاد قالوا ذلك، وهذا إشارة إلى الخطب والبلاء {وَمَا زَادَهُمْ} ما رأوا من اجتماع الأحزاب عليهم ومجيئهم {إِلاَّ إِيمَانًا} بالله وبمواعيده {وَتَسْلِيماً} لقضائه وقدره.
{مّنَ المؤمنين رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عاهدوا الله عَلَيْهِ} أي فيما عاهدوه عليه فحذف الجار كما في المثل (صدقني سن بكره) أي صدقني في سن بكره بطرح الجار وإيصال الفعل. نذر رجال من الصحابة أنهم إذا لقوا حرباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا وهم عثمان بن عفان وطلحة وسعد بن زيد وحمزة ومصعب وغيرهم {فَمِنْهُمْ مَّن قضى نَحْبَهُ} أي مات شهيداً كحمزة ومصعب. وقضاء النحب صار عبارة عن الموت لأن كل حي من المحدثات لا بد له أن يموت فكأنه نذر لازم في رقبته فإذا مات فقد قضى نحبه أي نذره {وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ} الموت أي على الشهادة كعثمان وطلحة {وَمَا بَدَّلُواْ} العهد {تَبْدِيلاً} ولا غيروه لا المستشهد ولا من ينتظر الشهادة، وفيه تعريض لمن بدلوا من أهل النفاق ومرضى القلوب كما مر في قوله تعالى:
{وَلَقَدْ كَانُواْ عاهدوا الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الأدبار} {لّيَجْزِىَ الله الصادقين بِصِدْقِهِمْ} بوفائهم بالعهد {وَيُعَذّبَ المنافقين إِن شَاء} إذا لم يتوبوا {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} إن تابوا {إِنَّ الله كَانَ غَفُوراً} بقبول التوبة {رَّحِيماً} بعفو الحوبة. جعل المنافقين كأنهم قصدوا عاقبة السوء وأرادوها بتبديلهم كما قصد الصادقون عاقبة الصدق بوفائهم، لأن كلا الفريقين مسوق إلى عاقبته من الثواب والعقاب فكأنهما استويا في طلبها والسعي في تحصيلها.
{وَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ} الأحزاب {بِغَيْظِهِمْ} حال أي مغيظين كقوله {تَنبُتُ بالدهن} [المؤمنون: 20] {لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً} ظفراً أي لم يظفروا بالمسلمين وسماه خيراً بزعمهم وهو حال أي غير ظافرين {وَكَفَى الله المؤمنين القتال} بالريح والملائكة {وَكَانَ الله قَوِيّاً عَزِيزاً} قادراً غالباً.
{وَأَنزَلَ الذين ظاهروهم} عاونوا الأحزاب {مّنْ أَهْلِ الكتاب} من بني قريظة {مِن صَيَاصِيهِمْ} من حصونهم الصيصية ما تحصن به. رُوي «أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صبيحة الليلة التي انهزم فيها الأحزاب ورجع المسلمون إلى المدينة ووضعوا سلاحهم، على فرسه الحيزوم والغبار على وجه الفرس وعلى السرج فقال: ما هذا يا جبريل؟ قال: من متابعة قريش. فقال: يا رسول الله إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة وأنا عامد إليهم فإن الله داقهم دق البيض على الصفا وإنهم لكم طعمة. فأذن في الناس أن من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلي العصر إلا في بني قريظة. فحاصروهم خمساً وعشرين ليلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تنزلون على حكمي فأبوا، فقال: على حكم سعد بن معاذ فرضوا به فقال سعد: حكمت فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ثم استنزلهم وخندق في سوق المدينة خندقاً وقدمهم فضرب أعناقهم وهم من ثمانمائة إلى تسعمائة». وقيل: كانوا ستمائة مقاتل وسبعمائة أسير {وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرعب} الخوف وبضم العين: شامي وعلي. ونصب {فَرِيقاً} بقوله {تَقْتُلُونَ} وهم الرجال {وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً} وهم النساء والذراري {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وديارهم وَأَمولَهُمْ} أي المواشي والنقود والأمتعة.: «روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار وقال لهم إنكم في منازلكم»
{وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا} بقصد القتال وهي مكة أو فارس والروم أو خيبر أو كل أرض تفتح إلى يوم القيامة {وَكَانَ الله على كُلّ شَئ قَدِيراً} قادراً.
{ياأيها النبى قُل لأزواجك إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا} أي السعادة في الدنيا وكثرة الأموال {فَتَعَالَيْنَ} أصل تعال أن يقوله من في المكان المرتفع لمن في المكان المستوطيء، ثم كثر حتى استوى في استعماله الأمكنة، ومعنى {تعالين} أقبلن بإرادتكن واختياركن لأحد الأمرين، ولم يرد نهوضهن إليه بأنفسهن كقوله (قام يهددني). {أُمَتّعْكُنَّ} أعطكن متعة الطلاق وتستحب المتعة لكل مطلقة إلا المفوضة قبل الوطء {وَأُسَرّحْكُنَّ} وأطلقكن {سَرَاحاً جَمِيلاً} لا ضرار فيه أردن شيئاً من الدنيا من ثياب وزيادة نفقة وتغايرن، فغم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت فبدأ بعائشة رضي الله عنها وكانت أحبهن إليه فخيرها وقرأ عليها القرآن فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة فرؤي الفرح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم اختار جميعهن اختيارها. وروي أنه قال لعائشة: «إني ذاكر لك أمراً ولا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك» ثم قرأ عليها القرآن فقالت: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. وحكم التخيير في الطلاق أنه إذا قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي أن تقع تطليقة بائنة، وإذا اختارت زوجها لم يقع شيء. وعن علي رضي الله عنه: إذا اختارت زوجها فواحدة رجعية وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة {وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الله وَرَسُولَهُ والدار الآخرة فَإِنَّ الله أَعَدَّ للمحسنات مِنكُنَّ} (من) للبيان لا للتبعيض. {أَجْراً عَظِيماً يانساء النبى مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بفاحشة} سيئة بليغة في القبح {مُّبَيّنَةٍ} ظاهر فحشها. من بيّن بمعنى تبين وبفتح الياء: مكي وأبو بكر. قيل: هي عصيانهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشوزهن. وقيل: الزنا والله عاصم رسوله من ذلك {يُضَاعَفْ لَهَا العذاب} {يضاعف لَهَا العذاب} مكي وشامي {يضاعف} أبو عمرو ويزيد ويعقوب {ضِعْفَيْنِ} ضعفي عذاب غيرهن من النساء لأن ما قبح من سائر النساء كان أقبح منهن، فزيادة قبح المعصية تتبع زيادة الفضل وليس لأحد من النساء مثل فضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولذا كان الذم للعاصي العالم أشد من العاصي الجاهل، لأن المعصية من العالم أقبح ولذا فضل حد الأحرار على العبيد ولا يرجم الكافر {وَكَانَ ذلك} أي تضعيف العذاب عليهن {عَلَى الله يَسِيراً} هيناً.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال