سورة سبأ / الآية رقم 13 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي العَذَابِ وَالضَّلالِ البَعِيدِ أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْـرَ وَأَلَنَّا لَهُ الحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ

سبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأ




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)}
{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن محاريب} جمع محراب وهو كما قال عطية القصر، وسمي باسم صاحبه لأنه يحارب غيره في حمايته، فإن المحراب في الأصل من صيغ المبالغة اسم لمن يكثر الحرب وليس منقولًا من اسم الآلة وإن جوزه بعضهم، ولابن حيوس:
جمع الشجاعة والخشوع لربه *** ما أحسن المحراب في محرابه
ويطلق على المكان المعروف الذي يقف بحذائه الإمام، وهو مما أحدث في المساجد ولم يكن في الصدر الأول كما قال السيوطي وألف في ذلك رسالة ولذا كره الفقهاء الوقوف في داخله.
وقال ابن زيد: المحاريب المساكن، وقيل ما يصعد إليه بالدرج كالغرف، وقال مجاهد: هي المساجد سميت باسم بعضها تجوزًا على ماق يل، وهو مبني على أن المحراب اسم لحجرة في المسجد يعبد الله تعالى فيها أو لموقف الإمام.
وأخرج ابن المنذر. وغيره عن قتادة تفسيرها بالقصور والمساجد معًا، وجملة {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء} استئناف لتفصيل ما ذكر من عملهم، وجوز كونها حالًا وهو كما ترى {وتماثيل} قال الضحاك: كانت صور حيوانات، وقال الزمخشري: صور الملائكة والأنبياء والصلحاء كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم وكان اتخاذ الصور في ذلك الشرع جائزًا كما قال الضحاك وأبو العالية.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس أنه قال في الآية اتخذ سليمان عليه السلام تماثيل من نحاس فقال: يا رب انفخ فيها الروح فإنها أقوى على الخدمة فينفخ الله تعالى فيها الروح فكانت تخدمه واسنفديار من بقاياهم؛ وهذا من العجب العجاب ولا ينبغي اعتقاد صحته وما هو إلا حديث خرافة، وأما ما روي من أنهم عملوا له عليه السلام أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما فأمر غير مستبعد فإن ذلك يكون بآلات تتحرك عند الصعود وعند القعود فتحرك الذراعين والأجنحة، وقد انتهت صنائع البشر إلى مثل ذلك في الغرابة، وقيل: التماثيل طلسمات فتعمل تمثالًا للتمساح أو للذباب أو للبعوض فلا يتجاوزه الممثل به ما دام في ذلك المكان، وقد اشتهر عمل نحو ذلك عن الفلاسفة وهو مما لا يتم عندهم إلا بواسطة بعض الأوضاع الفلكية، وعلى الباب الشهيرة بباب الطلسم من أبواب بغداد تمثال حية يزعمون أنه لمنع الحيات عن الإيذاء داخل بغداد ونحن قد شاهدنا مرارًا أناسًا لسعتهم الحيات فمنهم من لم يتأذ ومنهم من تأذى يسيرًا ولم نشاهد موت أحد من ذلك وقلما يسلم من لسعته خارج بغداد لكن لا نعتقد أن لذلك التمثال مدخلًا فيما ذكر ونظن أن ذاك لضعف الصنف الموجود في بغداد من الحيات وقلة شره بالطبيعة، وقيل كانت التماثيل صور شجر أو حيوانات محذوفة الرؤوس مما جوز في شرعتنا، ولا يحتاج إلى التزام ذلك إلا إذا صح فيه نقل فإن الحق أن حرمة تصوير الحيوان كاملًا لم تكن في ذلك الشرع وإنما هي في شرعنا ولا فرق عندنا بين أن تكون الصورة ذات ظل وأن لا تكون كذلك كصورة الفرس المنقوشة على كاغد أو جدار مثلًا.
وحكى مكي في الهداية أن قومًا أجازوا التصوير وحكاه النحاس أيضًا وكذا ابن الفرس واحتجوا بهذه الآية. وأنت تعلم أنه ورد في شرعنا من تشديد الوعيد على المصورين ما ورد فلا يلتفت إلى هذا القول ولا يصح الاحتجاج بالآية، وكأنه إنما حرمت التماثيل لأنه رور الزمان اتخذها الجهلة مما يعبد وظنوا وضعها في المعابد لذلك فشاعت عبادة الأصنام أو سدًا لباب التشبه تخذي الأصنام بالكلية {وَجِفَانٍ} جمع جفنة وهي ما يوضع فيها الطعام مطلقًا كما ذكره غير واحد، وقال بعض اللغويين: الجفنة أعظم القصاع ويليها القصعة وهي ما تشبع العشرة ويليها الصحفة وهي ما تشبع الخمسة ويليه المئكلة وهي ما تشبع الاثنين والثلاثة ويليها الصحيفة وهي ما تشبع الواحد، وعليه فالمراد هنا المطلق لظاهر قوله تعالى: {كالجواب} أي كالحياض العظام جمع جابية من الجباية أي الجمع فهي في الأصل مجاز في الطرف أو النسبة لأنها يجبى إليها لا جابية ثم غلبت على الإناء المخصوص غلبة الدابة في ذوات الأربع، وجاء تشبيه الجفنة بالجالية في كلامهم من ذلك قول الأعشى:
نفي الذم عن آل المحلق جفنة *** كجابية السيح العراقي تفهق
وقول الأفوه الأودي:
وقدور كالربى راسية *** وجفان كالجوابي مترعة
وذكر في سعة جفان سليمان عليه السلام أنها كانت على الواحدة منها ألف رجل. وقرئ {كالجوابي} بياء وهو الأصل وحذفها للاجتزاء بالكسرة وإجراء أل مجرى ما عاقبها وهو التنوين فكما يحذف مع التنوين يحذف مع ما عاقبه {كالجواب وَقُدُورٍ} جمع قدر وهو ما يطبخ فيه من فخار أو غيره وهو على شكل مخصوص {رسيات} ثابتات على الأثافي لا تنزل عنها لعظمها قاله قتادة، وقيل: كانت عظيمة كالجبال وقدمت المحاريب على التماثيل لأن الصور ترفع في المحاريب أو تنقش على جدرانها، وقدمت الجفان على القدور مع أن القدور آلة الطبخ والجفان آلة الأكل والطبخ قبل الأكل لأنه لما ذكرت الأبنية الملكية ناسب أن يشار إلى عظمة السماط الذي يمد فيها فذكرت الجفان أولًا لأنها تكون فيها بخلاف القدور فإنها لا تحضر هناك كما ينبىء عنه قوله تعالى: {رسيات} على ما سمعت أولًا، وكأنه لما بين حال الجفان اشتاق الذهن إلى حال القدور فذكرت للمناسبة.
{اعملوا ءالَ دَاوُودُ شاكرا} بتقدير القول على الاستئناف أو الحالية من فاعل {سَخَّرْنَا} المقدر وآل منادي حذف منه حرف النداء و{شاكرا} نصب على أنه مفعول له، وفيه إشارة إلى أن العمل حقه أن يكون للشكر لا للرجاء والخوف أو على أنه مفعول مطلق لا عملوا لأن الشكر نوع من العمل فهو كقعدت القرفصاء، وقيل: لتضمين {اعملوا} معنى اشكروا، وقيل: لاشكروا محذوفًا أو على أنه حال بتأويل اسم الفاعل أي اعملوا شاكرين لأن الشكر يعم القلب والجوارح أو على أنه صفة لمصدر محذوف أي اعملوا عملًا شكرًا أو على أنه مفعول به لاعملوا فالكلام كقولك عملت الطاعة، وقيل: إن اعملوا أقيم مقام اشكروا مشاكلة لقوله سبحانه يعملون.
وقال ابن الحاجب: أنه جعل مفعولًا به تجوزًا. وأيًا ما كان فقد روي ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: لما قيل لهم اعملوا آل داود شكرًا، لم يأت ساعة على القوم إلا ومنهم قائم يصلي، وفي رواية كان مصلى آل داود لم يخل من قائم يصلي ليلًا ونهارًا وكانوا يتناوبونه وكان سليمان عليه السلام يأكل خبز الشعير ويطعم أهله خشادته، والمساكين الدرمك وهو الدقيق الحواري وما شبع قط؛ وقيل: له في ذلك فقال: أخاف إذا شبعت أن أنسي الجياع، وجوز بعض الأفاضل دخول داود عليه السلام في الآل هنا لأن آل الرجل قد يعمه.
ويؤيده ما أخرجه أحمد في الزهد: وابن المنذر. والبيهقي في شعب الإيمان عن المغيرة بن عتيبة قال: قال داود عليه السلام يا رب هل بات أحد من خلقك أطول ذكرًا مني فأوحى الله تعالى إليه الضفدع وأنزل سبحانه عليه عليه السلام {اعملوا ءالَ دَاوُودُ شاكرا} فقال داود عليه السلام كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم علي ثم ترزقني على النعمة الشكر فالنعمة منك والشكر منك فكيف أطيق شكرك؟ فقال جل وعلا: يا داود الآن عرفتني حق معرفتي.
وجاء في رواية ابن أبي حاتم عن الفضيل أنه عليه السلام قال يا رب: كيف أشكرك والشكر نعمة منك؟ قال سبحانه: الآن شكرتني حين علمت النعم مني، وكذا ما أخرجه الفريابي: وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قال داود لسليمان عليهما السلام: قد ذكر الله تعالى الشكر فاكفني قيام النار أكفك قيام الليل قال: لا أستطيع قال: فاكفني صلاة النهار فكفأه {وَقَلِيلٌ مّنْ عِبَادِىَ الشكور} قال ابن عباس: هو الذي يشكر على أحواله كلها، وفي الكشاف هو المتوفر على أداء الشكر الباذل وسعه فيه قد شغل به قلبه ولسانه وجوارحه اعترافًا واعتقادًا وكدحًا وأكثر أوقاته، وقال السدي: هو من يشكر على الشكر، وقيل: من يرى عجزه عن الشكر لأن توفيقه للشكر نعمة يستدعي شكرًا آخر لا إلى نهاية، وقد نظم هذا بعضهم فقال:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة *** علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله *** وإن طالت الأيام واتسع العمر
إذا مس بالنعماء عم سرورها *** وإن مس بالضراء أعقبها الأجر
وقد سمعت آنفًا ما روي عن داود عليه السلام، وهذه الجملة يحتمل أن تكون داخلة في خطاب آل داود وهو الظاهر وأن تكون جملة مستقلة جىء بها إخبارًا لنبينا صلى الله عليه وسلم وفيها تنبيه وتحريض على الشكر.
وقرأ حمزة {عِبَادِى} بسكون الياء وفتحها الباقون.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال