سورة ص / الآية رقم 27 / تفسير التفسير الوسيط / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ المُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الجِيَادُ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداًّ ثُمَّ أَنَابَ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ

صصصصصصصصصصصصصصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (29)} [ص: 38/ 27- 29].
هذه الآيات واردة بين قصتي داود وسليمان، عظة لأمة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، ووعيدا للكفرة بالله تعالى.
أخبر اللّه تعالى أن الذين كفروا يظنون أن خلق السماوات والأرض وما بينهما، إنما هو باطل لا معنى له، وأن الأمر لا يؤول إلى ثواب وعقاب، فرد اللّه تعالى عليهم مكذبا ظنهم، ومتوعدا إياهم بالنار، فالله تعالى لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما من المخلوقات عبثا لا حكمة فيه، أو لهوا ولعبا، وإنما خلق ذلك للدلالة على قدرته العظيمة، ومن أجل العمل فيهما بطاعته وعبادته وتوحيده، كما قال الله تعالى: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 51/ 56].
ثم أخبر اللّه تعالى عن كذب ظن الكافرين، وتوعّدهم بالنار، أي إن ظن الذين كفروا بأن هذه المخلوقات العظمى خلقت عبثا لغير غرض، فلا قيامة ولا حساب، هو ظن خطأ كاذب، فيا هلاك هؤلاء الكافرين في النار يوم المعاد والنشور، جزاء ما قدموا من الشرك والعصيان، وجحود نعم اللّه تعالى، وإنكار البعث.
وأبان اللّه تعالى الفرق في الحساب عنده بين المؤمنين العاملين بالصالحات وبين المفسدين الكفرة، وبين المتقين والفجّار، فليس من العدل والمعقول والحكمة التسوية بين الفريقين. والمعنى: بل أنجعل الذين آمنوا بالله وصدقوا رسله، وعملوا بفرائضه، وأصلحوا أعمالهم، فأدوا الفرائض والواجبات على وجه متقن، كالمفسدين في الأرض بالمعاصي والجحود، أم نجعل أتقياء المؤمنين كأشقياء الكافرين والمنافقين والعصاة؟ ليس ذلك حقا ولا عدلا، ولا حكمة ولا نظاما سويا.
وفي هذا البيان والتفرقة بين الفريقين حض على الإيمان وترغيب فيه، ووعيد للكفرة والجاحدين. ونظير الآية كثير في القرآن المجيد، مثل قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (34) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)} [القلم: 68/ 34- 36].
ثم أحال اللّه تعالى في طلب الإيمان والتقوى، على كتابه العزيز بقوله: {كِتابٌ أَنْزَلْناهُ} أي هذا كتاب لمن أراد التمسك بالإيمان والقربة إلينا، إن طريق السعادة الأبدية: هو اتباع القرآن الذي أنزله اللّه هدى ورحمة للمؤمنين، وهو كثير الخير والبركة، فيه الشفاء النافع لمن تمسّك به، والنجاة لمن اتبعه، وقد أنزله اللّه تعالى للناس للتدبر والتفكر في معانيه، لا لمجرد التلاوة بدون تدبر وإمعان، وليتعظ أهل العقول الراجحة به وببيانه. وقوله تعالى: {لِيَدَّبَّرُوا} أي لتتدبروا آياته.
قال الحسن البصري رحمه الله: واللّه ما تدبّره بحفظ حروفه، وإضاعة حدوده، حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يرى للقرآن عليه أثر في خلق ولا عمل.
وفي هذه الآية اقتضاب وإيجاز بديع، كإعجاز كل القرآن العزيز. ووصف القرآن بالبركة، لأن أجمعها فيه، فهو يورث الجنة، وينقذ من النار، ويحفظ المرء في حال الحياة الدنيا، ويكون سبب رفعة شأنه في الحياة الآخرة.
وظاهر هذه الآية يقتضي أن التدبر من أسباب إنزال القرآن، فالترتيل أفضل من أجل هذا، إذ التدبر لا يكون إلا مع الترتيل، والترتيل وسيلة لفهم المعاني، والاتعاظ بالأحكام، والاسترشاد بالهدي القرآني، وحمل الإنسان على الاتباع والالتزام، وترك هجر القرآن، كما عليه حال بعض الناس اليوم.
والآية أيضا دليل على وجوب معرفة معاني القرآن، والمعرفة تقود إلى الاتباع، قال الحسن البصري: تدبر آيات الله: اتباعها.
إن من أجلّ مقاصد القرآن إصلاح الحياة الإنسانية، بإصلاح الفرد والجماعة، وإصلاح الروابط والعلاقات في جميع مجالاتها وأنواعها.
نعم اللّه تعالى على سليمان عليه السّلام:
أفاض اللّه فيض نعمه السخية على سليمان، كما أفاض على أبيه داود عليهما السّلام، واستمرار هذا الفيض الإلهي يقتضي أن يشكر المحسن، ويتعظ المسيء بما يجده في قصتي داود وسليمان عليهما السّلام من عبر وعظات، فإنهما جمعا بين الملك العظيم في الدنيا، والنبوة والرسالة، ولم يمنعهما ذلك الملك من شكر اللّه وعبادته وطاعته، فهل لقريش وغيرها من الزعامات أن يجدوا في هذه القصة ما يحملهم على شكر المنعم، وعبادته؟ قال اللّه تعالى:




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال