سورة الأحزاب / الآية رقم 59 / تفسير روائع البيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيـلاً سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً

الأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزابالأحزاب




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)}
[7] حجاب المرأة المسلمة:
التحليل اللفظي:
{لأزواجك}: المراد بكلمة الأزواج (أمهات المؤمنين) الطاهرات رضوان الله عليهن، ولفظ الزوج في اللغة يطلق على الذكر والأنثى، قال تعالى: {اسكن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجنة} [البقرة: 35]، {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189].
وإطلاق لفظ (الزوجة) صحيح ولكنه خلاف الأفصح. وأنكر الأصمعي لفظ (زوجة) بالهاء، وقال: هي زوج لا غير، واحتجّ بأنه لم يرد في القرآن إلا بدون هاء {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] والصحيح أنه خلاف الأفصح وليس بخطأ قال الفرزدق:
وإن الذي يسعى يحرّش زوجتي *** كساعٍ إلى أُسْد الشّرى يستبيلها
وفي حديث عمّار بن ياسر قوله عن السيدة عائشة (والله إني لأعلم أنها زوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولكنّ الله ابتلاكم لها ليعلم أتطيعونه أو تطيعونها).
{يُدْنِينَ}: أي يسدلن ويرخين. وأصل الإدناء التقريب، يقال للمرأة إذا زلّ الثوب عن وجهها: أدني ثوبك على وجهك، والمراد في الآية الكريمة: يغطين وجوههن وأبدانهن ليميزن عن الإماء والقينات، ولما كان متضمناً معنى الإرخاء والسّدل عدّي بعلى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ}.
{جلابيبهن}: جمع جلباب، وهو الثوب الذي يستر جميع البدن، قال الشهاب: هو إزار يلتحف به، وقيل: هو المِلحفة وكل ما يغطي سائر البدن.
قال في (لسان العرب): الجلباب ثوب أوسع من الخمار، دون الرداء، تغطي به المرأة رأسها وصدرها، وقيل: هو الملحفة، قالت امرأة من هذيل ترثي قتيلاً لها:
تمشي النُّسوْر إليهِ وهي لا هيةٌ *** مشيَ العذَارَى عليهنّ الجلابيبُ
وقيل جلباب المرأة: ملاءتها التي تشتمل بها، واحدها جلباب، والجماعة جلابيب، وأنشدوا:
مُجلْببٌ من سوادِ الليل جلباباً ***
وفي (الجلالين): الجلابيب جمع جلباب، وهي المِلاءة التي تشتمل بها المرأة.
قال ابن عباس: أُمر نساءُ المؤمنين أن يغطّين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب، إلا عيناً واحدة ليُعْلم أنهنّ حرائر.
والخلاصة: فإن الجلباب هو الذي يستر جميع بدن المرأة، وهو يشبه الملاءة (الملحفة) المعروفة في زماننا، نسأله تعالى الستر والسلامة.
{أدنى}: أفعل تفضيل بمعنى أقرب، من الدّنوّ بمعنى القرب، يقال: أدناني منه أي قرّبني منه، وقوله تعالى: {قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 23] أي قريبة المنال، وتأتي كلمة (أدنى) بمعنى أقل، وقد جُمع المعنيان في قول الشاعر:
لولا العقول لكان أدنى ضيغم *** أدنى إلى شرفٍ من الإنسان
{غَفُوراً}: أي ساتراً للذنوب، ماحياً للآثام، يغفر لمن تاب ما فرط منه {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهتدى} [طه: 82].
{رَّحِيماً}: يرحم عباده، ويلطف بهم، ومن رحمته تعالى أنه لم يكلفهم ما لا يطيقون.
المعنى الإجمالي:
يأمر الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، أن يوجه النداء إلى الأمة الإسلامية جمعاء، بأن تعمل على التمسك بآداب الإسلام، وإرشاداته الفاضلة، ونظمه الحكيمة، التي بها صلاح الفرد وسعادة المجتمع، وخاصة في أمر اجتماعي هام، يتعلق بالأسرة المسلمة، ألا وهو (الحجاب الشرعي) الذي فرضه الله على المرأة المسلمة، ليصون لها كرامتها، ويحفظ عليها عفافها، ويحميها من النظرات الجارحة، والكلمات اللاذعة، والنفوس المريضة، والنوايا الخبيثة، التي يُكِنّها الفسّاق من الرجال للنساء غير المحتشمات، فيقول الله تعالى ما معناه.
يا أيها النبي بلّغ أوامر الله إلى عباده المؤمنين، وابدأ بنفسك فمر زوجاتك أمهات المؤمنين الطاهرات، وبناتك الفضليات الكريمات أن يرتدين الجلباب الشرعي، وأن يحتجبن عن أنظار الرجال، ليكنّ قدوة لسائر النساء، في التعفّف، والتستّر، والاحتشام، حتى لا يطمع فيهن فاسق، أو ينال من كرامتهن فاجر، وأمُر سائر نساء المؤمنين، أن يلبسن الجلباب السابغ، الذي يستر محاسنهنّ وزينتهنّ، ويدفع عنهنّ ألسنة السوء، وأمُرْهنّ كذلك أن يغطين وجوههنّ وأجسامهن بجلابيبهن، ليميّزن عن الإماء والقينات، فلا يكنّ هدفاً للمغرضين، وليكنّ بعيدات عن التشبه بالفواجر، فلا يتعرض لهن إنسان بسوء، فذلك أقرب إلى أن يعرفن بالعفة والتصون، فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، {وَكَانَ الله غَفُوراً} يغفر لمن امتثل أمره، رحيماً بعباده حيث لا يشرّع لهم إلا ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة.
سبب النزول:
روى المفسّرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة، أنّ الحرة والأمة كانتا تخرجان ليلاً لقضاء الحاجة في الغيطان، وبين النخيل، من غير تمييز بين الحرائر والإماء، وكان في المدينة فسّاق، لا يزالون على عاداتهم في الجاهلية يتعرضون للإماء، وربّما تعرضوا للحرائر، فإذا قيل لهم يقولون: حسبناهنّ إماءً. فأمرت الحرائر أن يخالفن الإماء في الزيّ فيتسترن ليحتشمن ويُهَبْن فلا يطمع فيهن ذوو القلوب المريضة، فأنزل الله: {يا أيها النبي قُل لأزواجك...} الآية.
وقال ابن الجوزي: سبب نزولها أن الفسّاق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل، فإذا رأوا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا: هذه حرّة، وإذا رأوها بغير قناع قالوا: أمة، فآذوها، فنزلت هذه الآية: قاله السدي.
وجوه الإعراب:
1- قوله تعالى: {يا أيها النبي...} أيّ: منادى، والهاء للتنبيه، و{النبي} صفة ل {أَيُّ} قال ابن مالك: وأيّها مصحوبَ أل بعدُ صفة.
2- قوله تعالى: {قُل لأزواجك...} قلْ: أمر، و{يُدْنِينَ} مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة، وجملة: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ} مقول القول في محل جزم جواب الطلب.
3- قوله تعالى: {ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ} أي بأن يُعْرفن مجرور بحرف جر محذوف، واسم الإشارة مبتدأ، وما بعده خبر، والتقدير: ذلك أقرب بمعرفتهنّ أنهنّ حرائر، والله أعلم.
لطائف التفسير:
اللطيفة الأولى: بدأ الله تعالى بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته في الأمر ب (الحجاب الشرعي) وذلك للإشارة إلى أنهنّ قدوة لبقية النساء فعليهن التمسك بالآداب الشرعية ليقتدي بهنّ سائر النساء، والدعوة لا تثمر إلاّ إذا بدأ الداعي بها في نفسه وأهله، ومن أحقّ من (بيت النبوة) بالتمسك بالآداب والفضائل؟ وهذا هو السرُّ في تقديمهنَّ في الخطاب في قوله تعالى: {قُل لأزواجك وَبَنَاتِكَ}.
اللطيفة الثانية: الأمر بالحجاب إنما جاء بعد أن استقرّ امر الشريعة على وجوب (ستر العورة)، فلا بدّ أن يكون الستر المأمور به هنا زائداً على ما يجب من ستر العورة، ولهذا اتفقت عبارات المفسّرين على- اختلاف ألفاظها- على أن المراد بالجلباب: الرداء الذي تستر به المرأة جميع بدنها فوق الثياب، وهو ما يسمّى في زماننا ب (الملاءة) أي الملحفة، وليس المراد ستر العورة كما ظنّ بعض الناس.
اللطيفة الثالثة: في هذا التفصيل والتوضيح (أزواجك، بناتك، نساء المؤمنين) ردّ صريح على الذين يزعمون أن الحجاب إنما فرض على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فإنّ قوله تعالى: {وَنِسَآءِ المؤمنين} يدل دلالة قاطعة على أنّ جميع نساء المؤمنين مكلفات بالحجاب، وأنهن داخلات في هذا الخطاب العام الشامل، فكيف يزعمون أن الحجاب لم يفرض على المرأة المسلمة؟!
اللطيفة الرابعة: أمرُ الحرائر بالتستّر ليُميّزن عن الإماء، قد يفهم من أنّ الشارع أهمل أمر الإماء، ولم يبال بما ينالهن من الإيذاء، وتعرّض الفُسّاق لهن، فكيف يتفق هذا مع حرص الإسلام على طهارة المجتمع؟
والجواب: أنّ الإماء بطبيعة عملهن، يكثر خروجهنّ وتردّدهن في الأسواق، لقضاء الحاجات وخدمة سادتهن، فإذا كُلّفن بلبس الجلباب السابغ كلمَّا خرجن، كان في ذلك حرج ومشقة عليهنّ، وليس كذلك الحرائر لأنهن مأمورات بالاستقرار في البيوت {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] وعدم الخروج إلاّ عند الحاجة، فلم يكن عليهن من الحرج والمشقة في التستر ما على الإماء، وقد وردت الآية السابقة: {والذين يُؤْذُونَ المؤمنين والمؤمنات} [الأحزاب: 58] وهي تتوعد المؤذين بالعذاب الأليم، وهذا يشمل الحرائر والإماء.
اللطيفة الخامسة: قوله تعالى: {ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} فيه ذكر للعلة أي (الحكمة) التي فُرض من أجلها الحجاب، والأحكامُ الشرعية كلها مشروعة لحكمة وجمهورُ المفسّرين موجهاً إلى جميع النساء، سواء منهن (الحرائر والإماء) وفسّر قوله تعالى: {أَن يُعْرَفْنَ} أي يعرفن بالعفة والتستر والصيانة، فلا يطمع فيهنّ أهل السوء والفساد، وإليك نصّ كلامه كما في (البحر المحيط): والظاهر أن قوله تعالى: {وَنِسَآءِ المؤمنين} يشمل الحرائر والإماء، والفتنةُ بالإماء أكثر لكثرة تصرفهنّ بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهنّ من عموم النساء إلى دليل واضح. وقوله: {أدنى أَن يُعْرَفْنَ} أي يعرفن لتسترهنّ بالعفة فلا يُتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن، لأنّ المرأة إذا كانت في غاية التستّر بالعفة فلا يُتعرض لهن، ولا يلقين بما يكرهن، لأنّ المرأة إذا كانت في غاية التستّر والانضمام لم يقدم عليها، بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها.
وهو رأي تبدو عليه مخايل الجودة، والدقة في الاستنباط.
وما اختاره (أبو حيان) هو الذي نختاره لأنه يحقّق غرض الإسلام في التستّر والصيانة والله أعلم.
الأحكام الشرعية:
الحكم الأول: هل يجب الحجاب على جميع النساء؟
يدل ظاهر الآية الكريمة على أنّ الحجاب مفروض على جميع المؤمنات (المكلفات شرعاً) وهنّ: (المسلمات، الحرائر، البالغات) لقوله تعالى: {يا أيها النبي قُل لأزواجك وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين...} الآية.
فلا يجب الحجاب على الكافرة لأنها لا تكلّف بفروع الإسلام، وقد أمرنا أن نتركهم وما يدينون، ولأنّ (الحجاب) عبادة لما فيه من امتثال أمر الله عزّ وجلّ، فهو بالنسبة للمسلمة كفريضة الصلاة والصيام، فإذا تركته المسلمة جحوداً فهي (كافرة) مرتدة عن الإسلام، وإذا تركته- تقليداً للمجتمع الفاسد- مع اعتقادها بفرضيته فهي (عاصية) مخالفة لتعاليم القرآن {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية} [الأحزاب: 33].
وغير المسلمة- وإن لم تُؤمر بالحجاب- لكنّها لا تُترك تفسد في المجتمع، وتتعرّى أمام الرجل، وتخرج بهذه الميوعة والانحلال الذي نراه في زماننا، فإنّ هناك (آداباً اجتماعية) يجب أن تُراعى، وتطبّق على الجميع، وتستوي فيها المسلمة وغير المسلمة حماية للمجتمع، وذلك من السياسات الشرعية التي تجب على الحاكم المسلم.
وأمّا الإماء فقد عرفتَ ما فيه من أقوال للعلماء، وقد ترجّح لديك رأي العلاّمة (أبي حيّان): في أنّ الأمر بالستر عام يشمل الحرائر والإماء، وهذا ما يتفق مع روح الشريعة في صيانة الأغراض، وحماية المجتمع، من التفسخ والانحلال الخلقي، وأمّا البلوغ فهو شرط التكليف كما تقدم.
أقول: يطلب من المسلم أن يعوّد بناته منذ سنّ العاشرة على ارتداء الحجاب الشرعي حتى لا يصعب عليهن بعدُ ارتداؤه، وإن لم يكن الأمر على وجه (التكليف) وإنما هو على وجه (التأديب) قياساً على أمر الصلاة (مُروا أولادكم بالصلاة وهم أنباء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).
الحكم الثاني: ما هي كيفية الحجاب؟
أمر الله المؤمنات بالحجاب وارتداء الجلباب صيانة لهنّ وحفظاً، وقد اختلف أهل التأويل في كيفية هذا التستر على أقوال:
أ- فأخرج ابن جرير الطبري عن ابن سيرين أنه قال: (سألتُ عَبيدةَ السّلماني) عن هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} فرفع مِلْحفة كانت عليه فتقنّع بها، وغطّى رأسه كلّه حتى بلغ الحاجبين، وغطّى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شقّ وجهه الأيسر.
ب- وروى ابن جرير وأبو حيّان عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (تلوي الجلباب فوق الجبين، وتشدّه ثمّ تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها، لكنّه يستر الصدر ومعظم الوجه).
ج- وروي عن السّدي في كيفيته أنه قال: (تغطّي إحدى عينيها وجبهتها، والشقّ الآخر إلا العين). قال أبو حيّان: وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلاّعينها الواحدة.
د- وأخرج عبد الرزاق وجماعة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: لما نزل هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأنّ على رؤوسهنّ الغُربان من أكسية سودٍ يلبسنها.
الحكم الثالث: هل يجب على المرأة ستر وجهها؟
تقدّم معنا في سورة النور أنّ المرأة منهية عن إبداء زينتها إلا للمحارم {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ} [النور: 31] الآية ولمّا كان الوجه أصل الزينة، ومصدر الجمال والفتنة، لذلك كان ستره ضرورياً عن الأجانب، والذين قالوا إن الوجه ليس بعورة اشترطوا ألاّ يكون عليه شيء من الزينة كالأصباغ والمساحيق التي توضع عادة للتجمّل، وبشرط أمن الفتنة، فإذا لم تؤمن الفتنة فيحرم كشفه.
وممّا لا شك فيه أن الفتنة في هذا الزمان غير مأمونة، لذا نرى وجوب ستر الوجه حفاظاً على كرامة المسلمة، وقد ذكرنا بعض الحجج الشرعية على وجوب ستره في بحث (بدعة كشف الوجه) من سورة النور، ونزيد هنا بعض أقوال المفسّرين في وجوب ستر الوجه.
طائفة من أقوال المفسّرين في وجوب ستر الوجه:
أولاً: قال ابن الجوزي في قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} أي يغطين رؤوسهنّ ووجوههنّ ليعلم أنهن حرائر، والمراد بالجلابيب: الأردية قاله ابن قتيبة.
ثانياً: وقال أبو حيّان في (البحر المحيط): وقوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} شامل لجميع أجسادهن، أو المراد بقوله: {عَلَيْهِنَّ} أي على وجوههنّ، لأنّ الذي كان يبدوا منهنّ في الجاهلية هو الوجه.
ثالثاً: وقال أبو السعود: الجلباب: ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء، تلويه المرأة على رأسها وتبقي منه ما ترسله على صدرها، ومعنى الآية: أي يغطين بها وجوههنّ وأبدانهنّ إذا برزن لداعية من الدواعي.
وعن السّدي: تغطّي إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين.
رابعاً: وقال أبو بكر الرازي: وفي هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} دلالة على أنّ المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبييين. وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع فيهن أهل الريب.
خامساً: وفي (تفسير الجلالين): الجلابيب جمع جلباب، وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة، قال ابن عباس: أمر نساء المؤمنين أن يغطّين رؤوسهنّ ووجوههنّ بالجلابيب إلاّ عيناً واحدة ليعلم أنهن حرائر.
سادساً: وفي (تفسير الطبري): عن ابن سيرين أنه قال: سألت عبيدة السلماني عن قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن} فرفع ملحفة كانت عليه فتقنّع بها وغطّى رأسه كله حتى الحاجبين، وغطّى وجهه وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر، وروي مثل ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد تقدّم الحديث سابقاً.
فهذا وأمثاله كثير من أقوال مشاهير المفسّرين، يدل دلالة واضحة على وجوب ستر الوجه وعدم كشفه أمام الأجانب، اللهم إلاّ إذا كان الرجل خاطباً، أو كانت المرأة في حالة إحرام بالحج، فإنه وقت عبادة والفتنة مأمونة، فلا يقاس على هذه الحالة كما يفعل بعض الجهلة اليوم، حيث يقولون: إذا جاز لها أن تكشف عن وجهها في حالة الإحرام فمعناه أنه يجوز لها أن تكشف في غيره من الأوقات لأن الوجه ليس بعورة، فهذا كلام من لم يفقه شريعة الإسلام.
ومن درس حياة السلف الصالح، وما كان عليه النساء الفضليات- نساء الصحابة والتابعين- وما كان عليه المجتمع الإسلامي في عصره الذهبي من التستر، والتحفظ، والصيانة عرف خطأ هذا الفريق من الناس، الذين يزعمون أن الوجه لا يجب ستره بل يجب كشفه، ويدعون المرأة المسلمة أن تسفر عن وجهها بحجة أنه ليس بعورة، لأجل أن يتخلصوا من الإثم- بزعمهم- في كتم العلم، وما دروا أنها مكيدة دبّرها لهم أعداء الدين، وفتنة من أجل التدرج بالمرأة المسلمة إلى التخلص من الحجاب الشرعي، الذي عمل له الأعداء زمناً طويلاً، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
الحكم الرابع: ما هي شروط الحجاب الشرعي؟
يشترط في الحجاب الشرعي بعض الشروط الضرورية وهي كالآتي:
أولاً: أن يكون الحجاب ساتراً لجميع البدن لقوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن}. وقد عرفت معنى (الجلباب) وهو الثوب السابغ الذي يستر البدن كله، ومعنى (الإدناء) وهو الإرخاء والسدل فيكون الحجاب الشرعي ما ستر جميع البدن.
ثانياً: أن يكون كثيفاً غير رقيق، لأنّ الغرض من الحجاب السترُ، فإذا لم يكن ساتراً لا يسمّى حجاباً لأنه لا يمنع الرؤية ولا يحجب النظر، وفي حديث عائشة أنّ (أسماء بنت أبي بكر) دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم... الحديث.
ثالثاً: ألاّ يكون زينة في نفسه، أو مبهرجاً ذا ألوان جذابه يلفت الأنظار لقوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] الآية ومعنى: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي بدون قصد ولا تعمد، فإذا كان في ذاته زينة فلا يجوز ارتداؤه، ولا يسمى (حجاباً) لأن الحجاب هو الذي يمنع ظهور الزينة للأجانب.
رابعاً: أن يكون فضفاضاً غير ضيّق، لا يشفّ عن البدنن ولا يجسّم العورة، ولا يظهر أماكن الفتنة في الجسم، وفي (صحيح مسلم) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». وفي رواية أخرى: وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام. رواه مسلم.
ومعنى قوله عليه السلام: «كاسيات عاريات»أي كاسيات في الصورة عاريات في الحقيقة، لأنهنّ يلبسن ملابس لا تستر جسداً، ولا تخفي عورة، والغرض من اللباس السترُ، فإذا لم يستر اللباس كان صاحبه عارياً.
ومعنى قوله: «مميلات مائلات» أي مميلات لقلوب الرجال مائلات في مشيتهن، يتبخترن بقصد الفتنة والإغراء، ومعنى قوله: «كأسنمة البخت» أي يصفّفن شعورهن فوق رؤوسن، حتى تصبح مثل سنام الجمل، وهذا من معجزاته عليه السلام.
خامساً: ألاّ يكون الثوب معطّراً فيه إثارة للرجال لقوله عليه الصلاة والسلام: «كلّ عينٍ نظرت زانية، وإنّ المرأة استعطرت فمرّت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية».
وفي رواية (أن المرأة استعطرت فمرّت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية).
وعن موسى بن يسار قال: (مرّت بأبي هريرة امرأة وريحها تعصف فقال لها: أين تريدين يا أمة الجبار؟ قالت: إلى المسجد، قال: وتطيّبتِ؟ قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقبل الله من امرأة صلاة، خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع وتغتسل).
سادساً: ألاّ يكون الثوب فيه تشبه بالرجال، أو ممّا يلبسه الرجال لحديث أبي هريرة: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة الرجل). وفي الحديث: «لعن الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء» أي المتشبهات بالرجال في أزيائهن وأشكالهنّ كبعض نساء هذا الزمان نسأله تعالى السلامة والحفظ.
ما ترشد إليه الآيات الكريمة:
1- الحجاب مفروض على جميع نساء المؤمنين وهو واجب شرعي محتّم.
2- بنات الرسول ونساؤه الطاهرات هنّ الأسوة والقدوة لسائر النساء.
3- الجلباب الشرعي يجب أن يكون ساتراً للزينة والثياب ولجميع البدن.
4- الحجاب لم يفرض على المسلمة تضييقاً عليها، وإنّما بشريفاً لها وتكريماً.
5- في ارتداء الحجاب الشرعي صيانة للمرأة، وحماية للمجتمع من ظهور الفساد، وانتشار الفاحشة.
6- على المسلمة أن تتمسّك بأوامر الله، وتتأدب بالآداب الاجتماعية التي فرضها الإسلام.
7- الله رحيم بعباده يشرع لهم من الأحكام ما فيه خيرهم وسعادتهم في الدارين.
حكمة التشريع:
قد يظن بعض الجهلة أن الحجاب لم يفرضه الإسلام على المرأة المسلمة وأنه من العادات والتقاليد التي ظهرت في العصر العباسي، وهذا الظن ليس له نصيب من الصحة وهو إن دل فإنما يدل على أحد أمرين:
أ- أما الجهل الفاضح بالإسلام وبكتاب الله المبين.
ب- وإما الغرض الدفين في قلوب أولئك المتحللين.
وأحب أن أكشف الستار لتوضيح الحقيقة حتى لا يلتبس الحق بالباطل ولا يختلط الخبيث بالطيب، وحتى يظهر الصبح لذي عينين. فما أكثر هؤلاء المضلين في هذا الزمان الذين يزعمون أنهم أرباب المدنية ودعاة التقدمية!! وما أشد خطرهم على الأخلاق والمجتمع لأنهم يفسدون باسم الإصلاح ويهدمون باسم البناء، ويدجلون باسم الثقافة والعلم، ويزعمون أنهم مصلحون.
النصوص الواردة في الحجاب:
1- يقول الله سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية الأولى} [الأحزاب: 33] الآية.
2- ويقول جلّ شأنه: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فاسألوهن مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] الآية.
3- ويقول سبحانه مخاطباً نبيه العظيم: {يا أيها النبي قُل لأزواجك وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} الآية.
4- ويقول سبحانه أيضاً: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} [النور: 31] الآية.
فمن هذه النصوص الكريمة نعلم أن الحجاب مفروض على المرأة المسلمة بنصوص في كتاب الله قطعية الدلالة، وليس كما يزعم المتحلّلون أنه من العادات والتقاليد التي أوجبها العصر العباسي... إلخ فإن حبل الكذب قصير.
ومن خلال هذه الآيات الكريمة نلمح أن الإسلام إنما قصد من وراء فرض الحجاب أن يقطع طرق الشبهات ونزغات الشيطان أن تطوف بقلوب الرجال والنساء وفي ذلك يقول الله سبحانه: {ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53] وهدفه الأول إنما هو صون الشرف والمحافظة على العفة والكرامة ولا ننسى أن هناك كثيراً من ضعفاء القلوب ومرضى الضمائر يتربصون بالمرأة السوء ليهتكوا عنها ستر الفضيلة والعفاف.
ولا يشك عاقل أن تهتك النساء وخلاعتهن هو الذي أحدث ما يسمونه أزمة الزواج ذلك لأن كثيراً من الشباب قد أحجموا عن الزواج لأنهم أصبحوا يجدون الطريق معبَّداً لإشباع غرائزهم من غير تعب ولا نصب، فهم في غنى عن الزواج، وهذا بلا شك يعرَّض البلاد إلى الخراب والدمار، وينذر بكارثه لا تبقي ولا تذر، وليس انتشار الخيانات الزوجية وخراب البيوت إلا أثراً من آثار هذا التبرج الذميم.
يقول (سيّد سابق) في كتابه (فقه السُنّة): وأدوات الزينة، يقول الله تعالى: {يابني ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التقوى ذلك خَيْرٌ} [الأعراف: 26].
والملابسُ والزينةُ هما مظهران من مظاهر المدنيّة والحضارة، والتجرّدُ عنهما إنما هو ردّة إلى الحيوانية، وعودة إلى الحياة البدائية، وإنّ أعزّ ما تملكه المرأة الشرفُ، والحياءُ، والعفافُ، والمحافظةُ على هذه الفضائل محافظةٌ على إنسانية المرأة في أسمى صورها، وليس من صالح المرأة، ولا من صالح المجتمع أن تتخلى المرأة عن الصيانة والاحتشام، ولا سيّما وأن الغريزة الجنسية هي أعنف الغرائز، وأشدّها على الإطلاق.
امنعوا الاختلاط... وقيّدوا حرية المرأة: وتحت هذا العنوان نشرت صحيفة (الجمهورية) بالقاهرة مقالاً لصحفية أمريكية تدعى (هيلسيان ستانسبري) قالت هذه الكاتبة الأمريكية بعد أن مكثت شهراً في الجمهورية العربية ما نصه: إنّ المجتمع العربي مجتمع كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيّد الفتاة والشاب في حدود المعقول، وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي، فعندكم تقاليد موروثه تحتّم تقييد المرأة وتحتّم احترام الأب والأم، وتحتّم أكثر من ذلك عدم الإباحيّة الغربية التي تهدّد اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا.
إن القيود التي يفرضها المجتمع العربي على الفتاة صالحة ونافعة، لهذا أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط، وقيّدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا.
امنعوا الاختلاط فقد عانينا منه في أمريكا الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً معقداً، مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة، وإنَّ ضحايا الاختلاط والحرية قبل سنّ العشرين، يملأون السجون والأرصفة، والبارات والبيوت السرية؛ إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار، قد جعلت منهم عصابات أحداث، وعصابات (جميس دين) وعصابات للمخدّرات والرقيق.
إن الاختلاط، والإباحية، والحرية في المجتمع الأوروبي والأمريكي هدّد الأسر، وزلزل القيم والأخلاق، فالفتاة الصغيرة- تحت سن العشرين- في المجتمع الحديث، تخالط الشبان، وترقص، وتشرب الخمر، وتتعاطى المخدرات باسم المدنية والحرية والإباحية... وهي تلهو وتعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها، بل وتتحدى والديها، ومدرّسيها، والمشرفين عليها.. تتحدّاهم باسم الحرية والاختلاط، تتحداهم باسم الإباحية والانطلاق، تتزوّج في دقائق، وتطلّق بعد ساعات، ولا يكلّفها أكثر من إمضاء وعشرين قرشاً وعرّيس ليلة.
أقول: هذا رأي الكاتبة الأمريكية والفضل ما شهدت به الأعداء..! وصدق الله: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية الأولى...} [الأحزاب: 33].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال