سورة ص / الآية رقم 58 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ المُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الأَخْيَارِ هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الحِسَابِ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المِهَادُ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباًّ بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ النَّارِ قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباًّ بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ القَرَارُ قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ

صصصصصصصصصصصصصصص




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{واذكر عِبَادَنَا} {عَبْدَنَا} مكي. {إبراهيم وإسحاق وَيَعْقُوبَ} فمن جمع ف {إِبْرَاهِيمَ} ومن بعده عطف بيان على {عِبَادِنَا} ومن وحد ف {إبراهيم} وحده عطف بيان له، ثم عطف ذريته على {عَبْدَنَا} ولما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدي غلبت فقيل في كل عمل هذا مما عملت أيديهم وإن كان عملاً لا تتأتى فيه المباشرة بالأيدي، أو كان العمال جذماً لا أيدي لهم وعلى هذا ورد قوله {أُوْلِى الأيدى والأبصار} أي أولي الأعمال الظاهرة والفكر الباطنة كأن الذين لا يعملون أعمال الآخرة ولا يجاهدون في الله ولا يتفكرون أفكار ذوي الديانات في حكم الزمني الذين لا يقدرون على إعمال جوارحهم والمسلوبي العقول الذين لا استبصار لهم، وفيه تعريض بكل من لم يكن من عمال الله ولا من المستبصرين في دين الله وتوبيخ على تركهم المجاهدة والتأمل مع كونهم متمكنين منهما {إِنَّا أخلصناهم} جعلناهم لنا خالصين {بِخَالِصَةٍ} بخصلة خالصة لا شوب فيها. {ذِكْرَى الدار} {ذِكْرِى} في محل النصب أو الرفع بإضمار (أعني)، أو (هي)، أو الجر على البدل من ب {خَالِصَة} والمعنى إنا أخلصناهم بذكرى الدار، والدار هنا: الدار الآخرة يعني جعلناهم لنا خالصين بأن جعلناهم يذكرون الناس الدار الآخرة ويزهدونهم في الدنيا كما هو ديدن الأنبياء عليهم السلام، أو معناه أنهم يكثرون ذكر الآخرة والرجوع إلى الله وينسون ذكر الدنيا بخالصة ذكرى الدار، على الإضافة مدني ونافع وهي من إضافة الشيء إلى ما يبينه، لأن الخالصة تكون ذكرى وغير ذكرى. و{ذِكْرى} مصدر مضاف إلى المفعول أي بإخلاصهم ذكرى الدار. وقيل: خالصة بمعنى خلوص فهي مضافة إلى الفاعل أي بأن خلصت لهم ذكرى الدار على أنهم لا يشوبون ذكرى الدار بِهمٍ آخر، إنما همهم ذكرى الدار لا غير. وقيل: ذكرى الدار الثناء الجميل في الدنيا، وهذا شيء قد أخلصهم به فليس يذكر غيرهم في الدنيا بمثل ما يذكرون به يقويه قوله {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً} [مريم: 50] {وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ المصطفين} المختارين من بين أبناء جنسهم {الأخيار} جمع خير أو خير على التخفيف كأموات في جمع ميت أو ميت.
{واذكر إسماعيل واليسع} كأن حرف التعريف دخل على (يسع) {وَذَا الكفل وَكُلٌّ} التنوين عوض عن المضاف إليه أي وكلهم {مِّنَ الأخيار هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَئَابٍ} أي هذا شرف وذكر جميل يذكرون به أبداً، وإن لهم مع ذلك لحسن مرجع يعني يذكرون في الدنيا بالجميل ويرجعون في الآخرة إلى مغفرة رب جليل. ثم بين كيفية حسن ذلك المرجع فقال: {جنات عَدْنٍ} بدل من {حسن مئاب} {مُّفَتَّحَةً} حال من {جنات} لأنها معرفة لإضافتها إلى {عَدْنٍ} وهو علم، والعامل فيها ما في {لّلْمُتَّقِينَ} من معنى الفعل {لَّهُمُ الأبواب} ارتفاع الأبواب بأنها فاعل {مُّفَتَّحَةً} والعائد محذوف أي مفتحة لهم الأبواب منها فحذف كما حذف في قوله:
{فَإِنَّ الجحيم هِىَ المأوى} [النازعات: 39] أي لهم أو أبوابها إلا أن الأول أجود، أو هي بدل من الضمير في {مُّفَتَّحَةً} وهو ضمير الجنات تقديره مفتحة هي الأبواب وهو من بدل الاشتمال {مُتَّكِئِينَ} حال من المجرور في {لَهُمْ} والعامل {مُّفَتَّحَةً} {فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بفاكهة كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ} أي وشراب كثير فحذف اكتفاء بالأول {وَعِندَهُمْ قاصرات الطرف} أي قصرن طرفهن على أزواجهن {أَتْرَابٌ} لدات أسنانهن كأسنانهم لأن التحاب بين الأقران أثبت كأن اللدات سمين أتراباً لأن التراب مسهن في وقت واحد.
{هذا مَا تُوعَدُونَ} وبالياء: مكي وأبو عمر {لِيَوْمِ الحساب} أي ليوم تجزى كل نفس بما عملت {إِنَّ هذا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ} من انقطاع والجملة حال من الرزق والعامل الإشارة. {هذا} خبر والمبتدأ محذوف أي الأمر هذا أو هذا كما ذكر {وَإِنَّ للطاغين لَشَرَّ مَأَبٍ} مرجع {جَهَنَّمَ} بدل منه {يَصْلَوْنَهَا} يدخلونها {فَبِئْسَ المهاد} شبه ما تحتهم من النار بالمهاد الذي يفترشه النائم {هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ} أي هذا حميم وغساق فليذوقوه، ف {هذا} مبتدأ و{حَمِيم} خبر {وَغَسَّاقٌ} بالتشديد: حمزة وعلي وحفص. والغساق بالتشديد والتخفيف ما يغسق من صديد أهل النار، يقال: غسقت العين إذا سال دمعها. وقيل: الحميم يحرق بحره والغساق يحرق ببرده {وَءَاخرُ} أي وعذاب آخر أو مذوق آخر {مِن شَكْلِهِ} من مثل العذاب المذكور. {وأَخر} بصري أي ومذوقات أخر من شكل هذا المذوق في الشدة والفظاعة {أزواج} صفة ل {ءَاخَرَ} لأنه يجوز أن يكون ضروباً {هذا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ} هذا جمع كثيف قد اقتحم معكم النار أي دخل النار في صحبتكم. والاقتحام: الدخول في الشيء بشدة، والقحمة: الشدة، وهذه حكاية كلام الطاغين بعضهم مع بعض أي يقولون هذا والمراد بالفوج اتباعهم الذين اقتحموا معهم الضلالة فيقتحمون معهم العذاب {لاَ مَرْحَباً بِهِمْ} دعاء منهم على أتباعهم تقول لن تدعو له مرحباً أي أتيت رحباً من البلاد لا ضيقاً أو رحبت بلادك رحباً ثم تدخل عليه (لا) في دعاء السوء، وبهم بيان للمدعو عليهم {إِنَّهُمْ صَالُو النار} أي داخلوها وهو تعليل لاستيجابهم الدعاء عليهم. وقيل: {هذا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ} كلام الخزنة لرؤساء الكفرة في أتباعهم، و{لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النار} كلام الرؤساء. وقيل: هذا كله كلام الخزنة.
{قَالُواْ} أي الأتباع {بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ} أي الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحق به، وعللوا ذلك بقوله {أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا} والضمير للعذاب أو لصليهم أي انكم دعوتمونا إليه فكفرنا باتباعكم {فَبِئْسَ القرار} أي النار {قَالُواْ} أي الأتباع {رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هذا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً} أي مضاعفاً {فِى النار} ومعناه ذا ضعف. ونحوه قوله {رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَئَاتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا} وهو أن يزيد على عذابه مثله {وَقَالُواْ} الضمير لرؤساء الكفرة {مَا لَنَا لاَ نرى رِجَالاً} يعنون فقراء المسلمين {كُنَّا نَعُدُّهُمْ} في الدنيا {مِّنَ الأشرار} من الأرذال الذين لا خير فيهم ولا جدوى {اتخذناهم سِخْرِيّاً} بلفظ الإخبار: عراقي غير عاصم على أنه صفة ل {رِجَالاً} مثل {كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ الأشرار} وبهمزة الاستفهام: غيرهم على أنه إنكار على أنفسهم في الاستسخار منهم، {سُخرِياً} مدني وحمزة وعلي وخلف والمفضل {أَمْ زَاغَتْ} مالت {عَنْهُمُ الأبصار} هو متصل بقوله {مَا لَنَا} أي ما لنا لا نراهم في النار كأنهم ليسوا فيها بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها، قسموا أمرهم بين أن يكونوا من أهل الجنة وبين أن يكونوا من أهل النار إلا أنه خفي عليهم مكانهم {إِنَّ ذلك} الذي حكينا عنهم {لَحَقٌّ} لصدق كائن لا محالة لا بد أن يتكلموا به. ثم بين ما هو فقال: هو {تَخَاصُمُ أَهْلِ النار} ولما شبه تقاولهم وما يجري بينهم من السؤال والجواب بما يجري بين المتخاصمين سماه تخاصماً، ولأن قول الرؤساء {لاَ مَرْحَباً بِهِمْ} وقول أتباعهم: {بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ} من باب الخصومة فسمى التقاول كله تخاصماً لاشتماله على ذلك.
{قُلْ} يا محمد لمشركي مكة {إِنَّمَا أَنَاْ مُنذِرٌ} ما أنا إلا رسول منذر أنذركم عذاب الله تعالى: {وَمَا مِنْ إله إِلاَّ الله} وأقول لكم إن دين الحق توحيد الله وأن تعتقدوا أن لا إله إلا الله {الواحد} بلا ند ولا شريك {القهار} لكل شيء {رَّبُّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} له الملك والربوبية في العالم كله {العزيز} الذي لا يغلب إذا عاقب {الغفار} لذنوب من التجأ إليه {قُلْ هُوَ} أي هذا الذي أنبأتكم به من كوني رسولاً منذراً وأن الله واحد لا شريك له {نَبَؤُا عظِيمٌ} لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة. ثم {أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} غافلون {مَا كَانَ لِىَ} حفص {مِنْ عِلْمٍ بالملإ الأعلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ} احتج لصحة نبوته بأن ما ينبئ به عن الملإ الأعلى واختصامهم أمر ما كان له به من علم قط، ثم علمه ولم يسلك الطريق الذي يسلكه الناس في علم ما لم يعلموا وهو الأخذ من أهل العلم وقراءة الكتب، فعلم أن ذلك لم يحصل له إلا بالوحي من الله تعالى.
{إِن يوحى إِلَىَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} أي لأنما أنا نذير مبين ومعناه ما يوحى إلي إلا للإنذار فحذف اللام وانتصب بإفضاء الفعل إليه، ويجوز أن يرتفع على معنى ما يوحى إلي إلا هذا وهو أن أنذر وأبلغ ولا أفرط في ذلك أي ما أومر إلا بهذا الأمر وحده وليس لي غير ذلك. وبكسر {إِنَّمَا} يزيد على الحكاية أي إلا هذا القول وهو أن أقول لكم إنما أنا نذير مبين ولا أدعي شيئاً آخر. وقيل: النبأ العظيم قصص آدم والإنباء به من غير سماع من أحد. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: القرآن. وعن الحسن: يوم القيامة. والمراد بالملإ الأعلى أصحاب القصة: الملائكة وآدم وإبليس، لأنهم كانوا في السماء وكان التقاول بينهم و{إِذْ يَخْتَصِمُونَ} متعلق بمحذوف إذ المعنى ما كان لي من علم بكلام الملإ الأعلى وقت اختصامهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال