سورة غافر / الآية رقم 65 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ هُوَ الحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ البَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمِينَ

غافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ (60) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (61) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (63) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (64) هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (65)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} هو التفات بعين الرضا والرحمة والإحسان من اللّه سبحانه وتعالى، إلى عباده المؤمنين، الذين آمنوا به، واستيقنوا أن الساعة آتية لا ريب فيها.
فهؤلاء المؤمنون يدعوهم اللّه سبحانه إلى ساحة فضله وإحسانه، قائلا لهم:
{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}.
اسألوا تعطوا.. {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} وفى الدعاء رغب إلى اللّه، ووقوف بين يدى رحمته وإحسانه.. وفى الاستجابة إظهار لما للعبد عند ربّه من احتفاء وتكريم، وأنه بموضع الرضا والقبول.
والدعاء، هو عباده المؤمنين، وهو ولاء، وتسبيح، وصلاة للّه رب العالمين.
ومن هنا عرّف الدعاء بأنه مخّ العبادة.. لأنه مفزع العبد إلى ربه، وفيه يتجلى ضعف العبد وانكساره، وذلّه، أمام قدرة اللّه وعظمته وجلاله.. فهو- في صميمه- عبادة خالصة، وابتهال خاشع، وولاء واستسلام.
ولكل إنسان دعاؤه الذي يدعو به ربه.. فمنهم من يطلب الدنيا، ويجعلها همّه فيما يدعو به ربه، ومنهم من يطلب الآخرة ويرجو بدعائه رحمة ربه، ومنهم من يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فيجمع بين الدنيا والآخرة.
وكثير من الناس، لا يذكرون اللّه بالدعاء إلا عند الشدة والضيق.
فهم في غفلة عن ذكر ربهم، حتى إذا نزل بهم مكروه، أو أحاط بهم بلاء ضرعوا إلى اللّه، وأسلموا إليه أمرهم،. فإذا زايلتهم تلك الحال، مضوا إلى ما كانوا فيه من شغل عن اللّه، واشتغال بدنياهم، وتقلبهم في لعبهم ولهوهم.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ} [12: يونس] هذا، وقد عرضنا موضوع الدعاء في بحث خاص، ذكرنا فيه ماهيّة الدعاء، ومواقع الإجابة، ومواطنها، وهل يردّ الدعاء القضاء؟ وهل يجاب كل دعاء؟ ثم عرضنا بعضا من أدعية الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه، وأدعية الصحابة، وغيرهم من صالحى المؤمنين.. وذلك في كتابنا: الدعاء المستجاب.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} الداخر: الذليل المهين.
وفى هذا إشارة إلى أن الدعاء عبادة، وولاء، وخضوع للّه، واعتراف بجلاله وقدرته.. وأن الذين لا يدعون اللّه، ولا يوجهون وجوههم إليه، هم أهل كفر باللّه، وضلال عنه.. إذ يمنعهم كبرهم واستعلاؤهم عن أن يذلّوا للّه، ويمدوا أيديهم سائلين من فضله، طالبين من رحمته.. إنهم سيدخلون جهنم أذلاء، محقرين، بعد أن صرفوا وجوههم عن اللّه مستعلين مستكبرين.. إنه الهوان والإذلال، هو جزاء كل متكبر جبار.
وفى قوله تعالى: {عَنْ عِبادَتِي} بدلا من {دعائى} إشارة إلى أن الدعاء من العبادة، بل إنه- كما قلنا- مخّ العبادة.
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}.
مناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة قد حملت دعوة إلى الناس أن يدعوا اللّه ربهم، وأن يوجّهوا وجوههم إليه.. كما توعدت الآية الذين يستكبرون عن عبادة اللّه ودعائه، بالإلقاء في النار، في ذلة وصغار.
فجاءت هذه الآية والآيات التي بعدها، تعرض بعض مظاهر قدرة اللّه ورحمته وإحسانه إلى عباده، ليرى هؤلاء المستكبرون أين يقع استكبارهم من جلال اللّه وعظمته.
فقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً} أي أن اللّه الذي يدعوكم إليه، ويستضيفكم إلى ساحة فضله وإحسانه، ثم تأبون أن تستجيبوا له أيها المستكبرون- اللّه الذي. إنه سبحانه جعل لكم ذلك من غير طلب أو دعاء، فاللّه سبحانه يعطى من غير طلب، ويجود من غير سؤال.. وما الدعاء الذي تدعونه به، إلا عبادة وولاء للّه رب العالمين.
وفى قوله تعالى: {وَالنَّهارَ مُبْصِراً} إشارة إلى أن النهار وضوءه هو الذي يعطى العيون وظيفة الإبصار، وأنه لو لا هذا الضوء لما كان للعين أن ترى شيئا، فالتقاء الضوء بالعين هو الذي يعطيها القدرة على الإبصار، وأنه لو لا هذا الضوء لكان البصير والأعمى على سواء.. وإلى هذا يشير المعرى بقوله:
وبصير الأقوام في مثل أعمى *** فهلمّوا في حندس نتصادم
والحندس: الظلام الشديد.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} إشارة إلى موقف كثير من الناس من فضل اللّه ونعمه عليهم، حيث يلقونها بالجحود والكفران، فلا يشكرون للّه، بل ولا يؤمنون به.
قوله تعالى: {ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}.
فى الإشارة إلى اللّه سبحانه وتعالى، إلفات لهؤلاء الغافلين عنه، المشركين به، العاكفين على عبادة ما يعبدون من أوثان وغير أوثان، مما صنعت أيديهم، أو تصورت أوهامهم.. فاللّه سبحانه هو خالق كل شىء، وما يعبده هؤلاء المشركون من معبودات، هى مخلوقات للّه، والمنطق يقضى بداهة بألّا تكون عبادة إلا للخالق وحده سبحانه وتعالى، وأن عبادة غيره سبحانه، ضلال مبين.
وقوله تعالى: {فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} استفهام إنكارى، ينكر على هؤلاء المشركين أن يولوا وجوههم إلى غير اللّه الواحد، الخالق لكل شىء.. والإفك: العدول عن الحق إلى الباطل، وعن الهدى إلى الضلال.
قوله تعالى: {كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}.
أي بمثل هذا الإفك، والافتراء على اللّه سبحانه بنسبة الشركاء إليه، يأفك ويفترى كل من يجحد بآيات اللّه، ولا يعرف ما فيها من دلائل الكمال والجلال لذات اللّه سبحانه وتعالى.. إن آفة الضالين والمشركين، هى جهلهم بآيات اللّه، وعدم وقوفهم عليها، الأمر الذي ينتهى بهم إلى إنكارها، ثم إلى إنكار اللّه.
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ.. ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ}.
وهذه آية من آيات اللّه.. فهل لأهل الضلال والإفك أن ينظروا فيها، وأن يخرجوا من هذا الظلام الذي هم فيه، وأن يصافحوا بأبصارهم هذا النور المشّع من آيات اللّه، ليروا على ضوئه الحق الذي ضلوا عن طريقه.
وكأنّ سائلا سأل: وما اللّه الذي بآياته يجحدون؟ فكان الجواب:
{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ.. ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} الذي أقامكم على هذه الأرض، وجعلها لكم مستقرا ومقاما، وجعل فوقكم السماء سقفا محفوظا، تمسكه قدرته.. فإذا نظرتم في أنفسكم رأيتم كيف أخرجكم اللّه في تلك الصورة الكريمة من الخلق، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة.. ثم ساق لكم من الرزق ما يقيم حياتكم، ويحفظ وجودكم.. {ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} إن كنتم تريدون التعرف إليه، والإيمان به.. {فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ}.
أي علا، وعظم. ربكم هذا، إنه رب العالمين.
قوله تعالى: {هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}.
أي ذلكم اللّه ربكم {هو الحي} حياة أبدية سرمدية.. وكل شيء هالك إلا وجهه.. {لا إله إلا هو} وإذ تفرد سبحانه بالحياة الدائمة السرمدية، فهو المتفرد كذلك بالألوهية.. وإذ تفرد سبحانه بالألوهية، فمن حقه أن يتفرد وحده بالعبودية له من جميع خلقه {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} لا تشركوا معه معبودا آخر، واجعلوا الحمد له، مفتتح عبادتكم ومختتمها.. فهو- سبحانه- المستحق للحمد، أولا وآخرا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال