سورة الأحزاب / الآية رقم 42 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)}.
يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين بكثرة ذكرهم لربهم تعالى، المنعم عليهم بأنواع النعم وأصناف المنن، لما لهم في ذلك من جزيل الثواب، وجميل المآب.
قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن سعيد، حدثني مولى بن عياش عن أبي بَحرية، عن أبي الدرداء، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والوَرق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: «ذكر الله عز وجل».
وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه، من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن زياد- مولى ابن عياش- عن أبي بَحرية- واسمه عبد الله بن قيس التراغمي- عن أبي الدرداء، به. قال الترمذي: ورواه بعضهم عنه فأرسله.
قلت: وقد تقدم هذا الحديث عند قوله تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} في مسند الإمام أحمد، من حديث زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عَيَّاش: أنه بلغه عن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بنحوه، فالله أعلم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا فرج بن فَضَالة، عن أبي سعد الحِمْصي قال: سمعت أبا هريرة يقول: دعاء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أدعه: «اللهم، اجعلني أعظم شكرك، وأتبع نصيحتك، وأكثر ذكرك، وأحفظ وصيتك».
ورواه الترمذي عن يحيى بن موسى، عن وكيع، عن أبي فضالة الفرج بن فضالة، عن أبي سعيد الحمصي، عن أبي هريرة، فذكر مثله وقال: غريب.
وهكذا رواه الإمام أحمد أيضا عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن فرج بن فضالة، عن أبي سعيد المدني عن أبي هريرة فذكره.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مَهْدِي، عن معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس قال: سمعت عبد الله بن بُسْر يقول: جاء أعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهما: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: «مَنْ طال عمره وحسن عمله».
وقال الآخر: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا، فمرني بأمر أتشبث به. قال: «لا يزال لسانك رَطْبًا بذكر الله».
وروى الترمذي وابن ماجه منه الفصل الثاني، من حديث معاوية بن صالح، به.
وقال الترمذي: حسن غريب.
وقال الإمام أحمد: حدثنا سُرَيج، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث قال: إنّ دَرّاجا أبا السمح حدثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أكثروا ذكر الله حتى يقولوا: مجنون.».
وقال الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا عقبة بن مُكرم العَمِّي، حدثنا سعيد بن سفيان الجَحْدَرِي، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، عن عقبة بن أبي ثُبَيت الراسبي، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذكروا الله ذكرا كثيرا حتى يقول المنافقون: تراءون.».
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي، سمعت أبا الوازع جابر بن عمرو يحدث عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله فيه، إلا رأوه حسرة يوم القيامة.».
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله تعالى: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}: إن الله لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال عذر، غير الذكر، فإن الله لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدًا في تركه، إلا مغلوبا على تركه، فقال: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: 103]، بالليل والنهار، في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والصحة والسقم، والسر والعلانية، وعلى كل حال، وقال: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا} فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته.
والأحاديث والآيات والآثار في الحث على ذكر الله كثيرة جدا، وفي هذه الآية الكريمة الحث على الإكثار من ذلك.
وقد صنف الناس في الأذكار المتعلقة بآناء الليل والنهار كالنسائي والمعمري وغيرهما، ومن أحسن الكتب المؤلفة في ذلك كتاب الأذكار للشيخ محيي الدين النووي، رحمه الله تعالى وقوله: {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا} أي: عند الصباح والمساء، كقوله: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 17، 18]
وقوله: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ}: هذا تهييج إلى الذكر، أي: إنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم، كقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ. فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 151، 152].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله: مَنْ ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومَنْ ذكرني في مَلأ ذكرته في ملأ خير منهم».
والصلاة من الله ثناؤه على العبد عند الملائكة، حكاه البخاري عن أبي العالية.
ورواه أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عنه.
وقال غيره: الصلاة من الله: الرحمة ورد بقوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}.
وقد يقال: لا منافاة بين القولين والله أعلم.
وأما الصلاة من الملائكة، فبمعنى الدعاء للناس والاستغفار، كقوله: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ} الآية. [غافر: 7- 9].
وقوله: {لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} أي: بسبب رحمته بكم وثنائه عليكم، ودعاء ملائكته لكم، يخرجكم من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهدى واليقين. {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} أي: في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا: فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم، وبَصّرهم الطريق الذي ضَلَّ عنه وحاد عنه من سواهم من الدعاة إلى الكفر أو البدعة وأشياعهم من الطغام. وأما رحمته بهم في الآخرة: فآمنهم من الفزع الأكبر، وأمر ملائكته يتلقونهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار، وما ذاك إلا لمحبته لهم ورأفته بهم.
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي، عن حميد، عن أنس، رضي الله عنه، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ، فأقبلت تسعى وتقول: ابني ابني، وَسَعَت فأخذته، فقال القوم: يا رسول الله، ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار. قال: فَخَفَّضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «ولا الله، لا يلقي حبيبه في النار».
إسناده على شرط الصحيحين، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ولكن في صحيح الإمام البخاري، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من السبي قد أخذت صبيا لها، فألصقته إلى صدرها، وأرضعته فقال: «أترون هذه تلقي ولدها في النار وهي تقدر على ذلك؟» قالوا: لا. قال: «فوالله، لله أرحم بعباده من هذه بولدها».
وقوله: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} الظاهر أن المراد- والله أعلم- {تَحِيَّتُهُمْ} أي: من الله تعالى يوم يلقونه {سَلامٌ} أي: يوم يسلم عليهم كما قال تعالى: {سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58].
وزعم قتادة أن المراد أنهم يحيي بعضهم بعضا بالسلام، يوم يلقون الله في الدار الآخرة. واختاره ابن جرير.
قلت: وقد يستدل بقوله تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10]، وقوله: {وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} يعني: الجنة وما فيها من المآكل والمشارب، والملابس والمساكن، والمناكح والملاذ والمناظر وما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال