سورة يس / الآية رقم 79 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَّعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ فَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ أَوَ لَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الخَلاَّقُ العَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ

يسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسيسالصافات




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (71) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (73) وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74) لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75) فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (76) أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}.
التفسير:
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ} هو عرض للآيات الكونية، التي تكشف عنها الآيات القرآنية لأبصار هؤلاء المشركين، الذين دعوا إلى إعادة النظر في كتاب اللّه، وإلى إخلاء مشاعرهم من القول بأنه شعر، وأن الرسول الذي جاء به من عند اللّه شاعر.
فهذا الكتاب الذي بين أيديهم ليس شعرا، إنه ذكر وقرآن مبين.
ومن الذكر الذي في هذا القرآن- هذا العرض الذي تعرض في آياته هذه المظاهر من قدرة اللّه، وصنعة يده.
فهذه الأنعام التي يملكها هؤلاء المشركون، والتي فيها عبرة وذكرى لمن سمع، ووعى.. من خلقها؟ ومن جعل لهم سلطانا عليها؟ ومن وضعها في أيديهم وجعلها ملكا خالصا لهم؟.
ألا فلينظروا بعقولهم إلى هذه الأنعام، وليجيبوا على هذه الأسئلة التي تطلع عليهم منها.
إنها صنعة اللّه، وفى ملكه.. ولكنه- سبحانه- قد ملّكهم اللّه إياها، وأقدرهم على تسخيرها، والانتفاع بها.
{وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ} أي أنه لو لا أن ذللّها اللّه لهم، وجعلها في خدمتهم، لما قدروا عليها، ولما أمسكوا بها.. إذ كانت أقوى قوّة منهم.. ولو شاء اللّه لجعلها في طبائع الحيوانات المفترسة، التي لا تألف الناس، ولا يألفها الناس.. فلا يكون لهم منها نفع أبدا.
{وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ} أي أن في هذه الأنعام منافع كثيرة لهم.. يركبونها، ويحملون عليها أمتعتهم، ويأكلون لحومها، ويشربون ألبانها، ويتخذون من أصوافها وأوبارها وأشعارها وجلودها أثاثا ومتاعا.. أفلا يشكرون اللّه على ذلك؟
قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ}.
هو عطف حدث على حدث.. وبين الحدثين تغاير كبير، وتفاوت بعيد، والشأن بين المتعاطفين أن يتقاربا، ويتجاوبا.. ولكن في هذا العطف فضح لضلال المشركين، وانحرافهم هذا الانحراف الحادّ، عن الطريق السوىّ.. حيث يقابلون الإحسان بالكفران.
فاللّه سبحانه وتعالى يفضل عليهم بهذه النعم، خلقا، وتسخيرا، وتذليلا.
وهم يكفرون به، ويحادّونه، ويتخذون من دونه آلهة.. فما أبعد ما بين الإحسان والكفران!.
وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ} بيان للغاية التي يقصد إليها المشركون من اتخاذ هذه الآلهة من دون اللّه.. إنهم يرجون من وراء ذلك الاستعانة بها على ما يغلبهم من شئون الحياة، وما يلقاهم على طريقها من عقبات.
وهيهات.. ضعف الطالب والمطلوب..!
قوله تعالى: {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}.
هو ردّ على معتقد المشركين في آلهتهم.. فهؤلاء الآلهة الذين اتخذوهم من دون اللّه معبودين لهم، يرجون منهم نصرا- هؤلاء الآلهة لا يستطيعون لهم نصرا، بل وأكثر من هذا، فإن آلهتهم هذه، محتاجة إلى من يحرسها، ويدفع عنها يد المعتدين.
وهؤلاء المشركون هم أنفسهم، جند محضرون، يقومون على حماية هذه الآلهة، وحراستها، وحراسة ما تزيّن من به حلىّ، وما يلقى عليها من ملابس.
فقوله تعالى: {وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} الضمير {هم} يعود إلى المشركين، وفى قوله تعالى: {مُحْضَرُونَ} إشارة إلى أن هناك قوى مسلطة على هؤلاء المشركين، تجعل منهم جندا لخدمة هذه الآلهة.. وهذه القوى هى تلك المشاعر المتولدة من معتقدهم الفاسد، وتصورهم المريض، حيث تسوقهم هذه المشاعر الضالة، سوقا، إلى التزلّف لهذه الدّمى، والولاء الأعمى لها.
{فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ.. إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ}.
هو عزاء كريم، للنبى الكريم، من ربّ كريم، مما يرميه به قومه من يذىء القول وساقطه.. {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} هذا الذي يقولونه عنك، من أنك كاذب، وشاعر، ومجنون، ولا يحزنك ما يقولونه في آلهتهم، وأنها شفعاء لهم من دون اللّه.
وفى قوله تعالى: {إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ}.
تهديد للمشركين، ووعيد لهم بالحساب الشديد، والعذاب الأليم، فاللّه سبحانه يعلم ما يسرون وما يعلنون، من كفر، وضلال، وبهتان، وهو سبحانه محاسبهم ومجازيهم عليه.
قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}.
هو مراجعة لهؤلاء المشركين، وتنبيه لهم من هذه الغفلة المستولية عليهم.
وفى هذا الاستفهام التقريرى الموجه إلى الإنسان على إطلاقه- دعوة إلى كل إنسان أن ينظر في نفسه، وأن يمد بصره، إلى نقطة الابتداء في حياته، ثم ليسير مع نقطة الابتداء هذه في الطريق الذي سلكه، حتى صار هذا الإنسان، الذي يجادل، ويخاصم، ويقف من اللّه موقف المحادّ المحارب!.
ألم يكن هذا الإنسان نطفة؟.. إنه لو نظر الإنسان فيها لأنكر نفسه، وما وقع في تصوره أنه كان جرثومة من آلاف الجراثيم السابحة في هذه النطفة.
وأين تلك النطفة أو هذه الجرثومة العالقة بالنطفة- أين هى من هذا الإنسان، الذي أبدعته يد القدرة هذا الإبداع العظيم الحكيم؟
ألا ما أضأل شأن الإنسان، وما أعظمه! ما أضأله نطفة، وما أعظمه رجلا.
ما أضأله ضالا ضائعا، كضلال هذه النطفة وضياعها.
وما أعظمه إنسانا رشيدا، عاقلا مؤمنا، في ثوب الإنسانية الرشيدة العاقلة المؤمنة!.
قوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}.
هو عطف حدث على حدث، عطف خلق اللّه سبحانه الإنسان من نطفة، ثم قيام إنسان من هذه النطفة يجادل اللّه، ويختصمه، ويضرب له الأمثال، احتجاجا وحجة!.
ففاعل الفعل {ضرب} يعود إلى هذا الإنسان الخصيم المبين، الذي تولد من النطفة!.
إنه لم يقف عند هذه الدعوة التي دعاه اللّه سبحانه وتعالى بها إلى أن ينظر في خلقه، وأن يعرف من أين جاء، وكيف كان، ثم كيف صار- لم يقف عند هذه الدعوة، بل أقبل يحاجّ اللّه ويجادله، ويضرب الأمثال له.. {إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [34: إبراهيم].
والمثل الذي ضربه هذا الكافر، ليدلل به على معتقده الفاسد، في إنكار البعث- هذا المثل، هو أنه نظر في هذه العظام البالية التي يراها في قبور الموتى، ثم اتخذ منها معرضا يعرضه على الناس، ويسألهم هذا السؤال الإنكارى الساخر: {مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}؟ أهذه العظام التي أبلاها البلى تعود ثانية كما كانت، ويتشكل منها أصحابها الذين كانوا يحيون بها في الحياة؟
أهذا معقول؟ إن محمدا يقول هذا.. فما ذا تقولون أنتم أيها الناس فيمن يقول هذا القول؟ ألا ترجمونه؟ ألا تسخرون من جنونه؟.
وقوله تعالى: {وَنَسِيَ خَلْقَهُ} جملة حالية، أي أن هذا الكافر ضرب هذا المثل ناسيا خلقه، ولو ذكر خلقه وكيف كان بدؤه، ثم كيف صار- لرأى بعينيه- قبل أن يرى بعقله- إن كان له عقل- أن هذه النطفة التي أقامت منه هذا الإنسان الخصيم المبين، هى أقل من العظام شأنا، وأبعد منها عن مظنّة الحياة.
إذ كانت النطفة لا تعدو- في مرأى العين- أن تكون نقطة ماء قذرة أشبه بالمخاط.. أما العظام فهى تمثل حياة كاملة، كانت تسكن في تلك العظام- إنها عاشت فعلا حياة كاملة، وكان منها إنسان كامل، كهذا الإنسان، الذي يجادل، ويضرب الأمثال للّه.
فهذه العظام، تمثل حياة لها تاريخ معروف.. أما النطفة، فلا ترى عين هذا الجهول فيها أثرا للحياة.
قوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}.
هو الرد المفحم على هذا السؤال الإنكارى.. {مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}؟ إن الذي يحييها، هو الذي أنشأها أول مرة.. لقد أنشأ هذه العظام من نطفة، وألبسها الحياة، ثم أماتها.. ثم هو الذي يحييها.. إنه إعادة لشىء كان بعد أن لم يكن، وإعادة بناء الشيء، أهون- في حسابنا- من ابتداعه، واختراعه أصلا.
وفى قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} إشارة إلى علم اللّه المحيط بكل شىء، ومن كان هذا علمه فلن يعجزه شىء.. فبالعلم استطاع الإنسان أن يحرك الجماد، وينطقه، وبالعلم استطاع أن ينقل الأصوات، وصور المرئيات من طرف الأرض إلى طرفها الآخر في لحظة عين، أو خفقة قلب.. وبالعلم يستطيع الإنسان أن يفعل الكثير، مما تعدّ هذه الأشياء من نوافل علمه.
فكيف بعلم اللّه الذي وسع كل شى ء؟ أيعجزه شى ء؟ إن من يعجز عن أي شيء لا يستحق أن يضاف إليه العلم كله.. إذ لو كان معه العلم كله لما أعجزه شى ء؟ واللّه سبحانه وتعالى: {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [29: البقرة].
قوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ}.
هذه بعض آيات من علم اللّه.. إنه سبحانه خلق الشجر، وقد امتلأ كيانه بالماء يجرى في أصوله، وفروعه وأوراقه.. ثم جعل من طبيعة هذا الشجر أن يجفّ، وأن يقبل الاحتراق، وإذا هو في النار، قطع من الجمر! فأين هذا الشجر الأخضر، من هذا الجمر الملتهب؟
وكما يخرج اللّه سبحانه النار من الماء، يخرج سبحانه الميت من الحىّ، ويخرج الحىّ من الميت.
هذه صورة من الإبداع في الخلق، لا تحتاج في وضوحها إلى علم، وتجربة، وإنما بحسب الإنسان- أي إنسان.. أن يقف قليلا بنظره عندها، فيرى آيات بينات، من علم اللّه وقدرته.
قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ؟ بَلى. وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}.
وصورة أخرى للدلالة على قدرة اللّه سبحانه.. هى هذه السموات والأرض.. من خلقها؟ إنه اللّه سبحانه، بإقرار الكافرين والمشركين أنفسهم.
إنهم لا يعرفون لهما خالقا غيره.. كما يقول سبحانه وتعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [25: لقمان].
وهنا سؤال: أليس الذي خلق السموات والأرض قادرا على أن يخلق سموات كهذه السموات وأرضا كهذه الأرض؟ وبديهية المنطق تقول: إن ذلك ممكن.. فمن صنع شيئا قادرا على أن يصنع أشياء مثله، لا شيئا واحدا.
ولهذا جاء الجواب عن هذا السؤال: {بلى} أي بلى قادر.. {وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ}.
الخلّاق، الذي يزيد في الخلق ما يشاء {العليم} الذي لا يعجزه شى ء! قوله تعالى: {إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
أي إنما شأنه سبحانه في الخلق، أن يريد، فيقع ما يريد.. بلا معاناة ولا بحث.. إنه سبحانه يقول للشىء الذي يريد إيجاده {كن} فيكون كما أراد.
فبالكلمة خلق اللّه كل شىء.. إن الكلمة: {كن} هى مظهر إرادة اللّه. والموجودات هى مظاهر كلمات اللّه.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى {قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً} [109: الكهف].
قوله تعالى: {فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}.
فتسبيحا للّه، وتنزيها له، وإجلالا لجلاله- سبحانه- {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} أي ملك كل شىء، ملكا متمكنا، مستوليا على كل ذرة فيه.
والملكوت: مبالغة في الملك، بالاستيلاء عليه استيلاء مطلقا، يمسك بكل ذرة، وبكل ما دون الذرة منه.
وفى قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} تقرير للبعث، وتأكيد له.. وأنه ما دام بيد اللّه ملكوت كل شيء والناس من أشياء هذا الوجود الذي هو ملك للّه، فإنهم لا بد راجعون إلى اللّه.
وإلى أين يذهب الناس بعد الموت إذا لم يرجعوا إلى اللّه؟ إنهم إذا لم يرجعوا إليه فليسوا إذن في ملكه.. وليس هناك شيء غير مملوك للّه، وهو {الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ}.
(54: الأعراف).




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال