سورة الزمر / الآية رقم 43 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَ لَوْ كَانُوا لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ العَذَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ

الزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {أَمِ اتخذوا مِن دُونِ الله شُفَعَاء} أم هي المنقطعة المقدّرة ببل، والهمزة، أي: بل اتخذوا من دون الله آلهة شفعاء تشفع لهم عند الله {قُلْ أَوَلَوْ لَّوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ} الهمزة للإنكار، والتوبيخ، والواو للعطف على محذوف مقدّر، أي: أيشفعون، ولو كانوا الخ، وجواب لو محذوف تقديره تتخذونهم، أي: وإن كانوا بهذه الصفة تتخذونهم، ومعنى لا يملكون شيئاً: أنهم غير مالكين لشيء من الأشياء، وتدخل الشفاعة في ذلك دخولاً أوّلياً، ولا يعقلون شيئاً من الأشياء؛ لأنها جمادات لا عقل لها، وجمعهم بالواو، والنون لاعتقاد الكفار فيهم أنهم يعقلون. ثم أمره سبحانه بأن يخبرهم: أن الشفاعة لله وحده، فقال: {قُل لِلَّهِ الشفاعة جَمِيعاً}، فليس لأحد منها شيء إلا أن يكون بإذنه لمن ارتضى، كما في قوله: {مَن ذَا الذى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255]، وقوله: {وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى} [الأنبياء: 28]، وانتصاب {جميعاً} على الحال، وإنما أكد الشفاعة بما يؤكد به الاثنان، فصاعداً؛ لأنها مصدر يطلق على الواحد، والاثنين، والجماعة، ثم وصفه بسعة الملك، فقال: {لَّهُ مُلْكُ السموات والأرض} أي: يملكهما، ويملك ما فيهما، ويتصرف في ذلك كيف يشاء، ويفعل ما يريد {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} لا إلى غيره، وذلك بعد البعث.
{وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالأخرة} انتصاب {وحده} على الحال عند يونس، وعلى المصدر عند الخليل، وسيبويه، والاشمئزاز في اللغة: النفور. قال أبو عبيدة: اشمأزت نفرت، وقال المبرد: انقبضت. وبالأوّل قال قتادة، وبالثاني قال مجاهد، والمعنى متقارب.
وقال المؤرّج: أنكرت، وقال أبو زيد: اشمأزّ الرجل ذعر من الفزع، والمناسب للمقام تفسير اشمأزت بانقبضت، وهو في الأصل: الازورار، وكان المشركون إذا قيل لهم: لا إله إلا الله انقبضوا، كما حكاه الله عنهم في قوله: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القرآن وَحْدَهُ وَلَّوْاْ على أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً} [الإسراء: 46]، ثم ذكر سبحانه استبشارهم بذكر أصنامهم، فقال: {وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} أي: يفرحون بذلك، ويبتهجون به، والعامل في {إذا} في قوله: {وَإِذَا ذُكِرَ الله} الفعل الذي بعدها، وهو: اشمأزت، والعامل في إذا في قوله: {وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ} الفعل العامل في إذا الفجائية، والتقدير: فاجئوا الاستبشار وقت ذكر الذين من دونه. ولما لم يقبل المتمردون من الكفار ما جاءهم به من الدعاء إلى الخير، وصمموا على كفرهم، أمره الله سبحانه: أن يردّ الأمر إليه، فقال: {قُلِ اللهم فَاطِرَ السموات والأرض عَالِمَ الغيب والشهادة أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}، وقد تقدّم تفسير فاطر السماوات، وتفسير عالم الغيب، والشهادة، وهما منصوبان على النداء، ومعنى {تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ}: تجازي المحسن بإحسانه، وتعاقب المسيء بإساءته، فإنه بذلك يظهر من هو المحقّ، ومن هو المبطل، ويرتفع عنده خلاف المختلفين، وتخاصم المتخاصمين.
ثم لما حكى عن الكفار ما حكاه من الاشمئزاز عند ذكر الله، والاستبشار عند ذكر الأصنام ذكر ما يدلّ على شدّة عذابهم، وعظيم عقوبتهم، فقال: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِى الأرض جَمِيعاً} أي: جميع ما في الدنيا من الأموال، والذخائر {وَمِثْلَهُ مَعَهُ} أي: منضماً إليه {لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِن سُوء العذاب يَوْمَ القيامة} أي: من سوء عذاب ذلك اليوم، وقد مضى تفسير هذا في آل عمران {وَبَدَا لَهُمْ مّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ} أي: ظهر لهم من عقوبات الله، وسخطه، وشدّة عذابه ما لم يكن في حسابهم، وفي هذا وعيد عظيم، وتهديد بالغ، وقال مجاهد: عملوا أعمالاً توهموا أنها حسنات، فإذا هي سيئات، وكذا قال السدّي.
وقال سفيان الثوري: ويل لأهل الرياء ويل لأهل الرياء ويل لأهل الرياء هذه آيتهم، وقصتهم.
وقال عكرمة بن عمار: جزع محمد بن المنكدر عند موته جزعاً شديداً، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: أخاف آية من كتاب الله {وَبَدَا لَهُمْ مّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ}، فأنا أخشى أن يبدو لي ما لم أكن أحتسب. {وَبَدَا لَهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَسَبُواْ} أي: مساوئ أعمالهم من الشرك، وظلم أولياء الله، و{ما} يحتمل أن تكون مصدرية، أي: سيئات كسبهم، وأن تكون موصولة، أي: سيئات الذي كسبوه {وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ} أي: أحاط بهم، ونزل بهم ما كانوا يستهزئون به من الإنذار الذي كان ينذرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت} الآية قال: قست، ونفرت {قُلُوبٍ} هؤلاء الأربعة {الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالأخرة} أبو جهل بن هشام، والوليد بن عقبة، وصفوان، وأبيّ بن خلف {وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ} اللات، والعزى {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}.
وأخرج مسلم، وأبو داود، والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته: «اللَّهم ربّ جبريل، وميكائيل، وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما أختلف فيه من الحقّ بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال