سورة ص / الآية رقم 56 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأَخْيَارِ هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الحِسَابِ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المِهَادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباًّ بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ النَّارِ قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباًّ بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ القَرَارُ قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ

صصصصصصصصصصصصصصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (56) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (58) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (59) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (60) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (61)}
قوله تعالى: {هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ} لما ذكر ما للمتقين ذكر ما للطاغين. قال الزجاج: {هذا} خبر ابتداء محذوف أي الأمر هذا فيوقف على {هذا} قال ابن الأنباري: {هذا} وقف حسن. ثم تبتدئ {وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ} وهم الذين كذبوا الرسل.
{لَشَرَّ مَآبٍ} أي منقلب يصيرون إليه. ثم بين ذلك بقوله: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ} أي بئس ما مهدوا لأنفسهم، أو بئس الفراش لهم. ومنه مهد الصبي.
وقيل: فيه حذف أي بئس موضع المهاد.
وقيل: أي هذا الذي وصفت لهؤلاء المتقين، ثم قال: وإن للطاغين لشر مرجع فيوقف على {هذا} أيضا. قوله تعالى: {هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} {هذا} في موضع رفع بالابتداء وخبره {حَمِيمٌ} على التقديم والتأخير، أي هذا حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ فليذوقوه. ولا يوقف على {فَلْيَذُوقُوهُ} ويجوز أن يكون {هذا} في موضع رفع بالابتداء و{فَلْيَذُوقُوهُ} في موضع الخبر، ودخلت الفاء للتنبيه الذي في {هذا} فيوقف على {فَلْيَذُوقُوهُ} ويرتفع {حَمِيمٌ} على تقدير هذا حميم. قال النحاس: ويجوز أن يكون المعنى الأمر هذا، وحميم وغساق إذا لم تجعلهما خبرا فرفعهما على معنى هو حميم وغساق. والفراء يرفعهما بمعنى منه حميم ومنه غساق وأنشد:
حتى إذا ما أضاء الصبح» في غلس ***- وغودر البقل ملوي ومحصود
وقال آخر:
لها متاع وأعوان غدون به *** وقتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا
ويجوز أن يكون {هذا} في موضع نصب بإضمار فعل يفسره {فَلْيَذُوقُوهُ} كما تقول زيدا اضربه. والنصب في هذا أولى فيوقف على {فَلْيَذُوقُوهُ} وتبتدئ {حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} على تقدير الأمر حميم وغساق. وقراءة أهل المدينة واهل البصرة وبعض الكوفيين بتخفيف السين في {وغساق}. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي {وَغَسَّاقٌ} بالتشديد، وهما لغتان بمعنى واحد في قول الأخفش.
وقيل: معناهما مختلف، فمن خفف فهو اسم مثل عذاب وجواب وصواب، ومن شدد قال: هو اسم فاعل نقل إلى فعال للمبالغة، نحو ضراب وقتال وهو فعال من غسق يغسق فهو غساق وغاسق. قال ابن عباس: هو الزمهرير يخوفهم ببرده.
وقال مجاهد ومقاتل: هو الثلج البارد الذي قد انتهى برده.
وقال غيرهما. إنه يحرق ببرده كما يحرق الحميم بحره.
وقال عبد الله بن عمرو: هو قيح غليظ لو وقع منه شيء بالمشرق لأنتن من في المغرب، ولو وقع منه شيء في المغرب لأنتن من في المشرق.
وقال قتادة: هو ما يسيل من فروج الزناة ومن نتن لحوم الكفرة وجلودهم من الصديد والقيح والنتن.
وقال محمد بن كعب: هو عصارة أهل النار. وهذا القول أشبه باللغة، يقال: غسق الجرح يغسق غسقا إذا خرج منه ماء أصفر، قال الشاعر:
إذا ما تذكرت الحياة وطيبها *** إلي جرى دمع من الليل غاسق
أي بارد. ويقال: ليل غاسق، لأنه أبرد من النهار.
وقال السدي: الغساق الذي يسيل من أعينهم ودموعهم يسقونه مع الحميم.
وقال ابن زيد: الحميم دموع أعينهم، يجمع في حياض النار فيسقونه، والصديد الذي يخرج من جلودهم. والاختيار على هذا {وَغَسَّاقٌ} حتى يكون مثل سيال.
وقال كعب: الغساق عين في جهنم يسيل إليها سم كل ذي حمة من عقرب وحية.
وقيل: هو مأخوذ من الظلمة والسواد. والغسق أول ظلمة الليل، وقد غسق الليل يغسق إذا أظلم.
وفي الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: «لو أن دلوا من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا».
قلت: وهذا أشبه على الاشتقاق الأول كما بينا، إلا أنه يحتمل أن يكون الغساق مع سيلانه أسود مظلما فيصح الاشتقاقان. والله أعلم. قوله تعالى: {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ} قرأ أبو عمرو: {وأخر} جمع أخرى مثل الكبرى والكبر. الباقون: {وَآخَرُ} مفرد مذكر. وأنكر أبو عمرو {وَآخَرُ} لقوله تعالى: {أَزْواجٌ} أي لا يخبر بواحد عن جماعة. وأنكر عاصم الجحدري {وأخر} قال: ولو كانت {وأخر} لكان من شكلها. وكلا الردين لا يلزم والقراءتان صحيحتان. {وَآخَرُ} أي وعذاب آخر سوى الحميم والغساق. {مِنْ شَكْلِهِ} قال قتادة: من نحوه. قال ابن مسعود: هو الزمهرير. وارتفع {وَآخَرُ} بالابتداء و{أَزْواجٌ} مبتدأ ثان و{مِنْ شَكْلِهِ} خبره والجملة خبر {آخَرُ}. ويجوز أن يكون {وَآخَرُ} مبتدأ والخبر مضمر دل عليه {هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} لأن فيه دليلا على أنه لهم، فكأنه قال: ولهم آخر ويكون {مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ} صفة لآخر فالمبتدأ متخصص بالصفة و{أَزْواجٌ} مرفوع بالظرف. ومن قرأ {وأخر} أراد وأنواع من العذاب أخر، ومن جمع وهو يريد الزمهرير فعلى أنه جعل الزمهرير أجناسا فجمع لاختلاف الأجناس. أو على أنه جعل لكل جزء منه زمهريرا ثم جمع كما قالوا: شابت مفارقه. أو على أنه جمع لما في الكلام من الدلالة على جواز الجمع، لأنه جعل الزمهرير الذي هو نهاية البرد بإزاء الجمع في قول: {هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} والضمير في {شَكْلِهِ} يجوز أن يعود على الحميم أو الغساق. أو على معنى {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ} ما ذكرنا، ورفع {أخر} على قراءة الجمع بالابتداء و{مِنْ شَكْلِهِ} صفة له وفيه ذكر يعود على المبتدإ و{أَزْواجٌ} خبر المبتدإ. ولا يجوز أن يحمل على تقدير ولهم أخر و{مِنْ شَكْلِهِ} صفة لأخر و{أَزْواجٌ} مرتفعة بالظرف كما جاز في الإفراد، لأن الصفة لا ضمير فيها من حيث ارتفع {أَزْواجٌ} مفرد،، قاله أبو علي. و{أَزْواجٌ} أي أصناف وألوان من العذاب.
وقال يعقوب: الشكل بالفتح المثل وبالكسر الدل. قوله تعالى: {هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} قال ابن عباس: هو أن القادة إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع، قالت الخزنة للقادة: {هذا فَوْجٌ} يعني الأتباع والفوج الجماعة {مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} أي داخل النار معكم، فقالت السادة: {لا مَرْحَباً بِهِمْ} أي لا اتسعت منازلهم في النار. والرحب السعة، ومنه رحبة المسجد وغيره. وهو في مذهب الدعاء فلذلك نصب، قال النابغة:
لا مرحبا بغد ولا أهلا به *** وإن كان تفريق الأحبة في غد
قال أبو عبيدة العرب تقول: لا مرحبا بك، أي لا رحبت عليك الأرض ولا اتسعت.! {إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ} قيل: هو من قول القادة، أي إنهم صالوا النار كما صليناها.
وقيل: هو من قول الملائكة متصل بقولهم: {هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} و{قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ} هو من قول الأتباع وحكى النقاش: إن الفوج الأول قادة المشركين ومطعموهم يوم بدر، والفوج الثاني أتباعهم ببدر والظاهر من الآية أنها عامة في كل تابع ومتبوع. {أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا} أي دعوتمونا إلى العصيان {فَبِئْسَ الْقَرارُ} لنا ولكم {قالُوا} يعني الأتباع {رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا} قال الفراء: من سوغ لنا هذا وسنة وقال غيره من قدم لنا هذا العذاب بدعائه إيانا إلى المعاصي {فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ} وعذابا بدعائه إيانا فصار ذلك ضعفا.
وقال ابن مسعود: معنى عذابا ضعفا في النار الحيات والأفاعي. ونظير هذه الآية قوله تعالى: {رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ} [الأعراف: 38].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال