سورة فاطر / الآية رقم 45 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يس وَالْقُرْآنِ الحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ تَنزِيلَ العَزِيزِ الرَّحِيمِ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَداًّ وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَداًّ فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ

فاطرفاطرفاطريسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بما كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)}
{وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس} جميعًا {ا كَسَبُواْ} فعلوا من السيآت كما واخذ أولئك {مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا} أي ظهر الأرض وقد سبق ذكرها في قوله تعالى: {فِي السموات وَلاَ فِى الارض} [فاطر: 44] فليس من الاضمار قبل الذكر كما زعمه الرضى؛ وظهر الأرض مجاز عن ظاهرها كما قال الراغب. وغيره، وقيل: في الكلام استعارة مكنية تخييلية والمراد ما ترك عليها {مِن دَابَّةٍ} أي من حيوان يدب على الأرض لشؤم المعاصي، وقد قال سبحانه: {واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وهو المروى عن ابن مسعود، وقيل: المراد بالدابة الانس وحدهم وأيد بقوله تعالى: {ولكن يُؤَخِرُهُمْ إلى أَجَلٍ مسمى} وهو يوم القيامة فإن الضمير للناس لأنه ضمير العقلاء ويوم القيامة الأجل المضروب لبقاء نوعهم، وقيل: هو لجميع من ذكر تغليبًا ويوم القيامة الأجل المضروب لبقاء جنس المخلوقات {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ الله كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} فيجازي المكلفين منهم عند ذلك بأعمالهم إن شرا فشر وإن خيرًا فخير، وجملة «فإن الله» إلخ موضوعة موضع الجزاء والجزاء في الحقيقة يجازي كما أشرنا إليه، هذا والله تعالى هو الموفق للخير ولا اعتماد إلا عليه.
ومن باب الإشارة: {الحمد للَّهِ فَاطِرِ السموات والارض} إشارة إلى إيجاد عاملي اللطافة والكثافة وإلى أن إيجاد عالم اللطافة مقدم على إيجاد عالم الكثافة، ويشير إلى ذلك ما شاع خلق الله تعالى الأرواح قبل الأبدان بأربعة آلاف سنة {جَاعِلِ الملائكة رُسُلًا} في إيصال أو أمره من يشاء من عباده أو وسائط تجري إرادته سبحانه في مخلوقاته على أيديهم {أُوْلِى أَجْنِحَةٍ مثنى وثلاث ورباع} إشارة إلى اختلافهم في الاستعداد {يَزِيدُ فِى الخلق مَا يَشَاء} [فاطر: 1] عام في الملك وغيره، وفسرت الزيادة بهبة استعداد رؤيته عز وجل: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [يونس: 26] {مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ} الزيادة المشار إليها وغيرها {فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} [فاطر: 2] فيه إشارة إلى أن رحمته سبحانه سبقت غضبه عز وجل: {وَإِن يُكَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ} [فاطر: 4] تسلية لحبيه صلى الله عليه وسلم وإرشاد لورثته إلى الصبر على إيذاء اعدائهم لهم وتكذيبهم إياهم وإنكارهم عليهم {والله الذى أَرْسَلَ الرياح فَتُثِيرُ سحابا فَسُقْنَاهُ إلى بَلَدٍ مَّيّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الارض بَعْدَ مَوْتِهَا} [فاطر: 9] جرت سنته تعالى في أحياء الأرض بهذه الكيفية كذلك إذا أراد سبحانه احياء أرض القلب فيرسل أولا رياح الإرادة فتسير سحاب المحبة ثم يأتي مطر الجود والعناية فينبت في القلب رياحين الروح وأزهار البسط ونوار الأنوار ويطيب العيش.
{مَن كَانَ يُرِيدُ العزة فَلِلَّهِ العزة جَمِيعًا}
[فاطر: 10] إشارة إلى أن العزة الحقيقية لا تحصل بدون الفناء، ولا تغفل عن حديث: «لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل» إلخ {والله خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ} وهو أبعد المخلوقات من الحضرة وأسفلها وأكثفها {ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ} وفيها نوع ما من اللطافة {ثُمَّ جَعَلَكُمْ أزواجا} [فاطر: 11] إشارة إلى ما حصل لهم من ازدواج الروح اللطيف العلوي والقالب الكثيف السفلى وهو مبدأ استعداد الوقوف على عوالم الغيب والشهادة {وَمَا يَسْتَوِى البحران} قيل أي بحر العلم الوهبي وبحر العلم الكسبي {هذا} أي بحر العلم الوهبي {عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ} لخلوه عن عوارض الشكوك والأوهام {وهذا} أي بحر العلم الكسبي {مِلْحٌ أُجَاجٌ} لما فيه من مشقة الفكر ومرارة الكسب وعروض الشكوك والتردد والاضطراب {وَمِن كُلّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} إشارات لطيفة تتغذون بها وتتقون على الأعمال {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} وهي الأخلاق الفاضلة والآداب الجميلة والأحوال المستحسنة التي تكسب صاحبها زينة {وَتَرَى الفلك} سفن الشريعة والطريقة {فِيهِ مَوَاخِرَ} جارية {لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} [فاطر: 12] بالوصول إلى حضرته عز وجل فعل ذلك {خَبِيرٍ ياأيها الناس أَنتُمُ الفقراء إِلَى الله} في سائر شؤونكم، ومراتب الفقر متغاوتة وكلما ازداد الإنسان قربًا منه عز وجل ازداد فقره إليه لازدياد المحبة حينئذ وكلما زاد العشق زاد فقر العاشق إلى المعشوق حتى يفني {والله هُوَ الغنى الحميد} [فاطر: 15] فيه من البشارة ما فيه {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] أي العلماء به تعالى وبشؤونه فهم كلما ازدادوا علما ازدادوا خشية لما يظهر لهم من عظمته عز وجل وأنهم بالنسبة إليه تعالى شأنه لا شيء {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكتاب الذين اصطفينا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظالم لّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات بِإِذُنِ الله} [فاطر: 32] قيل: الظالم لنفسه السالك والمقتصد السالك المجذوب والسابق المجذوب السالك، والسالك هو المتقرب والمجذوب هو المقرب والمجذوب السالك هو المستهلك في كمالات القرب الفاني عن نفسه الباقي بربه عز وجل: {وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذى أَذْهَبَ عَنَّا الحزن} حزن تخيل الهجر فلا حزن للعاشق أعظم من حزن تخيل هجر معشوقه له وجفوته إياه {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 34] فلا بدع إذا أذهب عنا ذلك وآمننا من القطيعة والهجران {الذى أَحَلَّنَا دَارَ المقامة مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ} هو نصب الأبدان وتعبها من أعمال الطاعة للتقرب إليه سبحانه: {وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: 35] هو لغوب القلوب واضطرابها من تخيل القطيعة والرد وهجر الحبيب، وقيل: لا يسمنا فيها نصب السعي في تحصيل أي أمر اردناه ولا يمسنا فيها لغوب تخيل ذهاب أي مطلوب حصلناه، وقد أشاروا إلى أن كل ذلك من فضل الله تاعلى والله عز وجل ذو الفضل العظيم، هذا ونسأل الله تعالى من فضله الحلو ما تنشق منه مرارة الحسود وينفطر به قلب كل عدو وينتعش فؤاد كل محب ودود.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال