سورة ص / الآية رقم 3 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ص‌ وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَ لاَ تَ حِينَ مَنَاصٍ وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانطَلَقَ المَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي المِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ العَزِيزِ الوَهَّابِ أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الأَحْزَابِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الأَوْتَادِ وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الأَحْزَابُ إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ وَمَا يَنظُرُ هَؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الحِسَابِ

صصصصصصصصصصصصصصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)}
{يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ} وعيد لهم على كفرهم واستكبارهم ببيان ما أصاب اضرابهم، و{كَمْ} مفعول {أَهْلَكْنَا} و{مّن قَرْنٍ} تمييز، والمعنى، قرنًا كثيرًا أهلكنا من القرون الخالية {فَنَادَوْاْ} عند نزول بأسنا وحلول نقمتنا استغاثة لينجوا من ذلك، وقال الحسن. وقتادة: رفعوا أصواتهم بالتوبة حين عاينوا العذاب لينجو منه {وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} حال من ضمير {نَادُواْ} والعائد مقدر وإن لم يلزم أي مناصهم ولات هي لا المشبهة بليس عند سيبويه زيدت عليها تاء التأنيث لتأكيد معناها وهو النفي لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى أو لأن التاء تكون للمبالغة كما في علامة أو لتأكيد شبهها بليس بجعلها على ثلاثة أحرف ساكنة الوسط، وقال الرضى: إنها لتأنيث الكلمة فتكون فتأكيد التأنيث واختصت بلزوم الأحيان ولا يتعين لفظ الحين إلا عند بعض وهو محجوج بسماع دخولها على مرادفه، وقول المتنبي:
لقد تصبرت حتى لات مصطبر *** والآن أقحم حتى لات مقتحم
وإن لم يهمنا أمره مخرج على ذلك بجعل المصطبر والمقتحم اسمي زمان أو القول بأنها داخلة فيها على لفظ حين مقدر بعدها؛ والتزموا حذف أحد الجزأين والغالب حذف المرفوع كما هنا على قراءة الجمهور أي ليس الحين حين مناص، ومذهب الأخفش أنها لا النافية للجنس العاملة عمل إن زيدت عليها التاء فحين مناص اسمها والخبر محذوف أي لهم، وقيل إنها لا النافية للفعل زيدت عليها التاء ولا عمل لها أصلًا فإن وليها مرفوع فمبتدأ حذف خبره أو منصوب كما هنا فبعدها فعل مقدر عامل فيه أي ولا ترى حين مناص، وقرأ أبو السمال {وَّلاَتَ حِينَ} بضم التاء ورفع النون فعلى مذهب سيبويه {حِينٍ} اسم {لأَتٍ} والخبر محذوف أي ليس حين مناص حاصلًا لهم، وعلى القول الأخير مبتدأ خبره محذوف وكذا على مذهب الأخفش فإن من مذهبه كما في البحر أنه إذا ارتفع ما بعدها فعلى الابتداء أي فلاحين مناص كائن لهم. وقرأ عيسى بن عمر {وَّلاَتَ حِينَ} بكسر التاء مع النون كما في قول المنذر بن حرملة الطائي النصراني:
طلبوا صلحنا ولات أوان *** فأجبنا أن لات حين بقاء
وخرج ذلك إما على أن لات تجر الأحيان كما أن لولا تجر الضمائر كلولاك ولولاه عند سيبويه، وإما على إضمار من كأنه قيل: لات من حين مناص ولات من أوان صلح كما جروا بها مضمرة في قولهم على كم جذع بيتك أي من جذع في أصح القولين، وقولهم: ألا رجل جزاه الله خيرًا...
يريدون ألا من رجل، ويكون موضع من حين مناص رفعًا على أنه اسم لات عنى ليس كما تقول ليس من رجل قائمًا، والخبر محذوف على قول سيبويه وعلى أنه مبتدأ والخبر محذوف على قول غيره، وخرج الأخفش ولات أوان على إضمار حين أي ولات حين أوان صلح فحذفت حين وأبقى أوان على جره، وقيل: أن أوان في البيت مبني على الكسر وهو مشبه باذ في قول أبي ذؤيب:
نهيتك عن طلابك أم عمرو *** بعاقبة وأنت إذ صحيح
ووجه التشبيه أنه زمان قطع عنه المضاف إليه لأن الأصل أوان صلح وعوض التنوين فكسر للالتقاء الساكنين لكونه مبنيًا مثله فهما شبهان في أنهما مبنيان مع وجود تنوين في آخرها للعوض يوجب تحريك الآخر بالكسر وإن كان سبب البناء في أوان دون إذ شبه الغايات حيث جعل زمانًا قطع عنه المضاف إليه وهو مراد وليس تنوين العوض مانعًا عن الإلحاق بها فإنها تبني إذا لم يكن تنوين لأن علته الاحتياج إلى المحذوف كاحتياج الحرف إلى ما يتم به، وهذا المعنى قائم نون أو لم ينون فإن التنوين عوض لفظي لا معنوي فلا تنافي بين التعويض والبناء لكن اتفق أنهم لم يعوضوا التنوين إلا في حال إعرابها وكأن ذلك لئلا يتمحض للتعويض بل يكون فيها معنى التمكن أيضًا فلا منافاة، وثبت البناء فيما نحن فيه بدليل الكسر وكانت العلة التي في الغايات قائمة فأحيل البناء عليها، واتفق أنهم عوضوا التنوين هاهنا تشبيهًا باذ في أنها لما قطعت عن الإضافة نونت أو توفية لحق اللفظ لما فات حق المعنى، وخرجت القراءة على حمل {مَنَاصٍ} على أوان في البيت تنزيلًا لما أضيف إليه الظرف وهو {حِينٍ} منزلة الظرف لأن المضاف والمضاف إليه كشيء واحد فقدرت ظرفيته وهو قد كان مضافًا إذا أصله مناصهم فقطع وصار كأنه ظرف مبني مقطوع عن الإضافة منون لقطعه ثم بنى ما أضيف إليه وهو {حِينٍ} على الكسر لإضافته إلى ما هو مبني فرضًا وتقديرًا وهو {مَنَاصٍ} المشابه لأوان. وأورد عليه أن ما ذكر من الحمل لم يؤثر في المحمول نفسه فكيف يؤثر فيما يضاف إليه على أن في تخريج الجر في البيت على ذلك ما فيه، والعجب كل العجب ممن يرتضيه، وضم التاء على قراءة أبي السمال وكسرها على قراءة عيسى للبناء، وروى عن عيسى {وَّلاَتَ حِينَ} بالضم {مَنَاصٍ} بالفتح، قال صاحب اللوامح: فإن صح ذلك فلعله بني {حِينٍ} على الضم تشبيهًا بالغايات وبني {مَنَاصٍ} على الفتح مع {لأَتٍ} وفي الكلام تقديم وتأخير أي ولات مناص حين لكن لا إنما تعمل في النكرات المتصلة بها دون المنفصلة عنها ولو بظرف، وقد يجوز أن يكون لذلك معنى لا أعرفه انتهى، وأهون من هذا فيما أرى كون {حِينٍ} معربًا مضافًا إلى {مَنَاصٍ} والفتح لمجاورة واو العطف في قوله تعالى: {وَعَجِبُواْ} [ص: 4] نظير فتح الراء من غير في قوله:
لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت *** حمامة في غصون ذات أرقال
على قول والأغلب على الظن عدم صحة هذه القراءة. وقرأ عيسى أيضًا كقراءة الجمهور إلا أنه كسر تاء {لأَتٍ} وعلم من هذه القراءات أن في تائها ثلاث لغات، واختلفوا في أمر الوقف عليها فقال سيبويه، والفراء وابن كيسان. والزجاج: يوقف عليها بالتاء، وقال الكسائي: والمبرد. بالهاء، وقال أبو علي: ينبغي أن لا يكون خلاف في أن الوقف بالتاء لأن قلب التاء هاء مخصوص بالأسماء؛ وزعم قوم أن التاء ليست ملحقة بلا وإنما هي مزيدة في أول ما بعدها واختاره أبو عبيدة، وذكر أنه رأى في الإمام {وَلاَ حِينَ مَنَاصٍ} برسم التاء مخلوطًا بأول حين، ولا يرد عليه أن خط المصحف خارج عن القياس الخطي إذ لم يقع في الإمام في محل آخر مرسومًا على خلاف ذلك حتى يقال ما هنا مخالف للقياس والأصل اعتباره إلا فيما خصه الدليل، ومن هنا قال السخاوي في «شرح الرائية» أنا أستحب الوقف على لا بعد ما شاهدته في مصحف عثمان رضي الله تعالى عنه، وقد سمعناهم يقولون: اذهب تلان وتحين بدون لا وهو كثير في النثر والنظم انتهى، ومنه قوله:
العاطفون تحين لا من عاطف *** والمطعمون زمان ما من مطعم
وكون أصله العاطفونه بها السكت فلما أثبتت في الدرج قلبت تاء مما لا يصغى إليه، نعم الأول اعتبار التاء مع لا لشهرة حين دون تحين، وقال بعضهم: إن لات هي ليس بعينها وأصل ليس ليس بكسر الياء فأبدلت ألفًا لتحركها بعد فتحة وأبدلت السين تاء كما في ست فإن أصله سدس، وقيل: إنها فعل ماض ولات عنى نقص وقل فاستعملت في النفي كقل وليس بالمعول عليه، والمناص المنجا والفوت يقال: ناصه ينوصه إذا فاته، وقال الفراء: النوص التأخر يقال ناص عن قرنه ينوص نوصًا ومناصًا أي فروزاغ، ويقال استناص طلب المناص قال حارثة بن بدر يصف فرسًا له:
غمر الجراء إذا قصرت عنانه *** بيدي استناص ورام جرى المسحل
وعلى المعنى الأول حمله بعضهم هنا وقال: المعنى نادوا واستغاثوا طلبًا للنجاة والحال أن ليس الحين حين فوات ونجاة؛ وعن مجاهد تفسيره بالفراء، وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: اخبرني عن قوله تعالى: {وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} فقال: ليس بحين فرار وأنشد له قول الأعشى:
تذكرت ليلى لات حين تذكر *** وقد بنت عنها والمناص بعيد
وعن الكلبي أنه قال: كانوا إذا قاتلوا فاضطروا قال بعضهم لبعض: مناص أي عليكم بالفرار فلما أتاهم العذاب قالوا: مناص فقال الله تعالى: {وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ} قال القشيري: فعلى هذا يكون التقدير فنادوا مناص فحذف لدلالة ما بعده عليه أي ليس الوقت وقت ندائكم به، والظاهر أن الجملة على هذا التفسير حالية أي نادوا بالفرار وليس الوقت وقت فرار، وقال أبو حيان: في تقرير الحالية وهم لات حين مناص أي لهم، وقال الجرجاني: أي فنادوا حين لا مناص أي ساعة لا منجا ولا فوت فلما قدم لا وأخر حين اقتضى ذلك الواو كما يقتضي الحال إذا جعل مبتدأ وخبرًا مثل جاء زيد راكبًا ثم تقول جاء زيد وهو راكب فحين ظرف لقوله تعالى: {فَنَادَوْاْ} انتهى.
وكون الأصل ما ذكر أن {حِينٍ} ظرف لنادوا دعوى أعجمية مخالفة لذوق الكلام العربي لا سيما ما هو أفصح الكلام ولا أدري ما الذي دعاه لذلك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال