سورة الزمر / الآية رقم 11 / تفسير تفسير البقاعي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ البُشْرَى فَبِشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ المِيعَادَ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَراًّ ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ

الزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


ولما ثبت أن القانت خير، وكان المخالف له كثيراً، وكان أعظم حامل له على القنوت التقوى، وكانت كثرة المخالف أعظم مزلزل، وكان الإنسان- لما له من النقصان- أحوج شيء إلى التثبيت، وكان التثبيت من المجانس، والتأنيس من المشاكل أسكن للقلب وأشرح للصدر، أمر أكمل الخلق وأحسنهم ملاطفة بتثبيتهم فقال: {قل} ولما كان الثبات لا يرسخ مع كثرة المخالف، وتوالي الزلزال والمتالف، إلا إذ كان عن الملك، جعل ذلك عنه سبحانه ليجتمع عليه الخالق والأقرب إليه من الخلائق، فقال: {يا عباد} دون أن يقول: يا عباد الله، مثلاً تذكيراً لهم تسكيناً لقلوبهم بما علم من أن التقدير. قال الله، وتشريفاً لهم بالإضافة إليه بالضمير الدال على اللطف وشدة الخصوصية، وإعلاماً لهم بأنه حاضر لا يغيب عنهم بوجه: {الذين آمنوا} أي أوجدوا هذه الحقيقة ولو على أدنى حالاتها.
ولما كان الإحسان ربما جراً على المحسن، أشار سبحانه إلى سداد قول العارفين: اجلس على البساط وإياك والانبساط ونبه بلفت القول عن مظهر التكلم إلى الوصف بما يدل على أن العاقل من أوجب له الإحسان إجلالاً وإكباراً، وأثمر له العطف والتقريب ذلاًّ في نفسه وصغاراً، وخوفاً وانكساراً، مما أقله قطع الإحسان فقال: {اتقوا ربكم} أي اجعلوا بينكم وبين غضب المحسن إليكم وقاية بأن تترقوا في درجات طاعته مخلصين له كما خلقكم لكم لا لغرض له ليرسخ إيمانكم ويقوي إحسانكم، وهذا أدل دليل على أن الإيمان يكون مع عدم التقوى.
ولما أرشدهم بالاسم الناظر إلى الإحسان إلى أن يقولوا: فما لنا إن فعلنا؟ قال مجيباً معللاً: {للذين أحسنوا} أي لكم، ولكنه أظهر الوصف الدال على سبب جزائهم تشويقاً إلى الازدياد منه، ولما كان العمل لا ينفع إلا في دار التكليف قال: {في هذه} باسم الإشارة زيادة في التعيين {الدنيا} أي الدنية الوضرة التي لا تطهر الحياة فيها إلا بالتقديس بعبادة الخالق والتخلق بأوصافه {حسنة} أي عظيمة في الدنيا بالنصر والمعونة مع كثرة المخالف وفي الآخرة بالثواب، ويجوز أن يكون معنى {أحسنوا} أوقعوا الإحسان، ومعلوم أنه في هذه الدنيا، فيكون ما بعده مبتدأ وخبراً، لكنه يصير خاصاً بثواب الدنيا، فالأول حسن.
ولما كان ربما عرض للإنسان في أرض من يمنعه الإحسان، ويحمله على العصيان، حث سبحانه على الهجرة إلى حيث يزول عنه ذلك المانع، تنبيهاً على أن مثل هذا ليس عذراً في التقصير كما قيل:
وإذا نبا بك منزل فتحول ***
فقال: {وأرض الله} أي الذي له الملك كله والعظمة الشاملة {واسعة} ووجوده بعلمه وقدرته في كل أرض على حد سواء، فالمتقيد بمكان منها ضعيف العزم واهن اليقين، فلا عذر للمفرط في الإحسان بعدم الهجرة.
ولما كان الصبر على هجرة الوطن ولا سيما إن كان ثّم أهل وعشيرة شديداً جداً، ذكر ما للصابر على ذلك لمن تشوف إلى السؤال عنه فقال: {إنما يوفى} أي التوفية العظمية {الصابرون} أي على ما تكرهه النفوس في مخالفة الهوى واتباع أوامر الملك الأعلى من الهجرة وغيرها {أجرهم بغير حساب} أي على وجه من الكثرة لا يمكن في العادة حسبانه، وذلك لأن الجزاء من جنس العمل، وكل عمل يمكن عده وحصره إلا الصبر فإنه دائم مع الأنفاس، وهو معنى من المعاني الباطنة لا يطلع خلق على مقداره في قوته وضعفه وشدته ولينه لأنه مع خفائه يتفاوت مقداره، وتتعاظم آثاره، بحسب الهمم في علوها وسفولها، وسموها ونزولها، ويجوز أن يكون المعنى أن من كمل صبره بما أشارت إليه لام الكمال- لم يكن عليه حساب، لما رواه البزار وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة بها لمم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ادع الله لي، قال: «إن شئت دعوت الله فشفاك، وإن شئت صبرت ولا حساب عليك»، قالت: بل أصبر ولا حساب علي.
ولما كانت الأعين ناظرة إلى الأمر هل يفعل ما يأمر به ومقيده بالرئيس لتأتسي به، وكان أعظم الصابرين من جاهد نفسه حتى خلص أعمالها من الشوائب وحماها من الحظوظ والعوائق، وصانها من الفتور والشواغل، أمره بما يرغبهم في المجاهدة، ويكشف لهم عن حلاوة الصبر، بقوله: {قل} ولما كان الرئيس لقربه من الملك بحيث يظن أنه يسامحه في كثير مما يكلف به غيره أكد قوله: {إني أمرت} وبني الفعل لما لم يسم فاعله تعظيماً للأمر بأنه قطع ومضى بحيث لم يبق فيه مشوبة، وأقام مقام الفاعل دليلاً على أنه العمدة للحث على لزومه قوله: {أن أعبد الله} أي الذي الخلق كلهم سواء بالنسبة إلى قبضته وعلوه وعظمته لأنه غني عن كل شيء {مخلصاً له الدين} أي العبادة التي يرجى منه الجزاء عليها.
ولما كان الرئيس إذا سابق إلى شيء شوق النفوس إليه، وأوجب عليها العكوف عليه قال: {وأمرت} أي، وقع الأمر لي وانبرم بأوامر عظيمة وراء ما أمرتم به لا تطيقونها {لأن} أي لأجل أن {أكون} في وقتي وفي شرعي {أول} أي أعظم {المسلمين} أي المنقادين في الرتبة الحائزين قصب السبق بكل اعتبار لأوامر الإله الذي لا فوز إلا بامتثال أوامره أو أسبق الكائنين منهم في زماني، فجهة هذا الفعل غير جهة الأول، فلذلك عطف عليه لأنه لإحراز قصب السبق، والأول لمطلق الإخلاص في العبادة.
ولما كان ما أمر به مفهماً لأن يكون مع ترغيب ومع ترهيب، وكان ربما ظن أن الرئيس لا يرهب الملك لأمور ترجى منه أو تخشى، وكان تكرير الأمر بإبلاغ المأمورين أوقع في قلوبهم وأشد إقبالاً بنفوسهم قال تعالى: {قل} أي لأمتك، وأكد- لما في الأوهام أن الرئيس لا يخاف- قوله: {إني أخاف} أي مع تأمينه لي بغفران ما تقدم وما تأخر إخلاصاً في إجلاله وإعظامه وفعلاً لما على العبد لمولاه الذي له جميع الكبرياء والعظمة، ولما كان وصف الإحسان ربما جراً على العصيان، يبن أنه لا يكون ذلك إلا لعدم العرفان فقال: {إن عصيت ربي} أي المحسن إليّ المربي لي بكل جميل فتركت الإخلاص له {عذاب يوم عظيم} وإذا كان اليوم عظيماً، فكيف يكون عذابه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال