سورة الزمر / الآية رقم 62 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ المُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى العَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ المُحْسِنِينَ بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الكَافِرِينَ وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وَجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الجَاهِلُونَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ

الزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمرالزمر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)}
واعلم أنه لما أطال الكلام في شرح الوعد والوعيد عاد إلى دلائل الإلهية والتوحيد، وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قد ذكرنا في سورة الأنعام أن أصحابنا تمسكوا بقوله تعالى: {خالق كُلّ شَيء} [الأنعام: 102] على أن أعمال العباد مخلوقة لله تعالى، وأطنبنا هناك في الأسئلة والأجوبة، فلا فائدة هاهنا في الإعادة، إلا أن الكعبي ذكر هاهنا كلمات فنذكرها ونجيب عنها، فقال إن الله تعالى مدح نفسه بقوله: {الله خالق كُلّ شَيء} وليس من المدح أن يخلق الكفر والقبائح فلا يصح أن يحتج المخالف به، وأيضاً فلم يكن في صدر هذه الأمة خلاف في أعمال العباد، بل كان الخلاف بينهم وبين المجوس والزنادقة في خلق الأمراض والسباع والهوام، فأراد الله تعالى أن يبين أنها جمع من خلقه، وأيضاً لفظة {كُلٌّ} قد لا توجب العموم لقوله تعالى: {وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَيء} [النمل: 23] {تُدَمّرُ كُلَّ شَيء} [الأحقاف: 25] وأيضاً لو كانت أعمال العباد من خلق الله لما ضافها إليهم بقوله: {كُفَّارًا حَسَدًا مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] ولما صح قوله: {وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله} [آل عمران: 78] ولما صح قوله: {وَمَا خَلَقْنَا السماء والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا باطلا} [ص: 27] فهذا جملة ما ذكره الكعبي في تفسيره، وقال الجبائي: {الله خالق كُلّ شَيء} سوى أفعال خلقه التي صح فيها الأمر والنهي واستحقوا بها الثواب والعقاب، ولو كانت أفعالهم خلقاً لله تعالى ما جاز ذلك فيه كما لا يجوز مثله في ألوانهم وصورهم، وقال أبو مسلم: الخلق هو التقدير لا الإيجاد، فإذا أخبر الله عن عباده أنهم يفعلون الفعل الفلاني فقد قدر ذلك الفعل، فيصح أن يقال إنه تعالى خلقه وإن لم يكن موجداً له.
واعلم أن الجواب عن هذه الوجوه قد ذكرناه بالاستقصاء في سورة الأنعام، فمن أراد الوقوف عليه فليطالع هذا الموضوع من هذا الكتاب، والله أعلم.
أما قوله تعالى: {وَهُوَ على كُلّ شَيء وَكِيلٌ} فالمعنى أن الأشياء كلها موكولة إليه فهو القائم بحفظها وتدبيرها من غير منازع ولا مشارك، وهذا أيضاً يدل على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى، لأن فعل العبد لو وقع بتخليق العبد لكان ذلك الفعل غير موكول إلى الله تعالى وكيلاً عليه، وذلك ينافي عموم الآية.
ثم قال تعالى: {لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض} والمعنى أنه سبحانه مالك أمرها وحافظها وهو من باب الكناية، لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرها هو الذي بيده مقاليدها، ومنه قولهم: فلان ألقيت مقاليد الملك إليه وهي المفاتيح، قال صاحب الكشاف: ولا واحد لها من لفظها، وقيل مقليد ومقاليد، وقيل مقلاد ومقاليد مثل مفتاح ومفاتيح، وقيل إقليد وأقاليد، قال صاحب الكشاف: والكلمة أصلها فارسية، إلا أن القوم لما عربوها صارت عربية.
واعلم أن الكلام في تفسير قوله: {لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض} قريب من الكلام في قوله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب} [الأنعام: 59] وقد سبق الاستقصاء هناك، قيل سأل عثمان رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله: {لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض} فقال: «يا عثمان ما سألني عنها أحد قبلك، تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر، سبحان الله وبحمده، أستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، هو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير، يحيي ويميت هو على كل شيء قدير» هكذا نقله صاحب الكشاف.
ثم قال تعالى: {والذين كَفَرُواْ بئايات الله أُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صريح الآية يقتضي أنه لا خاسر إلا كافر، وهذا يدل على أن كل من لم يكن كافراً فإنه لابد وأن يحصل له حظ من رحمة الله.
المسألة الثانية: أورد صاحب الكشاف سؤالاً، وهو أنه بم اتصل قوله: {والذين كَفَرُواْ}؟ وأجاب عنه بأنه اتصل بقوله تعالى: {وَيُنَجّى الله الذين اتقوا} [الزمر: 61] أي ينجي الله المتقين بمفازتهم {والذين كَفَرُواْ بئايات الله أُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون} واعترض ما بينهما أنه خالق للأشياء كلها، وأن له مقاليد السموات والأرض.
وأقول هذا عندي ضعيف من وجهين:
الأول: أن وقوع الفاصل الكبير بين المعطوف والمعطوف عليه بعيد الثاني: أن قوله: {وَيُنَجّى الله الذين اتقوا بِمَفَازَتِهِمْ} جملة فعلية، وقوله: {والذين كَفَرُواْ بئايات الله أُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون} جملة اسمية، وعطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية لا يجوز، بل الأقرب عندي أن يقال إنه لما وصف الله تعالى نفسه بالصفات الإلهية والجلالية، وهو كونه خالقاً للأشياء كلها، وكونه مالكاً لمقاليد السموات والأرض بأسرها، قال بعده: والذين كفروا بهذه الآيات الظاهرة الباهرة أولئك هم الخاسرون.
ثم قال تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا الجاهلون} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ ابن عامر تأمرونني بنونين ساكنة الياء وكذلك هي في مصاحف الشام، قال الواحدي وهو الأصل، وقرأ ابن كثير تأمروني بنون مشددة على إسكان الأولى وإدغامها في الثانية، وقرأ نافع تأمروني بنون واحدة خفيفة، على حذف إحدى النونين والباقون بنون واحدة مكسورة مشددة.
المسألة الثانية: {أَفَغَيْرَ الله} منصوب بأعبد وتأمروني اعتراض، ومعناه: أفغير الله أعبد بأمركم؟ وذلك حين قال له المشركون أسلم ببعض آلهتنا ونؤمن بإلهك، وأقول نظير هذه الآية، قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السموات والأرض} [الأنعام: 14] وقد ذكرنا في تلك الآية وجه الحكمة في تقديم الفعل.
المسألة الثالثة: إنما وصفهم بالجهل لأنه تقدم وصف الإله بكونه خالقاً للأشياء وبكونه مالكاً لمقاليد السموات والأرض، وظاهر كون هذه الأصنام جمادات أنها لا تضر ولا تنفع، ومن أعرض عن عبادة الإله الموصوف بتلك الصفات الشريفة المقدسة، واشتغل بعبادة هذه الأجسام الخسيسة، فقد بلغ في الجهل مبلغاً لا مزيد عليه، فلهذا السبب قال: {أَيُّهَا الجاهلون} ولا شك أن وصفهم بهذا الأمر لائق بهذا الموضع.
ثم قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين} واعلم أن الكلام التام مع الدلائل القوية، والجواب عن الشبهات في مسألة الإحباط قد ذكرناه في سورة البقرة فلا نعيده، قال صاحب الكشاف قرئ {لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} على البناء للمفعول وقرئ بالياء والنون أي: ليحبطن الله أو الشرك وفي الآية سؤالات:
السؤال الأول: كيف أوحي إليه وإلى من قبله حال شركه على التعيين؟ والجواب تقدير الآية: أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك، وإلى الذين من قبلك مثله أو أوحي إليك وإلى كل واحد منهم لئن أشركت، كما تقول كسانا حلة أي كل واحد منا.
السؤال الثاني: ما الفرق بين اللامين؟ الجواب الأولى: موطئة للقسم المحذوف والثانية: لام الجواب.
السؤال الثالث: كيف صح هذا الكلام مع علم الله تعالى أن رسله لا يشركون ولا تحبط أعمالهم؟ والجواب أن قوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} قضية شرطية والقضية الشرطية لا يلزم من صدقها صدق جزأيها ألا ترى أن قولك لو كانت الخمسة زوجاً لكانت منقسمة بمتساويين قضية صادقة مع أن كل واحد من جزأيها غير صادق، قال الله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا الِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ولم يلزم من هذا صدق القول بأن فيهما آلهة وبأنهما قد فسدتا.
السؤال الرابع: ما معنى قوله: {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين}؟ والجواب كما أن طاعات الأنبياء والرسل أفضل من طاعات غيرهم، فكذلك القبائح التي تصدر عنهم فإنها بتقدير الصدور تكون أقبح لقوله تعالى: {إِذًا لأذقناك ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ الممات} [الإسراء: 75] فكان المعنى ضعف الشرك الحاصل منه، وبتقدير حصوله منه يكون تأثيره في جانب غضب الله أقوى وأعظم.
واعلم أنه تعالى لما قدم هذه المقدمات ذكر ما هو المقصود فقال: {بَلِ الله فاعبد وَكُن مّنَ الشاكرين}، والمقصود منه ما أمروه به من الإسلام ببعض آلهتهم، كأنه قال إنكم تأمرونني بأن لا أعبد إلا غير الله لأن قوله: {قُلْ أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ} يفيد أنهم عينوا عليه عبادة غير الله، فقال الله إنهم بئسما قالوا ولكن أنت على الضد مما قالوا، فلا تعبد إلا الله، وذلك لأن قوله: {بَلِ الله فاعبد} يفيد الحصر. ثم قال: {وَكُنْ مّنَ الشاكرين} على ما هداك إلى أنه لا يجوز إلا عبادة الإله القادر عن الإطلاق العليم الحكيم، وعلى ما أرشدك إلى أنه يجب الإعراض عن عبادة كل ما سوى الله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال