سورة الشورى / الآية رقم 26 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ البَاطِلَ وَيُحِقُّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ

الشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورىالشورى




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {أم يقولون} أي: بل أيقولون {افْتَرى} محمد {على اللهِ كذباً} في دعوة النبوة، أو القرآن؟ والهمزة للإنكار التوبيخي، كأنه قيل: أيمكن أن ينسبوا مثله عليه الصلاة والسلام للافتراء، لا سيما لعظم الافتراء، وهو الافتراء على الله، فإن الافتراء إنما يُسام به أبعد خلق الله، ومَن هو عرضة للختم والطبع، فالعجب ممن يفوه به في جانب أكرم الخلق على الله.
{فإِن يشإِ يختمْ على قلبك}، هذا استبعاد للافتراء على مثله؛ لأنه إنما يجترىء على الله مَن كان مختوماً على قلبه، جاهلاً بربه، أمَّا مَن كان على بصيرة ومعرفة بربه، فلا، وكأنه قال: إن يشأ الله خذلانك يختم على قلبك، لتجترىء بالافتراء عليه، لكنه لم يفعل فلم تفتر. أو: فإن يشأ الله عدم صدور القرآن عنك يختم على قلبك، فلم تقدر أن تنطق بحرف واحد منه، وحيث لم يكن كذلك، بل تواتر الوحي عليك حيناً فحيناً؛ تبين أنه من عند الله تعالى. وهذا أظهر.
وقال مجاهد: إن يشأ يربط على قلبك بالصبر على أذاهم، وعلى قولهم: افترى على الله كذباً؛ لئلا تدخله مشقة بتكذيبهم. اهـ.
{ويَمْحُ اللهُ الباطلَ ويُحِقُّ الحقَّ بكلماته}، استئناف مقرر لنفي الافتراء، غير معطوف على {يختم} كما ينبىء عنه إظهار الاسم الجليل، وإنما سقطت الواو كما في بعض المصاحف لاتباع اللفظ، كقوله تعالى: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ...} [الإسراء: 11] مع أنها ثابتة في مصحف نافع. قاله النسفي. أي: ومن شأنه تعالى أن يمحق الباطل، ويثبت الحق بوحيه، أو بقضائه، كقوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} [الأنبياء: 18]، فلو كان افتراء كما زعموا لمحقه ودمغه. أو: يكون عِدةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه تعالى يمحو الباطل الذي هم عليه، ويثبت الحق الذي هو عليه صلى الله عليه وسلم بالقرآن، أو بقضائه الذي لا مرد له بنصره عليهم، وقد فعل ذلك، فمحا باطلهم، وأظهر الإسلام. {إِنه عليم بذاتِ الصدور} أي: عليم بما في صدرك وصدورهم، فيجري الأمر على حسب ذلك من المحو والإثبات.
{وهو الذي يقبل التوبةَ عن عباده}. يقال: قبلت الشيء منه: إذا أخذته منه، وجعلته مبدأ قبولك، وقبلتَه عنه، أي: عزلته وأبنته عنه. والتوبة: الرجوع عن القبيح بالندم، والعزم ألا يعود، ورد المظالم واجب غير شرط.
قال ابن عباس: لما نزل. {قل لا اسألكم عليه أجراً...} الآية. قال قوم في نفوسهم: ما يريد إلا أن يحثنا على أقاربه من بعده، فأخبر جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنهم قد اتهموه، وأنزل: {أم يقولون افترى على الله كذباً...} الآية، فقال القوم: يا رسول الله؛ فإنا نشهد أنك صادق.
فنزل: {وهو الذي يقبل التوبة...}. اهـ.
قال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أفرح بتوبة عبده المؤمن من الضال الواجد، ومن العقيم الوالد، ومن الظمآن الوارد، فمَن تاب إلى الله توبة نصوحاً أنسى الله حافظيه، ولو كانت بقاعُ الأرض خطاياه وذنوبه».
واختلف العلماء في حقيقة التوبة وشرائطها، فقال جابر بن عبد الله: دخل أعرابي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اللهم إني أستعيذك وأتوب إليك، سريعاً، وكبّر، فلما فرغ من صلاته، قال له عليّ: ما هذا؟ إن سرعة الاستغفار باللسان توبة الكذابين، وتوبتك تحتاج إلى توبة، فقال: يا أمير المؤمنين، وما التوبة؟ قال: أسم يقع على ستة معانٍ: على الماضي من الذنوب الندامة، ولتضييع الفرائض الإعادة، ورد المظالم، وإذابة النفس في الطاعة، كما أذبتها في المعصية، وإذاقة النفس مرارة الطاعة، كما أذقتها حلاوة المعصية، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته.
وعن السدي: هي صدقُ العزيمة على ترك الذنوب، والإنابة بالقلب إلى علاّم الغيوب. وعن سهل: هي الانتقالُ من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة. وعن الجنيد: هي الإعراض عما سوى الله.
قال الله تعالى: {ويعفو عن السيئاتِ} وهو ما دون الشرك، يعفو لمَن يشاء بلا توبة، {ويعلم ما تفعلون} كائناً ما كان، من خير أو شر، حسبما تقتضيه مشيئته.
{ويستجيبُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات} أي: يستجيب لهم فحذف اللام كما في قوله: {وَإِذَا كَالُوهُمْ} [المطففين: 3] أي: يجيب دعوتهم، ويثيبهم على طاعتهم، أو: يستجيبون له بالطاعة إذا دعاهم إليها. قيل لإبراهيم بن أدهم: ما لنا ندعو فلا نُجاب؟ قال: لأنه دعاكم فلم تُجيبوا. {ويَزِيدُهُمْ من فضله} على ما سألوه، واستحقوه بموجب الوعد. {والكافرون لهم عذابٌ شديد} بدل ما للمؤمنين من الفضل العظيم والمزيد.
الإشارة: قال الورتجبي: {أم يقولون افترى على الله كذباً} فيه تقديس كلامه، وطهارة نبيه صلى الله عليه وسلم عن الافتراء، وكيف يفتري وهو مصون من طريان الشك والريب والوساوس والهواجس على قلبه؟ وقال أيضاً: عن الواسطي: إن يشأ الله يختم على قلبك لكن ما يشاء، ويمح الله الباطل بنفسه ونعته، حتى يعلم أنه لا حاجة له إلى أحد من خلقه، ثم يحقق الحق في قلوب أنشأها للحقيقة.
قلت: في الآية تهديد لأهل الدعوى؛ لأنهم إن داموا على دعواهم الخصوصية بلا خصوصية؛ ختم الله على قلوبهم بالنفاق، ثم يمحو الله الباطل بأهل الحق والتحقيق، فتُشرق حقائقهم على ما يقابلها من البال فتدمغه بإذن الله وقضائه وكلماته.
وقوله تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده...} إلخ، لكل مقام توبة، ولكل رجال سيئات، فتَوبة العوام من الذنوب، وتوبة الخواص من العيوب، وتوبة خواص الخواص من الغيبة عن شهود علاّم الغيوب.
وقوله تعالى: {ويعلم ما تفعلون} يشير إلى الحلم بعد العلم.
وقوله تعالى: {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات} أي: في كل ما يتمنون، {ويزيدهم من فضله} النظر إلى وجهه، ويتفاوتون فيه على قدر توجههم، ومعرفتهم في الدنيا. وذكر في القوت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله تعالى: {ويزيدهم من فضله} قال: «يُشفعهم في إخوانهم، فيدخلهم الجنة». اهـ. قال القشيري: ويقال: لمَّا ذكر أن التائبين يقبل توبتهم، ومَنْ لم يَتُبْ يعفو عن زلَّته، والمطيع يدخله الجنة، فلعله خطر ببال أحد: فهذه النار لمَن هي؟ فقال {والكافرون لهم عذاب شديد}، ولعله يخطر بالبال أن العصاة لا عذاب لهم، فقال: {شديد} بدليل الخطاب أنه ليس بشديد. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال