سورة آل عمران / الآية رقم 77 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَهْلَ الكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الهُدَى هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيـهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ وَمِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناًّ قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)}
اعلم أن في تعلق هذه الآية بما قبلها وجوهاً الأول: أنه تعالى لما وصف اليهود بالخيانة في أموال الناس، ثم من المعلوم أن الخيانة في أموال الناس لا تتمشى إلا بالأيمان الكاذبة لا جرم ذكر عقيب تلك الآية هذه الآية المشتملة على وعيد من يقدم على الأيمان الكاذبة الثاني: أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم {يَقُولُونَ عَلَى الله الكذب وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 75] ولا شك أن عهد الله على كل مكلف أن لا يكذب على الله ولا يخون في دينه، لا جرم ذكر هذا الوعيد عقيب ذلك الثالث: أنه تعالى ذكر في الآية السابقة خيانتهم في أموال الناس، ثم ذكر في هذه الآية خيانتهم في عهد الله وخيانتهم في تعظيم أسمائه حين يحلفون بها كذباً، ومن الناس من قال: هذه الآية ابتداء كلام مستقل بنفسه في المنع عن الأيمان الكاذبة، وذلك لأن اللفظ عام والروايات الكثيرة دلت على أنها إنما نزلت في أقوام أقدموا على الأيمان الكاذبة، وإذا كان كذلك وجب اعتقاد كون هذا الوعيد عاماً في حق كل من يفعل هذا الفعل وأنه غير مخصوص باليهود.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اختلفت الروايات في سبب النزول، فمنهم من خصها باليهود الذين شرح الله أحوالهم في الآيات المتقدمة، ومنهم من خصها بغيرهم.
أما الأول ففيه وجهان الأول: قال عكرمة إنها نزلت في أحبار اليهود، كتموا ما عهد الله إليهم في التوراة من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وكتبوا بأيديهم غيره وحلفوا بأنه من عند الله لئلا يفوتهم الرشا، واحتج هؤلاء بقوله تعالى في سورة البقرة {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بعهدِكُم} [البقرة: 40] الثاني: أنها نزلت في ادعائهم أنه {لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأميين سَبِيلٌ} [آل عمران: 75] كتبوا بأيديهم كتاباً في ذلك وحلفوا أنه من عند الله وهو قول الحسن.
وأما الاحتمال الثاني: ففيه وجوه:
الأول: أنها نزلت في الأشعث بن قيس، وخصم له في أرض، اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال للرجل: أقم بيِّنَتَك فقال الرجل: ليس لي بينة فقال للأشعث فعليك اليمين فهم الأشعث باليمين فأنزل الله تعالى هذه الآية فنكل الأشعث عن اليمين ورد الأرض إلى الخصم واعترف بالحق، وهو قول ابن جريج الثاني: قال مجاهد: نزلت في رجل حلف يميناً فاجرة في تنفيق سلعته الثالث: نزلت في عبدان وامرئ القيس اختصما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في أرض، فتوجه اليمين على امرئ القيس، فقال: أنظرني إلى الغد، ثم جاء من الغد وأقر له بالأرض، والأقرب الحمل على الكل.
فقوله: {إِنَّ الذين يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله} يدخل فيه جميع ما أمر الله به ويدخل فيه ما نصب عليه الأدلة ويدخل فيه المواثيق المأخوذة من جهة الرسول، ويدخل فيه ما يلزم الرجل نفسه، لأن كل ذلك من عهد الله الذي يلزم الوفاء به.
قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَّنْ عاهد الله لَئِنْ ءاتانا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: 75] الآية وقال: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ العهد كَانَ مَسْؤُولاً} [الإسراء: 34] وقال: {يُوفُونَ بالنذر} [الإنسان: 7] وقال: {مّنَ المؤمنين رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عاهدوا الله عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] وقد ذكرنا في سورة البقرة معنى الشراء، وذلك لأن المشتري يأخذ شيئاً ويعطي شيئاً فكل واحد من المعطى والمأخوذ ثمن للآخر، وأما الأيمان فحالها معلوم وهي الحلف التي يؤكد بها الإنسان خبره من وعد، أو وعيد، أو إنكار، أو إثبات.
ثم قال تعالى: {أولئك لاَ خلاق لَهُمْ فِي الأخرة وَلاَ يُكَلّمُهُمُ الله وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القيامة وَلاَ يُزَكّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} واعلم أنه تعالى فرع على ذلك الشرط وهو الشراء بعهد الله والأيمان ثمناً قليلاً، خمسة أنواع من الجزاء أربعة منها في بيان صيرورتهم محرومين عن الثواب والخامس: في بيان وقوعهم في أشد العذاب، أما المنع من الثواب فاعلم أن الثواب عبارة عن المنفعة الخالصة المقرونة بالتعظيم.
فالأول: وهو قوله: {أولئك لاَ خلاق لَهُمْ فِي الأخرة} إشارة إلى حرمانهم عن منافع الآخرة.
وأما الثلاثة الباقية: وهي قوله: {وَلاَ يُكَلّمُهُمُ الله وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكّيهِمْ} فهو إشارة إلى حرمانهم عن التعظيم والإعزاز.
وأما الخامس: وهو قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فهو إشارة إلى العقاب، ولما نبهت لهذا الترتيب فلنتكلم في شرح كل واحد من هذه الخمسة:
أما الأول: وهو قوله: {لاَ خلاق لَهُمْ فِي الأخرة} فالمعنى لا نصيب لهم في خير الآخرة ونعيمها واعلم أن هذا العموم مشروط بإجماع الأمة بعدم التوبة، فإنه إن تاب عنها سقط الوعيد بالإجماع وعلى مذهبنا مشروط أيضاً بعدم العفو فإنه تعالى قال: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48].
وأما الثاني: وهو قوله: {وَلاَ يُكَلّمُهُمُ الله} ففيه سؤال، وهو أنه تعالى قال: {فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93] وقال: {فَلَنَسْئَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ المرسلين} [الأعراف: 6] فكيف الجمع بين هاتين الآيتين، وبين تلك الآية؟ قال القفال في الجواب: المقصود من كل هذه الكلمات بيان شدة سخط الله عليهم، لأن من منع غيره كلامه في الدنيا، فإنما ذلك بسخط الله عليه وإذا سخط إنسان على آخر، قال له لا أكلمك، وقد يأمر بحجبه عنه ويقول لا أرى وجه فلان، وإذا جرى ذكره لم يذكره بالجميل فثبت أن هذه الكلمات كنايات عن شدة الغضب نعوذ بالله منه.
وهذا هو الجواب الصحيح، ومنهم من قال: لا يبعد أن يكون إسماع الله جلّ جلاله أولياءه كلامه بغير سفير تشريفاً عالياً يختص به أولياءه، ولا يكلم هؤلاء الكفرة والفساق، وتكون المحاسبة معهم بكلام الملائكة ومنهم من قال معنى هذه الآية أنه تعالى لا يكلمهم بكلام يسرهم وينفعهم، والمعتد هو الجواب الأول.
وأما الثالث: وهو قوله تعالى: {وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ} فالمراد إنه لا ينظر إليهم بالإحسان، يقال فلان لا ينظر إلى فلان، والمراد به نفي الاعتداد به وترك الإحسان إليه، والسبب لهذا المجاز أن من اعتد بالإنسان التفت إليه وأعاد نظره إليه مرة بعد أخرى، فهلذا السبب صار نظر الله عبارة عن الاعتداد والإحسان، وإن لم يكن ثم نظر، ولا يجوز أن يكون المراد من هذا النظر الرؤية، لأنه تعالى يراهم كما يرى غيرهم، ولا يجوز أن يكون المراد من النظر تقليب الحدقة إلى جانب المرئي التماساً لرؤيته لأن هذا من صفات الأجسام، وتعالى إلهنا عن أن يكون جسماً، وقد احتج المخالف بهذه الآية على أن النظر المقرون بحرف (إلى) ليس للرؤية وإلا لزم في هذه الآية أن لا يكون الله تعالى رائياً لهم وذلك باطل.
وأما الرابع: وهو قوله: {وَلاَ يُزَكّيهِمْ} ففيه وجوه:
الأول: أن لا يطهرهم من دنس ذنوبهم بالمغفرة بل يعاقبهم عليها والثاني: لا يزكيهم أي لا يثني عليهم كما يثني على أوليائه الأزكياء والتزكية من المزكى للشاهد مدح منه له.
واعلم أن تزكية الله عباده قد تكون على ألسنة الملائكة كما قال: {والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ سلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عقبى الدار} [الرعد: 23، 24] وقال: {وتتلقاهم الملائكة هذا يَوْمُكُمُ الذي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103] {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الحياة الدنيا وَفِى الأخرة} [فصلت: 21] وقد تكون بغير واسطة، أما في الدنيا فكقوله: {التائبون العابدون} [التوبة: 112] وأما في الآخرة فكقوله: {سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبّ رَّحِيمٍ} [يس: 58].
وأما الخامس: وهو قوله: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فاعلم أنه تعالى لما بيّن حرمانهم من الثواب بيّن كونهم في العقاب الشديد المؤلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال