سورة سبأ / الآية رقم 38 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آمِنُونَ وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ فِي العَذَابِ مُحْضَرُونَ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

سبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأسبأ




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (34) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (36) وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (37) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (38) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ}.
المترف: هو من أبطرته النعمة حتى خرجت به عن حد الاعتدال، وأفسدته، وقتلت فيه معانى الإنسانية.. والمترفون هم آفة المجتمع في كل أمة، وفى كل جيل، إذ فيهم ينشأ الفسق، والمجون، وكل ما من شأنه أن يغذى العواطف الخسيسة، ويوقفا الغرائز البهيمية، على حساب المطالب الروحية والعقلية.
فليس الغنى في ذاته- كما يبدو- هو الذي يفسد الأخلاق، وإنما شأنه في هذا شأن الفقر، قد يفسد، وقد يصلح.. إنه خير وشر.. وداء ودواء.
فمن أحسن سياسة المال، وعرف قدره، والمكان الذي يوضع فيه- صلح به أمره، واستقام به شأنه.. ومن اتخذ من المال وسيلة يصطاد بها ما توسوس به نفسه، وما يدعوه إليه هواه- فسد كيانه، وتهدم بنيانه، وتحول إلى كومة متضخمة من الشحم واللحم. تهب منها كل ربح خبيثة، تفسد المجتمع وتزعجه! وحين تنجم دعوة من دعوات الخير، يكون المترفون هم أول من يلقونها بالنكير، ويرجمونها بكل ما يقدرون عليه.. وما جاء رسول من رسل اللّه يدعو قومه إلى الهدى، حتى يتصدى له المترفون من قومه، يعلنون الحرب عليه، ويجمعون الجموع للوقوف معهم في وجهه.. واللّه سبحانه وتعالى يقول:
{وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً}.
قوله تعالى: {وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}.
هذا هو ردّ المترفين على كل دعوة إلى الإيمان باللّه، وتلك هى حجتهم عند أنفسهم وعند الناس.. إنهم بما يملكون من كثرة في الأموال، وما عندهم من كثرة في الأولاد والرجال، لن يكونوا تابعين لغيرهم، ولن يجعلوا لأحد كلمة عندهم، حتى ولو كان رسولا من رسل اللّه، يدعوهم إلى اللّه، ويكشف لهم معالم الطريق إلى الحق والهدى!! إنهم أكثر أموالا وأولادا من هذا الرسول، فكيف يقوم فيهم مقام الناصح ذى الرأى والسلطان.. {ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} [24: المؤمنون] وكيف يتفضل إنسان على من كان أكثر منه مالا وولدا؟
وفى قولهم: {وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} إشارة إلى أنهم بما لهم من كثرة في المال والأولاد، لن ينزلوا عن مقام السيادة لأحد، ثم إنهم إذا عذّب غيرهم من الفقراء والمستضعفين لن يعذبوا هم.. فإن اللّه ما أعطاهم هذا الوفر في المال والكثرة في الأولاد، إلا لأنهم أهل للكرامة، وموضع للفضل عنده، وكما كانوا في الدنيا في هذا المقام بين الناس، فهم في الآخرة- إن كانت هناك عندهم آخرة- في هذا الموضع أيضا، حيث يعذب الفقراء والمستضعفون، أما هم فلن يعذّبوا، بل ينزلوا منازل الإكرام والإعزاز.. ذلك ظنهم بأنفسهم.. وفى هذا يقول اللّه تعالى على لسان واحد منهم. {وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى} [50: فصلت] ويقول سبحانه على لسان صاحب الجنتين. {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً} [36: الكهف] قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
هو ردّ على هذا الفهم المغلوط الفاسد الذي فهمه المترفون، لما للّه في عباده من بسط الرزق أو قبضه.. فليس بسط الرزق أو قبضه من اللّه سبحانه وتعالى، يحسب منازل الناس عنده، وإنما منازل الناس عند اللّه بأعمالهم الصالحة، وبتزكية أنفسهم، وتطهيرها من خبائث الكفر والضلال.. أما بسط الرزق وقبضه فهو ابتلاء من اللّه، فيبتلى سبحانه من يشاء بالبسط، ويبتلى من شاء بالقبض، مؤمنا كان أو كافرا، محسنا أو مسيئا.. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
قوله تعالى: {وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ..}.
هو ردّ آخر على ادعاء هؤلاء المترفين، بأن أموالهم وأولادهم هى التي تقربهم من اللّه، وتدنيهم من مرضاته.. وكلّا فإن الأموال والأولاد لا تقرب من اللّه إلا بقدر ما يكون لأصحاب الأموال والأولاد من إيمان باللّه، وإحسان في العمل.. فهؤلاء حقا لهم جزاء الضعف، أي جزاء مضاعفا، بما نعموا به في الدنيا من جاء وسلطان، وبما قدموا للآخرة من عمل صالح يلقونه عند اللّه، فيجزون به الجزاء الأوفى، في جنات النعيم.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِك َ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ}.
أي والذين يتخذون من أموالهم وأولادهم وجاههم وسلطانهم، أسلحة يحاربون بها اللّه، ويسعون لإعجاز الناس عن أن يتصلوا بآياته، أو لآيات اللّه أن تتصل بالناس.. {فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ} أي يجاء بهم من حيث كانوا إلى حيث يلقون في جهنم، ويصلون العذاب الأليم فيها.
قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ.. وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
أعيد النظم القرآنى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ... الآية}.
وذلك في مقام غير المقام السابق.. فهناك كان المقام الداعي إلى ذلك، هو الكشف عن تلك الحقيقة التي جهلها أو تجاهلها المترفون، وهى أن بسط الرزق وقبضه هو ابتلاء من اللّه، وليس مقدّرا على منازل الفضل والرضوان من اللّه.
وهنا في هذه الآية- بعد أن تقررت هذه الحقيقة- كان المقام مقام دعوة إلى البذل والإنفاق من هذا المال، لأنه من فضل اللّه.. وإذ كان اللّه سبحانه هو الذي يعطى، فلا خوف من الإنفاق، لأنه إنفاق في سبيل اللّه، وهو بمنزلة القرض للّه، ولن يضيع ما اقترضه اللّه، بل يعود إلى صاحبه مضاعفا: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً} [245: البقرة] وهنا زيادة في النظم وهى كلمة {عباده} وفيها إشارة إلى أن المدعوين إلى الإنفاق من أموالهم، والتي سيخلفها اللّه لهم، هم عباده، المؤمنون به.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال