سورة غافر / الآية رقم 83 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُـلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ المُبْطِلُونَ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفُلْكِ تُحْمَلُونَ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُم مِّنَ العِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكَافِرُونَ

غافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافرغافر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ (78) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ (81) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (83) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (85)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ}.
كانت الآية السابقة دعوة للنبى الكريم، من ربه سبحانه وتعالى، أن يصبر على أذى المشركين له، وأن ينتظر وعد اللّه وحكمه.. فإن وعد اللّه لآت لا شك فيه، ولكنّ لهذا الوعد أجلا موقوتا عند اللّه، لا يجىء إلا في وقته الموقوت له.
وفى هذه الآية ردّ على تحديات المشركين بإنزال العذاب الذين أوعدوا به.. فقد كانوا يقولون، فيما حكاه القرآن الكريم عنهم: {اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ} [32: الأنفال].
كما أن في هذه الآية دفعا لما يساور بعض نفوس المؤمنين من قلق، حتى إنهم ليقولون تحت وطأة البلاء الواقع عليهم من المشركين: {مَتى نَصْرُ اللَّهِ؟} ففى هذه الآية، يخبر اللّه سبحانه وتعالى نبيه الكريم، بأنه سبحانه، قد أرسل رسلا كثيرين من قبله، منهم من قص عليه أخبارهم، ومنهم من لم يقصصهم عليه.. وأن هؤلاء الرسل جميعا لم يأت أحد منهم بآية من تلك الآيات المعجزة أو المهلكة التي أخذت أقوامهم إلا بإذن اللّه، فهو سبحانه الذي أمدهم بهذه الآيات.. وأن هذه الآيات لم تأت من عند اللّه بطلب من الرسل، أو استجابة لتحدّى أقوامهم، وإنما هى بتقدير العزيز الحكيم.
وقوله تعالى: {فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ}.
أمر اللّه: هو وعده.. ومجيئه: هو وقوعه في وقته الموقوت له.. أي إذا جاء الوقت الموقوت لقضاء اللّه، {قضى بالحق} أي حكم بالحق، بين الرسول وقومه المكذبين به.. وفى هذا القضاء بالحق تقع الواقعة بالمبطلين، وينزل بهم بلاء اللّه، على حين ينجّى اللّه الرسول والذين آمنوا معه.
قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} ومناسبة هذه الآية لما قبلها، هى أن الآية السابقة تهددت المشركين بوقوع ما توعدهم اللّه به، إن عاجلا، أو آجلا، إذا هم ظلوا على ما هم عليه من ضلال وعناد.. فجاءت هذه الآية، تفتح طريقا لهؤلاء المشركين إلى الهدى، إن كان بهم متجه إليه، بعد أن سمعوا هذا التهديد.
ففى قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ} تذكير لهم بنعم اللّه فيهم، وإحسانه إليهم، وأنه سبحانه- لا أصنامهم- هو الذي سخر لهم هذه الأنعام، ليركبوا منها، ما يركبون، ويأكلوا منها ما يأكلون.
{ومن} هنا تبعيض، أي لتركبوا بعض هذه الأنعام، وتأكلوا بعضها.
ويجوز أن تكون {من} للتعدية، أي ليكون من هذه الأنعام ركوبكم، ويكون منها أكلكم.. بمعنى أن هذه الأنعام مادة صالحة للركوب، كما هى مادة صالحة للأكل.. كالإبل مثلا.
وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ} إشارة إلى فوائد أخرى لهذه الأنعام غير الركوب، وغير الأكل، فيما ينتفع به من أصوافها وأوبارها، وجلودها، وفيما يحقق به الإنسان من اقتنائها، وتربيتها وتثميرها من آمال وغايات ورغائب في صدره، فيقتنى من ثمنها ما يشاء من أثاث ومتاع.. وفى تعدية الفعل {تبلغوا} بحرف الاستعلاء {على} إشارة إلى أنها المطية إلى تحقيق هذه المطالب.
وقوله تعالى: {وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} إشارة أخرى إلى ما ينتفع به من هذه الأنعام، وهى حمل الأثقال، كما يقول سبحانه: {وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ.} وقد قرنت بها الفلك، التي هى نعمة أخرى في حمل الأثقال والناس إلى أماكن بعيدة فوق ظهر الماء، الذي لا سبيل إلى اجتيازه بالإبل، أو الخيل، ونحوها من دواب الركوب.. فهذه للبر، وتلك للبحر.. وهكذا تتم النعمة! قوله تعالى: {وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ}.
أي ويريكم اللّه من هذه النعم آياته الدالة على قدرته، وفضله وإحسانه.
فأىّ آية من هذه الآيات ترون أنها ليست من عند اللّه، وأنها ليست ذات فضل عظيم عليكم.؟
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ} هو تهديد للمشركين، بعد هذا العرض الذي رأوا فيه آيات اللّه، وما أمدهم اللّه به من نعم.. فكما أن للّه سبحانه وتعالى نعمه وفضله وإحسانه، كذلك له- سبحانه- نقمه، وسطوانه، بالمكذبين الجاحدين.. ولو أنه كان لهؤلاء المشركين عيون تبصر، وعقول تعقل، لرأوا ما أنزل اللّه سبحانه وتعالى من بلاء ونقم بالمكذبين الضالين قبلهم، وقد كانوا أكثر منهم مالا وولدا، وأشد منهم قوة وبأسا، وأعظم منهم آثارا وعمرانا في الأرض.. فلما أخذهم اللّه ببأسه لم يغن عنهم شيء مما كان في أيديهم، من مال، ورجال، وما أقاموا من دور وقصور وحصون.
قوله تعالى: {فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} الفاء في {فلما} للسببية، ولمّا، بمعنى حين.. أي فإنه حين جاءتهم رسلهم بالبينات، استخفوا بهم وبما معهم، واغتروا بما في أيديهم من أباطيل، وفرحوا بها، واطمأنوا إليها.. فأحاطت بهم خطيئتهم، ووقع بهم البلاء، جزاء لاستهزائهم بهذه الآيات البينات.
وفى قوله تعالى: {فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} إشارة إلى قوله تعالى: {ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ}.
فهم قد فرحوا بهذا الباطل الذي بأيديهم، وعدوه كل حظهم من الحياة.
قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ} البأس: العذاب، والبلاء الواقع بالمكذبين.
أي وحين رأى هؤلاء المكذبون برسل اللّه نذر العذاب تطلع عليهم آمنوا باللّه، وقالوا: آمنا باللّه وحده، لا شريك، وكفرنا بتلك المعبودات التي كنا بسبب عبادتها مشركين باللّه.. فالباء في {به} للسببية.
قوله تعالى: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ}.
بهذه الآية تختم السورة الكريمة، وفى هذا الختام عرض لموقف الضالين جميعا، حين يرون بأس اللّه يحيط بهم.. إنهم إذ ذاك يقولون: آمنا باللّه ولكن لا يقبل منهم هذا الإيمان، وقد حل بهم البلاء. فتلك هى سنة اللّه.. إنه لا ينفع إيمان في غير وقته، وإنما لذى ينفع هو حين يكون الإنسان في سعة من أمره، وفى قدرة على امتلاك الأمر فيما يختار من إيمان أو كفر.
أما هذا الإيمان الذي يقع تحت حكم الاضطرار والقهر، فهو إيمان باطل، لا إرادة للإنسان فيه.. ومن ثمّ فلا يحسب له، ولا يعدّ من كسبه.. وفى هذا يقول اللّه تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً}.
(158: الأنعام).




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال