سورة الأحزاب / الآية رقم 52 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً إِن تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً (52)}
فيه سبع مسائل:
الأولى: اختلف العلماء في تأويل قوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ} على أقوال سبعة: الأولى: إنها منسوخة بالسنة، والناسخ لها حديث عائشة، قالت: ما مات رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحل له النساء. وقد تقدم.
الثاني- أنها منسوخه بآية أخرى، روى الطحاوي عن أم سلمة قالت: لم يمت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء من شاء، إلا ذات محرم، وذلك قوله عز وجل: {تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ}. قال النحاس: وهذا والله أعلم أولى ما قيل في الآية، وهو وقول عائشة واحد في النسخ. وقد يجوز أن تكون عائشة أرادت أحل له ذلك بالقرآن. وهو مع هذا قول علي بن أبي طالب وابن عباس وعلي بن الحسين والضحاك. وقد عارض بعض فقهاء الكوفيين فقال: محال أن تنسخ هذه الآية يعني {تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ} {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ} وهي قبلها في المصحف الذي أجمع عليه المسلمون. ورجح قول من قال نسخت بالسنة. قال النحاس: وهذه المعاوضة لا تلزم وقائلها غالط، لان القرآن بمنزلة سورة واحدة، كما صح عن ابن عباس: أنزل الله القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في شهر رمضان. ومبين لك أن اعتراض هذا المعترض لا يلزم أن قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ} [البقرة: 240] منسوخة على قول أهل التأويل- لا نعلم بينهم خلافا- بالآية التي قبلها {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة: 234]: الثالث- أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حظر عليه أن يتزوج على نسائه، لأنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة، هذا قول الحسن وابن سيرين وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام. قال النحاس: وهذا القول يجوز أن يكون هكذا ثم نسخ.
الرابع- أنه لما حرم عليهن أن يتزوجن بعده حرم عليه أن يتزوج غيرهن، قاله أبو أمامة بن سهل بن حنيف.
الخامس- {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ} أي من بعد الأصناف التي سميت، قاله أبي بن كعب وعكرمة وأبو رزين، وهو اختيار محمد بن جرير. ومن قال إن الإباحة كانت له مطلقة قال هنا: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ} معناه لا تحل لك اليهوديات ولا النصرانيات. وهذا تأويل فيه بعد. وروي عن مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة أيضا. وهو القول السادس. قال مجاهد: لئلا تكون كافرة أما للمؤمنين. وهذا القول يبعد، لأنه يقدره: من بعد المسلمات، ولم يجر للمسلمات ذكر. وكذلك قدر {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ} أي ولا أن تطلق مسلمة لتستبدل بها كتابية.
السابع- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان له حلال أن يتزوج من شاء ثم نسخ ذلك. قال: وكذلك كانت الأنبياء قبله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاله محمد بن كعب القرظي.
الثانية: قوله تعالى: {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ} قال ابن زيد: هذا شيء كانت العرب تفعله، يقول أحدهم: خذ زوجتي وأعطني زوجتك، روى الدارقطني عن أبي هريرة قال: كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل: انزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك، فأنزل الله عز وجل: {وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده عائشة، فدخل بغير إذن، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يا عيينة فأين الاستئذان»؟ فقال: يا رسول الله، ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت. قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هذه عائشة أم المؤمنين» قال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق. فقال: «يا عيينة، إن الله قد حرم ذلك». قال فلما خرج قالت عائشة: يا رسول الله، من هذا؟ قال: «أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه». وقد أنكر الطبري والنحاس وغيرهما ما حكاه ابن زيد عن العرب، من أنها كانت تبادل بأزواجها. قال الطبري: وما فعلت العرب قط هذا. وما روي من حديث عيينة بن حصن من أنه دخل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده عائشة... الحديث، فليس بتبديل، ولا أراد ذلك، وإنما أحتقر عائشة لأنها كانت صبية فقال هذا القول. قلت: وما ذكرناه من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة من أن البدل كان في الجاهلية يدل على خلاف ما أنكر من ذلك، والله أعلم. قال المبرد: وقرئ: {لا يَحِلُّ} بالياء والتاء. فمن قرأ بالتاء فعلى معنى جماعة النساء، وبالياء من تحت على معنى جميع النساء. وزعم الفراء قال: اجتمعت القراء على أن القراءة بالياء، وهذا غلط، وكيف يقال: اجتمعت القراء وقد قرأ أبو عمرو بالتاء بلا اختلاف عنه! الثالثة: قوله تعالى: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} قال ابن عباس: نزل ذلك بسبب أسماء بنت عميس، أعجب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين مات عنها جعفر بن أبي طالب، حسنها، فأراد أن يتزوجها، فنزلت الآية، وهذا حديث ضعيف قاله ابن العربي.
الرابعة: في هذه الآية دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها. وقد أراد المغيرة بن شعبة زواج امرأة، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انظر إليها فإنه أجدر أن يودم بينكما».
وقال عليه السلام لآخر: «انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا» أخرجه الصحيح. قال الحميدي وأبو الفرج الجوزي. يعني صفراء أو زرقاء. وقيل رمصاء.
الخامسة: الامر بالنظر إلى المخطوبة إنما هو على جهة الإرشاد إلى المصلحة، فإنه إذا نظر إليها فلعله يرى منها ما يرغبه في نكاحها. ومما يدل على أن الامر على جهة الإرشاد ما ذكره أبو داود من حديث جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل». فقوله: «فإن استطاع فليفعل» لا يقال مثله في الواجب. وبهذا قال جمهور الفقهاء مالك والشافعي والكوفيون وغيرهم واهل الظاهر. وقد كره ذلك قوم لا مبالاة بقولهم، للأحاديث الصحيحة، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ}.
وقال سهل بن أبي حثمة: رأيت محمد بن مسلمة يطارد ثبيتة بنت الضحاك على أجار من أجاجير المدينة فقلت له: أتفعل هذا؟ فقال نعم! قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا ألقى الله في قلب أحدكم خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها». الاجار: السطح، بلغة أهل الشام والحجاز. قال أبو عبيد: وجمع الاجار أجاجير وأجاجرة.
السادسة: أختلف فيما يجوز أن ينظر منها، فقال مالك: ينظر إلى وجهها وكفيها، ولا ينظر إلا بإذنها.
وقال الشافعي وأحمد: بإذنها وبغير إذنها إذا كانت مستترة.
وقال الأوزاعي: ينظر إليها ويجتهد وينظر مواضع اللحم منها. قال داود: ينظر إلى سائر جسدها، تمسكا بظاهر اللفظ. وأصول الشريعة ترد عليه في تحريم الاطلاع على العورة. والله أعلم.
السابعة: قوله تعالى: {إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ} اختلف العلماء في إحلال الامة الكافرة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قو لين: تحل لعموم قوله: {إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ}، قاله مجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والحكم. قالوا: قوله تعالى: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ} أي لا تحل لك النساء من غير المسلمات، فأما اليهوديات والنصرانيات والمشركات فحرام عليك، أي لا يحل لك أن تتزوج كافرة فتكون أما للمؤمنين ولو أعجبك حسنها، إلا ما ملكت يمينك، فإن له أن يتسرى بها. القول الثاني- لا تحل، تنزيها لقدره عن مباشرة الكافرة، وقد قال الله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ} [الممتحنة: 10] فكيف به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
و{ما} في قوله: {إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ} في موضع رفع بدل من {النساء}. ويجوز أن يكون في موضع نصب على استثناء، وفية ضعف. ويجوز أن تكون مصدرية، والتقدير: إلا ملك يمينك، وملك بمعنى مملوك، وهو في موضع نصب لأنه استثناء من غير الجنس الأول.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال