سورة الأحزاب / الآية رقم 41 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا اللهَ ذكراً كثيراً} قياماً، وقعوداً، وعلى جنوبكم، قال ابن عباس: (لم يُعذَر أحد في ترك ذكر الله عزّ وجل إلا مَن غلب على عقله). وقال: الذكر الكثير: ألاَّ تنساه أبداً. وروى أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أكْثِرُوا ذِكرَ اللهِ حتى يقولوا مجنونٌ»
والذكر أنواع: تهليل، وتحميد، وتقديس، واستغفار، وتلاوة، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: المراد: ذكر القلوب، فإن الذكر الذي يمكن استدامته، هو ذكر القلب، وهو استدامة الإيمان والتوحيد. وأمَّا ذكرُ اللسان فإن إدامته كالمتعذَر. قاله القشيري. {وسبِّحوه} أي: نزِّهوه، أو: قولوا: سبحان الله وبحمده، {بكرةً} أول النهار {وأصيلاً} آخر النهار. وخُصَّا بالذكر لأن ملائكة الليل وملائكة النهار يجتمعون فيهما. وعن قتادة: (قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله). أو: الفعلان أي: {اذكروا} و{سبّحوه} موجهان إلى البُكرة والأصيل، كقولك: صم وصلِّ يوم الجمعة. والتسبيح من جملة الذكر، وإنما اختص من بين أنواعه إبانةً لفضله؛ لأن معناه: تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات. ويجوز أن يراد بالذكر وإكثاره: تكثير الطاعات والعبادات، فإنها من جملة الذكر، ثم خصّ من الذكر التسبيح بكرة، وهي صلاة الفجر، وأصيلاً، وهي صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، أو: صلاة الفجر والعشاءين.
{هو الذي يُصلي عليكم وملائكتُه} لمّا كان من شأن المصلي أن ينعطف في ركوعه وسجوده استعير لمَن ينعطف على غيره، حُنواً عليه، كحنو المرأة على ولدها. ثم كثر، حتى استعمل في الرحمة والترؤف، ومنه قولهم: صلى الله عليك، أي: ترحّم عليك وترأف. فإن قلت: صلاة الله غير صلاة الملائكة، فكيف اشتركا في العطف؟ قلت: لاشتراكهما في قدر مشترك، وهو إرادة وصول الخير إليهم، إلا أنه منه تعالى برحمته، ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار.
وذكر السدي: أن بني إسرائيل قالت لموسى عليه السلام: أيُصلي ربنا؟ فكَبُر هذا الكلام على موسى عليه السلام، فأوحى الله إليه: أن قل لهم: إني أُصلي، وإنَّ صلاتي رحمتي، وقد وَسِعَتْ كل شيء. وفي حديث المعراج: «قلت: إلهي؛ لَمَّا لحقني استيحاش قبل قدومي عليك، سمعت منادياً يُنادي بلغة، تُشبه لغةَ أبي بكر، فقال: قف، إن ربك يصلي، فعجبت من هاتين، هل سبقني أبو بكر إلى هذا المقام، وإن ربي لغنيٌّ عن أن يصلِّي؟ فقال تعالى: أنا الغني عن أن أُصلّي لأحد، وإنما أقول: سبحاني، سبقت رحمتي غضبي. اقرأ يا محمد: {هو الذي يُصلِّي عليكم...} الآية، فصلاتي رحمة لك ولأمتك. ثم قال: وأما أمر صاحبك، فخلقت خلقاً على صورته، يُناديك بلغته، ليزول عنك الاستيحاش، لئلا يلحقك من عظيم الهيبة ما يقطعك عن فهم ما يراد منك».
والمراد بصلاة الملائكة: قولهم: اللهم صَلّ على المؤمنين. جُعلوا لكون دعائهم بالرحمة مستجاباً كأنهم فاعلون الرحمة. والمعنى: هو الذي يترحّم عليكم ويترأف، حيث يدعوكم إلى الخير، ويأمركم بإكثار ذكره، ويأمر ملائكته يترحّمون عليكم، ويستغفرون لكم، ليقربكم، ويخصكم بخصائص ليست لغيركم. بدليل: {ليُخرجكم من الظلمات إلى النور} من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ثم من ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة، ثم من ظلمات الغفلة إلى نور اليقظة، ثم من ظلمات الحجاب إلى نور العيان. وقيل: يُصَلِّي عليكم: يشيع لكم الذكر الجميل في عباده.
{وكان} الله {بالمؤمنين رحيماً} قد اعتنى بصلاح أمرهم، وإثابة أجرهم، واستعمل في خدمتهم ملائكتَه المقربين، وهو دليل على أن المراد بالصلاة: الرحمة، حيث صرَّح بكونه رحيماً بهم. قال أنس: لمّا نزل قوله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} قال أبو بكر: يا رسول الله ما خصك الله بشريف إلا وقد اشتركنا فيه، فأنزل قوله: {هو الذي يُصلي عليكم...} إلخ.
{تحيتُهم} أي: تحية الله لهم، فهو من إضافة المصدر إلى مفعوله، {يوم يَلْقونه} عند الموت. قال ابن مسعود: إذا جاء ملك الموت لقبض روح المؤمن، قال: ربك يُقرئك السلام. أو: يوم الخروج من القبور، تُسلِّم عليهم الملائكة وتُبشرهم. أو: يوم يرونه في الجنة، {سلامٌ} يقول الله تبارك وتعالى: «السلام عليكم يا عبادي، هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد أعطيت ما لم تُعط أحداً من العالمين. فيقول لهم: أعطيكم أفضل من ذلك، أُحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم أبداً» كما في البخاري. وفي رواية غيره: يقول تعالى: «السلام عليكم، مرحباً بعبادي الذين أرضوني باتباع أمري» هو إشارة إلى قوله: {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ} [الزمر: 73]. {وأعدَّ لهم أجراً كريماً} يعني الجنة وما فيها.
الإشارة: قال القشيري: قوله تعالى: {اذكروا الله ذكراً كثيراً} الإشارة فيه: أَحِبُّوا الله لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أحبَّ شيئاً أكثَرَ من ذكره» فيُحب أن يقول: الله، ولا ينسَ اللهَ بعد ذكر الله. اهـ. قلت: لأن ذكر الله عنوان محبته، ومنار وصلته، وهو الباب الأعظم في الدخول إلى حضرته، ولله در القائل:
الذكر عمدة لكل سالك *** تنورت بنوره المسالك
هو المطية التي لا تنتكب *** ما بعدها في سرعة الخُطا نُجُب
به القلوب تطمئن في اليقين *** ما بعده على الوصالِ من معين
به بلوغ السالكين للمُنى *** به بقاء المرء مِن بعد الفنا
به إليك كل صعب يسهل *** به البعيد عن قريب يحصل
فهو أقوى سبب لديكَ *** وكلُّهُ إليك لا عليك
فكل طاعة أتى الفتى بها *** هو أساسها كذاك سَقفها
ووحدَه يفوق كل طاعه *** كما أتى عن صاحب الشفاعهْ
كَفى بفضله لدا البيان *** ذهابه بالسهو والنسيان
إذا ذكرتَ مَن له الغنى العظيم *** لديك يصغرُ الفقير يا نديم
عليه دُمْ حتى إذا تجوهرا *** بسره الفؤاد كلّ ما ترى
ترى به المذكور دون ستر *** وقد علا الإدراك درك الفكر
به الحبيب في الورى تجلّى *** به السِّوى عن الحِجا تولى
به تمكن المريد في الفنا *** حتى يصيرَ قائلاً أنا أنا
به رجوعه إلى العبادة *** به التصرُّف الذي في العادهْ
تالله لو جئتُ بكل قول *** ما جئتكم بما لَهُ من فضل
اه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سَبَق المُفَرِّدُونَ»، قيل: مَن المفرِّدون يا رسول الله؟ «قال: المُسْتَهْتَرُون بذِكْرِ الله، يَضَعُ الذِّكرُ عنهم أثقالَهُمْ، فيَردُون يَوْمَ القيامةِ خِفَافاً» وسئل صلى الله عليه وسلم: أيّ المجاهدين أعظمُ أجراً؟ قال: «أكثرهم لله تبارك وتعالى ذِكْراً» قيل: فأي الصالحين أعظم أجراً؟ قال: «أكثرهم لله تبارك وتعالى ذِكْراً» ثم ذَكَرَ الصلاة والزكاة والحج والصدقة، كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكراً» فقال أبو بكر لعمرَ: يا أبا حفصٍ؛ ذهب الذاكرون بكل خيرٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجل» رواه أحمد والطبراني.
وقوله تعالى: {هو الذي يُصلي عليكم...} الآية. قال الورتجبي: صلوات الله: اختياره العبدَ في الأزل لمعرفته ومحبته، فإذا خصَّه بذلك جعل زلاته مغفورة، وجعل خواص ملائكته مستغفرين له، لئلا يحتاج إلى الاستغفار بنفسه عن اشتغاله بالله ومحبته، وبتلك الصلاة يُخرجهم من ظلمات الطبع إلى نور المشاهدة، وهذا متولد من اصطفائيته الأزلية ورحمته الكافية القدسية. ألا ترى إلى قوله: {وكان بالمؤمنين رحيماً} أي: قبل وجودهم، حيث أوجدهم، وهداهم إلى نفسه، بلا سبب ولا علة. ثم قال عن ابن عطاء: أعظم عطية للمؤمن في الجنة: سلام الله عليهم من غير واسطة. اهـ.
وقوله تعالى: {تحيتهم يوم يلقونه سلام} قال القشيري: التحيةُ إذا قُرِنَتْ بالرؤية، واللقاءُ إذا قُرن بالتحية، لا يكون إلا بمعنى رؤية البصر، والتحية: خطاب يُفاتح بها الملوك، أخبر عن عُلُوِّ شأنهم، فهذا السلام يدلّ على علو رتبتهم. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال