سورة فاطر / الآية رقم 37 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ هُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَقَالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ

فاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطرفاطر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)}
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ} لما ذكر أهل الجنة وأحوالهم ومقالتهم، ذكر أهل النار وأحوالهم ومقالتهم. {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} مثل: {لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى} [الأعلى: 13]. {وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها} مثل: {كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ} [النساء: 56]. {كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ}
أي كافر بالله ورسوله. وقرأ الحسن {فيموتون} بالنون ولا يكون للنفي حينئذ جواب ويكون {فيموتون} عطفا على {يُقْضى} تقديره لا يقضى عليهم ولا يموتون كقوله تعالى: {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ}. قال الكسائي: {وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} بالنون في المصحف لأنه رأس آية و{لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} لأنه ليس رأس آية. ويجوز في كل واحد منهما ما جاز في صاحبه. {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها} أي يستغيثون في النار بالصوت العالي. والصراخ الصوت العالي، والصارخ المستغيث والمصرخ المغيث. قال:
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع *** كان الصراخ له قرع الظنابيب
{رَبَّنا أَخْرِجْنا} أي يقولون ربنا أخرجنا من جهنم وردنا إلى الدنيا. {نَعْمَلْ صالِحاً} قال ابن عباس: نقل: لا إله إلا الله. وهو معنى قولهم: {غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} أي من الشرك، أي نؤمن بدل الكفر، ونطيع بدل المعصية، ونمتثل أمر الرسل. {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} هذا جواب دعائهم، أي فيقال لهم، فالقول مضمر. وترجم البخاري: (باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر لقوله عز وجل: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ} يعني الشيب) حدثنا عبد السلام بن مطهر قال حدثنا عمر بن علي قال حدثنا معن بن محمد الغفاري عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة». قال الخطابي: {أعذر إليه} أي بلغ به أقصى العذر، ومنه قولهم: قد أعذر من أنذر، أي أقام عذر نفسه في تقديم نذارته. والمعنى: أن من عمره الله ستين سنة لم يبق له عذر، لان الستين قريب من معترك المنايا، وهو سن الإنابة والخشوع وترقب المنية ولقاء الله تعالى، ففيه إعذار بعد إعذار، الأول بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والموتان في الأربعين والستين. قال علي وابن عباس وأبو هريرة في تأويل قوله تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ}: إنه ستون سنة. وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في موعظته: «ولقد أبلغ في الاعذار من تقدم في الإنذار وإنه لينادي مناد من قبل الله تعالى أبناء الستين {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ}». وذكر الترمذي الحكيم من حديث عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إذا كان يوم القيامة نودي أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ}». وعن ابن عباس أيضا أنه أربعون سنة. وعن الحسن البصري ومسروق مثله. ولهذا القول أيضا وجه، وهو صحيح، والحجة له قوله تعالى: {حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف 15] الآية. ففي الأربعين تناهي العقل، وما قبل ذلك وما بعده منتقص عنه، والله أعلم.
وقال مالك: أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا والعلم ويخالطون الناس، حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة، فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس واشتغلوا بالقيامة حتى يأتيهم الموت. وقد مضى هذا المعنى في سورة الأعراف. وخرج ابن ماجه عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من تجاوز ذلك». قوله تعالى: {وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ} وقرئ: {وجاءتكم النذر} واختلف فيه، فقيل القرآن. وقيل الرسول، قاله زيد بن علي وابن زيد.
وقال ابن عباس وعكرمة وسفيان ووكيع والحسين ابن الفضل والفراء والطبري: هو الشيب.
وقيل: النذير الحمى.
وقيل: موت الأهل والأقارب.
وقيل: كمال العقل. والنذير بمعنى الإنذار.
قلت: فالشيب والحمى وموت الأهل كله إنذار بالموت، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحمى رائد الموت». قال الأزهري: معناه أن الحمى رسول الموت، أي كأنها تشعر بقدومه وتنذر بمجيئه. والشيب نذير أيضا، لأنه يأتي في سن الاكتهال، وهو علامة لمفارقة سن الصبا الذي هو سن اللهو واللعب. قال:
رأيت الشيب من نذر المنايا *** لصاحبه وحسبك من نذير
وقال آخر:
فقلت لها المشيب نذير عمري *** ولست مسودا وجه النذير
وأما موت الأهل والأقارب والأصحاب والاخوان فإنذار بالرحيل في كل وقت وأوان، وحين وزمان. قال:
وأراك تحملهم ولست تردهم *** فكأنني بك قد حملت فلم ترد
وقال آخر:
الموت في كل حين ينشر الكفنا *** ونحن في غفلة عما يراد بنا
وأما كمال العقل فبه تعرف حقائق الأمور ويفصل بين الحسنات والسيئات، فالعاقل يعمل لآخرته ويرغب فيما عند ربه، فهو نذير. وأما محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبعثه الله بشيرا ونذيرا إلى عباده قطعا لحججهم، قال الله تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] وقال: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} [الاسراء: 15]. قوله تعالى: {فَذُوقُوا} يريد عذاب جهنم، لأنكم ما اعتبرتم ولا اتعظتم. {فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} أي مانع من عذاب الله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال