سورة الفتح / الآية رقم 28 / تفسير تفسير البيضاوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوَهُمْ أَن تَطَؤُوَهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً

الفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتحالفتح




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا} وهي ما يفيء على المؤمنين إلى يوم القيامة. {فَعَجَّلَ لَكُمْ هذه} يعني مقام خيبر. {وَكَفَّ أَيْدِىَ الناس عَنْكُمْ} أي أيدي أهل خيبر وخلفائهم من بني أسد وغطفان، أو أيدي قريش بالصلح. {وَلِتَكُونَ} هذه الكفة أو الغنيمة. {آيَةً لّلْمُؤْمِنِينَ} أمارة يعرفون بها أنهم من الله بمكان، أو صدق الرسول في وعدهم فتح خيبر في حين رجوعه من الحديبية، أو وعد المغانم أو عنواناً لفتح مكة والعطف على محذوف هو علة ل {كَفَّ}، أو {عجل} مثل لتسلموا، أو لتأخذوا أو العلة لمحذوف مثل فعل ذلك. {وَيَهْدِيَكُمْ صراطا مُّسْتَقِيماً} هو الثقة بفضل الله والتوكل عليه.
{وأخرى} ومغانم أخرى معطوفة على هذه، أو منصوبة بفعل يفسره {قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا} مثل قضى، ويحتمل رفعها بالابتداء لأنها موصوفة وجرها بإضمار رب. {لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا} بعد لما كان فيها من الجولة. {قَدْ أَحَاطَ الله بِهَا} استولى فأظفركم بها وهي مغانم هوازن أو فارس. {وَكَانَ الله على كُلّ شَئ قَدِيراً} لأن قدرته ذاتية لا تختص بشيء دون شيء.
{وَلَوْ قاتلكم الذين كفَرُواْ} من أهل مكة ولم يصالحوا. {لَوَلَّوُاْ الأدبار} لانهزموا. {ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً} يحرسهم. {وَلاَ نَصِيراً} ينصرهم.
{سُنَّةَ الله التى قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ} أي سنَّ غُلَّبة أنبيائه سنة قديمة فيمن مضى من الأمم كما قال تعالى: {لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى} {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً} تغييراً.
{وَهُوَ الذى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} أي أيدي كفار مكة. {وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ} في داخل مكة. {مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} أظهركم عليهم، وذلك أن عكرمة بن أبي جهل خرج في خمسمائة إلى الحديبية، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد على جند فهزمهم حتى أدخلهم حيطان مكة ثم عاد. وقيل كان ذلك يوم الفتح واستشهد به على أن مكة فتحت عنوة وهو ضعيف إذ السورة نزلت قبله. {وَكَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ} من مقاتلتهم أولاً طاعة لرسوله وكفهم ثانياً لتعظيم بيته، وقرأ أبو عمرو بالياء {بَصِيراً} فيجازيهم عليه.
{هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام والهدي مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} يدل على أن ذلك كان عام الحديبية، والهدي ما يهدى إلى مكة. وقرئ: {الهدي} وهو فعيل بمعنى مفعول، ومحله مكانه الذي يحل فيه نحره والمراد مكانه المعهود وهو منى لا مكانه الذي لا يجوز أن ينحر في غيره، وإلا لما نحره الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أحصر فلا ينتهض حجة للحنفية على أن مذبح هدي المحصر هو الحرم. {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مؤمنات لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ} لم تعرفوهم بأعيانهم لاختلاطهم بالمشركين.
{أَن تطؤهم} أن توقعوا بهم وتبيدهم قال:
وَوَطَئْتْنَا وَطْأْ عَلَى حَنَق *** وَطْءَ المُقَيَّدِ ثَابِت الهَرَمِ
وقال عليه الصلاة والسلام: «إن آخر وطأة وطئها الله بوج» وهو وادٍ بالطائف كان آخر وقعة للنبي صلى الله عليه وسلم بها، وأصله الدوس وهو بدل الاشتمال من {رِجَالٌ} {وَنِسَاء} أو من ضميرهم في {تَعْلَمُوهُمْ}. {فَتُصِيبَكمْ مّنْهُمْ} من جهتهم. {مَّعَرَّةٌ} مكروه كوجوب الدية والكفارة بقتلهم وللتأسف عليهم، وتعيير الكفار بذلك والإِثم بالتقصير في البحث عنهم مفعلة عن عره إذا أعراه ما يكرهه. {بِغَيْرِ عِلْمٍ} متعلق ب {أَن تَطَؤُهُمْ} أي تطؤوهم غير عالمين بهم، وجواب {لَوْلاَ} محذوف لدلالة الكلام عليه، والمعنى {لَوْلاَ} كراهة أن تهلكوا أناساً مؤمنين بين أظهر الكافرين جاهلين بهم يصيبكم بإهلاكهم مكروه لما كف أيديكم عنهم. {لّيُدْخِلَ الله فِى رَحْمَتِهِ} علة لما دل عليه كف الأيدي عن أهل مكة صوناً لمن فيها من المؤمنين، أي كان ذلك ليدخل الله في رحمته أي في توفيقه لزيادة الخير أو للإِسلام. {مَن يَشَآء} من مؤمنيهم أو مشركيهم. {لَوْ تَزَيَّلُواْ} لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض، وقرئ: {تزايلوا}. {لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} بالقتل والسبي.
{إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ} مقدر باذكر أو ظرف {لَعَذَّبْنَا} أو {صَدُّوكُمْ}. {فِى قُلُوبِهِمُ الحمية} الأنفة. {حَمِيَّةَ الجاهلية} التي تمنع إذعان الحق. {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين} فأنزل عليهم الثبات والوقار وذلك ما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما هم بقتالهم بعثوا سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص ليسألوه أن يرجع من عامه على أن يخلي له قريش مكة من القابل ثلاثة أيام، فأجابهم وكتبوا بينهم كتاباً، فقال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه: «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقالوا ما نعرف هذا اكتب باسمك اللهم ثم قال: اكتب هذا ما صالح عليه رسول الله أهل مكة فقالوا: لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت وما قاتلناك، اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة، فقال عليه الصلاة والسلام: اكتب ما يريدون» فَهَمَّ المؤمنون أن يأبوا ذلك ويبطشوا عليهم فأنزل الله السكينة عليهم فتوقروا وتحملوا. {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى} كلمة الشهادة أو بسم الله الرحمن الرحيم محمد رسول الله اختارها لهم، أو الثبات والوفاء بالعهد وإضافة ال {كَلِمَةَ} إلى {التقوى} لأنها سببها أو كلمة أهلها. {وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا} من غيرهم. {وَأَهْلُهَا} والمستأهلين لها. {وَكَانَ الله بِكُلّ شَئ عَلِيماً} فيعلم أهل كل شيء وييسره له.
{لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا} رأى عليه الصلاة والسلام أنه وأصحابه دخلوا مكة آمنين وقد حلقوا وقصروا، فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا وحسبوا أن ذلك يكون في عامهم، فلما تأخر قال بعضهم والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا البيت فنزلت والمعنى صدقة في رؤياه.
{بالحق} ملتبساً به فإن ما رآه كائن لا محالة في وقته المقدر له وهو العام القابل، ويجوز أن يكون {بالحق} صفة مصدر محذوف أي صدقاً ملتبساً {بالحق} وهو القصد إلى التمييز بين الثابت على الإِيمان والمتزلزل فيه، وأن يكون قسماً إما باسم الله تعالى أو بنقيض الباطل وقوله: {لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام} جوابه وعلى الأولين جواب قسم محذوف. {إِن شَاءَ الله} تعليق للعدة. بالمشيئة تعليماً للعباد، أو إشعاراً بأن بعضهم لا يدخل لموت أو غيبة أو حكاية لما قاله ملك الرؤيا، أو النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه. {ءامِنِينَ} حال من الواو والشرط معترض. {مُحَلّقِينَ رُءوسَكُمْ وَمُقَصّرِينَ} أي محلقاً بعضكم ومقصراً آخرون. {لاَ تخافون} حال مؤكدة أو استئناف أي لا تخافون بعد ذلك. {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ} من الحكمة في تأخير ذلك. {فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ} من دون دخولكم المسجد أو فتح مكة. {فَتْحاً قَرِيباً} هو فتح خيبر ليستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الموعود.
{هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى} ملتبساً به أو بسببه أو لأجله. {وَدِينِ الحق} وبدين الإِسلام. {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلّهِ} ليغلبه على جنس الدين كله بنسخ ما كان حقاً وإظهار فساد ما كان باطلاً، أو بتسليط المسلمين على أهله إذ ما من أهل دين إلا وقد قهرهم المسلمون، وفيه تأكيد لما وعده من الفتح. {وكفى بالله شَهِيداً} على أن ما وعده كائن أو على نبوته بإظهار المعجزات.
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ الله} جملة مبينة للمشهود به، ويجوز أن يكون {رَسُولِ الله} صفة و{مُحَمَّدٌ} خبر محذوف أو مبتدأ: {والذين مَعَهُ} معطوف عليه وخبرهما. {أَشِدَّاءُ عَلَى الكفار رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} و{أَشِدَّاء} جمع شديد و{رُحَمَاء} جمع رحيم، والمعنى أنهم يغلظون على من خالف دينهم ويتراحمون فيما بينهم كقوله: {أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين} {تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً} لأنهم مشتغلون بالصلاة في أكثر أوقاتهم. {يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّنَ الله وَرِضْوَاناً} الثواب والرضا. {سيماهم فِى وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السجود} يريد السمة التي تحدث في جباههم من كثرة السجود، فعلى من سامه إذا أعلمه وقد قرئت ممدودة و{مّنْ أَثَرِ السجود} بيانها أو حال من المستكن في الجار. {ذلك} إشارة إلى الوصف المذكور. أو إشارة مبهمة يفسرها {كَزَرْعٍ}. {مَثَلُهُمْ فِى التوراة} صفتهم العجيبة الشأن المذكورة فيها. {وَمَثَلُهُمْ فِى الإنجيل} عطف عليه أن ذلك مثلهم في الكتابين وقوله: {كَزَرْعٍ} تمثيل مستأنف أو تفسير أو مبتدأ و{كَزَرْعٍ} خبره.
{أَخْرَجَ شَطْأَهُ} فراخه يقال أشطأ الزرع إذا فرخ، وقرأ ابن كثير وابن عامر برواية ابن ذكوان {شَطْأَهُ} بفتحات وهو لغة فيه، وقرئ: {شطاه} بتخفيف الهمزة و{شطاءه} بالمد و{شطه} بنقل حركة الهمزة وحذفها و{شطوه} بقلبها واواً. {فَآزَرَهُ} فقواه من المؤازرة وهي المعاونة أو من الإيزار وهي الإعانة وقرأ ابن عامر برواية ابن ذكوان {فَأزَرَهُ} كأجره في آجره. {فاستغلظ} فصار من الدقة إلى الغلظ. {فاستوى على سُوقِهِ} فاستقام على قصبه جمع ساق، وعن ابن كثير {سؤقه} بالهمزة. {يُعْجِبُ الزراع} بكثافته وقوته وغلظه وحسن منظره، وهو مثل ضربه الله تعالى للصحابة قلوا في بدء الإِسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى أمرهم بحيث أعجب الناس. {لِيَغِيظَ بِهِمُ الكفار} علة لتشبيههم بالزرع في زكاته واستحكامه أو لقوله: {وَعَدَ الله الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} فإن الكفار لما سمعوه غاظهم ذلك ومنهم للبيان. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الفتح فكأنما كان ممن شهد مع محمد عليه الصلاة والسلام فتح مكة».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال