سورة الزخرف / الآية رقم 31 / تفسير تفسير أبي السعود / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

التفسير : تفسير ابن عبد السلام تفسير أبي السعود تفسير البيضاوي تفسير ابن عجيبة تفسير البغوي تفسير السيوطي تفسير أبي حيان تفسير الثعالبي تفسير الجلالين تفسير الخازن تفسير الرازي تفسير القشيري تيسير التفسير أيسر التفاسير تفسير الألوسي تفسير ابن الجوزي تفسير الزمخشري تفسير الشوكاني في ظلال القرآن تفسير ابن عطية تفسير البقاعي تفسير الماوردي تفسير الواحدي تفسير ابن كثير تفسير المنتخب تفسير الشعراوي التفسير الوسيط تفسير ابن جزي التفسير القرآني للقرآن التفسير الميسر تفسير النسفي تفسير التستري تفسير الثعلبي تفسير القرطبي نيل المرام تفسير ابن القيم روائع البيان الآية : 31 32 33

{وَجَعَلَهَا} أي جعلَ إبراهيمُ كلمةَ التوحيدِ التي ما تكلمَ به عبارةٌ عنْهَا {كَلِمَةً باقية فِى عَقِبِهِ} أي في ذريتِه حيثُ وصَّاهُم بها كما نطقَ به قولُه تعالى: {ووصى بِهَا إبراهيم بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} الآيةَ فلا يزالُ فيهم مَن يوحدُ الله تعالى ويدعُو إلى توحيدِه. وقرئ: {كِلْمةً} و{في عقْبهِ} على التخفيفِ {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} علةٌ للجعلِ أي جعلَها باقةً في عقبهِ رجاءَ أنْ يرجعَ إليها من أشركَ منهم بدعاءِ الموحدِ {بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلاَء} إضرابٌ عن محذوفٍ ينساقُ إليهِ الكلامُ كأنَّه قيلَ: جعلَها كلمةً باقيةً في عقبهِ بأنْ وصَّى بها بنيهِ رجاءَ أنْ يرجعَ إليها مَنْ أشركَ منهم بدعاءِ الموحدِ فلم يحصلُ ما رجاهُ بل متعتُ منهم هؤلاءِ المعاصرينَ للرسولِ صلى الله عليه وسلم من أهلِ مكةَ {وَءابَاءهُمْ} بالمدِّ في العمرِ والنعمةِ فاغترُّوا بالمهلةِ وانهمكُوا في الشهواتِ وشُغلوا بها عنْ كلمةِ التوحيدِ. {حتى جَاءهُمُ} أي هؤلاءِ {الحق} أي القرآنُ {وَرَسُولٌ} أيُّ رسولٍ {مُّبِينٌ} ظاهرُ الرسالةِ واضحُها بالمعجزاتِ الباهرةِ، أو مبينٌ للتوحيدِ بالآياتِ البيناتِ والحججِ. وقرئ: {متَّعنَا} و{متَّعتَ} بالخطابِ على إنَّه تعالى اعترضَ به على ذاتِه في قولِه تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً باقية} إلخ مبالغةً في تعييرِهم، فإنَّ التمتعَ بزيادةِ النعمِ يوجبُ عليهم أنْ يجعلُوه سبباً لزيادةِ الشكرِ والثباتِ على التوحيدِ والإيمانِ فجعلَه سبباً لزيادةِ الكُفرانِ أقصى مراتبِ الكفرِ والضلالِ.
{وَلَمَّا جَاءهُمُ الحق} لينبههَمُ عمَّا هم فيهِ من الغفلةِ ويرشدَهُم إلى التوحيدِ ازدادُوا كفراً وعَتَوا وضمُّوا إلى كفرِهم السابقِ معاندةَ الحقِّ والاستهانةَ بهِ حيثُ {قَالُواْ هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافرون} فسمَّوا القرآنَ سِحْراً، وكفُروا بهِ واستحقرُوا الرسولَ صلى الله عليه وسلم. {وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين} أي من إِحْدَى القريتينِ مكةَ والطائفِ على نهجِ قولِه تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} {عظِيمٌ} أي بالجاهِ والمالِ كالوليدِ بنِ المغيرةَ المخزوميِّ وعروةَ بنِ مسعودٍ الثقفيِّ وقيلَ: حبيبُ بنُ عُمرَ بنِ عميرٍ الثقفيَّ. وعن مجاهدٍ عتبةُ بنُ ربيعةَ وكنانةُ بنُ عبدِ ياليلَ ولم يتفوهُوا بهدهِ العظيمةِ حَسَداً على نزولِه إلى الرسولِ صلى الله عليه وسلم دونَ مَنْ ذُكر من عظمائِهم مع اعترافِهم بقرآنيتِه بل استدلالاً على عدمِها بمَعْنى أنَّه لو كانَ قرآنا لنزلَ إلى أحدِ هؤلاءِ بناءً على ما زعمُوا من أنَّ الرسالةَ منصبٌ جليلٌ لا يليقُ بهِ إلا مَنْ له جلالةٌ من حيثُ المالُ والجاهُ ولم يدرُوا أنَّها رتبةٌ روحانيةٌ لا يترقَّى إليَها إلا هممُ الخواصِّ المختصينَ بالنفوسِ الزكيةِ المؤيدينَ بالقوةِ القدسية المتجلينَ بالفضائلِ الأنسيةِ، وأما المتزخرفونَ بالزخارفِ الدنيويةِ المتمتعونَ بالحظوظِ فهُم من استحقاقِ تلكَ الرتبةِ بألفِ منزلٍ.

تفسير السورة