سورة الأحزاب / الآية رقم 36 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا (36)}.
قال العوفي، عن ابن عباس: قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} الآية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة، فدخل على زينب بنت جحش الأسدية فخطبها، فقالت: لست بناكحته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل فانكحيه». قالت: يا رسول الله، أؤامر في نفسي. فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسوله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} الآية، قالت: قد رضيته لي منكحا يا رسول الله؟ قال: «نعم». قالت: إذًا لا أعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أنكحته نفسي.
وقال ابن لَهِيعة، عن ابن أبي عمرة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فاستنكفت منه، وقالت: أنا خير منه حسبا- وكانت امرأة فيها حدة- فأنزل الله، عز وجل: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} الآية كلها.
وهكذا قال مجاهد، وقتادة، ومقاتل بن حيان: أنها نزلت في زينب بنت جحش الأسدية حين خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه زيد بن حارثة، فامتنعت ثم أجابت.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيْط، وكانت أول مَنْ هاجر من النساء- يعني: بعد صلح الحديبية- فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قد قبلت. فزوجها زيد بن حارثة- يعني والله أعلم بعد فراقه زينب- فسخطت هي وأخوها وقالا إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوّجَنا عبده. قال: فنزل القرآن: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا} إلى آخر الآية. قال: وجاء أمر أجمع من هذا: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِم} قال: فذاك خاص وهذا جماع.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن ثابت البُنَاني، عن أنس قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جُلَيْبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها، فقال: حتى أستأمر أمها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فنعم إذًا. قال: فانطلق الرجل إلى امرأته، فذكر ذلك لها، فقالت: لاها الله ذا، ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جلَيبيبا، وقد منعناها من فلان وفلان؟ قال: والجارية في سترها تسمع. قال: فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. فقالت الجارية: أتريدون أن تَرُدّوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه. قال: فكأنها جَلَّت عن أبويها، وقالا صدقت. فذهب أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن كنت رضيته فقد رضيناه. قال: «فإني قد رضيته». قال: فزوجها، ثم فزع أهل المدينة، فركب جُلَيْبيب فوجدوه قد قتل، وحوله ناس من المشركين قد قتلهم، قال أنس: فلقد رأيتها وإنها لمن أنفق بيت بالمدينة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد- يعني: ابن سلمة- عن ثابت، عن كنانة بن نعيم العدوي، عن أبي برزة الأسلمي أن جليبيبا كان امرأ يدخل على النساء يَمُرّ بهن ويلاعبهن، فقلت لامرأتي: لا يدخلن اليوم عليكم جُليبيبُ، فإنه إن دخل عليكم لأفعلن ولأفعلن. قال: وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيّم لم يزوجها حتى يعلم: هل لنبي الله صلى الله عليه وسلم فيها حاجة أم لا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار: «زوجني ابنتك». قال: نعم، وكرامة يا رسول الله، ونُعْمَة عين. فقال: إني لست أريدها لنفسي. قال: فلمن يا رسول الله؟ قال: لجليبيب.
فقال: يا رسول الله، أشاور أمها. فأتى أمها فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ابنتك؟ فقالت: نعم ونُعمة عين. فقال: إنه ليس يخطبها لنفسه، إنما يخطبها لجليبيب. فقالت: أَجُلَيبيب إنيه؟ أجليبيب إنيِه؟ لا لعمر الله لا تزَوّجُه. فلما أراد أن يقوم ليأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبره بما قالت أمها، قالت الجارية: مَنْ خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمها. قالت: أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟! ادفعوني إليه، فإنه لن يضيعني. فانطلق أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: شأنَك بها. فَزَوّجها جليبيبا. قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة له، فلما أفاء الله عليه قال لأصحابه: «هل تفقدون من أحد؟» قالوا: نفقد فلانا ونفقد فلانا. قال: «انظروا هل تفقدون من أحد؟» قالوا: لا. قال: «لكني أفقد جليبيبا». قال: «فاطلبوه في القتلى». فطلبوه فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه. قالوا: يا رسول الله، ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه. فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عليه، فقال: قتل سبعة وقتلوه، هذا مني وأنا منه. مرتين أو ثلاثا، ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ساعديه وحفر له، ما له سرير إلا ساعد النبي صلى الله عليه وسلم. ثم وضعه في قبره، ولم يذكر أنه غسله، رضي الله عنه. قال ثابت: فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها. وحدث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتا: هل تعلم ما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: «اللهم، صب عليها الخير صبا، ولا تجعل عيشها كدا» كذا قال، فما كان في الأنصار أيم أنفق منها.
هكذا أورده الإمام أحمد بطوله، وأخرج منه مسلم والنسائي في الفضائل قصة قتله.
وذكر الحافظ أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب أن الجارية لما قالت في خدرها: أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ تلت هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}.
وقال ابن جُرَيْج أخبرني عامر بن مصعب، عن طاوس قال: إنه سأل ابن عباس عن ركعتين بعد العصر، فنهاه، وقرأ ابن عباس، رضي الله عنه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}.
فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا، ولا رأي ولا قول، كما قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] وفي الحديث: «والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به». ولهذا شدد في خلاف ذلك، فقال: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا}، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال