سورة يس / الآية رقم 54 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الفُلْكِ المَشْحُونِ وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ المُرْسَلُونَ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ فَالْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

يسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51) قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (53) فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54)}
قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} هذه النفخة الثانية للنشأة. وقد بينا في سورة النمل أنهما نفختان لا ثلاث. وهذه الآية دالء على ذلك.
وروى المبارك بن فضالة عن الحسن قال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «بين النفختين أربعون سنة الأولى يميت الله بها كل حي والأخرى يحيى الله بها كل ميت».
وقال قتادة: الصور جمع صورة، أي نفخ في الصور الأرواح. وصورة وصور مثل سورة، قال العجاج:
ورب ذى سرادق محجور *** سرت إليه في أعالي السور
وقد روى عن أبى هريرة أنه قرأ {ونفخ في الصور}. النحاس: والصحيح أن {الصور} بإسكان الواو. القرن، جاء بذلك التوقيف عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك معروف في كلام العرب. أنشد أهل اللغة:
نحن نطحناهم غداة الغورين *** بالضابحات في غبار النقعين
نطحا شديدا لا كنطح الصورين وقد مضى هذا في الأنعام مستوفى. {فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ} أي القبور. وقرى بالفاء {من الاجداف} ذكره الزمخشري. يقال جدث وجدف. واللغة الفصيحة الجدث بالثاء والجمع أجدث وأجداث، قال المتنخل الهذلي:
عرفت بأجدث فنعاف عرق *** علامات كتحبير النماط
واجتدث أي اتخذ جدثا. {إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} أي يخرجون، قاله ابن عباس وقتادة. ومنه قول امرى القيس:
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي ***
ومنه قيل للولد نسل، لأنه يخرج من بطن أمه.
وقيل: يسرعون. والنسلان والعسلان الإسراع في السير، ومنه مشية الذئب، قال:
عسلان الذئب أمسى قاربا *** وبرد الليل عليه فنسل
يقال: عسل الذئب ونسل، يعسل وينسل، من باب ضرب يضرب. ويقال: ينسل بالضم أيضا. وهو الإسراع في المشي، فالمعنى يخرجون مسرعين. وفى التنزيل:
{ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ} [لقمان: 28]، وقال: {يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ} [القمر: 7]، وفي {سائل سائل} [المعارج: 1] {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج: 43] أي يسرعون. وفى الخبر: شكونا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الضعف فقال: {عليكم بالنسل} أي بالإسراع في المشي فإنه ينشط. قوله تعالى: {قالُوا يا وَيْلَنا} قال ابن الأنباري: {يا وَيْلَنا} وقف حسن ثم تبتدئ {مَنْ بَعَثَنا} وروي عن بعض القراء {يا ويلنا من بعثنا} بكسر من والثاء من البعث. روي ذلك عن علي رضي الله عنه، فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على قوله: {يا وَيْلَنا} حتى يقول: {مِنْ مَرْقَدِنا}.
وفي قراءة أبي بن كعب {من هبنا} بالوصل {مِنْ مَرْقَدِنا} فهذا دليل على صحة مذهب العامة. قال المهدوي: قرأ ابن أبي ليلى: {قالوا يا ويلتنا} بزيادة تاء وهو تأنيث الوصل، ومثله: {يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} [هود: 72]. وقرأ علي رضي الله عنه {يا ويلتا من بعثنا} ف {من} متعلقة بالويل أو حال من {وَيْلَتى} فتتعلق بمحذوف، كأنه قال: يا ويلتا كائنا من بعثنا، وكما يجوز أن يكون خبرا عنه كذلك يجوز أن يكون حالا منه. و{الرَّحْمنِ} من قوله: {مِنْ مَرْقَدِنا} متعلقة بنفس البعث. ثم قيل: كيف قالوا هذا وهم من المعذبين في قبورهم؟ فالجواب أن أبي بن كعب قال: ينامون نومة. وفى رواية فيقولون: يا ويلنا من أهبنا من مرقدنا. قال أبو بكر الأنباري: لا يحمل هذا الحديث على أن {أهبنا} من لفظ القرآن كما قال من طعن في القرآن، ولكنه تفسير {بَعَثَنا} أو معبر عن بعض معانيه. قال أبو بكر: وكذا حفظته {من هبنا} بغير ألف في أهبنا مع تسكين نون من. والصواب فيه على طريق اللغة {من أهبنا} بفتح النون على أن فتحة همزة أهب ألقيت على نون {من} وأسقطت الهمزة، كما قالت العرب: من أخبرك من أعلمك؟ وهم يريدون من أخبرك. ويقال: أهببت النائم فهب النائم. أنشدنا أحمد بن يحيى النحوي:
وعاذلة هبت بليل تلومني *** ولم يعتمرني قبل ذاك عذول
وقال أبو صالح: إذا نفخ النفخة الأولى رفع العذاب عن أهل القبور وهجعوا هجعة إلى النفخة الثانية وبينهما أربعون سنة، فذلك قولهم: {من بعثنا من مرقدنا} وقال ابن عباس وقتادة.
وقال أهل المعاني: إن الكفار إذا عاينوا جهنم وما فيها من أنواع العذاب صار ما عذبوا به في قبورهم إلى جنب عذابها كالنوم. قال مجاهد: فقال لهم المؤمنون {هذا ما وعد الرحمن}. قال قتادة: فقال لهم من هدى الله: {هذا ما وعد الرحمن}.
وقال الفراء: فقال لهم الملائكة: {هذا ما وعد الرحمن}. النحاس: وهذه الأقوال متفقة، لأن الملائكة من المؤمنين وممن هدى الله عز وجل. وعلى هذا يتأول قول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] وكذا الحديث: «المؤمن عند الله خير من كل ما خلق». ويجوز أن تكون الملائكة وغيرهم من المؤمنين قالوا لهم: {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ}.
وقيل: إن الكفار لما قال بعضهم لبعض: {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} صدقوا الرسل لما عاينوا ما أخبروهم به، ثم قالوا {هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} فكذبنا به، أقروا حين لم ينفعهم الإقرار. وكان حفص يقف على {مِنْ مَرْقَدِنا} ثم يبتدئ فيقول: {هذا}. قال أبو بكر بن الأنباري: {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا} وقف حسن، ثم تبتدئ: {هذا ما وعد الرحمن} ويجوز أن تقف على {مرقدنا هذا} فتخفض هذا على الإتباع للمرقد، وتبتدئ: {ما وعد الرحمن} على معنى بعثكم ما وعد الرحمن، أي بعثكم وعد الرحمن. النحاس: التمام على {مِنْ مَرْقَدِنا} و{هذا} في موضع رفع بالابتداء وخبره {ما وَعَدَ الرَّحْمنُ}. ويجوز أن يكون في موضع خفض على النعت ل {مَرْقَدِنا} فيكون التمام {مِنْ مَرْقَدِنا هذا}. {ما وَعَدَ الرَّحْمنُ} في موضع رفع من ثلاث جهات. ذكر أبو إسحاق منها اثنتين قال: يكون بإضمار هذا. والجهة الثانية أن يكون بمعنى حق ما وعد الرحمن بعثكم. والجهة الثالثة أن يكون بمعنى ما وعد الرحمن. {إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً} يعني إن بعثهم وإحياءهم كان بصيحة واحدة وهي قول إسرافيل: أيتها العظام البالية، والأوصال المقتطعة والشعور المتمزقة! إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. وهذا معنى قول الحق: {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} [ق: 42]. وقال: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ} [القمر: 8] على ما يأتي.
وفي قراءة ابن مسعود إن صح عنه {إن كانت إلا زقية واحدة} والزقية الصيحة، وقد تقدم هذا. {فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ} {فإذا هم} مبتدأ وخبره {جميع} نكرة، و{محضرون} من صفته. ومعنى {مُحْضَرُونَ} مجموعون أحضروا موقف الحساب، وهو كقوله: {وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ} [النحل: 77]. قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} أي لا تنقص من ثواب عمل. {وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} {مِمَّا} في محل نصب من وجهين: الأول أنه مفعول ثان لما لم يسم فاعله. والثاني بنزع حرف الصفة تقديره: إلا بما كنتم تعملون، أي تعملونه فحذف.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال