سورة فاطر / الآية رقم 10 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُواًّ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَلِلَّهِ العِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ

فاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {من كان يريدُ العِزَّةَ} أي: الشرف والمنعة على الدوام، في الدنيا والآخرة، {فللّه العزةُ جميعاً} فليطلبها من عنده، بالتقوى، والعلم، والعمل الصالح، كالزهد في الدنيا، والتبتُّل إلى الله، أي: فالعزة كلها مختصة بالله، عز الدنيا وعز الآخرة. وكان الكفار يتعززون بالأصنام، كما قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ ءَالِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزًّا} [مريم: 81]، والمنافقون كانوا يتعزّزون بالمشركين، كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ للهِ جَمِيعاً} [النساء: 139]، فبيَّن أن العزة إنما هي لله بقوله: {فإن العزة لله} فليطلبها مَن أرادها من عنده. فوضع قوله: {فلله العزةُ} موضعه، استغناء به عنه؛ لدلالته؛ لأن الشيءَ لا يُطلب إلا من عند صاحبه ومالكه. ونظيره قولك: مَنْ أراد النصيحة؛ فهي عند الأبرار، أي: فليطلبها من عندهم. وفي الحديث: «إن ربكم يقول كل يوم: أنا العزيز، فمَن أراد عزّ الدارين فليُطِعِ العزيز».
ثم ذكر ما يطلب به العز، وهو العمل المقبول، بقوله: {إِليه يَصْعدُ الكَلِمُ الطيبُ} كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، وما يلحقها من الأذكار، والدعاء، والقراءة. وعنه صلى الله عليه وسلم: «هو سُبحان الله والحمدُ لله، ولا إله إلا الله، والله أكبرُ. إذا قالها العبدُ عَرَجَ بها الملكُ إلى السماء، فحَيّا بها وَجْهَ الرحمن» وكان القياس: الطيبة، ولكن كل جمع ليس بينه وبين واحده إلا التاء يُذكّر ويؤنّث. ومعنى الصعود: القبول والرضا، وكل ما اتصف بالقبول وُصف بالرفعة والصعود.
{والعملُ الصالحُ} كالعبادة الخالصة {يرفعه} الله تعالى، أي: يقبله. أو: الكلم الطيب، فالرافع على هذا الكلم الطيب، والمرفوع العمل الصالح، أي: والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب؛ لأن العمل متوقف على التوحيد، المأخوذ من الكلم الطيب؛ وفيه إشارة إلى أن العمل يتوقف على الرفع، والكَلِم الطيب يصعد بنفسه، ففيه ترجيح الذكر على سائر العمل. وقيل: بالعكس، أي: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، فإذا لم يكن عمل صالح فلا يقبل منه الكلم الطيب. وقيل: والعمل الصالح يرفعُ العامل ويشرفه، أي: مَن أراد العزّة والرفعة فليعمل العمل الصالح؛ فإنه هو الذي يرفع العبد.
ثم ذكر سبب الذل في الدارين، فقال: {والذين يمكرون} المكرات {السيئاتِ} فالسيئات: صفة لمصدر محذوف؛ لأن مكر لا يتعدى بنفسه. والمراد: مكر قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم حين اجتمعوا في دار الندوة؛ كما قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ} [الأنفال: 30] الآية. {لهم عذاب شديد} في الآخرة، {وَمَكْرُ أولئك هو يَبورُ} أي: يفسد ويبطل، دون مكر الله بهم، فالضمير يفيد الاختصاص.
الإشارة: العز على قسمين: عز الظاهر، وعز الباطن، فعز الظاهر هو تعظيم الجاه وبُعد الصيت، واحترام الناس لصاحبه، ولمَن تعلّق به، وسببه: التقوى، والعلم، والعمل، ومكارم الأخلاق؛ كالسخاء، والتواضع، وحسن الخلق، والإحسان إلى عباد الله.
وعز الباطن: هو الغنى بالله، وبمعرفته، والتحرُّر من رق الطمع، والتحلّي بحلية الورع. وسببه الذل لله، يُظهر ذلك بين أقرانه، كما قال الشاعر:
تذلَّلْ لمَن تَهْوَى لِتَكْسِبَ عِزةً *** فكم عزةٍ نالها المرء بالذُّلِّ
إذا كان مَن تَهْوى عزيزاً ولم تكن *** ذليلاً له فاقْرِ السلامَ على الوَصْلِ
وغايته: الوصول إلى معرفة الشهود والعيان. فإذا تعزّز القلب بالله لم يلتفت إلى شيء، ولم يفتقر إلى شيء، وكان حرًّا من كل شيء، عبداً لله في كل شيء. وقد يجتمع للعبد العزان معاً، إذا كان عارفاً بالله عاملاً، وقد ينفرد عز الظاهر في أهل الظاهر، وينفرد عز الباطن في بعض أهل الباطن، يتركهم تحت أستار الخمول، حتى يلقوه وهم عرائس الأولياء، ضنّ بهم الحق تعالى عن خلقه، فلم يُظهرهم لأحد، حتى قدموا عليه، وهم الأولياء الأخفياء الأتقياء، كما ورد مدحهم في الحديث. وكلا العزين لله، وبيد الله، فلا يُطلب واحد منهما إلا منه سبحانه.
قال القشيري: وقال في آية أخرى: {وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] فأثبت العزة لغيره، والجمع بينهما: أن عِزَّة الربوبية لله وَصْفاً، وعزَّة الرسول والمؤمنين لله فضْلاً، ومنه لطفاً، فإذاً العزة لله جميعاً. والكلم الطيب هو الذي يصدر عن عقيدة طيبة، وقلب طيب، لا كدر فيه ولا أغيار، وقيل: ما ليس فيه حظ للعبد، وقيل: ما يستخرج من العبد، وهو فيه مفقود، وقيل: ما ليس فيه حاجة، ولا يطلب عليه عوض، وقيل: ما يشهد بصحته الإذن والتوقيف. انظر القشيري.
ويؤخذ من قوله: {والعملُ الصالحُ يرفعه} أن العمل إذا بقي بين عين العبد يلحظه، وينظر إليه، فهو علامة على عدم قبوله، إذ لو قُبل لرفع عن نظره، فلا عمل أرجى للقلوب من عمل يغيب عنك شهوده، ويختفي لديك وجوده. والذين يمكرون بالأولياء، المكرات السيئات، لهم عذاب شديد، وهو البُعد من الله، ومكر أولئك هو يبور. وأما الأولياء فهم في حجاب مستور، من كل مكر وخداع وغرور.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال