سورة الدخان / الآية رقم 16 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
حـم وَالْكِتَابِ المُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ إِنَّا كَاشِفُوا العَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ

الدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخانالدخان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {فارتقبْ} فنتظر {يوم تأتي السماءُ بدُخان مبين} قال عليّ وابن عباس وابن عمر والحسن رضي الله عنهم: هو دخان يجيء قبل يوم القيامة، يُصيب المؤمن منه مثل الزكام، ويُنضج رؤوسَ المنافقين والكافرين، حتى تكون كأنها مصليَّة حنيذة، وتكون الأرض كلها كبيت أُوقد فيه نار، ليس فيه خِصاص، ويؤيد هذا حديث حذيفة: «أول الآيات الدخان، ونزول عيسى، ونار تخرج من عدن، تسوق الناس إلى الحشر، تقيل معهم إذا قالوا...» الحديث، انظر الثعلبي.
وأنكر هذا ابن مسعود، وقال: هذا الدخان قد رأته قريش حين دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبع كسبع يوسف، فكان الرجل يرى من الجوع دخاناً بينه وبين السماء. ويؤيده ما يأتي بعده. وقوله: {مبين} أي: ظاهر لا يشك أحد أنه دخان، {يغشى الناسَ} أي: يحيط بهم، حتى كان الرجلُ يُحدّث الرجلَ، ويسمع كلامه، ولا يراه من الدخان، أي: انتظر يوم شدة ومجاعة؛ فإن الجائع يرى بينه وبين السماء كهيئة الدخان، إما لضعف بصره، أو لأن عام القحط يُظلِم الهواء لقلة الأمطار، أو كثرة الغبار، {هذا عذابٌ أليم} أي: قائلين هذا عذاب أليم.
ولما اشتد بهم القحط، مشى أبو سفيان، ونفر معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وناشده الله تعالى والرحم، وواعدوه إن دعا لهم، وكشف عنهم، أن يؤمنوا، وذلك قوله تعالى: {ربنا اكشف عنا العذاب إِنا مؤمنون} أي: سنؤمن إن كُشف عنا العذاب، قال تعالى: {أنَّى لهم الذكرَى} أي: كيف يذَّكرون ويتَّعظون ويَفُون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب، {وقد جاءهم رسول مبين} أي: والحال أنهم يُشاهدون من دواعي التذكير وموجبات الاتعاظ، ما هو أعظم منه، حيث جاءهم رسول عظيم لشأن، بيِّن البرهان، يُبين لهم مناهج الحق بإظهار آيات ظاهرة، ومعجزات قاهرة، تخرّ لها صُمّ الجبال.
{ثم تَولوا عنه} أي: عن ذلك الرسول، بعدما شاهدوا من العظائم ما يوجب الإبال عليه، ولم يقنعوا بالتولِّي، بل اقترفوا ما هو أشنع، {وقالوا} في حقه عليه السلام: {مُعَلَّمٌ مجنون} أي: قالوا تارة مُعَلَّم يُعلمه غلام أعجمي لبعض ثقيف، وتارة مجنون، أو: يقول بعضهم كذا، وبعضهم كذا، وكيف يتوقع من قوم هذه صفتهم أن يتأثروا بالعظة والتذكير؟! قال تعالى: {إِنا كاشفوا العذاب قليلاً} أي: زمناف قليلاً، أو كشفاً قليلاً، {إِنكم عائدون} إلى الكفر، الذي أنتم فيه، أو: إلى العذاب بعد صرف الدخان، على القول الأول، {يوم نبطشِ البطشةَ الكبرى} يوم بدر، أو يوم القيامة، {إِنا منتقمون} أي: ننتقم منهم في ذلك اليوم. وانتصاب {يوم نبطش} باذكر أو بما دلّ عليه {إنا منتقمون}، وهو ننتقم، لا بمنتقمون، لأن ما بعد إن لا يعمل فيما قبله.
الإشارة: {فارتقب} أيها العارف {يوم تأتي السماء بدخان مبين} أي: يوم يبرز من سماء الغيوب بدخان الحس، وظلمة الأسباب تغشى قلوب الناس، فتحجبهم عن شمس العرفان، هذا عذاب أليم موجع للقلوب، حيث حجبها عن حضرة علاّم الغيوب. وأما العارف فشمسه ضاحية، ونهاره مشرق على الدوام، كما قال شاعرهم:
لَيلِي بوجهكَ مشْرقٌ *** وظلامُهُ في الناس سَارِ
الناسُ في سَدَفِ الظَّلامِ *** ونحنُ في ضوءِ النَّهارِ
وقال آخر:
طَلَعتْ شَمْسُ مَن أُحبُّ بِليلٍ *** فَاسْتَنارَتْ فما تلاها غُروبُ
إِن شمسَ النَّهارِ تَغْربُ بِليلٍ *** وشَمسُ القُلوبِ لَيْسَت تغِيبُ
قال القَشيري: قيامة هؤلاء- أي الصوفية- مُعَجَّلة لهم، يوم تأتي السماء فيه بدخان، مبين، وهو باب غيبة الأخبار، وانسداد باب ما كان مفتوحاً من الأنس بالأحباب. قلت: وأحسن من عبارته أن تقول: وهو باب غيبة الأنوار، وانسداد نبع الأسرار. ثم قال: وفي معناه قالوا:
فلاَ الشمس شَمْسٌ تستنيرُ ولا الضحى *** بطَلْقٍ ولا ماءُ الحياة بباردِ.
. اهـ.
وقوله تعالى: {ربنا اكشف عنا العذاب} قال القشيري: وقد يستزيد هؤلاء العذاب على العكس من أحوال الخلق، وفي ذلك أنشدوا:
وكلُّ مآربي قدْ نِلْتُ مِنها *** سِوى مُلكِ وَدِّ قَلْبي بالعذاب
فهم يسألون البلاء بدل ما يستكشفه الخلق، وأنشدوا:
أَنْتَ البلاَءُ فكيف أرجوا كَشْفه *** إنَّ البلاء إذا فقدتُ بلائي
. اهـ.
قلت: وأصرح منه قول الشاعر:
يا مَنْ عَذَابي عذبٌ في مَحَبَّته *** لاَ أشْتكِي منك لا صَدّاً ولا مَلَلا
وقول الجيلاني رضي الله عنه:
تَلَذُّ ليَ الآلامُ إِذ كنتَ مُسقِمي *** وَإن تَخْتبِرني فهي عِنْدي صنَائِعُ
تَحكَّمْ بما تَهْواه فيَّ فإنني *** فَقِيرٌ لِسلطانِ المحبة طائِعُ
قوله تعالى: {أنَّى لهم الذكرى} أي: كيف يتّعظ مَن تنكَّب عن صحبة الرجال، وملأ قلبه بالخواطر والأشغال؟ وقد جاءهم مَن يدعوهم إلى الكبير المتعال، فأنكروه، وقالوا: مُعَلَّمٌ مجنون، إنا كاشفوا العذاب عن قلوبهم من الشكوك والخواطر قليلاً، حين يتوجهون إلينا، ويفزعون إلى بابنا، أو يسمعون مِن بعض أوليائنا، ثم تكثر عيهم الخواطر، حين تنقشع عنهم سحابة أمطار الواردات من قلوب أوليائنا، إنكم عائدون إلى ما كنتم عليه، {يوم نبطش البطشة الكبرى} هي خطفة الموت، فلا ينفع يفها ندم ولا رجوع، بل يورثهم حزناً طويلاً، فلا يجدون في ظلال انتقامنا مقيلاً، فننتقم ممن أعرض بسريرته عن دوام رؤيتنا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال