سورة آل عمران / الآية رقم 161 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

آل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمرانآل عمران




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بما غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)}
{وَمَا كَانَ لِنَبِىّ أَنْ يَغُلَّ} أي ما صح ولا استقام لنبي من الأنبياء أن يخون في المغنم لأن الخيانة تنافي النبوة وأصل الغل الأخذ بخفية ولذا استعمل في السرقة ثم خص في اللغة بالسرقة من المغنم قبل القسمة وتسمى غلولًا أيضًا، قيل: وسميت بذلك لأن الأيدي فيها مغلولة أي ممنوعة مجعول فيها غل وهي الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه، ويقال لها: جامعة أيضًا، وقال الرماني وغيره أصل الغلول من الغلل وهو دخول الماء في خلل الشجر، وسميت الخيانة غلولًا لأنها تجري في الملك على خفاء من غير الوجه الذي يحل، ومن ذلك الغل للحقد والغليل لحرارة العطش والغلالة للشغار، والمراد تنزيه ساحة النبي صلى الله عليه وسلم على أبلغ وجه عما ظن به الرماة يوم أحد فقد حكى الواحدي عن الكلبي ومقاتل أن الرماة حين تركوا المركز يومئذٍ طلبًا للغنيمة قالوا: نخشى أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئًا فهو له وأن لا يقسم الغنائم كما لم يقسم يوم بدر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ظننتم أنا نغلّ ولا نقسم لكم» ولهذا نزلت الآية، أو تنزيهه صلى الله عليه وسلم عما اتهمه به بعض المنافقين يوم بدر، فقد أخرج أبو داود والترمذي وابن جرير وحسناه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أنه قال: نزلت هذه الآية في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض الناس لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، والرواية الأولى: أوفق بالمقام، وارتباط الآية بما قبلها عليها أتم لأن القصة أحدية إلا أن فيها إشعارًا بأن غنائم بدر لم تقسم وهو مخالف لما سيأتي في الأنفال وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيقه، والرواية الثانية: أولى بالقبول عند أرباب هذا الشأن، ويحتمل أن يكون المراد المبالغة في النهي عن الغلول، فقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير مرسلًا عن الضحاك قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلائع فغنم النبي صلى الله عليه وسلم غنيمة فقسم بين الناس ولم يقسم للطلائع شيئًا فلما قدمت الطلائع قالوا قسم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقسم لنا فأنزل الله تعالى الآية، فالمعنى ما كان لنبي أن يعطي قومًا من العسكر ويمنع آخرين بل عليه أن يقسم بين الكل بالسوية، وعبر سبحانه عن حرمان بعض الغزاة بالغلول فطمًا عن هذا الفعل بالكلية، أو تعظيمًا لشأنه صلى الله عليه وسلم، وجعل بعضهم الكلام على هذا الاحتمال على حدّ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] خوطب به صلى الله عليه وسلم وأريد غيره ممن يفعل مثل هذا بعد النهي عنه ولا يخفى بعده والصيغة على الاحتمال الأول: إخبار لفظًا ومعنى لكنها لا تخلو عن رمز إلى نهي عن اعتقاد ذلك في تلك الحضرة المقدسة وعلى الاحتمال الأخير: خبر أجري مجرى الطلب، وقد وردت هذه الصيغة نهيًا في مواضع من التنزيل كقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أسرى} [الأنفال: 67] و{مَا كَانَ لِلنَّبِىّ والذين ءامَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] [الأحزاب: 53] {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله} وكذا للامتناع العقلي كقوله تعالى: {مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ} [مريم: 35] و{مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا} [النحل: 60] وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب أن يغل على صيغة البناء للمفعول، وفي توجيهها ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكون ماضيه أغللته أي نسبته إلى الغلول كما تقول أكفرته أي نسبته إلى الكفر قال الكميت:
وطائفة قد أكفرتني بحبكم *** وطائفة قالت مسىء ومذنب
والمعنى ما صح لنبي أن ينسبه أحد إلى الغلول، وثانيها: أن يكون من أغللته إذا وجدته غالًا كقولهم أحمدته وأبخلته وأجبنته عنى وجدته كذلك والمعنى ما صح لنبي أن يوجد غالًا، وثالثها: أنه من غل إلى أن المعنى ما كان لنبي أن يغله غيره أو يخونه ويسرق من غنيمته، ولعل تخصيص النبي بذلك وإن كان لا يجوز أن يغل غيره من إمام أو أمير إما لعظم خيانته أو لأنه القائم بأمر الغنائم فإذا حرمت الخيانة عليه وهو صاحب الأمر فحرمتها على غيره أولى كذا قيل، وأنت تعلم أنه لا حاجة إلى توجيه التخصيص بما ذكر بعد الالتفات إلى سبب النزول والنظر إلى ما سيأتي بعد. ومن الناس من زعم أن الآية نزلت في أداء الوحي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن وفيه عيب دينهم وسبّ آلهتهم فسألوه أن يطوي ذلك فأنزل الله تعالى الآية، ولا يخفى أنه بعيد جدًا ولا أدري كيف سند هذه الرواية ولا أظن الخبر إلا موضوعًا، ويزيده بعدًا بل لا يكاد يجوزه قوله تعالى: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بما غَلَّ يَوْمَ القيامة} وهو جملة شرطية مستأنفة لا محل لها من الإعراب، وما موصولة والعائد محذوف أي بالذي غله، وجوز أن تكون حالًا ويكون التقدير في حال علم الغال بعقوبة الغلول، وظاهر الآثار يدل على أن الإتيان على ظاهره، فقد أخرج الشيخان، والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال: ألا لا ألفين أحدكم يجىء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك من الله تعالى شيئًا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجىء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك من الله شيئًا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجىء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئًا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجىء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول: لا أملك لك من الله تعالى شيئًا قد أبلغتك» والأخبار بهذا المعنى كثيرة ولعل السر في ذلك أن يفضح به على رؤوس الأشهاد زيادة في عقوبته، وإلى هذا ذهب الجبائي، ولا مانع من ذلك عقلًا.
والاستبعاد غير مفيد وقد وقع ما يشعر بالاستبعاد قديمًا فقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رجلًا قال له: أرأيت قول الله تعالى: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بما غَلَّ يَوْمَ القيامة} هذا يغل ألف درهم وألفي درهم يأتي بها أرأيت من يغل مائة بعير أو مائتي بعير كيف يصنع بها؟ا قال: أريت من كان ضرسه مثل أحد وفخذه مثل ورقان وساقه مثل بيضاء ومجلسه ما بين الربذة إلى المدينة ألا يحمل مثل هذا، وورد في بعض الأخبار أن الإتيان بالغلول من النار فحينئذٍ يكون في الآية حذف أي يأت بما غل من النار، فقد أخرج ابن مردويه والبيهقي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحجر ليزن سبع خلفات فيلقى في جهنم فيهوي فيها سبعين خريفًا ويؤتى بالغلول فيلقى معه ثم يكلف صاحبه أن يأتي به وهو قول الله عز وجل: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بما غَلَّ يَوْمَ القيامة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه قال لو كنت مستحلًا من الغلول القليل لاستحللت منه الكثير ما من أحد يغل إلا كلف أن يأتي به من أسفل درك جهنم، وقيل: الإتيان به مجاز عن الإتيان بإثمه تعبيرًا بما عمل عما لزمه من الإثم أي يأت بما احتمل من وباله وإثمه واختاره البلخي وقال: يجوز أن يكون ما تضمنته الأخبار جاء على وجه المثل كأن الله تعالى إذ فضح الغال وعاقبه العقوبة الشديدة جرى مجرى أن يكون آتيًا به وحاملًا له وله صوت، ولا يخفى أن جواب أبي هريرة للرجل يأبى هذا التأويل. وقيل: إن المعاني تظهر في صور جسمانية يوم القيامة كما يؤذن بذلك خبر مجىء الموت في صورة كبش وتلقى القرآن صاحبه في صورة الرجل الشاحب حين ينشق عنه القبر إلى غير ذلك.
وقد ذكر غير واحد أنه لا يبعد ظهور الأعمال من الطاعات والمعاصي بصور تناسبها فحينئذٍ يمكن أن يقال: إن معصية كل غال تظهر يوم القيامة في صورة غلوله فيأتي بها هناك، وعليه تكون الأخبار على ظاهرها من غير حاجة إلى ارتكاب التمثيل، وجواب أبي هريرة لا يأباه، وإلقاؤه في النار أيضًا غير مشكل وأهل الظاهر لعلهم يقولون: إنه يلقى من غير تعذيب، وبتقديره لا محذور أيضًا فيه لأن الله تعالى لا يجب عليه شيء، وقد ورد في بعض الأخبار أنه تعالى يخلق خلقًا حين قول جهنم: {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [ق: 30] فيضعهم فيها ومع هذا وتسليم صحة الخبر لابد من القول باستثناء بعض الغلول عن الإلقاء إذ قد يكون الغلول مصحفًا ولا أظن أحدًا يتجاسر على القول بإلقائه.
{ثُمَّ توفى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ} أي تعطى كل نفس مكلفة جزاء ما عملت من خير أو شر تامًا وافيًا، ففي الكلام مضاف محذوف أو أنه أقيم المكسوب مقام جزائه، وفي تعليق التوفية بكل مكسوب مع أن المقصود بيان حال الغال عند إتيانه بما غل يوم القيامة من الدلالة على فخامة شأن اليوم والمبالغة في بيان فظاعة حال الغال ما لا يخفى فإنه إذا كان كل كاسب مجزيًا بعمله لا ينقص منه شيء وإن كان جرمه في غاية القلة والحقارة، فالغال مع عظم جرمه بذلك أولى وهذا سبب العدول عما يقتضيه الظاهر من نحو ثم يوفى ما كسب لأنه اللائق بما قبله؛ وقيل: يحتمل أن يكون المراد اثم توفى منه كل نفس لها حق في تلك الغنيمة ما كسبت من نقصان حقها من غله فحينئذٍ يكون النظم على مقتضى الظاهر وكلمة {ثُمَّ} للتفاوت بين حمله ما غل وبين جزائه، أو للتراخي الزماني أي بعد حمله ما غله دة مديدة وجعله منتظرًا فيما بين الناس مفتضحًا حاملًا ما غله توفى منه كل نفس، ولا يخفى أن مثل هذا الاحتمال مما يصان عنه كلام الملك المتعال، فالحق الذي لا ينبغي العدول عنه هو القول الأول المتضمن لنكتة العدول وأمر {ثُمَّ} عليه ظاهر سواء جعلت للتراخي الزماني، أو للتراخي الرتبي.
أما الأول: فلأن الإتيان بما غل عند قيامه من القبر على ما هو الظاهر والجزاء بعد ذلك بكثير. وأما الثاني: فلأن جزاء الغال وعقوبته أشدّ فظاعة من حمل ما غله والفضيحة به بل لا يبعد أن يكون ذلك الحمل كالعلاوة على الحمل بل يكاد أن يكون نعيمًا بالنسبة إلى ما يلقى بعد، والجملة على كل تقدير معطوفة على الجملة الشرطية {وَهُمْ}: أي كل الناس المدلول عليهم بكل نفس {لاَ يُظْلَمُونَ} أي لا ينقص قتضى الحكمة والعدل ثواب مطيعهم ولا يزاد عقاب عاصيهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال