سورة يس / الآية رقم 21 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ القَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا المُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ البَلاغُ المُبِينُ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالُوا طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ وَمَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَأَتَّخِذُ مِـن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لاَ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ إِنِّي إِذاً لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ قِيلَ ادْخُلِ الجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ المُكْرَمِينَ

يسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27) وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (28) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (29)}
هو حبيب بن مري وكان نجارا.
وقيل: إسكافا.
وقيل: قصارا.
وقال ابن عباس ومجاهد ومقاتل: هو حبيب بن إسرائيل النجار وكان ينحت الأصنام، وهو ممن آمن بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبينهما ستمائة سنة، كما آمن به تبع الأكبر وورقة بن نوفل وغيرهما. ولم يؤمن بنبي أحد إلا بعد ظهوره. قال وهب: وكان حبيب مجذوما، ومنزله عند أقصى باب من أبواب المدينة، وكان يعكف على عبادة الأصنام سبعين سنة يدعوهم، لعلهم يرحمونه ويكشفون ضره فما استجابوا له، فلما أبصر الرسل دعوه إلى عبادة الله فقال: هل من آية؟ قالوا: نعم ندعو ربنا القادر فيفرج عنك ما بك. فقال: إن هذا لعجب لي، أدعو هذه الآلهة سبعين سنة تفرج عني فلم تستطع، فكيف يفرجه ربكم في غداة واحدة؟ قالوا: نعم ربنا على ما يشاء قدير، وهذه لا تنفع شيئا ولا تضر. فآمن ودعوا ربهم فكشف الله ما به، كأن لم يكن به بأس، فحينئذ أقبل على التكسب، فإذا أم سى تصدق بكسبه، فأطعم عياله نصفا وتصدق بنصف، فلما هم قومه بقتل الرسل جاءهم. ف {قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} الآية قال قتادة: كان يعبد الله في غار، فلما سمع بخبر المرسلين جاء يسعى، فقال للمرسلين: أتطلبون على ما جئتم به أجرا؟ قالوا: لا ما أجرنا إلا على الله. قال أبو العالية: فاعتقد صدقهم وآمن بهم وأقبل على قومه ف {قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}. أي لو كانوا متهمين لطلبوا منكم المال {وَهُمْ مُهْتَدُونَ} فاهتدوا بهم. {وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} قال قتادة: قال له قومه أنت على دينهم؟! فقال: {وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي} أي خلقني. {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وهذا احتجاج منه عليهم. وأضاف الفطرة إلى نفسه، لأن ذلك نعمة عليه توجب الشكر، والبعث إليهم: لأن ذلك وعيد يقتضي الزجر، فكان إضافة النعمة إلى نفسه اظهر شكرا، وإضافة البعث إلى الكافر أبلغ أثرا. {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} يعني أصناما. {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ} يعني ما أصابه من السقم. {لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ} يخلصوني مما أنا فيه من البلاء {إِنِّي إِذاً} يعني إن فعلت ذلك {لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي خسران ظاهر} {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ} قال ابن مسعود: خاطب الرسل بأنه مؤمن بالله ربهم، ومعنى {فَاسْمَعُونِ} أي فأشهدوا، أي كونوا شهودي بالإيمان.
وقال كعب ووهب: إنما قال ذلك لقومه إنى آمنت بربكم الذي كفرتم به.
وقيل: إنه لما قال لقومه {اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً} رفعوه إلى الملك وقالوا: قد تبعت عدونا، فطول معهم الكلام ليشغلهم بذلك عن قتل الرسل، إلى أن قال: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ} فوثبوا عليه فقتلوه. قال ابن مسعود: وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره، وألقي في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس.
وفي رواية أنهم قتلوا الرسل الثلاثة.
وقال السدي رموه بالحجارة وهو يقول: اللهم أهد قومي حتى قتلوه.
وقال الكلبي: حفروا حفرة وجعلوه فيها، وردموا فوقه التراب فمات ردما.
وقال الحسن: حرقوه حرقا، وعلقوه من سور المدينة وقبره في سور أنطاكية، حكاه الثعلبي. قال القشيري: وقال الحسن لما أراد القوم أن يقتلوه رفعه الله إلى السماء، فهو في الجنة لا يموت إلا بفناء السماء وهلاك الجنة، فإذا أعاد الله الجنة أدخلها.
وقيل: نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه، فوالله ما خرجت روحه إلا إلى الجنة فدخلها، فذلك قوله: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ} وقال جماعة: معنى {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ} وجبت لك الجنة، فهو خبر بأنه قد استحق دخول الجنة: لأن دخولها يستحق بعد البعث.
قلت: والظاهر من الآية أنه لما قتل قيل له ادخل الجنة. قال قتادة: أدخله الله الجنة وهو فيها حي يرزق، أراد قول تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] على ما تقدم في آل عمران بيانه. والله أعلم. قوله تعالى: {قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} مرتب على تقدير سؤال سائل عما وجد من قول عند ذلك الفوز العظيم الذي هو {بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} وقرئ: {من المكرمين} وفي معنى تمنيه قولان: أحد هما أنه تمنى أن يعلموا بحاله ليعلموا حسن مآله وحميد عاقبته.
الثاني تمنى ذلك ليؤمنوا مثل إيمانه فيصيروا إلى مثل حاله. قال ابن عباس: نصح قومه حيا وميتا. رفعه القشيري فقال: وفي الخبر أنه عليه السلام قال في هذه الآية: «إنه نصح لهم في حياته وبعد موته».
وقال ابن أبي ليلى: سباق الأمم ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين، علي بن أبي طالب وهو أفضلهم، ومؤمن آل فرعون، وصاحب يس، فهم الصديقون. ذكره الزمخشري مرفوعا عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي هذه الآية تنبيه عظيم، ودلالة على وجوب كظم الغيظ، والحلم عن أهل الجهل، والترؤف على من أدخل نفسه في غمار الأشرار واهل البغي، والتشمر في تخليصه، والتلطف في افتدائه، والاشتغال بذلك عن الشماتة به والدعاء عليه. ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته، والباغين له الغوائل وهم كفرة عبدة أصنام، فلما قتل حبيب غضب الله له وعجل النقمة على قومه، فأمر جبريل فصاح بهم صيحة فماتوا عن آخرهم، فذلك قوله: {وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ} أي ما أنزلنا عليهم من رسالة ولا نبي بعد قتله، قال قتادة ومجاهد والحسن. قال الحسن: الجند الملائكة النازلون بالوحي على الأنبياء.
وقيل: الجند العساكر، أي لم أحتج في هلاكهم إلى إرسال جنود ولا جيوش ولا عساكر بل أهلكهم بصيحة واحدة. قال معناه ابن مسعود وغيره. فقوله: {وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ} تصغير لأمرهم، أي أهلكناهم بصيحة واحدة من بعد ذلك الرجل، أو من بعد رفعه إلى السماء.
وقيل: {وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ} على من كان قبلهم.
الزمخشري: فان قلت فلم أنزل الجنود من السماء يوم بدر والخندق؟ فقال: {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها} [الأحزاب 9]، وقال: {بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ} [آل عمران: 24 1]. {بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125]. قلت: إنما كان يكفي ملك واحد، فقد أهلكت مدائن قوم لوط بريشة من جناح جبريل، وبلاد ثمود وقوم صالح بصيحة، ولكن الله فضل محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكل شيء على سائر الأنبياء وأولي العزم من الرسل فضلا عن حبيب النجار، وأولاه من أسباب الكرامة والإعزاز ما لم يوله أحدا، فمن ذلك أنه أنزل له جنودا من السماء، وكأنه أشار بقوله: {وَما أَنْزَلْنا}. {وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ} إلى أن إنزال الجنود من عظائم الأمور التي لا يؤهل لها إلا مثلك، وما كنا نفعل لغيرك. {إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً} قراءة العامة {واحِدَةً} بالنصب على تقدير ما كانت عقوبتهم إلا صيحة واحدة. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة والأعرج: {صيحة} بالرفع هنا، وفي قوله: {إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ} جعلوا الكون بمعنى الوقوع والحدوث، فكأنه قال: ما وقعت عليهم إلا صيحة واحدة. وأنكر هذه القراءة أبو حاتم وكثير من النحويين بسبب التأنيث فهو ضعيف، كما تكون ما قامت إلا هند ضعيفا من حيث كان المعنى ما قام أحد إلا هند. قال أبو حاتم: فلو كان كما قرأ أبو جعفر لقال: إن كان إلا صيحة. قال النحاس: لا يمتنع شيء من هذا، يقال: ما جاءتني إلا جاريتك، بمعنى ما جاءتني امرأة أو جارية إلا جاريتك. والتقدير في القراءة بالرفع ما قاله أبو إسحاق، قال: المعنى إن كانت عليهم صيحة إلا صيحة واحدة، وقدره غيره: ما وقع عليهم إلا صيحة واحدة. وكان بمعنى وقع كثير في كلام العرب. وقرأ عبد الرحمن بن الأسود- ويقال إنه في حرف عبد الله كذلك: {إن كانت إلا زقية واحدة}. وهذا مخالف للمصحف. وأيضا فإن اللغة المعروفة زقا يزقو إذا صاح، ومنه المثل: أثقل من الزواقي، فكان يجب على هذا أن يكون زقوة. ذكره النحاس.
قلت: وقال الجوهري الزقو والزقي مصدر، وقد زقا الصدى يزقو زقاء: أي صاح، وكل صائح زاق، والزقية الصيحة. قلت: وعلى هذا يقال: زقوة وزقية لغتان، فالقراء صحيحة لا اعتراض عليها. والله أعلم. {فَإِذا هُمْ خامِدُونَ} أي ميتون هامدون، تشبيها بالرماد الخامد.
وقال قتادة: هلكى. والمعنى واحد.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال