سورة آل عمران / الآية رقم 113 / تفسير في ظلال القرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ المُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الفَاسِقُونَ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


في هذا الدرس تبلغ المعركة ذروتها. معركة الجدل والمناظرة مع أهل الكتاب. وهذه الآيات غير داخلة في نطاق مناظرة وفد نجران- كما ذكرت الروايات- ولكنها متساوقة، معها ومكملة لها، والموضوع واحد. وإن كانت آيات هذا الدرس تتمحض للحديث عن اليهود خاصة، وتواجه كيدهم ودسهم للجماعة المسلمة في المدينة. وتنتهي إلى الحسم القاطع، والمفاصلة الكاملة. حيث يتجه السياق بعد جولة قصيرة في هذا الدرس إلى الجماعة المسلمة يخاطبها وحدها؛ فيبين لها حقيقتها، ومنهجها، وتكاليفها. على نحو ما سار السياق في سورة البقرة بعد استيفاء الحديث عن بني إسرائيل.. وفي هذه الظاهرة تشابه السورتان.
ويبدأ الدرس بتقرير أن كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل- إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة- ويبدو أن هذا التقرير كان رداً على اعتراض بني إسرائيل على إباحة القرآن لبعض المحرمات اليهودية من الطعام. مع أن هذه المحرمات إنما حرمت عليهم وحدهم، في صورة عقوبة على بعض مخالفاتهم.
ثم يرد كذلك على اعتراضهم على تحويل القبلة- ذلك الموضوع الذي استغرق مساحة واسعة في سورة البقرة من قبل- فيبين لهم أن الكعبة هي بيت إبراهيم؛ وهي أول بيت وضع للناس في الأرض للعبادة، فالاعتراض عليه مستنكر ممن يدعون وراثة إبراهيم!
وعقب هذا البيان يندد بأهل الكتاب لكفرهم بآيات الله، وصدهم عن سبيل الله؛ ورفضهم الاستقامة، وميلهم إلى الخطة العوجاء، ورغبتهم في سيطرتها على الحياة، وهم يعرفون الحق ولا يجهلونه.
ومن ثم يدعو أهل الكتاب جملة؛ ويتجه إلى الجماعة المسلمة، يحذرها طاعة أهل الكتاب.. فإنها الكفر.. ولا يليق بالمسلمين الكفر وكتاب الله يتلى عليهم، وفيهم رسوله يعلمهم. ويدعوهم إلى تقوى الله، والحرص على الإسلام حتى الوفاة ولقاء الله. ويذكرهم نعمة الله عليهم بتأليف قلوبهم، وتوحيد صفوفهم تحت لواء الإسلام، بعد ما كانوا فيه من فرقة وخصام، وهم يومئذ على شفا حفرة من النار أنقذهم منها الله بالإسلام. ويأمرهم بأن يكونوا الأمة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، محافظة على تحقيق منهج الله، مع تحذيرهم الاستماع لدسائس أهل الكتاب فيهم، فيهلكوا بالفرقة كما تفرق هؤلاء فهلكوا في الدنيا والآخرة.. وتذكر الروايات أن هذا التحذير نزل بمناسبة فتنة معينة بين الأوس والخزرج قام بها اليهود.
ثم يعرّف الله المسلمين حقيقة مكانهم في هذه الأرض، وحقيقة دورهم في حياة البشر: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}.. فيدلهم بهذا على أصالة دورهم، وعلى سمة مجتمعهم..
يلي ذلك التهوين من شأن عدوهم فهم لن يضروهم في دينهم، ولن يظهروا عليهم ظهوراً تاماً مستقراً.
إنما هو الأذى في جهادهم وكفاحهم، ثم النصر ما استقاموا على منهجهم. وهؤلاء الأعداء قد ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، بسبب ما اقترفوه من الآثام والمعصية وقتل الأنبياء بغير حق.. ويستثني من أهل الكتاب طائفة جنحت للحق، فآمنت، واتخذت منهج المسلمين منهجاً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي في الخيرات.. {وأولئك من الصالحين}.. ويقرر مصير الذين كفروا فلم يجنحوا للإسلام؛ فهم مأخوذون بكفرهم، لا تنفعهم أموال ينفقونها، ولا تغني عنهم أولاد، وعاقبتهم البوار.
وينتهي الدرس بتحذير الذين آمنوا من اتخاذ بطانة من دونهم، يودون لهم العنت. وتنفث أفواههم البغضاء، وما تخفي صدورهم أكبر، ويعضون عليهم الأنامل من الغيظ. ويفرحون لما ينزل بساحتهم من السوء؛ ويسوؤهم الخير ينال المؤمنين.. ويعدهم الله بالكلاءة والحفظ من كيد هؤلاء الأعداء ما صبروا واتقوا {إن الله بما يعملون محيط}..
ويدل هذا التوجيه الطويل، المنوّع الإيحاءات، على ما كانت تعانيه الجماعة المسلمة حينذاك من كيد أهل الكتاب ودسهم في الصف المسلم؛ وما كان يحدثه هذا الدس من بلبلة. كما أنه يشي بحاجة الجماعة إلى التوجيه القوي، كي يتم لها التميز الكامل، والمفاصلة الحاسمة، من كافة العلاقات التي كانت تربطها بالجاهلية وبأصدقاء الجاهلية!
ثم يبقى هذا التوجيه يعمل في أجيال هذه الأمة، ويبقى كل جيل مطالباً بالحذر من أعداء الإسلام التقليديين. وهم هم تختلف وسائلهم، ولكنهم لا يختلفون!
{كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل- إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة- قل: فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين. فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون}.
لقد كان اليهود يتصيدون كل حجة، وكل شبهة، وكل حيلة، لينفذوا منها إلى الطعن في صحة الرسالة المحمدية، وإلى بلبلة الأفكار وإشاعة الاضطراب في العقول والقلوب.. فلما قال القرآن: إنه مصدق لما في التوراة برزوا يقولون: فما بال القرآن يحلل من الأطعمة ما حرم على بني إسرائيل؟ وتذكر الروايات أنهم ذكروا بالذات لحوم الإبل وألبانها.. وهي محرمة على بني إسرائيل. وهناك محرمات أخرى كذلك أحلها الله للمسلمين.
وهنا يردهم القرآن إلى الحقيقة التاريخية التي يتجاهلونها للتشكيك في صحة ما جاء في القرآن من أنه مصدق للتوراة، وأنه مع هذا أحل للمسلمين بعض ما كان محرماً على بني إسرائيل.. هذه الحقيقة هي أن كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل- إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة- وإسرائيل هو يعقوب- عليه السلام- وتقول الروايات إنه مرض مرضاً شديداً، فنذر لله لئن عافاه ليمتنعن- تطوعاً- عن لحوم الإبل وألبانها وكانت أحب شيء إلى نفسه. فقبل الله منه نذره.
وجرت سنة بني إسرائيل على اتباع أبيهم في تحريم ما حرم.. كذلك حرم الله على بني إسرائيل مطاعم أخرى عقوبة لهم على معصيات ارتكبوها. وأشير إلى هذه المحرمات في آية الأنعام: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر، ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم، ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} وكانت قبل هذا التحريم حلالاً لبني إسرائيل.
يردهم الله سبحانه إلى هذه الحقيقة، ليبين أن الأصل في هذه المطاعم هو الحل، وأنها إنما حرمت عليهم لملابسات خاصة بهم. فإذا أحلها للمسلمين فهذا هو الأصل الذي لا يثير الاعتراض، ولا الشك في صحة هذا القرآن، وهذه الشريعة الإلهية الأخيرة.
ويتحداهم أن يرجعوا إلى التوراة، وأن يأتوا بها ليقرأوها، وسيجدون فيها أن أسباب التحريم خاصة بهم، وليست عامة.
{قل: فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين}..
ثم يهدد من يفتري الكذب منهم على الله بأنه إذن ظالم، لا ينصف الحقيقة، ولا ينصف نفسه، ولا ينصف الناس. وعقاب الظالم معروف، فيكفي أن يوصموا بهذه الوصمة، ليتقرر نوع العذاب الذي ينتظرهم. وهم يفترون الكذب على الله. وهم إليه راجعون..
كذلك كان اليهود يبدئون ويعيدون في مسألة تحويل القبلة إلى الكعبة، بعد أن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس حتى الشهر السادس عشر أو السابع عشر من الهجرة.. ومع أن هذا الموضوع قد نوقش مناقشة كاملة وافية في سورة البقرة من قبل، وتبين أن اتخاذ الكعبة قبلة للمسلمين هو الأصل وهو الأوْلى، وأن اتخاذ بيت المقدس هذه الفترة كان لحكمة معينة بينها الله في حينها.. مع هذا فقد ظل اليهود يبدئون في هذا الموضوع ويعيدون، ابتغاء البلبلة والتشكيك واللبس للحق الواضح الصريح- على مثال ما يصنع اليوم أعداء هذا الدين بكل موضوع من موضوعات هذا الدين! وهنا يرد الله عليهم كيدهم ببيان جديد.
{قل: صدق الله، فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً، وما كان من المشركين. إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين. فيه آيات بينات: مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمناً ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}..
ولعل الإشارة هنا في قوله: {قل صدق الله..} تعني ما سبق تقريره في هذا الأمر، من أن هذا البيت بناه إبراهيم وإسماعيل ليكون مثابة للناس وأمناً، وليكون للمؤمنين بدينه قبلة ومصلى: ومن ثم يجيء الأمر باتباع إبراهيم في ملته. وهي التوحيد الخالص المبرأ من الشرك في كل صورة:
{فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً، وما كان من المشركين}.
واليهود كانوا يزعمون أنهم هم ورثة إبراهيم. فها هو ذا القرآن يدلهم على حقيقة دين إبراهيم؛ وأنه الميل عن كل شرك.
ويؤكد هذه الحقيقة مرتين: مرة بأنه كان حنيفاً. ومرة بأنه ما كان من المشركين. فما بالهم هم مشركين!!
ثم يقرر أن الاتجاه للكعبة هو الأصل. فهي أول بيت وضع في الأرض للعبادة وخصص لها، مذ أمر الله إبراهيم أن يرفع قواعده.. وأن يخصصه للطائفين والعاكفين والركع السجود. وجعله مباركاً وجعله هدى للعالمين، يجدون عنده الهدى بدين الله ملة إبراهيم. وفيه علامات بينة على أنه مقام إبراهيم.. (ويقال: إن المقصود هو الحجر الأثري الذي كان إبراهيم- عليه السلام- يقف عليه في أثناء البناء. وكان ملصقاً بالكعبة فأخره عنها الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه حتى لا يشوش الذين يطوفون به على المصلين عنده. وقد أمر المسلمون أن يتخذوه مصلى بقوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}..)
ويذكر من فضائل هذا البيت أن من دخله كان آمناً. فهو مثابة الأمن لكل خائف. وليس هذا لمكان آخر في الأرض. وقد بقي هكذا مذ بناه إبراهيم وإسماعيل. وحتى في جاهلية العرب، وفي الفترة التي انحرفوا فيها عن دين إبراهيم، وعن التوحيد الخالص الذي يمثله هذا الدين.. حتى في هذه الفترة بقيت حرمة هذا البيت سارية، كما قال الحسن البصري وغيره: كان الرجل يقتل فيضع في عنقه صوفة، ويدخل الحرم، فيلقاه ابن المقتول، فلا يهيجه حتى يخرج.. وكان هذا من تكريم الله سبحانه لبيته هذا، حتى والناس من حوله في جاهلية! وقال- سبحانه- يمتن على العرب به: {أو لم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم؟} وحتى إنه من جملة تحريم الكعبة حرمة اصطياد صيدها وتنفيره عن أوكاره، وحرمة قطع شجرها.. وفي الصحيحين- واللفظ لمسلم- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة. وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا في ساعة من نهار. فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاه... إلخ».
فهذا هو البيت الذي اختاره الله للمسلمين قبلة.. هو بيت الله الذي جعل له هذه الكرامة. وهو أول بيت أقيم في الأرض للعبادة. وهو بيت أبيهم إبراهيم، وفيه شواهد على بناء إبراهيم له. والإسلام هو ملة إبراهيم. فبيته هو أولى بيت بأن يتجه إليه المسلمون. وهو مثابة الأمان في الأرض. وفيه هدى للناس، بما أنه مثابة هذا الدين.
ثم يقرر أن الله فرض على الناس أن يحجوا إلى هذا البيت ما تيسر لهم ذلك.
وإلا فهو الكفر الذي لا يضر الله شيئاً:
{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
ويلفت النظر- في التعبير- هذا التعميم الشامل في فرضية الحج: {على الناس}.. ففيه أولاً إيحاء بأن هذا الحج مكتوب على هؤلاء اليهود الذين يجادلون في توجه المسلمين إليه في الصلاة. على حين أنهم هم أنفسهم مطالبون من الله بالحج إلى هذا البيت والتوجه إليه، بوصفه بيت أبيهم إبراهيم، وبوصفه أول بيت وضع للناس للعبادة. فهم- اليهود- المنحرفون المقصرون العاصون! وفيه ثانياً إيحاء بأن الناس جميعاً مطالبون بالإقرار بهذا الدين، وتأدية فرائضه وشعائره، والاتجاه والحج إلى بيت الله الذي يتوجه إليه المؤمنون به.. هذا وإلا فهو الكفر. مهما ادعى المدعون أنهم على دين! والله غني عن العالمين. فما به من حاجة- سبحانه- إلى إيمانهم وحجهم. إنما هي مصلحتهم وفلاحهم بالإيمان والعبادة..
والحج فريضة في العمر مرة، عند أول ما تتوافر الاستطاعة. من الصحة وإمكان السفر وأمن الطريق.. ووقت فرضها مختلف فيه. فالذين يعتمدون رواية أن هذه الآيات نزلت في عام الوفود- في السنة التاسعة- يرون أن الحج فرض في هذه السنة. ويستدلون على هذا بأن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فقط بعد هذا التاريخ.. وقد قلنا عند الكلام على مسألة تحويل القبلة في الجزء الثاني من الظلال: إن حجة الرسول صلى الله عليه وسلم لا دليل فيها على تأخر فرضية الحج. فقد تكون لملابسات معينة. منها أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عرايا، ما يزالون يفعلون هذا بعد فتح مكة. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالطهم، حتى نزلت سورة براءة في العام التاسع، وحرم على المشركين الطواف بالبيت.. ثم حج صلى الله عليه وسلم حجته في العام الذي يليه.. ومن ثم فقد تكون فرضية الحج سابقة على ذلك التاريخ، ويكون نزول هذه الآية في الفترة الأولى من الهجرة بعد غزوة أحد أو حواليها.
وقد تقررت هذه الفريضة على كل حال بهذا النص القاطع، الذي يجعل لله- سبحانه- حق حج البيت على {الناس} من استطاع إليه سبيلا.
والحج مؤتمر المسلمين السنوي العام. يتلاقون فيه عند البيت الذي صدرت لهم الدعوة منه. والذي بدأت منه الملة الحنيفية على يد أبيهم إبراهيم. والذي جعله الله أول بيت في الأرض لعبادته خالصاً. فهو تجمع له مغزاه، وله ذكرياته هذه، التي تطوف كلها حول المعنى الكريم، الذي يصل الناس بخالقهم العظيم.. معنى العقيدة. استجابة الروح لله الذي من نفخة روحه صار الإنسان إنساناً.
وهو المعنى الذي يليق بالأناسي أن يتجمعوا عليه، وأن يتوافدوا كل عام إلى المكان المقدس الذي انبعث منه النداء للتجمع على هذا المعنى الكريم..
بعد هذا البيان يلقن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتجه إلى أهل الكتاب بالتنديد والتهديد، على موقفهم من الحق الذي يعلمونه، ثم يصدون عنه، ويكفرون بآيات الله. وهم شهداء على صحتها، وهم من صدقها على يقين:
{قل: يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله، والله شهيد على ما تعملون؟ قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهداء؟ وما الله بغافل عما تعملون}..
وقد تكرر مثل هذا التنديد في هذه السورة، وفي سور غيرها كثيرة. وأول ما يتركه هذا التنديد من أثر هو مجابهته أهل الكتاب بحقيقة موقفهم، ووصفهم بصفتهم، التي يدارونها بمظهر الإيمان والتدين، بينما هم في حقيقتهم كفار. فهم يكفرون بآيات الله القرآنية. ومن يكفر بشيء من كتاب الله فقد كفر بالكتاب كله. ولو أنهم آمنوا بالنصيب الذي معهم لآمنوا بكل رسول جاء من عند الله بعد رسولهم. فحقيقة الدين واحدة. من عرفها عرف أن كل ما يجيء به الرسل من بعد حق، وأوجب على نفسه الإسلام لله على أيديهم.. وهي حقيقة من شأنها أن تهزهم وأن تخوفهم عاقبة ما هم فيه.
ثم إن المخدوعين من الجماعة المسلمة بكون هؤلاء الناس أهل كتاب، يسقط هذا الخداع عنهم، وهم يرون الله- سبحانه- يعلن حقيقة أهل الكتاب هؤلاء، ويدمغهم بالكفر الكامل الصريح. فلا تبقى بعد هذا ريبة لمستريب.
وهو- سبحانه- يهددهم بما يخلع القلوب:
{والله شهيد على ما تعملون}.. {وما الله بغافل عما تعملون}..
وهو تهديد رعيب، حين يحس إنسان أن الله يشهد عمله. وأنه ليس بغافل عنه. بينما عمله هو الكفر والخداع والإفساد والتضليل!
ويسجل الله تعالى عليهم معرفتهم بالحق الذي يكفرون به، ويصدون الناس عنه:
{وأنتم شهداء}..
مما يجزم بأنهم كانوا على يقين من صدق ما يكذبون به، ومن صلاح ما يصدون الناس عنه. وهو أمر بشع مستنكر، لا يستحق فاعله ثقة ولا صحبة، ولا يستأهل إلا الاحتقار والتنديد!
ولا بد من وقفة أمام وصفة تعالى لهؤلاء القوم بقوله:
{لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً...؟}
إنها لفتة ذات مغزى كبير.. إن سبيل الله هو الطريق المستقيم. وما عداه عوج غير مستقيم. وحين يصد الناس عن سبيل الله؛ وحين يصد المؤمنون عن منهج الله، فإن الأمور كلها تفقد استقامتها، والموازين كلها تفقد سلامتها، ولا يكون في الأرض إلا العوج الذي لا يستقيم.
إنه الفساد. فساد الفطرة بانحرافها. وفساد الحياة باعوجاجها.. وهذا الفساد هو حصيلة صد الناس عن سبيل الله، وصد المؤمنين عن منهج الله.
وهو فساد في التصور. وفساد في الضمير. وفساد في الخلق. وفساد في السلوك. وفساد في الروابط. وفساد في المعاملات. وفساد في كل ما بين الناس بعضهم وبعض من ارتباطات. وما بينهم وبين الكون الذي يعيشون فيه من أواصر.. وإما أن يستقيم الناس على منهج الله فهي الاستقامة والصلاح والخير، وإما أن ينحرفوا عنه إلى أية وجهة فهو العوج والفساد والشر. وليس هنالك إلا هاتان الحالتان، تتعاوران حياة بني الإنسان: استقامة على منهج الله فهو الخير والصلاح، وانحراف عن هذا المنهج فهو الشر والفساد!
وحين يصل السياق إلى هذا الحد ينهي الجدل مع أهل الكتاب، ويغفل شأنهم كله. ويتجه إلى الجماعة المسلمة بالخطاب، والتحذير؛ والتنبيه والتوجيه. وبيان خصائص الجماعة المسلمة وقواعد منهجها وتصورها وحياتها؛ وطبيعة وسائلها لتحقيق المنهج الذي ناطه الله بها:
{يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله؟ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}..
لقد جاءت هذه الأمة المسلمة لتنشئ في الأرض طريقها على منهج الله وحده، متميزة متفردة ظاهرة. لقد انبثق وجودها ابتداء من منهج الله؛ لتؤدي في حياة البشر دوراً خاصاً لا ينهض به سواها. لقد وجدت لإقرار منهج الله في الأرض، وتحقيقه في صورة عملية، ذات معالم منظورة، تترجم فيها النصوص إلى حركات وأعمال، ومشاعر وأخلاق، وأوضاع وارتباطات.
وهي لا تحقق غاية وجودها، ولا تستقيم على طريقها، ولا تنشئ في الأرض هذه الصورة الوضيئة الفريدة من الحياة الواقعية الخاصة المتميزة، إلا إذا تلقت من الله وحده، وإلا إذا تولت قيادة البشرية بما تتلقاه من الله وحده. قيادة البشرية.. لا التلقي من أحد من البشر، ولا اتباع أحد من البشر، ولا طاعة أحد من البشر.. إما هذا وإما الكفر والضلال والانحراف..
هذا ما يؤكده القرآن ويكرره في شتى المناسبات. وهذا ما يقيم عليه مشاعر الجماعة المسلمة وأفكارها وأخلاقها كلما سنحت الفرصة.. وهنا موضع من هذه المواضع، مناسبته هي المناظرة مع أهل الكتاب، ومواجهة كيدهم وتآمرهم على الجماعة المسلمة في المدينة.. ولكنه ليس محدوداً بحدود هذه المناسبة، فهو التوجيه الدائم لهذه الأمة، في كل جيل من أجيالها، لأنه هو قاعدة حياتها، بل قاعدة وجودها.
لقد وجدت هذه الأمة لقيادة البشرية. فكيف تتلقى إذن من الجاهلية التي جاءت لتبدلها ولتصلها بالله، ولتقودها بمنهج الله؟ وحين تتخلى عن مهمة القيادة فما وجودها إذن، وليس لوجودها- في هذه الحال- من غاية؟!
لقد وجدت للقيادة: قيادة التصور الصحيح. والاعتقاد الصحيح. والشعور الصحيح. والخلق الصحيح. والنظام الصحيح. والتنظيم الصحيح.. وفي ظل هذه الأوضاع الصحيحة يمكن أن تنمو العقول، وأن تتفتح، وأن تتعرف إلى هذا الكون، وأن تعرف أسراره، وأن تسخر قواه وطاقاته ومدخراته.
ولكن القيادة الأساسية التي تسمح بهذا كله، وتسيطر على هذا كله وتوجهه لخير البشر لا لتهديدهم بالخراب والدمار، ولا لتسخيره في المآرب والشهوات.. ينبغي أن تكون للإيمان، وأن تقوم عليها الجماعة المسلمة، مهتدية فيها بتوجيه الله. لا بتوجيه أحد من عبيد الله.
وهنا في هذا الدرس يحذر الأمة المسلمة من اتباع غيرها، ويبين لها كذلك طريقها لإنشاء الأوضاع الصحيحة وصيانتها. ويبدأ بتحذيرها من اتباع أهل الكتاب، وإلا فسيقودونها إلى الكفر لا مناص.
{يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين. وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله؟ ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}..
إن طاعة أهل الكتاب والتلقي عنهم، واقتباس مناهجهم وأوضاعهم، تحمل ابتداء معنى الهزيمة الداخلية، والتخلي عن دور القيادة الذي من أجله أنشئت الأمة المسلمة. كما تحمل معنى الشك في كفاية منهج الله لقيادة الحياة وتنظيمها والسير بها صعداً في طريق النماء والارتقاء. وهذا بذاته دبيب الكفر في النفس، وهي لا تشعر به ولا ترى خطره القريب.
هذا من جانب المسلمين. فأما من الجانب الآخر، فأهل الكتاب لا يحرصون على شيء حرصهم على إضلال هذه الأمة عن عقيدتها. فهذه العقيدة هي صخرة النجاة؛ وخط الدفاع، ومصدر القوة الدافعة للأمة المسلمة. وأعداؤه يعرفون هذا جيداً. يعرفونه قديماً ويعرفونه حديثاً، ويبذلون في سبيل تحويل هذه الأمة عن عقيدتها كل ما في وسعهم من مكر وحيلة، ومن قوة كذلك وعُدة. وحين يعجزهم أن يحاربوا هذه العقيدة ظاهرين يدسون لها ماكرين. وحين يعييهم أن يحاربوها بأنفسهم وحده، يجندون من المنافقين المتظاهرين بالإسلام، أو ممن ينتسبون- زوراً- للإسلام، جنوداً مجندة، لتنخر لهم في جسم هذه العقيدة من داخل الدار، ولتصد الناس عنها، ولتزين لهم مناهج غير منهجها، وأوضاعاً غير أوضاعها، وقيادة غير قيادتها..
فحين يجد أهل الكتاب من بعض المسلمين طواعية واستماعاً واتباعاً، فهم ولا شك سيستخدمون هذا كله في سبيل الغاية التي تؤرقهم، وسيقودونهم ويقودون الجماعة كلها من ورائهم إلى الكفر والضلال.
ومن ثم هذا التحذير الحاسم المخيف:
{يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين}..
وما كان يفزع المسلم- حينذاك- ما يفزعه أن يرى نفسه منتكساً إلى الكفر بعد الإيمان. وراجعاً إلى النار بعد نجاته منها إلى الجنة. وهذا شأن المسلم الحق في كل زمان ومن ثم يكون هذا التحذير بهذه الصورة سوطاً يلهب الضمير، ويوقظه بشدة لصوت النذير.. ومع هذا فإن السياق يتابع التحذير والتذكير.. فيا له من منكر أن يكفر الذين آمنوا بعد إيمانهم، وآيات الله تتلى عليهم، ورسوله فيهم.
ودواعي الإيمان حاضرة، والدعوة إلى الإيمان قائمة، ومفرق الطريق بين الكفر والإيمان مسلط عليه هذا النور:
{وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله؟}
أجل. إنها لكبيرة أن يكفر المؤمن في ظل هذه الظروف المعينة على الإيمان.. وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استوفى أجله، واختار الرفيق الأعلى، فإن آيات الله باقية، وهدى رسوله صلى الله عليه وسلم باق.. ونحن اليوم مخاطبون بهذا القرآن كما خوطب به الأولون، وطريق العصمة بين، ولواء العصمة مرفوع:
{ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}..
أجل. إنه الاعتصام بالله يعصم. والله سبحانه باق. وهو- سبحانه- الحي القيوم.
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتشدد مع أصحابه- رضوان الله عليهم- في أمر التلقي في شأن العقيدة والمنهج، بقدر ما كان يفسح لهم في الرأي والتجربة في شؤون الحياة العملية المتروكة للتجربة والمعرفة، كشؤون الزرع، وخطط القتال، وأمثالها من المسائل العملية البحتة التي لا علاقة لها بالتصور الاعتقادي، ولا بالنظام الاجتماعي، ولا بالارتباطات الخاصة بتنظيم حياة الإنسان.. وفرق بين هذا وذلك بين. فمنهج الحياة شيء، والعلوم البحتة والتجريبية والتطبيقية شيء آخر. والإسلام الذي جاء ليقود الحياة بمنهج الله، هو الإسلام الذي وجه العقل للمعرفة والانتفاع بكل إبداع مادي في نطاق منهجه للحياة..
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرازق، أنبأنا سفيان، عن جابر، عن الشعبي، عن عبد الله بن ثابت. قال: «جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله. إني أمرت بأخ يهودي من بني قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة. ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى ما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: رضيت بالله رباً، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولاً. قال: فسري عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى- عليه السلام- ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم. إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين».
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا حماد عن الشعبي عن جابر. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء. فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا. وإنكم إما أن تصدقوا بباطل، وإما أن تكذبوا بحق. وإنه والله لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني». وفي بعض الأحاديث: «لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي».
هؤلاء هم أهل الكتاب. وهذا هو هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في التلقي عنهم في أي أمر يختص بالعقيدة والتصور، أو بالشريعة والمنهج.. ولا ضير- وفق روح الإسلام وتوجيهه- من الانتفاع بجهود البشر كلهم في غير هذا من العلوم البحتة، علماً وتطبيقاً.. مع ربطها بالمنهج الإيماني: من ناحية الشعور بها، وكونها من تسخير الله للإنسان. ومن ناحية توجيهها والانتفاع بها في خير البشرية، وتوفير الأمن لها والرخاء. وشكر الله على نعمة المعرفة ونعمة تسخير القوى والطاقات الكونية. شكره بالعبادة. وشكره بتوجيه هذه المعرفة وهذا التسخير لخير البشرية..
فأما التلقي عنهم في التصور الإيماني، وفي تفسير الوجود، وغاية الوجود الإنساني. وفي منهج الحياة وأنظمتها وشرائعها، وفي منهج الأخلاق والسلوك أيضاً.. أما التلقي في شيء من هذا كله، فهو الذي تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأيسر شيء منه. وهو الذي حذر الله الأمة المسلمة عاقبته. وهي الكفر الصراح..
هذا هو توجيه الله- سبحانه- وهذا هو هدى رسوله صلى الله عليه وسلم فأما نحن الذين نزعم أننا مسلمون، فأرانا نتلقى في صميم فهمنا لقرآننا وحديث نبينا صلى الله عليه وسلم عن المستشرقين وتلامذة المستشرقين! وأرانا نتلقى فلسفتنا وتصوراتنا للوجود والحياة من هؤلاء وهؤلاء، ومن الفلاسفة والمفكرين: الإغريق والرومان والأوروبيين والأمريكان! وأرانا نتلقى نظام حياتنا وشرائعنا وقوانيننا من تلك المصادر المدخولة! وأرانا نتلقى قواعد سلوكنا وآدابنا وأخلاقنا من ذلك المستنقع الآسن، الذي انتهت إليه الحضارة المادية المجردة من روح الدين.. أي دين.. ثم نزعم- والله- أننا مسلمون! وهو زعم إثمه أثقل من إثم الكفر الصريح. فنحن بهذا نشهد على الإسلام بالفشل والمسخ. حيث لا يشهد عليه هذه الشهادة الآثمة من لا يزعمون- مثلنا- أنهم مسلمون!
إن الإسلام منهج. وهو منهج ذو خصائص متميزة: من ناحية التصور الاعتقادي، ومن ناحية الشريعة المنظمة لارتباطات الحياة كلها. ومن ناحية القواعد الأخلاقية، التي تقوم عليها هذه الارتباطات، ولا تفارقها، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. وهو منهج جاء لقيادة البشرية كلها. فلا بد أن تكون هناك جماعة من الناس تحمل هذا المنهج لتقود به البشرية. ومما يتناقض مع طبيعة القيادة- كما أسلفنا- أن تتلقى هذه الجماعة التوجيهات من غير منهجها الذاتي..
ولخير البشرية جاء هذا المنهج يوم جاء. و




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال