سورة فاطر / الآية رقم 12 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِياًّ وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوَهُمْ لاَ يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ المَصِيرُ

فاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)}
{وَمَا يَسْتَوِى البحران هذا عَذْبٌ} طيب {فُرَاتٌ} كاسر العطش ومزيله.
وقال الراغب: الفرات الماء العذب يقال للواحد والجمع، ولعل الوصف على هذا على طرز أسود حالك وأصفر فاقع {سَائِغٌ شَرَابُهُ} سهل انحداره لخلوه مما تعافه النفس. وقرأ عيسى {سيغ} كميت بالتشديد، وجاء كذلك عن أبي عمرو. وعاصم، وقرأ عيسى أيضًا {سيغ} كميت بالتخفيف {فُرَاتٌ وهذا مِلْحٌ} متغير طعمه التغير المعروف، وقرأ أبو نهيك. وطلحة {مِلْحٌ} بفتح الميم وكسر اللام، قال أبو الفتح الرازي: وهي لغة شاذة، وجوز أن يكون مقصورًا من مالح للتخفيف، وهو مبني على ورود مالح والحق وروده بقلة وليس بلغة رديئة كما قيل.
وفرق الإمام بين الملح والمالح بأن الملح الماء الذي فيه الطعم المعروف من أصل الخلقة كماء البحر والمالح الماء الذي وضع فيه ملح فتغير طعمه ولا يقال فيه إلا مالح ولم أره لغيره، وقال بعضهم: لم يرد مالح أصلًا وهو قول ليس بالمليح {أُجَاجٌ} شديد الملوحة والحرارة من قولهم أجيج النار وأجتها، ومن هنا قيل هو الذي يحرق لوحته، وهذا مثل ضرب للمؤمن والكافر، وقوله تعالى: {وَمِن كُلّ} أي من كل واحد منهما {تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} أي غضا جديدًا وهو السمك على ما روي عن السدى، وقيل الطير والسمك واختار كثير الأول، والتعلير عن السمك باللحم مع كونه حيوانًا قيل للتلويح بانحصار الانتفاع به في الأكل، ووصفه بالطراوة للاشعار بلطافته والتنبيه على المسارعة إلى أكله لئلا يتسارع إليه الفساد كما ينبىء عنه جعل كل من البحرين مبدأ كله.
واستدل مالك. والثوري بالآية حيث سمي فيها السمك لحما على حنث من حلف لا يأكل لحمًا وأكل سمكًا، وقال غيرهما: لا يحنث لأن مبني الأيمان على العرف وهو فيه لا يسمى لحما ولذلك لا يحنث من حلف لا يركب دابة فركب كافرًا مع أن الله تعالى سماه دابة في قوله سبحانه: {إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الذين كَفَرُواْ} [الأنفال: 55] ولا يبعد عندي أن يراد بلحمًا لحم السمك ودعوى التلويح بانحصار الانتفاع بالسمك في الأكل لا أظنها تامّة {وَتَسْتَخْرِجُونَ} ظاهره ومن كل تستخرجون {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} والحلية التي تستخرج من البحر الملح اللؤلؤ والمرجان ويابس ذلك الرجال والنساء وإن اختلفت كيفية اللبس، أو يقال عبر عن لبس نسائهم بلبسهم لكونهن منهم أو لكون لبسهن لأجلهم، ولا نعلم حلية تستخرج من البحر العذب، ولا يظهر هنا اعتبار إسناد ما للبعض إلى الكل كما اعتبر ذلك في قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وكون بعض الضخور التي في مجاري السيول قد تكسر فيوجد فيها ماس وهو حلية تلبس إن صح لا ينفع اعتباره هنا إذ ليس فيه استخراج الحلية من البحر العذب ظاهرًا، وقيل: لا يبعد أن تكون الحلية المستخرجة من ذلك عظام السمك التي يصنع منها قبضات للسيوف والخناجر مثلًا فتحمل ويتحلى بها، وفيه ما فيه لا سيما إذا كانت الحلية كالحلى ما يتزين به من مصنوع المعدنيات أو الحجارة، وقال الخفاجي: لا مانع من أن يخرج اللؤلؤ من المياه العذبة وإن لم نره، ولا يخفى ما فيه من العبد.
وذهب بعض الأجلة للخلاص من القيل والقال أن المراد وتستخرجون من البحر الملح خاصة حلية تلبسونها ويشعر به كلام السدى يحتمل ثلاثة أوجه، الأول أنه استطراد في صفة البحرين وما فيهما من النعم والمنافع.
والثاني أنه تتميم وتكميل للتمثيل لتفضيل المشبه به على المشبه وليس من ترشيح الاستعارة كما زعم الطيبي في شيء بل إنما هو استدارك لدعوى الاشتراك بين المشبه والمشبه به يلزم منه أن يكون المشبه أقوى وهذا الاستدراك مخصوص بالملح، وإيضاحه أنه شبه المؤمن والكافر بالبحرين ثم فضل الأجاج على الكافر بأنه قد شارك الفرات في منافع والكافر خلو من النفع فهو على طريقة قوله تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مّن بَعْدِ ذلك فَهِىَ كالحجارة أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: 74] ثم قال سبحانه: {وَإِنَّ مِنَ الحجارة لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الانهار وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الماء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله} [البقرة: 74] والثالث أنه من تتمة التمثيل على معنى أن البحرين وإن اشتركا في بعض الفوائد تفاوتًا فيما هو المقصود بالذات لأن أحدهما خالطه ما لم يبقه على صفاء فطرته كذلك المؤمن والكافر وان اتفق اتفاقهمافي بعض المكارم كالشجاعة والسخاوة متفاوتان فيما هو الأصل لبقاء أحدهما على الفطرة الأصلية دون الآخر فجملة {وَمِن كُلّ} إلخ حالية، وعندي خير الأوجه الثلاثة أوسطها، وعلى كل يحصل الجواب عما قيل كيف يناسب ذكر منافع البحر الملح وقد شبه به الكافر؟ وقال أبو حيان: إن قوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِى البحران} إلخ لبيان ما يستدل به كل عاقل على أنه مما لا مدخل لصنم فيه.
وقال الإمام: الأظهر أنه دليل لكمال قدرة الله عز وجل، وما ذكرنا أولًا من أنه تمثيل للمؤمن والكافر هو المشهور رواية ودراية وفيه من محاسن البلاغة ما فيه {وَتَرَى الفلك} السفن {فِيهِ} أي في كل منعما وانظر هل يحسن رجوع الضمير للحبر الملح لانسياق الذهن إليه من قوله سبحانه: {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} بناء على أن المعروف استخراجها منه خاصة وأمر الفلك فيه أعظم من أمرها في البحر العذب ولذا اقتصر على رؤية الفلك فيه على الحال التي ذكر الله تعالى، وأفرد ضمير الخطاب مع جمعه فيما سبق وما لحق لأن الخطاب لكل أحد تتأتى منه الرؤية دون المنتفعين بالبحرين فقط {مَوَاخِرَ} شواق للماء يجريها مقبلة ومدبرة بريح واحدة فالمخر الشق.
قال الراغب: يقال مخرت السفينة مخرًا ومخورًا إذا شقت الماء بجوجئها، وفي الكشاف يقال: مخرت السفينة الماء ويقال للسحاب بنات مخر لأنها تمخر الهواء، والسفن الذي اشتقت منه السفينة قريب من المخر لأنها تسفن الماء كأنها تقشره كما تمخره، وقيل المخر صوت جرى الفلك وجاء في سورة النحل {وَتَرَى الفلك مَوَاخِرَ فِيهِ} بتقديم {مَوَاخِرَ} وتأخير {فِيهِ} وعكس هاهنا فقيل في وجه لأنه علق {فِيهِ} هنا بترى وثمت واخر، ولا يحسم مادة السؤال.
والذي يظهر لي في ذلك أن آية النحل سيقت لتعداد النعم كما يؤذن بذاك سوابقها ولواحقها وتعقيب الآيات بقوله سبحانه: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] فكان الأهم هناك تقديم ما هو نعمة وهو مخر الفلك للماء بخلاف ما هنا فإنه إنما سيق استطرادًا أو تتمة للتمثيل كما علمت آنفًا فقدم فيه {فِيهِ} إيذانًا بأنه ليس المقصود بالذات ذلك، وكأن الاهتمام بما هن اقتضى أن يقال في تلك الآية {وَلِتَبْتَغُواْ} بالواو، ومخالفة ما هنا لذلك اقتضت ترك الواو في قوله سبحانه: {لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} أي من فضل الله تعالى بالنقلة فيها وهو سبحانه وإن لم يجر له ذكر في الآية فقد جرى له تاعلى ذكر فيما قبلها ولو لم يجر لم يشكل لدلالة المعنى عليه عز شأنه.
واللام متعلقة واخر، وجوز تعلقها حذوف دل عليه الأفعال المذكرة كسخر البحرين وهيأهما أو فعل ذلك {لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} تعرفون حقوقه تعالى فتقومون بطاعته عز وجل وتوحيده سبحانه.
ولعل للتعليل على ما عليه جمع من الأجلة وقد قدمنا ذلك، وقال كثير: هي للترجي ولما كان محالًا عليه تعالى كان المراد اقتضاء ما ذكر من النعم للشكر حتى كأن كل أحد يترجاه من المنعم عليه بها فهو تمثيل يؤل إلى أمره تاعلى بالشكر للمخاطبين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال