سورة ص / الآية رقم 43 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأَخْيَارِ هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الحِسَابِ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المِهَادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباًّ بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ النَّارِ قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباًّ بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ القَرَارُ قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ

صصصصصصصصصصصصصصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {واذكر عبدنَا أيوبَ}، وهو ابن عيصو بن إسحاق عليه السلام، أي: من ذريته؛ لأنه بعد يوسف، وامرأته: رحمة بنت إفراثيم بن يوسف. {إِذ نادى ربَّه}، وهو بدل اشتمال من {عبدنا}. و{أيوب}: عطف له، {أَنِّي} أي: بأني {مسني الشيطان بنُصْبٍ} أي: تعب، وفيه قراءات بفتحتين، وبضمتين، وبضم وسكون، وبنصب وسكون. {وعذابٍ} أي: ألم، يريد ما كان يقاسيه من فنون الشدائد، وهو الضر في قوله: {مَسَّنِىَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83]، وهو حكاية لكلامه الذي ناداه به، وإلا لقيل: إنه مسّه. وإسناده إلى الشيطان على طريق الأدب في إسناد ما كان فيه كمال إلى الله تعالى، وما كان فيه نقص إلى الشيطان أو غيره، كقول الخليل: {وَإِذَا مَرِضْتُ} [الشعراء: 80] ولم يقل: أمرضني. وكقول يوشع عليه السلام: {وَمَآ أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ} [الكهف: 63]. وفي الحقيقة: كلٌّ من عند الله. وقيل: أراد ما كان يوسوس به إليه في مرضه، من تعظيم ما نزل به من البلاء، ويغريه على الكراهة والجزع، فالتجأ إلى الله في أن يكفيه ذلك، بكشف البلاء، أو بدفعه وردّه بالصبر الجميل.
ورُوي: أنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين، فارتدّ أحدهم، فسأل عنه، فقيل: ألقى إليه الشيطان: أن الله لا يبتلي الأنبياء والصالحين، فشكا ذلك إلى ربه. وذكر في سبب بلائه؛ أنه ذبح شاة فأكلها، وجاره جائع، أو: رأى منكراً فسكت عنه، أو: استغاثه مظلوم فلم يغثه، أو: كانت مواشيه في ناحية ملك كافر، فداهنه، فلم يغزه، أو: سؤاله امتحاناً لصبره، أي: هل يصبر أم لا، أو: ابتلاه لرفع درجاته بلا سبب، وهو أولى.
{اركُضْ برِجْلِكَ}، حكاية ما أجيب به أيوب عليه السلام، أي: أرسلنا له جبريل عليه السلام بعد انتهاء مدة مرضة، فقال له: اركض، أي: اضرب برجلك الأرض، وهي أرض موضع بالجابية، فضربها، فنبعت عين، فقيل: {هذا مُغتَسَل باردٌ وشَرابٌ} أي: هذا ما تغتسل منه، وتشرب منه، فيبرأ ظاهرك وباطنك، وقيل: نبعت له عينان؛ حارة للاغتسال، وباردة للشرب، فاغتسل من إحداهما، فبرىء ما في ظاهره، وشرب من الأخرى، فبرىء ما في باطنه، بإذن الله تعالى. ومدة مرضه قيل: ثمان عشرة سنة، وقيل: أربعين، وقيل: سبع سنين، وسبعة أشهر، وسبعة أيام، وسبع ساعات.
{ووهبنا له أهلَه ومثلَهم معهم}، قيل: أحياهم الله بأعيانهم، وزاد مثلهم، وقيل: جمعهم بعد تفرُّقهم، وقيل: أعطاه أمثالهم وزاده ضِعفهم. قال القشيري: وكان له سبع بنات. وثلاثة بنين، في مكتب واحد، فحرّك الشيطانُ الأسطوانةَ، فانهدم البيت عليهم. اهـ. ولم يذكر كم كان له من الزوجات، فقد سلمت منهن {رحمة}، وهلك الباقي.
أعطيناه ذلك {رحمةً منا} أي: رحمة عظيمة علية من قِبلنا.
{وذِكْرى لأُولي الألبابِ} أي: ولنذكرهم بذلك ليصبروا على الشدائد، ويلتجئوا إلى الله فيما ينزل بهم؛ لأنهم إذا سمعوا بما أنعمنا به عليه، لِصبره، رغَّبهم في الصبر على البلاء.
ولمّا حلف: لَيَضْربنَّ امرأته مائةَ ضربة، حيث أبطأت عليه في حاجتها. وقيل: باعت ذوائبها واشترت به رغيفين، وكانت متعلق أيوب. وقيل: طمع الشيطان فيها أن يسجد زوجُها له فيشفيه، أمره الله تعالى ببر يمينه، فقال: {وخُذْ بيدك ضِغْثاً}؛ حُزمة صغيرة من حشيش أو رَيحان، وعن ابن عباس رضي الله عنه: قبضة من الشجر، {فاضرِبْ به ولا تَحْنَثْ}، وهذه الرخصة باقية عند الشافعي وأبي حنيفة، خلافاً لمالك؛ لأن الأَيْمَان عنده مبنية على الأعراف. قال تعالى: {إِنَّا وجدناه}؛ علمناه {صابراً} على البلاء، وأما شكواه فليست جزعاً، بل رجوعاً إلى مولاه، على أنه عليه السلام إنما طلب الشفاء خيفة على قومه، حيث كان الشيطانُ يوسوس إليهم: لو كان نبيّاً لما ابتلي بمثل ما ابتلي به، وإرادة القوة على الطاعة، فقد بلغ أمره إلى أن لم يبقَ منه إلا القلب واللسان. قلت: طلب الشفاء لا ينافي الرضا؛ لأن العبد ضعيف، لا قوة له على قهرية الحق. ثم قال تعالى: {نِعْمَ العبدُ إِنه أوَّابٌ}؛ رجَّاع إلى الله تعالى. قال القشيري: لم يشغله البلاء عن المُبْلِي. وهو تعليل لمرضه.
الإشارة: كثير من الصوفية اختاروا البلاء على العافية، وبعضهم اختار العافية، قال عليّ رضي الله عنه: لأَن أُعطَى فأَشكر أحبُّ إِليَّ من أن أُبتلى فأَصبرِ، أي: لأنه طريق السلامة، وبه وردت الأحاديث، والأولى للعبد ألا يختار مع سيده شيئاً، بل يكون مفوضاً مستسلماً، يتلقى ما يرد عليه بالترحيب، أيّ شيء كان. وبالله التوفيق.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال