سورة الشورى / الآية رقم 16 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

التفسير : تفسير ابن عبد السلام تفسير أبي السعود تفسير البيضاوي تفسير ابن عجيبة تفسير البغوي تفسير السيوطي تفسير أبي حيان تفسير الثعالبي تفسير الجلالين تفسير الخازن تفسير الرازي تفسير القشيري تيسير التفسير أيسر التفاسير تفسير الألوسي تفسير ابن الجوزي تفسير الزمخشري تفسير الشوكاني في ظلال القرآن تفسير ابن عطية تفسير البقاعي تفسير الماوردي تفسير الواحدي تفسير ابن كثير تفسير المنتخب تفسير الشعراوي التفسير الوسيط تفسير ابن جزي التفسير القرآني للقرآن التفسير الميسر تفسير النسفي تفسير التستري تفسير الثعلبي تفسير القرطبي نيل المرام تفسير ابن القيم روائع البيان الآية : 16 17 18 19 20 21 22

{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16) اللَّهُ الَّذِي أَنزلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (18)}
يقول تعالى- متوعدا الذين يصدون عن سبيل الله من آمن به-: {وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} أي: يجادلون المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله، ليصدوهم عما سلكوه من طريق الهدى، {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي: باطلة عند الله، {وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ} أي: منه، {وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} أي: يوم القيامة.
قال ابن عباس، ومجاهد: جادلوا المؤمنين بعد ما استجابوا لله ولرسوله، ليصدوهم عن الهدى، وطمعوا أن تعود الجاهلية.
وقال قتادة: هم اليهود والنصارى، قالوا لهم: ديننا خير من دينكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن خير منكم، وأولى بالله منكم. وقد كذبوا في ذلك.
ثم قال: {اللَّهُ الَّذِي أَنزلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} يعني: الكتب المنزلة من عنده على أنبيائه {والميزان}، وهو: العدل والإنصاف، قاله مجاهد، وقتادة. وهذه كقوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25] وقوله: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ. أَلا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ. وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7- 9].
وقوله: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} فيه ترغيب فيها، وترهيب منها، وتزهيد في الدنيا.
وقوله: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهَا} أي: يقولون: {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [سبأ: 29]، وإنما يقولون ذلك تكذيبا واستبعادا، وكفرا وعنادا، {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا} أي: خائفون وجلون من وقوعها {وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ} أي: كائنة لا محالة، فهم مستعدون لها عاملون من أجلها.
وقد رُوي من طرق تبلغ درجة التواتر، في الصحاح والحسان، والسنن والمسانيد، وفي بعض ألفاظه؛ أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوت جَهْوَرِيّ، وهو في بعض أسفاره فناداه فقال: يا محمد. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من صوته: «هاؤم». فقال: متى الساعة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويحك، إنها كائنة، فما أعددت لها؟» فقال: حُب الله ورسوله. فقال: «أنت مع من أحببت».
فقوله في الحديث: «المرء مع من أحب»، هذا متواتر لا محالة، والغرض أنه لم يجبه عن وقت الساعة، بل أمره بالاستعداد لها.
وقوله: {أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ} أي: يحاجّون في وجودها ويدفعون وقوعها، {لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} أي: في جهل بين؛ لأن الذي خلق السموات والأرض قادر على إحياء الموتى بطريق الأولى والأحرى، كما قال: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} [الروم: 27].

تفسير السورة