سورة الصافات / الآية رقم 17 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالصَّافَّاتِ صَفاًّ فَالزَّاجِرَاتِ زَجْراً فَالتَّالِيَاتِ ذِكْراً إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ المَشَارِقِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الكَوَاكِبِ وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ لاَ يَسَّمَّعُونَ إِلَى المَلأِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وَإِذَا ذُكِّرُوا لاَ يَذْكُرُونَ وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ هَذَا يَوْمُ الفَصْلِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوَهُمْ إِلَى صِرَاطِ الجَحِيمِ وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ

الصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافاتالصافات




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (11) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12) وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (13) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17)}
قوله تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ} أي سلهم يعني أهل مكة، مأخوذ من استفتاء المفتي. {أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا} قال مجاهد: أي من خلقنا من السموات والأرض والجبال والبحار.
وقيل: يدخل فيه الملائكة ومن سلف من الأمم الماضية. يدل على ذلك أنه أخبر عنهم {بمن} قال سعيد بن جبير: الملائكة.
وقال غيره: {من} الأمم الماضية وقد هلكوا وهم أشد خلقا منهم. نزلت في أبي الأشد بن كلدة، وسمي بأبى الأشد لشدة بطشه وقوته. وسيأتي في {البلد} ذكره. ونظير هذه: {لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: 57] وقوله: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ} [النازعات: 27]. {إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ} أي لاصق، قال ابن عباس. ومنه قول علي رضي الله عنه:
تعلم فإن الله زادك بسطة *** ووأخلاق خير كلها لك لازب
وقال قتادة وابن زيد: معنى {لازب} لازق. الماوردي: والفرق بين اللاصق واللازق أن اللاصق: هو الذي قد لصق بعضه ببعض، واللازق: هو الذي يلتزق بما أصابه.
وقال عكرمة: {لازب} لزج. سعيد بن جبير: أي جيد حر يلصق باليد. مجاهد {لازب} لازم. والعرب تقول: طين لازب ولازم، تبدل الباء من الميم. ومثله قولهم لاتب ولازم. على إبدال الباء بالميم. واللازب الثابت، تقول: صار الشيء ضربة لازب، وهو أفصح من لازم. قال النابغة:
ولا تحسبون الخير لا شر بعده *** ولا تحسبون الشر ضربة لازب
وحكى الفراء عن العرب: طين لاتب بمعنى لازم. واللاتب الثابت، تقول منه: لتب يلتب لتبا ولتوبا، مثل لزب يزب بالضم لزوبا، وأنشد أبو الجراح في اللاتب:
فإن يك هذا من نبيذ شربته *** وفاني من شرب النبيذ لتائب
صداع وتوصيم العظام وفترة *** ووغم مع الإشراق في الجوف لاتب
واللاتب أيضا: اللاصق مثل اللازب، عن الأصمعي حكاه الجوهري.
وقال السدي والكلبي في اللازب: إنه الخالص. مجاهد والضحاك: إنه المنتن. قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم بفتح التاء خطابا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أي بل عجبت مما نزل عليك من القرآن وهم يسخرون به. وهي قراءة شريح وأنكر قراءة الضم وقال: إن الله لا يعجب من شي، وإنما يعجب من لا يعلم.
وقيل: المعنى بل عجبت من إنكارهم للبعث. وقرأ الكوفيون إلا عاصما بضم التاء. واختارها أبو عبيد والفراء، وهي مروية عن علي وابن مسعود، رواه شعبة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ: {بل عجبت} بضم التاء. ويروى عن ابن عباس. قال الفراء في قوله سبحانه: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} قرأها الناس بنصب التاء ورفعها، والرفع أحب إلي، لأنها عن علي وعبد الله وابن عباس.
وقال أبو زكريا القراء: العجب إن أسند إلى الله عز وجل فليس معناه من الله كمعناه من العباد، وكذلك قوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} ليس ذلك من الله كمعناه من العباد. وفى هذا بيان الكسر لقول شريح حيث أنكر القراءة بها. روى جرير والأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: قرأها عبد الله يعني ابن مسعود {بل عجبت ويسخرون} قال شريح: إن الله لا يعجب من شيء إنما يعجب من لا يعلم. قال الأعمش فذكرته لإبراهيم فقال: إن شريحا كان يعجبه رأيه، إن عبد الله كان أعلم من شريح وكان يقرؤها عبد الله {بل عجبت}. قال الهروي: وقال بعض الأئمة: معنى قوله: {بَلْ عَجِبْتَ} بل جازيتهم على عجبهم، لأن الله تعالى أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق، فقال: {وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} [ص: 4] وقال: {إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ}، {أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ} [يونس: 2] فقال تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ} بل جازيتهم على التعجب. قلت: وهذا تمام معنى قول الفراء واختاره البيهقي.
وقال علي بن سليمان: معنى القراءتين واحد، التقدير: قيل يا محمد بل عجبت، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخاطب بالقرآن. النحاس: وهذا قول حسن وإضمار القول كثير. البيهقي: والأول أصح. المهدوي: ويجوز أن يكون إخبار الله عن نفسه بالعجب محمولا على أنه أظهر من أمره وسخطه على من كفر به ما يقوم مقام العجب من المخلوقين، كما يحمل إخباره تعالى عن نفسه بالضحك لمن يرضى عنه- على ما جاء في الخبر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أنه أظهر له من رضاه عنه ما يقوم له مقام الضحك من المخلوقين مجازا واتساعا. قال الهروي: ويقال معنى عجب ربكم أي رضي وأثاب، فسماه عجبا وليس بعجب في الحقيقة، كما فال تعالى: {وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال: 30] معناه ويجازيهم الله على مكرهم، ومثله في الحديث: «عجب ربكم من إلكم وقنوطكم». وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند الله عظيما. فيكون معنى قوله: {بَلْ عَجِبْتَ} أي بل عظم فعلهم عندي. قال البيهقي: ويشبه أن يكون هذا معنى حديث عقبة بن عامر قال:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: «عجب ربك من شاب ليست له صبوة» وكذلك ما خرجه البخاري عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل» قال البيهقي: وقد يكون هذا الحديث وما ورد من أمثاله أنه يعجب ملائكته من كرمه ورأفته بعباده، حين حملهم على الإيمان به بالقتال والأسر في السلاسل، حتى إذا آمنوا أدخلهم الجنة.
وقيل: معنى {بَلْ عَجِبْتَ} بل أنكرت. حكاه النقاش.
وقال الحسين بن الفضل: التعجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه، وهو لغة العرب. وقد جاء في الخبر: «عجب ربكم من الكم وقنوطكم». {وَيَسْخَرُونَ} قيل: الواو واو الحال، أي عجبت منهم في حال سخريتهم.
وقيل: تم الكلام عند قوله: {بَلْ عَجِبْتَ} ثم استأنف فقال: {وَيَسْخَرُونَ} أي مما جئت به إذا تلوته عليهم.
وقيل: يسخرون منك إذا دعوتهم. قوله تعالى: {وَإِذا ذُكِّرُوا} أي وعظوا بالقرآن في قول قتادة: {لا يَذْكُرُونَ} لا ينتفعون به.
وقال سعيد بن جبير: أي إذا ذكر لهم ما حل بالمكذبين من قبلهم أعرضوا عنه ولم يتدبروا. {وَإِذا رَأَوْا آيَةً} أي معجزة {يَسْتَسْخِرُونَ} أي يسخرون في قول قتادة. ويقولون إنها سحر. واستسخر وسخر بمعنى مثل استقر وقر، واستعجب، وعجب.
وقيل: {يَسْتَسْخِرُونَ} أي يستدعون السخري من غيرهم.
وقال مجاهد: يستهزئون.
وقيل: أي يظنون أن تلك الآية سخرية. {وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} أي إذا عجزوا عن مقابلة المعجزات بشيء قالوا هذا سحر وتخييل وخداع. {أَإِذا مِتْنا} أي انبعث إذا متنا؟. فهو استفهام إنكار منهم وسخرية. {أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ} أي أو تبعث آباؤنا. دخلت ألف الاستفهام على حرف العطف. قرأ نافع: {أو آباؤنا} بسكون الواو. وقد مضى هذا في سورة الأعراف. في قوله تعالى: {أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى} [الأعراف: 98].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال